أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - عبد الحليم خدام في بلاد الحرية















المزيد.....

عبد الحليم خدام في بلاد الحرية


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1418 - 2006 / 1 / 2 - 08:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


(1)
إذا كان في سوريا رأسان أو عائلتان للفساد فرأس السيد عبد الحليم خدام وعائلته واحد أو واحدة منهما.
لن يندهش أحد من هذا الكلام, حتى السيد أبو جمال نفسه في قرارة أعماقه يعرف ذلك جيداً ، لكنه بالتأكيد كديبلوماسي عريق وممثل قدير سيبدي الدهشة بل الذهول.
لا يحتاج هذا الاتهام إلى براهين،لأنه معروف منذ أكثر من ربع قرن.
(2)
بلغة الرياضيات،عبد الحليم خدام صف تكافؤ في مجموعة تدعى النظام البيروقراطي الفاسد،أي أنه عنصر يمثل هذه المجموعة تماماً،بجميع معاني وقوانين الفساد وخصائصه.
لذلك ما قاله عن نظامه في هذه النقطة صحيح، بقدر ما ينطبق عليه.
(3)
لا أشك أن السيد عبد الحليم خدام كان يحترم الراحل رفيق الحريري،لأن الأخير كان أحد مصادر ثروة نائب الرئيس السوري ومعظم الذين كان لهم دور في إدارة الملف اللبناني في عهده،وهذا ليس سراً،ولكن ما أجزم به أن دوافع حديث خدام البارحة لا علاقة لها بالوفاء والاحترام الإنسانيين المجردين عن المصالح،لكن بالتأكيد لها علاقة بالسيرورة نفسها،حيث يقال أن ورثة الحريري ما زالوا يدفعون لخدام،بل دفعوا له خصيصاً لهذا اللقاء،لكني أعتقد أن هذه فرضية رغم ورودها هي ساذجة وواهية، إذا عوملت كأساس ، رغم توفر جميع الشروط لحصولها،في الشاري والمشترى،لكن المسألة سياسية وأكبر من قصة مبالغ.
(4)
السيد عبد الحليم خدام قديماً وحديثاً لم يُعرف يوماً أنه رجل صادق، وحديثه البارحة لم يخرج عن هذه الصفة الأصيلة فيه،إلا في بعض الأماكن وبعض النقاط وهذا هو الجوهري في الأمر،وهذه النقاط إذا رؤيت بعين صاحية وحوكمت بعقل مفتوح ونقدي،لا تحتاج إلى عناء لتكشف عن نفسها،ولا علاقة لها لا بدوافع نبيلة كالكشف عن الحقيقة ولا بمرامي سامية كالدفاع عن الشعب السوري وسوريا وغير ذلك مما لا يبرهن تاريخ خدام على امتلاكه لا هو ولا تاريخ أمثاله.
(5)
أهم تلك النقاط أن الرئيس الراحل حافظ الأسد لو كان حياً ما كان ليقرأ وتالياً ليقبل بالأداء الحالي، وأضيف على السيد خدام أو بالأصح أتحفظ على كلامه لأحدد أن ذلك ينطبق في مجال السياسة الخارجية تحديداً، ولاسيما في لبنان وبشكل أخص بالعلاقة مع الراحل الحريري ، وخدام قال ذلك لكنه أضاف إضافات أخرى،تدخل مجال تحفظي.
نعم كان الرئيس الراحل يضع الأجهزة الأمنية على رأس الشعب والمجتمع لكنه لا يسمح لها بأدنى تصرف خارج الحدود إلا بإذنه وتوجيهه،وكان يناور الخارج ، لكنه لم يصل بنفسه أو بسوريا تالياً إلى مواجهة العالم وبالحري إلى تحديه،وكان دقيقاً في حساباته الإقليمية والدولية،بل كان سيقص لسان السيد فاروق الشرع (هذا إذا تجرأ هذا الأخير أصلاً) لو تلفظ بكلمة "تافه" عن قرار دولي،حتى لو كان هو نفسه (حافظ الأسد) يراه كذلك،وهو لن يراه كذلك،لأنه يعي جيداً معنى قرار دولي ويعرف جيداً أن القوة المادية لا تسقط إلا بالقوة المادية، ومن مثله يدرك قدرة سوريا وطاقتها الفعليتين.
(6)
ليس السيد عبد الحليم خدام وفياً إلا لجيبه ومصالحه،وهو تالياً ليس وفياً لا للراحل حافظ الأسد(رغم أنه ولي أمره ونعمته لعقود) ولا لغيره،لكن هذا لا يعني أنه لا يقول إلا الكذب،فحتى الدوافع السيئة تحتاج أحياناً بل غالباً لمظاهر حسنة،وحتى أحياناً تحتاج لقول حقائق،والقول المأثور"كلام حق أريد به باطل" قول يعرفه حتى من يدافعون (صادقين أو مرتزقين لا فرق) عن رواية أبو عدس،أو أبو حمّص على حد تعبير السيد خدام نفسه الذي وصفها حين جاء دور الكلام الجاد بأنها "فرضية بغاية الغباء".
(7)
