|
غبطة أبينا االبطريرك: حذارٍ من الوقوع في شرك الطائفية
شابا أيوب شابا
الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 05:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
غبطة أبينا االبطريرك: حذارٍ من الوقوع في شرك الطائفية
في الثالث من نوفمبر الحالي وبدعوة من غبطة البطريرك مار لويس ساكو جرى لقاء موسع لرؤوساء وممثلي الكنائس والفعاليات المسيحية العراقية. وحضر الاجتماع الذي عقد في مقر البطريركية الكلدانية ببلدة عنكاوا، كل من مار لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية ومار كيوركيس صليوا بطريرك كنيسة المشرق الاشورية وعدد من اساقفة كنائس السريان الكاثوليك والارثوذكس والكلدان وممثل عن الكنيسة الشرقية القديمة، اضافة الى مشاركة عدد من النواب المسيحيين في البرلمانين الاتحادي وإقليم كوردستان ورؤوساء الأحزاب. وتضمن جدول اعماله المواضيع التي تخص الوجود المسيحي في محافظة نينوى ما بعد مرحلة داعش. وأُشيرَ الى أنّ الاجتماع لم يخرج بأتفاق شامل لجميع النقاط المطروحة، ومن بينها توحيد التسمية والاكتفاء بتسمية "المكون المسيحي" في المرحلة الحالية، كونها حاليا بحسب البطريرك ساكو الأفضل، مع الحفاظ على هوية كل مكون لحين أستقرار الاوضاع، بعدها يمكن التوصل الى تسمية قومية متفق عليها. وأقترح البطريرك ساكو في طرحه بتشكيل فريق من ذوي الانفتاح والخبرة والكفاءة كمرجعية للمكون المسيحي، تماشيا مع طرح رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم لورقته المتعلقة بالعراق الجديد والذي طلب فيها وجود مرجعيات موحدة للمكونات لتلعب دورها بعد تحرير العراق من تنظيم داعش. لا يا غبطة البطريرك الجليل الإحترام، إنه من الخطأ الفادح الإنجرار والسير وراء الأطروحات الطائفية التي يُسوقها الطائفيون من أمثال عمارالحكيم ورهطه، الذين يقسمون شعب العراق الى مكونات وطوائف دينية، لغايات في أنفسهم، تكمن في الهيمنة السياسية والإقتصادية والعقائدية على مقدرات العراقيين، لكونهم وحسب رؤيتهم يرون أنفسهم بأنهم يشكلون أغلبية عددية، وبالتالي لديهم الحق ان يستأثروا بالقرار السياسي العراقي ويديروا دفة الحكم وفق رؤيتهم الطائفية، وهم محصنين بقاعدة الأغلبية. إن قبول هذه التسمية ولو مؤقتاً يعني الإنخراط في المشروع الطائفي، وتقوية لمواقف الطائفيين الذين بيدهم القرار السياسي، وليس من السهل تدارك مساوئه في المستقبل. ألا تبصر يا غبطة البطريرك أن المحاصصة الطائفية التي جاء بها المحتل الأمريكي، وصفق لها ورقص على أنغامها الطائفيون من السنة والشيعة هي السبب في قتل وتهجير مئات الآلاف من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وتدمير مدنهم وقراهم على يد الدواعش وغيرهم، وهجرة الإخوة الصابئة المندائيون، والأيزيديون، والكأكائيون، ولم يسلم منها حتى إخوتنا من السنة والشيعة، حيث فاق عدد النازحين منهم مليونين ونصف، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى ؟ أن عدم التمكن من الإتفاق حالياً على تسمية قومية موحدة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ليس مبرراً لقيام بفعل أسوأ، ألا وهو وصف شعبنا بهويته الدينية فقط، فمن الأفضل البقاء على هذه التسمية لحين الخروج من هذا المأزق. نحن يا غبطة أبينا البطريرك لسنا فقط مسيحيين مشرقيين ومن رواد المسيحية الأوائل على أرض كوكبنا، والتي نفتخر بإنتمائنا إليها ونعتز برسالتها الدائمة في نشر المحبة والسلام والتعايش بين كل الأطياف، وإنما شعب يقيم على جغرافية إسمها قديماً بلاد ما بين النهرين وحالياً العراق، أي أننا آشوريون وكلديون وسريان عراقيون قبل أن نصبح مسيحيين، وبعبارة أخرى نحن شعب له جذور تاريخية وعرقية، ويجب أن يكون له تسمية قومية يسمى بها، كما هو الحال مع شركائنا في الوطن من العرب والكرد والتركمان والأرمن. غبطة البطريرك تعلمون جيداً أن الدول الحديثة لا تُبنى على أساس التقسيمات الدينية أو الطائفية، وإنما على أساس المواطنة. فالصين لا تقول نحن دولة بوذية، والهند لا تقول نحن دولة هندوسية، وألمانيا لا تقول نحن دولة مسيحية، الكل يتكلم عن دولة ديمقراطية قائمة على المساواة بين الأعراق والإثنيات والأديان والمذاهب، وليس على أساس المرجعيات الدينية كما يريدها عمار الحكيم والمالكي وأتباعهم. فقط بعض الدول الإسلامية تسمي نفسها دولاً دينية، وهي في معظمها دول طايح حظها حسب تعبير العراقيين، دول مصدرة للعنف والإرهاب، وأصبحت عبئاً على البشرية. ونحن لن نقبل بتسمية "المكون المسيحي" حتى وإن كان مؤقتاً، لأن في ذلك ضرركبير على مستقبل شعبنا، و سنكون أكثرالخاسرين إنْ قبلنا بتقسيم نسيجنا الإجتماعي العراقي الى مكونات دينية. إن مستقبل شعبنا هو في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية. لا في دولة الطوائف والمكونات الدينية. وعلينا أن نصطف مع كل الساعين إلى إقامتها، لا مع من يحمل في عُبه مشروعاً إسلاميا. هذه مجرد نصيحة لك غبطة البطريرك الجليل الإحترام ولكل المنشغلين معك بهموم شعبنا الثقيلة من رجال الدين وسياسيين وقادة أحزاب، أن لا تقعوا في شرك الطائفية المقيتة. وإني أتابع وأقدر عالياً جهودك الحثيثة في تجميع صفوف كل الفرقاء وتوحيد كلمتهم لضمان مستقبل أفضل لأبناء شعبنا.
شابا أيوب الدنمارك 13 نوفمبر 2016
#شابا_أيوب_شابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هللوا يا بنات آشور، فقد إنفك أسْرَكُنَّ
-
الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثا
...
-
الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثا
...
-
الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها
-
في الذكرى الأولى لمأساة سنجار
-
داعش طاعون الفكر المعاصر الجزء الثالث
-
داعش طاعون الفكر المعاصر الجزء الثاني
-
داعش طاعون الفكر المعاصر
-
جنس الدواعش - 3
-
جنس الدواعش
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|