|
الإسلام و العداء الحتمي للحضارة الإنسانية 2/1.
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5342 - 2016 / 11 / 13 - 04:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين كتب المفكر، و أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفورد " صامويل هانتغتون" كتابه " صدام الحضارات" وقوله فيه أن الإسلام و المسلمين هم العدو الأول للحضارة الغربية ، هاج المسلمين و ماجو عن هذا العنصري المزعوم، و الذي يريد اختراع صراع بينهم وبين الغرب ، و تم نعت الرجل في تلك الفترة بأقذع الأوصاف ، و قد حاول الكثير من المسلمين و بكل جهد نفي تلك التهمة عنه ، زاعمين أن الإسلام دين تسامح ، و أن المسلمين قوم صح و سلام ، فيما ذهب آخرون في المقابل لإستغلال كلام الرجل ، ساعين به تبرير نظريتهم على تآمر الغرب عليهم ، و عن هذا الغرب الشرير الفاجر الداعر و الإستعماري و الذي يريد تدمير حضارة الإسلام إلخ من ردود الفعل التي تمت ، ولكن ورغم كل هذا الذي قيل ، فما سنناقشه هنا في هذا المقال هو : وهل حقا هذا الكلامي من المسلمين عن الرجل حقيقي ، و أن ما قاله عاري عن الصحة ؟ ، أم أن الرجل لم يفعل سوى وصف الواقع الحقيقي ، و و أنه لم يقل سوى ما هو مكشوف للعيان ولكن يتم السكوت عنه ؟ .
عموما وجوابا على هذا السؤال ، و بالعودة لتاريخ المسلمين وواقعهم ، فيمكن القول أن هنتجتون لم يكن مطلقا متحاملان ، بل على العكس فهو كان أمينا جدا ، و حياديا في قوله ما قال ، فتاريخ المسلمين و أفكارهم ، وخياراتهم على مر التاريخ ، لا تؤكد سوى أنهم ضد الحضارة الغربية في معارضة مطلقة لا يوجد فيها أي نقاط إتصال ، و أن هذا الأمر جعلهم في عداء حتمي وجوهري للحضارة الغربية بشكل أساسي ، والحضارة الإنسانية بصورة عامة لكون النواة الصلبة للحضارة الإنسانية المعاصرة اليوم هو الحضارة الغربية ، فالمسلم الحقيقي هو الفرد المعادي للحضارة الإنسانية و الساعي لدمارها وخرابها ، والمسلم لا يكون مسلما إلا بنقض قيم الحضارة الإنسانية ، و سنعطي الأدلى على هذا تباعا :
1/في سؤال العقل .
إذا رجعنا لتاريخ المسلمين ومكان العقل لديهم ( والعقل اليوم و كما هو معلوم ، هو احد أعمدة الحضارة الإنسانية المركزية ) فنحن نجد أن المسلمين هم في الواقع أمة ضد العقل ، ، فالتاريخ الإسلامي هو تاريخ نبذ العقل ، فمثلا المسلمون وحين واجهوا سؤال هل العقل قبل النقل ، زمن المعتزل وما تلاه ( وهو سؤال جوهري يواجه كل حضارة على وشك النشوء ) ، فهم قرروا أنه لا دور للعقل في حياة المسلمين ، وبل إعتبروه عدو ، وعليه تم فقد تم التنكيل بالمعتزلة ( دعاة العقلانية ) أيما تنكيل ، وهذا لأسباب ترى انهم تهديد لكيان الدين الإسلامي و الدولة الإسلامية كذلك ، و عليه وفي ختام الصراع تم إصدار المرسوم القادري الذي ألغى الإجتهاد و فرض العقائد الشمولية الغيبة على المسلم كخيار ابدي ، وعلى طول تاريخ المسلمين فلم يكن واقعهم سوى هكذا ، من سعي للهجوم على العقل والتنكيل به ، حتى أنه أبدعوا أكثر العبارات دلالات على أن المسلمين أمة ضد العقل ، وهي "عبارة من تمنطق تزندق" ، وحتى مع محاولات إبن رشد للعودة لإحياء هذا الجدل على المسلمين يفيقون ، فقد أنتهى الحال به لأن تحرق كتبه ، ويعيش مشردا في مجتمعه ، في المقابل طبعا و لو ذهبنا للحضارة الغربية ، وهي النواة الصلبة للحضارة الإنسانية المعاصرة ، فنحن نجد أن العكس تماما هو الذين حصل ، فقد إنتصر هناك العقل هناك على النقل ، و قامت ثورة الأنوار تبشر بان على الإنسان العودة لاستخدام عقله بدل العبودية للنصوص ، وهو ما يجعل مسار الحضارتين إذا جاز التعبير ، في صدام تام ، فهذه أمة غيبية ، وتلك امة عقلانية تنويرية ، و عليه فلا يمكن الجمع بين النقيضين .
