أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ناهد بدوي - تراث طمس الاختلاف العلم السوري وإعلان دمشق















المزيد.....

تراث طمس الاختلاف العلم السوري وإعلان دمشق


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 1417 - 2006 / 1 / 1 - 09:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


السوريون، على خلاف ماتوحي به وسائل إعلامنا العتيدة، متعددو الآراء والمواقع والمصالح. تماما مثل أي شعب طبيعي آخر. إلا أن عقودا من الحكم الشمولي كونت نمطا جديدا للشخصية السورية وطريقة تعبيرها عن نفسها بغض النظر عن موقعها. أولى مواصفات هذا النمط هي انفصام الشخصية إلى شخصيتين إحداهما معلنة والأخرى سرية لايعرفها إلا الموثوقون جداً. أيضا نعاني من انعدام العفوية، ويكفي أن نتذكر مذيعاتنا ومسؤولينا والمواطنين في الشارع. خلال المقابلات المختلفة التي تقوم بها شاشة التلفزيون، حتى ندرك مدى انعدام العفوية وصعوبة التدفق الحر والسهل للحديث. وكذلك يسود بين السوريين الشعور بعدم الجدوى من أي فعل يمكن أن يقومون به لتحقيق التغيير الايجابي ولو لجانب صغير جدا من حياتهم اليومية. لذلك فالناس خارج موقع السلطة على الأغلب لايشتكون على شئ لأنهم خبروا أن الشكوى ممكن أن تكون أسوأ من الأمر الذين يعانون منه. والذين في موقع السلطة والإدارة يحاولون أن يبنوا لهم مصالح خارج سورية حيث تعتبر سورية هنا مكاناً للنهب وليس مكاناً للإصلاح.
ولكن الخاصة الأهم التي ستعنينا هنا، ونلمسها في كل مكان ومهما اختلفت المواقع، هي عدم الاعتراف بالاختلاف ومحاولة طمسه دائما، وتعريف "الوحدة الوطنية" و"المتحد الوطني" بأنها جمع لأكياس البطاطا المتشابهة وليست وحدة بشر. وكلمة بشر تحتمل التنوع بداهة، لأن البشر بتعريفهم الذي يميزهم عن كافة الكائنات الحية أن رؤوسهم تحتوي على عقل وبالتالي على فكر، وليس على غرائز فحسب. وبالتالي يشكل البشر عندما يجتمعون مجتمعات و جماعات، وليس قطعان.
هذه الخاصية، أي عدم الاعتراف بالاختلاف، عبر عنهما حدثان محليان هامان، أولهما هو الطريقة التي استعمل فيها العلم السوري من قبل السلطة في الآونة الأخيرة، والثاني هو صدور إعلان دمشق عن المعارضة.
الحدث الأول، هو ليس شيئا جديدا على السلطة، وإنما الجديد هو عودة العلم السوري بعد غياب طويل وهذ1 الجانب الوحيد الايجابي، ولكن هذه الايجابية تآكلت بسرعة عندما رفع علم البلاد بنفس طريقة علم الحزب الذي يهدف إلى طمس الاختلاف. حيث أن هناك لغة واحدة مسموحة تحت هذا العلم، ومفردات وموقف واحد، ونوعية من البشر متشابهة، وأي مختلف لا يحق له أن يتواجد تحت سقف العلم السوري، سواء كان رأيا معارضا أو حتى اجتهادا مختلف النبرة.
لقد احتاج اللبنانيون المتنوعون والمتعددون إلى التعبير عن اجتماع ووحدة المختلفين. رفعوا العلم اللبناني بدلا من الأعلام الحزبية في لحظة تاريخية محددة، وعبر ذلك عن حاجة تاريخية فعلية لهم وانجازا هاما بعد عقود من إعلان الاختلاف. لقد عبر اللبنانيون عن وحدتهم تحت سقف علم بلادهم في سبيل استقلالهم عن الاستبداد. وكان تقليدهم مهزلة في سورية لأن السوريين الآن، على النقيض، لديهم حاجة تاريخية للتعبير عن اختلافهم وتنوعهم وتعددهم في العلن، بعد عقود من إخفاء هذا التنوع بين الجدران وفي الغرف المغلقة وفي السجون. نحن السوريين نحتاج بعد غياب طويل إلى هذا العلم الذي يعبر عن الحب والرغبة بالعيش المشترك والسلمي. ونحتاج إلى سقفه الذي يرعى إعلاننا عن تعددنا واختلافنا وتنوعنا وغنانا. وليس إلى سقف محتكر من قبل فئة واحدة تخنق جميع الآخرين.
الحدث الثاني هو عودة العمل التحالفي المعارض، بعد غياب خمسة وعشرين عاما، والذي عبر عنه إعلان دمشق، وهذا هو أيضاً الجانب الايجابي الوحيد. ولكن هذه الايجابية سرعان ما تتآكل عندما تقرأه وتكتشف أن الأطراف المختلفة التي ناقشته حاولت طمس الاختلاف، فصار العلماني يحكي عن الأكثرية الدينية، والقومي عن المنظومة العربية..الخ. ألم تكن حاجة تاريخية لنا أن يعلن إعلان دمشق: لقد اجتمعنا نحن المختلفون والمتعددون والمتنوعون على قبول الاختلاف بيننا وعلى الأهداف الآنية التالية؟ هل يحتاج الاتفاق على التغيير الديمقراطي إلى تنازلات فكرية مجانية؟ هل يحتاج إلى طمس الاختلاف؟ هل يجب أن نتشابه كي نعمل معا تحت سقف الوطن؟ ألا نحتاج الآن إلى تكريس ثقافة الاختلاف والتدرب على العمل المشترك مع الآخر المختلف؟ ألا نحتاج نحن الآن إلى تعلم الاتفاق على الاختلاف؟ ما هي الحاجة إلى للديمقراطية التي يقع في أساس تعريفها أنها آلية لتنظيم صراع المختلفين بشكل سلمي؟ لو كان البشر متشابهين لما احتجنا إلى هذه الآلية.
الأدهى من كل ذلك هو انتشار عقلية كل من هو ليس معنا فهو ضدنا. ليبدو كل نقاد الإعلان أنهم يصبون في طاحونة السلطة. وفي الواقع لقد انقسم نقاد الإعلان إلى شقين، بعضهم على أرضية السلطة حقا، ولكن القسم الأكبر كان على أرضية اجتهاد سياسي وفكري أصيل لا يقلل من أصالته اختلافنا معه.
طبعا هذا لا يعني أنه لا يوجد من أهل الإعلان من لا يتقبل النقد وحسب وإنما يسعى له أيضا كشرط لتطوير عمله. ولكني أنتقد هنا العقلية الاقصائية. فقد تعبنا من الإقصاء ومن مقصلة الثنائيات. لا نريده أن يكون هو ماكسبناه من التربية الشمولية في عقود طويلة. آخر مثال على ذلك هو عدد نشرة الموقف الديمقراطي الذي نشر فيه إعلان دمشق والمقالات التي تمتدحه أو تلامسه بالنقد بنعومة فقط. ألا يذكر هذا بسياسة ألفناها وعانينا منها لعقود طويلة؟.
أخيرا أعتقد أنه إذا كان نقد ممارسات السلطة وفضحها هو فعل ضروري، فإن نقد المعارضة هو فعل أهم وأجدى. فهذا النمط من السلطة أصبح أكثر من معروف وأكثر من مفضوح، والأهم من كل ذلك أنه أصبح من الماضي. أما نقد المعارضة فهو يتعلق ببناء المستقبل، لذلك فهو يتطلب ليس النقد الجرئ فحسب وإنما بذل كل مايمكن من جهد معرفي وفكري وسياسي لرسم وإنتاج أسس وتفاصيل العقد الاجتماعي المقبل. دون الأخذ بعين الاعتبار بالحجة السلطوية نفسها، بأن الهجمة والظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة تتطلب السكوت عن النقد، كي لا يستثمره الأعداء.
كما علينا، أن نسعى منذ الآن إلى تطوير الروابط المدنية الحديثة بين البشر. وهذا يحتاج إلى إلغاء أي شبهة طائفية أو فئوية في هذه الروابط، وفي جميع أشكال التحالفات والعمل المشترك المقبل. حتى لا يرفع الغطاء فجأة، فلا نجد إلا الروابط الطائفية والعشائرية والعسكرية لكي تقرر لنا مصير البلاد كما يحصل في العراق الآن.



