|
النُخب الثقافية العربية : آخرُ من يصِل
حازم العظمة
الحوار المتمدن-العدد: 1417 - 2006 / 1 / 1 - 05:47
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
النُخب الثقافية العربية، بعضها على الأقل ، آخر من يصل .. ، هم " يَصِلون " فعلاً و لكن دائماً بعد أن رجعوا جميعاً ... الدعاة و الوصوليون و أصحاب " الباب العالي " ، و البهاليل و الزمارون وحتى الفضوليون ، و المدعوون في كل الولائم ... إلى آخر ما هنالك
هم دائماً متأخرون بعشر إلى ثلاثين سنة عن ما يمكن أن يظنوه "نمطاً " ما جديداً ( أو ما يصلهم متأخراً على أنه كذلك ) أو ما رأوه على أنه " تقليعة" سياسية أو ثقافية ... خذوا على سبيل المثال ما يدعى بـ "الليبرالية الجديدة "، الليبرالية هذه لم يتوصل إليها "ليبراليونا " إلا بعد أن انصرف عنها الجميع .. ،باستثناء أصحابها طبعاً .. ، أعني بوش و حوارييه و من يتبعونهم في شعاب أفغانستان ( بحثاً حثيثاً عن بن لادن .. ) وصلوا إلى الليبرالية بعد أن أصبح أصحاب العمائم "ليبراليين" ... و كذلك مراكز " الأبحاث الاستراتيجية" التابعة لمنظمة التجارة العالمية ، و هيئات أبحاث " الشرق الأوسط "في وزارة الخارجية الأمريكية .. و فروعها، (القريبة و البعيدة)، ، كمركز أبحاث " ابن خلدون" – مثلاً- ..
لماذا الإستبداد في " وطن " ما يحرض ثقافة الكفاح ، و في وطن آخر لا يفضي إلا إلى الإسفاف و الإستزلام و السخف ... ؟ لا جواب عندي .. ما من " مثقفين " عن جدارة ، و يستحقون هذا " الشرف "، إذا حككت جلودهم قليلاً اكتشفت تحت الجلد كائنات طائفية و إنتهازيين و أزلاما ً و ...
" المثقفون" الذين يستندون برِجلٍ على "الثقافة" و بالرِجل ِ الثانية ينطوّن في دوائر الـ ..أمن . " المثقف " الذي كان يشعر أن الفؤوس إذ تهدم التماثيل في بيروت .. و في صيدا كانت "تقطع في لحمه " ... لماذا لم يشعر أن التماثيل حين نصبوها في بيروت و في صيدا كانت تمرغ أنفه في التراب ... أو في دمشق و حلب و درعا ...
و أولئك الذين استشعروا قدوم الجيوش " الإمبراطورية " ... و وجدوا- وكأنه اكتشاف مفاجىء- أن البراغماتية فلسفة "تناسبهم " .. ،و أن " الليبرالية" كانت هي عينها مذهبهم ... أو ليست البراغماتية تلك هي نفسها فلسفة " الإمبراطورية "التي تقول : ماهو "مفيد " هو صحيح ، ما هو "مربح " هو الحقيقة ... و الجمال ... ،على طريقة جون شتاينبك الذي رأى القنابل و هي تنفجر فوق فييتنام من الطائرة الحربية التي خصصوها لرحلته " الإبداعية" ، رآها تشبه زهوراً تتفتح و سمّاها "زهور الحرية" ...
" مثقفون " و لكن في عشائر و طوائف و "حمولات" ، الواحد منهم قبل أن يعطي رأيه في أمر ما تجده يتردد ويناور و .. يشاور حتى يعرف إن كان هذا الذي يدور عنه الحديث من "عشيرته " أومن عشيرة "صديقة " أو " حليفة" أم ماذا ...
التفكير التبسيطي الذي لا يعكس سوى بساطة التفكير هو الذي الذي يقود "نخباً" من هذا الطراز ، فإن كانت " الحداثة" هي المفتاح –الطوطم فما عليهم سوى أن يتبعوا "آخر" ما وصلهم من " أفكار" و نزعات " حداثية" ، المشكلة في أن كل هذا يصلهم متأخراً بعشر إلى ثلاثين سنة و ليس بسبب ضعف الإتصالات ...
"النخب" الزائفة هذه صدّقت " إشتراكية" أنظمة الإستبداد العربية، و رأت كما رأى الجميع ، و كما عانى الجميع ، من النتائج الكارثية التي انتهت إليها ، و من ثم الإعجاب بالليبرالية لم يحتج إلى كثير من الدعاة و الفضائيات و " مراكز الأبحاث " حتى يستقل هؤلاء عربة الدعاية الأمريكية( ولو من ذيلها) حول "العالم الحر" و " السوق" و " صراع الحضارات" و " نهاية التاريخ" وصولاً إلى الإعجاب بكل ما هو أمريكي إبتداء من "مايكل جاكسون" مروراً بـ " ديزني لاند " و" منتدى دافوس " ..(النادي الذي لكبار "العصاميين"- المليارديرات) .. حيث : " الإقتصاديون يقدمون للسياسيين أجندة إدارة العالم " . إلى أي حد لعب أصحاب الإشتراكيات الزائفة ، من القذافي إلى صدام حسين ... ،مروراً بدون شك بعبد الناصر و النظام السوري ... ، على تنفير الناس من الإشتراكية .. ، الجماهير الواسعة بعد أن غُيّب وعيها ،( منذ مئات السنين يستمر تغييب وعيها ) بانشغالها اللاهث وراء كفاف العيش ، اعتقدت أن ْ هذه هي" الإشتراكية " و غدت بسرعة حتماً ، بل بسرعة قياسية ( و أنا أجد أنها كانت محقة تماماً في ذلك ) ضد هكذا " إشتراكية" ، أي : إذا كانت هذه هي " الإشتراكية" فنحن ( هم الجماهير ) حتماً ضدها ... ، و أنا أيضاً ..