2/ في سؤال الحرية .
بلا شك لا يمكننا الحديث اليوم عن الحضارة الإنسانية و قيمها الخالدة لذا لم نتكلم عن الحرية كقيمة جوهرية فيها ، فالحضارة الإنسانية المعاصرة اليوم، هي حضارة الحريات ، و لا يعتبر الفرد اليوم فردا متحضرا إذا لم يكن فردا يؤمن بالحرية كقيمة جوهرة ، سواء حرية الفكر ، حرية الضمير ، حرية الإبداع ، حرية الجسد الخ ، وعلى هذا فلا مناص من أنه لا تسمية تصلح للحضارة الإنسانية المعاصرة سوى أنها حضارة الحريات ، ولكن هل هذا هو حال أمة الإسلام ؟ طبعا لا ، فتاريخ المسلمين هو واقعه تاريخ العداء للحريات ، فمن أول يوم وحين أنتصر المسلمين في غزوة مكة ، تم إبادة حرية العقيدة هناك ، حيث تم تحطيم الأصنام ، وتم طرد غير المسلمين من جزيرة العرب كلها ، أما باقي التاريخ فقد كان كله إرهاب و إجرام بحق المفكرين ، حيث شرعوا حد الردة لقمع التفكير و إرهاب أي صاحب رأي حر ، فقتلوا وذبحوا المئات من الناس كالجعد إبن درهم ، و الجهم إبن صفوان ، الحلاج ، إبن المقفع ، ولا يزال ذلك السلوك مستمرا إلى اليوم و ليس أخره ما نراه من محاكم التفتيش كسجنهم لإسلام بحيري ، رغم أنه أساسا لم يعارض الإسلام كليا بل فقط طرح وجهة نظر مختلفة ، وطبعا الجريمة بحق ناهض حتر ليست ببعيدة ، وعليه فأمة الإسلام وبلا تجني منا إذا قلناها هي في جوهرها هي على النقيض الكامل و المطلق ضد الحريات ، فهم أمة ترى أن الحرية هي العبودية لله ، أي هم يرون الحرية هي العبودية ، و ليس الحرية كما يجب أن يكون ، وهو للمفارق شعار الأخ الكبير في رواية جروج أرويل 1984 ( و سأفرد في المقال اللاحق مقالا مفصلا عن العلاقة بين الأخ كبير و الإسلام لأهمية الأمر ) ، في المقابل هناك الحضارة الإنسانية والتي تؤمن بالحرية كقدس الأقداس بالنسبة لها ، وكشيء لا يمكن المساس به ، وعليه فلا يمكن الجميع بين أمة الإسلام و الحضارة الإنسانية ، سوى في حالة صراع .
3/ في سؤال الله أم الإنسان .