السيد عبد الحليم خدام في حديثه عن مآسي الشعب السوري ، يتحدث حديث العارف بل الصانع عن صنعته فقد كان له "دور قيادي تخطيطاً وتنفيذاً" كما وصفه هو نفسه،ما عدا ذلك يكذب كذباً بيناً،فقد كان من أشد المعارضين للإصلاح وقد قيل يومئذ أنه الفاسد التالي دوره بعد دور الراحل محمود الزعبي،و فيما سمي ربيع دمشق كان أخطر الأنياب المكشرة حيث راح يتبجح بأن هذا الربيع ماض بنا إلى الجزأرة (نسبة إلى الجزائر) وذلك في واحدة من محاضراته في جامعة دمشق،بل هو نفسه قاد حملة شعواء في القيادة القطرية على نسائم الإصلاح تلك.
أما عن فساد عائلته وأولاده ذكوراً وإناثاً فهناك تختلط الأساطير بالحقائق كالنفايات النووية وسواها،رغم أني لا أعتقد أن ثمة شيئاً من لاشيء.
(8)
يصدق السيد عبد الحليم خدام حين يقول أن لديه أشياء كبيرة وخطيرة،وأن من يجرؤ على محاكمته سيكون في قفص الاتهام،لكنه بحكم مرضه المزمن أعني مرض السلطة،لا يفكر إلا بها أعني بالسلطة وحواشيها، وبحكم مرضه المزمن ذاك ،ينسى أن هناك شعباً هو الوحيد صاحب الحق في محاكمته، وهذا الشعب سيقوم بذلك عاجلاً أو آجلاً ، ولن يميز بين السيد عبد الحليم ونظامه الذي هو منه ولو أعلن اليوم انشقاقه عنه.
(9)
مرة أخرى أعود للدوافع السياسية لأني لا أعتقد بدور آخر لغيرها إلا كملحقات وروافد وذيول وتوابع...إلخ دون أن أنفيها،والسؤال الجوهري لماذا اليوم تكلم السيد عبد الحليم خدام؟ هل لأنه قبض اليوم كما بالأمس من آل الحريري أو سواهم؟ أم لأن ضميره صحي فجأة وفجأة خاف على سوريا؟ أم وأم وأم؟؟؟ كل هذا ثانوي كما قلت والراجح بنظري أن ثمة دوراً جديداً يهيئ نفسه له.
في محاضرة ألقاها السيد مصطفى طلاس في جامعة حلب في أواخر السبعينيات من القرن المنصرم وكانت كما أذكر عن الرئيس الراحل أنور السادات قال فيها:" في كل دولة هناك جاسوس نائم توقظه الولايات المتحدة في الوقت المناسب"،وحين ورده (طلاس) سؤال على ورقة : ومن هو الجاسوس النائم في سوريا؟ ابتسم طلاس و اعتذر عن الإجابة بحجة أن السائل لم يكتب اسمه،وكأني بطلاس اليوم سيخرج عارياً من حمامه وهو يصرخ وجدتها ......وجدتها.
قفزت هذه النظرية السخيفة إلى ذاكرتي حين قرأت معظم الردود الرسمية أو شبه الرسمية على حديث السيد خدام،وكانت تنم عن أن هذا الإرث مازال يتحكم في "العقل" السياسي الحاكم،حيث هناك الاتهام القاطع والوحيد والذي يغلق الباب على كل ما دونه، بينما من المعروف (خارج ذهنية المخابرات المتخلفة طبعاً ) أن تنطح أي سياسي عتيق كالسيد عبد الحليم خدام لدور جديد يمكن أن يتم بمعزل عن كونه جاسوساً أو لا،دون نفي مروحة واسعة من الاحتمالات الأخرى كالجاسوسية والصفقة وغير ذلك.
(10)
صبيحة خروج السيد عبد الحليم خدام من السلطة السورية،كتبت مقالاً نشر بهذا الموقع وغيره بعنوان:"عند عبد الحليم الخبر اليقين" واليوم أؤكد ذلك، لأسباب عديدة أهمها أن السيد خدام لديه من القدرة والتجربة السياسية ما يجعله يقرأ ما يجري جيداً، والخبر اليقين لا نحصل عليه من الكلام أو الرجل الصادق فقط بل أيضاً من الكذب والكذابين ولكن هذا يحتاج إلى معالجة خاصة.
هذه المعالجة هي المحاكمة النقدية الموضوعية المتجردة، وليس أحكام القيمة المسبقة.
أخيراً في مجالات الفساد والقمع والنهب التي ينوء تحت أرزائها الشعب السوري،أصدق كل ما قاله السيد خدام عن نظامه كما أصدق كل ما قاله عنه نظامه وما سيقولانه هو ونظامه عن بعضهما،لأنهما دفناه معاً،ولكنه سينهض يوماً ويحاكمهما معاً .



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكريات الراهن 3
- من ذاكرة الراهن 2
- من ذكريات الراهن 1
- فرسان الحرف وملوك القتل
- قوس القزح
- غاب القمر
- شهب عابرة
- هوى خلته مات
- الخريف الأوسع صفاقةً
- أنا القتيل أم قاتلي؟
- الجريمة سياسية والتقرير والحل والنتائج أيضاً
- أوباش وحثالة أم مضطهدون؟
- ماذا يشعر السوري وهو يقرأ بثينة شعبان؟
- لا وطن بلا حرية
- نريد سلتنا بلا عنب
- إلى من يهمه الأمر
- الفرصة الذهبية
- انظروا من يتكلم!!
- اقطعوا السلسلة!!
- أهون الشرّين/أقل الكلفتين!!


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - عبد الحليم خدام في بلاد الحرية