يكاد تمييز "الإشتراكية" عن مدلولاتها في اللغة البعثية أو الناصرية أو القذافية مهمة مستحيلة ، بل هي مستحيلة فعلاً .. ،هذا جزء من إفساد الكلمات الذي مارسته هذه الأنظمة ... العالم يتجه إلى اليسار ، و الديموقراطية في آن معاً ، بعد أن تخلص اليسار من الديكتاتورية و الإستبداد،تلك النقائص التي أُلصقت باليسار بتأثير الحقبة الستالينية ، الفكر الإشتراكي هو بالأصل و بالعمق فكر ديموقراطي منذ ماركس ، وقبله و بعده ،و كان لا يمكن فصمه عن الديموقراطية التي هي في جذوره البعيدة حقبة التسعينات التي بدا فيها و كأن الرأسمالية قد حققت نصراً، اعتبرَتهُ نهائياً ، تُطوى و تنقضي بسرعة أمريكا اللاتينية ، و أوروبا الغربية تحديداً ، تتجه ببطىء ربما و لكن بثبات إلى أنظمة جديدة لها طبيعة يسارية و تقدمية و ديموقراطية حقاً ، حتى و لو بدا لليبراليين أنهم يتحكمون ، مؤقتاً على كل حال ، بزمام الأوضاع
يحدث هذا لأن العالم شاهد و اختبر النظام الرأسمالي المنفلت من عقاله بعيداً عن أية تحفظات أو حذر ... كما تريده امبراطوريات التجارة و الهيمنة الرأسمالية ، و بعد كل هذا التراكم التاريخي الذي راكم معه أيضاً نضالات الشعوب و الطبقة العاملة و المثقفين اليساريين العالم يتجه بتصميم نحو نظام جديد ينبذ الحروب و ينبذ الإستغلال و يرفض الهيمنة
النخب الثقافية العربية هل تتأخر ، كما فعلت غالبا، في فهم طبيعة العصر ...
#حازم_العظمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديموقراطية بصفتها إعادة إنتشار عسكري أمريكي على مستوى العا
...
-
الأشياء طويلة و مائلة
-
أسطورة الإنتحاريين و الحزام الناسف
-
الجَدْي
-
ديموقراطية ال 80 مقالاً كل يوم
-
لماذا الإسلاميون يفوزون في الإنتخابات المصرية ...
-
مقاولون أمنيون
-
في غفلة ٍمن مستبدي العالم
-
من هي الجهات التي تتهمها الحوار المتمدن ...
-
ثيّلٌ أسودُ بخلفية تلالٍ حمراءْ
-
قناة الجزيرة لماذا لا تسمي ، بإسمه ، الإرهاب ..
-
صَنَوبرات
-
من رعاية الديكتاتوريات العسكرية و ممالك القرون الوسطى إلى ال
...
-
بينوشيه ، هل كان ليبرالياً .. جديداً ؟؟ من التشيلي إلى العرا
...
-
كيف يجري تحوير اللغة العربية السياسية ، في العراق أولاً ..
-
جنود
-
وهم الديموقراطية- إحتمالات تبحثها الإدارة الأمريكية بخصوص سو
...
-
نجدف طويلاً ، و نحن نعود من الطُوفان ْ
-
مقطع ٌ بمصاطبَ واطئةٍ ، بجدران ِطينٍ ثخينةٍ ، بحُواةٍ و موسي
...
-
إلى أي حد الثعلب يحتاج إلى الدجاجات- عن علاقة الإمبراطورية ب
...
المزيد.....
-
أبرز ما شهدته منصة أسبوع الأزياء الراقية في باريس
-
لقاء عقيلة أردوغان بزوجة الشرع يشهد أول صورة رسمية للطيفة ال
...
-
-أين تقترح أن يذهبوا ومن تتصور أن يعيش هناك؟-.. أخذ ورد بين
...
-
حملة مقاطعة المتاجر الكبرى تمتد إلى صربيا احتجاجًا على ارتفا
...
-
ترامب يعيد سياسة -الضغط القصوى- على إيران
-
خامنئي يعين شخصية لبنانية -وكيلا- له في لبنان
-
صحيفة: بعض تدابير DOGE بقيادة ماسك قد تكون غير مشروعة
-
أول رد من عراقجي بعد تبني ترامب سياسة -الضغط الأقصى- على إير
...
-
رغم تخفيض سعره.. فشل المحاولة الثالثة لبيع منزل زعيمة ميانما
...
-
الدفعة الرابعة من مرضى وجرحى غزة تغادر مستشفى -غزة الأوروبي-
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|