|
رسالة من الماضي!
عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 5340 - 2016 / 11 / 11 - 10:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما الذي يجعل انتقادات وتعاليم السيد المسيح إلى معاصريه من الأغلبية اليهودية، تصل اليوم إلى الأمة الإسلامية؟ أنها الروح الإلهية التي تستطيع أن تعبر المسافات والأزمنة؛ لتصل إلى التاريخ الذي يعيد نفسه، حيث التشابهات والتطابقات بين الأمتين، من قبيل: .. الاغتسال، والوضوء، وطريقة الصلاة! .. تحريك الجسد أثناء قراءة الكتب المقدسة! .. رجم الزناة! .. تحريم أكل لحم الخنزير! .. كما توجد في إسرائيل دوريات تعرف باسم: "هيئة الحشمة"، على غرار: "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، بالسعودية! ،...،...،... لنصغ إلى أقوال السيد المسيح، المدهشة.. "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون؛ لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون، وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه وتتركوا تلك. أيها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل". أليس التاريخ حافل بأمثلة لهذا النوع من الورع الكاذب لدى الأعزاء المسلمين؟!.. فقد جاء رجل من أهل العراق إلى ابن عمر، وقت الحج، يسأله عن بعوضة قتلها؛ فهل عليه دم أم لا؟، فقال ابن عمر: سبحان الله يا أهل العراق، تقتلون ابن رسول الله (أي الحسين بن علي)، وتسألون عن دم البعوض! وجاء رجل زنى بامرأة إلى أحمد بن حنبل، يسأله عن أبنه من الزنا، فقال له: لماذا لم تعزل، فقال الرجل: بلغني أن العزل مكروه، فقال أحمد: أو لم يبلغك أن الزنا حرام؟!.. ولا يزال ممن أصابهم اعوجاج في الفهم، واساءة في استغلال أوقاتهم وأوقات المفتين، يسألون في كل شأن من شئون حياتهم اليومية، قل أو كثر، في وقت لم يخل صدورهم من الحقد، ولا نفوسهم من الضغينة، ولا عيونهم من الحسد. يبيتون وقد شتموا هذا وأخذوا حق ذاك. وربما كفّروا أولئك وفسّقوا هؤلاء. ولا يجدون غضاضة في ممارسة كل ذلك.. لكنهم يتورعون عن جعل نسائهم بلبس البنطال في بيوتهم! *** "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون؛ لأنكم تأكلون بيوت الأرامل. ولعلة تطيلون صلواتكم؛ لذلك تأخذون دينونة أعظم". أليس البعض من المسلمين، يفعل أكثر من ذلك، ثم يطيل الصلاة والتهجد؛ لعل الله يرضى عنه؟!.. *** "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون؛ لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلاً واحداً، ومتى حصل، تصنعونه أبناً لجهنم أكثر منكم مضاعفاً". ألا يسعى المسلمون بكل جهدهم لاكتساب المزيد من الناس إلى الإسلام، وبكل الطرق والوسائل حتى الدنيئة منها: كأختطاف الفتيات واغتصابهن، واغراء البعض بالمال، أو اسقاط الأحكام القضائية التي ضدهم؛ ليدفعوهم بعد ذلك إلى الطريق المؤدي إلى الهلال الأبدي؟!.. *** "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون؛ لأنكم تنقون خارج الكأس والصّحفة وهما من داخل مملوآن اختطافاً ودعارة. أيها الفريسي الأعمى، نق أولاً داخل الكأس والصّحفة؛ لكي يكون خارجهما أيضاً نقياً. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون؛ لأنكم تشبهون قبوراً مبيضة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضاً من خارج تظهرون للناس أبراراً، ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثماً". أليس البعض يهتم بالاغتسال والوضوء، والتظاهر بغض الطرف، لكن في أعماقه الشهوة، والتحرّق، والنجاسة، والشر؟!.. *** "ألا تفهمون بعد، أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج. وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الإنسان؛ لأن من القلب تخرج أفكاراً شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف.. هذه هي التي تنجس الإنسان. وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان". وكلنا يحفظ قوائم التحريم لبعض ما يدخل الجوف، وانتشار ما يُعرف بـ: "الذبح الحلال"! *** "احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس؛ لكي ينظروكم وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوّت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة؛ لكي يُمجّدوا من الناس. الحق أقول لكم: أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صنعت صدقة، فلا تعرّف شمالك ما تفعل يمينك؛ لكي تكون صدقتك في الخفاء.. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية". وما أكثر الذين يذكرون اسماءهم، ويعلنون عن أنفسهم على سرادقات موائد الرحمن، ومبردات المياة المقامة في الشوارع، والأماكن العامة! *** "ومتى صليت فلا تكن كالمرائين؛ فأنهم يحبّون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع؛ لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم: أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت، فادخل إلى مخدعك، وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء.. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية". ألا تتأذى أذاننا من كثرة مكبرات الصوت المتداخلة، والمزعجة.. وألا تشهد عيوننا على العلامة المميّزة، التي تُحفر على الجباه؛ لتشي بصاحبها: أنه رجل صلاة؟!.. *** "ومتى صمتم، فلا تكونوا عابسين كالمرائين.. فإنهم يغيّرون وجوههم؛ لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم: أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت، فأدهن رأسك، وأغسل وجهك؛ لكي لا تظهر للناس صائماً، بل لأبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية". وهل هناك أحد في المسكونة كلها، لا يشعر، كل عام، بقدوم شهر رمضان. وأن الأمة الإسلامية، قاطبة، صائمة؟!. ومن منا لا يسمع، كل يوم، في الشوارع، وفي المواصلات، وفي العمل، هذه المقولة، الكاشفة: "اللهم اني صائم"؟!.. *** "لا تدينوا لكي لا تدانوا؛ لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذى من عينيك وها الخشبة في عينك. يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك. وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك". وما أكثر ادانات الشيوخ، ورؤية القذي في عيون المسيحية، منهم الداعية أحمد ديدات.. ففي كتيبه الذي بعنوان: "هل الكتاب المقدس كلام الله؟"، قسم الكتاب المقدس إلى ثلاث درجات من الشواهد، وهي: كلام الرب، ثم كلام نبي الرب، ثم كلمات المؤرخ. ويستشهد ديدات بفقرات حيث يتكلم الله، وأخرى حيث يتكلم المسيح، وأخيراً حيث أشياء تروى عن المسيح. مشيراً بخيلاء أن المسلمين حريصون على التفريق بين هذه الثلاثة. ويدهشنا كثيراً أن رجلاً يتظاهر بأنه عالم في الإسلام، لا يعرف أن القرآن يحتوي على فقرات كثيرة تسجل كلمات أنبياء الله (آل عمران40)، وأخرى تحتوي على كلمات ملائكة إلى محمد (مريم 64)، كما فيه روايات تاريخية على امتداد صفحاته.. ولا يمكن لأحد أن يقول أنه يحتوي على كلمة الله، وحدها! *** هل يستمع أتباع الإسلام لكلمات المسيح، أم يحق فيهم، قوله المبارك: "لماذا لا تفهمون كلامي؛ لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي.. أنتم من أب هو أبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالاً للناس من البدء، ولم يثبت في الحق؛ لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له؛ لأنه كذاب وأبو الكذاب. وأما أنا فلأني أقول الحق لستم تؤمنون بي. من منكم يبكتني على خطية.. فإن كنت أقول الحق؛ فلماذا لستم تؤمنون بي.. الذي من الله يسمع كلام الله؛ لذلك أنتم لستم تسمعون؛ لأنكم لستم من الله"!...
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كنيسة في الهواء!
-
السكتة العقلية!
-
تذكار الموتى!
-
الإختفاء المريب للسكر العجيب!
-
صقر مصر للطيران!
-
وجه الاختيار!
-
درس ال -توك توك-!
-
هل مصر، تحارب الله؟!..
-
هزيمة وهزيمة!
-
الحوار المتمدن، تلتقي الشاعر، والكاتب، والقاص الفلسطيني: زهي
...
-
القذى والخشبة!
-
ثقافة العمى!
-
السائح النائح!
-
ورميناه بشوال عظيم!
-
في ذكراك شهيدنا القبطي: هاني صاروفيم..
-
الأحداث تتكلم (15)
-
الأحداث تتكلم (14)
-
الأحداث تتكلم (13)
-
مجانين، لكن عقلاء!
-
الأحداث تتكلم! (11)
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|