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا..للعقائد التي تقتل التنوع والأطفال - فيلم السقوط
- اقتصاد سوق اجتماعي بدون تعاقد اجتماعي
- العلمانيون المؤمنون والعلمانية بمعناها الواسع
- لن يكون دستورا ديمقراطيا إذا لم توافق عليه النساء الديمقراطي ...
- نــــــــــداء إلى جميع المنظمات النسائية
- خلاف في الأقبية!! على مفهوم الوطنية الذي لا يتجزأ
- ممنوع الحوار الديمقراطي مشهد -سوريالي- أمام المنتدى
- نزار قباني يعتذر من شبيهته، بيروت!
- الهدف: تفريق اعتصام الوسيلة: تحريض -مدنيين- على العنف
- نداء للمشاركة من التجمع العالمي المناهض للحرب
- المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس ممنوع دخول السوريين!
- وثيقة المنتدى العالمي للإصلاح الزراعي
- هواء الحرية الثقيل
- ماذا فعلنا بهذا البلد
- العاصفة رفع قانون الطوارئ في حالة الطوارئ فقط!!!
- الباب الأخير
- المرسوم رقم 6 نكث صريح‏ للعقد مع طلاب الهندسة
- عبد الرحمن منيف أيها الشرق الأوسط وداعاً
- هنيئا لك أيتها المرأة المحجبة في فرنسا
- لنغفر ليوسف إدريس قسوته علينا


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ناهد بدوي - تراث طمس الاختلاف العلم السوري وإعلان دمشق