كما هو الحال بالنسبة للحرية والعقل ، فكذلك بالحديث عن مركزية الإنسان أو مركزية الله في ضمير الحضارة الإنسانية ، فالحضارة الإنسانية معلوم للجميع أنها تنحاز إنحياز مطلق للإنسان ، فالإنسان هو المقدس و ليس الله الذي هو مجرد فكرة من أفكار كثيرة يجوز نقضها وتفنيدها ، وعلية فقد قامت الحضارة الإنسانية بسن الميثاق الأممي لحقوق الإنسان لتؤكد أن الإنسان هو ما يجيب حمايته أولا وأخيرا ، وليس أي أمر آخر ، في المقابل فماذا نجد لدى المسلمين حول هذا الأمر ؟ الجواب أنه الإستهانة الكاملة بالإنسانية ، فمن القلة القليلة الباقية الرافضة للميثاق الأممي ، هي البلاد الإسلامية ، وبحجة ماذا يعترضون ؟ بحجة أن لديهم خصوصية دينية و إجتماعية تمنعهم ، وهو ما لا يؤكد سوى ما نقول حول العداء الحتمي بين الحضارة الإنسانية و أمة الإسلام ودينها ، فهذه الأمة ترى أنه الإنسان ليس سوى عبدا للفكرة ( فقل إن صلاتي ونسكِ ومحيياي لله رب العالمين ) و عليه هم وحدهم اليوم من ينتحرون بوعي من أجل أفكارهم ، فالفكرة والدين في الإسلام أسمى من الفرد ، هذا عدى أنهم وحدهم اليوم من يقتلون المفكرين من أجل أمور مادية ، فشاتم الرسول لا يستتاب بل يقتل ، وهذا ما يواجهه الصحفي محمد ولد مخيطر في موريتانيا اليوم ، رغم أنك تجد الموريتانيين يقولون لك ان داعش لا ثمثل الإسلام ، و الذي طبعا حكم عليه بحكم الإعدام لأنه أتهم بإهانة النبي محمد ، وهو ما يحيلنا بلا شك إلى النتيجة نفسها التي وصلنا لها في السؤالين السابقين ، وهي أن الإسلام و أمته ، في صراع حتمي مع الحضارة الإنسانية لا محالة ، ومهما ما حاولنا أن نبحت عن نقاط مشتركة فلا يمكن إيجادها مطلقا ، فدائما هناك صدام بين الطرفين ، الحضارة الإنسانية إختارت الفردانية ، أمة الإسلام اختارت المجموع ، الحضارة الإنسانية إختارت الديمقراطية وحكم الإنسان لنفسه ، أمة الإسلام اختارت الاستبداد و حكم الله والدين للإنسان ، الحضارة الإنسانية إختارت رعاية الإبداع و دعم الفن ، أمة الإسلام إختارت قمع الفن ، الحضارة الإنسانية تعلي من قيمة الدنيا كحياة يجب أن تعاش ويجب الإهتمام بها ، ، أمة الإسلام أختارات أن لا تراها سوى كحياة فانية بلا قيمة ، و أن الحياة خير و أبقى ، الحضارة الإنسانية قدست المرأة ودعمت حقوقها ، في المقابل لا يزال الإسلام يعيش على قصص العورة و المرأة بنصف شهادة الرجل ، وللذكر مثل حظ الأنثيين الخ .
يتبع ...
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام و سياسة التشويه كآلية للإستمرار .
-
المسلمون ومتلازمة ( جيري هيشفانغ ) .
-
لوبيات الجهل المقدس .
-
عن الإسلام و نشره الغباء بين معتنقيه .
-
وهل لدى المسلمين عدى الإرهاب و القتل ؟ .
-
المسلمون والتخريب الممنهج للحضارة الإنسانية .
-
- ثمن الايدولوجيا - الجزائر نموذجا .
-
للتعريب بالقوة نعم ، ولرفضه ولو بالكلام لا .
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 2.
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
-
البوركيني لإغاظة الفرنسيين لا أكثر .
-
إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .
-
التحرش كإفراز طبيعي للقيم المجتمعية الإسلامية .
-
الإسلام كمشكلة للعالم .
-
خرافة إسمها الشريعة الإسلامية .
-
عنصرية أوربية أم همجية إسلامية .
-
تربية المسلمين قبل تربية اللاجئين سيدة ميركل .
-
عن براءة الأزهر من سجن إسلام بحيري .
-
دولة بها مساجد، دولة في خطر.
-
تحويل المساجد لخمارات لحل مشكل الإرهاب .
المزيد.....
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|