أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لن تدخلوا الجنة حتى تحابّوا














المزيد.....

لن تدخلوا الجنة حتى تحابّوا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5337 - 2016 / 11 / 8 - 10:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


===============

تحدثتُ الأسبوعَ الماضي في مقالي: (سوف يكبرون ويحبون العالم) عن أعياد الغرب التي يحاولون عبرها، ليس فقط خلق حال من الفرح تشحنهم بطاقة إيجابية تساعدهم على مواصلة الحياة الجادّة التي يحيونها هناك، بل كذلك يكتبون عبرها "الكود الإنساني" المتحضّر لأطفالهم؛ إذ يعلمّونهم أن "الآخر" الغريب، الذي يسكن هذا البيت أو ذاك، ليس عدوًّا يُخشى منه، إنما هو صديقٌ وقريبٌ سوف يمنحهم قطعَ الحلوى ودفقاتِ الحنوّ والحبّ، فينشأ أطفالُهم أسوياءَ يحبّون العالم، ويتكّون لديهم، حين يكبرون، الاستعدادُ السليم للعمل الجماعي، ذاك الذي نُخفق نحن فيه في مجتمعاتنا العربية، بسبب التنئشة الخاطئة لأطفالنا الذين ينشأون وقد تكوّن لديهم استرابةٌ وشكٌّ في "الآخر"، الذي تعلّم منذ طفولته أن يخشاه ويتجنبه باعتباره مصدر تهديد وإرعاب.
يحدث هذا لدينا، نحن العرب، لأننا أهملنا "نبتة الحب" في قلوبنا حتى ذبُلت وماتت، وحلّت محلّها أشواكُ التخوين والبغض والخوف من الآخر، الذي تكرّس في وعينا منذ طفولتنا أنه مصدر تهديد في الرزق وفي الحياة. نخاف أن نساعد محتاجًا لعمل، لأننا نوقن أنه سوف يقتطع من أرزاقنا، نحذر أن نمحنه ثقتنا لأننا نوقن أنه سوف يخون، وفي الأخير، نكره أن نمنحه حبَّنا، لأننا نوقن أنه لا يستحق!
ننسى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام إذ يقول: “لن تدخلوا الجنّةَ حتى تحابّوا. ألا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم.” والسلام في الحديث الشريف لا يعني أن نقول "السلام عليكم"، إنما بالمعنى الواسع الشامل للسلام، الذي يبدأ وينتهي عند ناصية "الحبّ". فأنت لن تسالم مَن تكره، بل من تحبّ، ولن تأمَن جانبَ، إلا من أحببت، ولن تُؤمّن جانبَ إلا من تحبّ.
في عيد الحبّ المصري، الذي وافق يوم "4 نوفمبر" تذكّرت دخول الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة الإماراتي، لإحدى كنائس مدينة "أبو ظبي" قبل شهور قليلة بمناسبة انتهاء أعمال الصيانة بها، حيث وقف أمام المُصلّين المسيحيين قائلا: "مرحبا بكم في الإمارات. تعلمنا منكم الكثير.”
ولأنني عشت فترة طويلة في دولة الإمارات أعلم أن ما قاله وزير الثقافة ليس من قبيل الشعارات التي يُطلقها الساسةُ وصُنّاع القرار في بلادنا من باب الاستهلاك الإعلامي وذرّ الرماد في العيون لتعمى عن رؤية المحن الطائفية الطاحنة التي تعيشها بعض المجتمعات العربية دون أن يُبادر صناعُ القرار والقائمون على الحراك التعليمي والتثقيفي والديني بتلك المجتمعات بأي محاولات حقيقية لاجتثاث شأفة الطائفية من جذورها الأولى "في الطفولة" وفي قلوب النشء الصغير الذي تتفتح عيونه على مجتمع مأزوم أو على مجتمع صحيح البدن.
ما قاله وزير الثقافة الإماراتي هو مراس حقيقي ونهج راسخ متجذّر في أراوح الشعب الإماراتي المتحضّر الذي تعلّم منذ طفولته احترام "قيمة" الإنسان دون النظر إلى عِرقه أو عقيدته أو طبقته. رسّخ تلك المبادئ الإنسانية السامية طيّبُ الذكر الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" رحمه الله رحمةً واسعة بقدر ما قدّم لبلاده ولسائر البلاد من قيم نبيلة رفيعة، سار على نورها من بعده أبناؤه جميعًا فنجحوا في خلق نموذج استثنائي راق وسط المنظومة العربية المشتعلة، للأسف، بالمحن والطائفية والعنصرية والاقتتال والإرهاب.
مشهودٌ لكل ذي بصر، حرص دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أربعة عقود على ترسيخ قيم السلام والتسامح والعدل واحترام الأديان كافّة، انطلاقًا من إيمان القائمين على تلك الدولة الجميلة بأن "الحب" الإنساني بين البشر هو نهج الله في رسالاته للبشر ومشيئته تعالى في أن يتعايش بنو آدم في توادّ وسلام ومحبة حتى يُعمّروا الأرض التي استخلفنا الله عليها.
قبل أيام، يوم 2 نوفمبر، حلّت ذكرى رحيل الشيخ زايد، أحد أعظم زعماء العالم عبر التاريخ، فنتذكّره بكل حب وفخر ودعاء إلى الله أن يبارك في ذريته الطيبة التي أعتبرُها، ويعتبرها ساسةُ العالم وشعوبه، طفراتٍ سياسيةً وتنويريةً نادرة، نرجو أن تسود في أرجاء وطننا العربي المأزوم.
يا أبناء العالم الطيب، أحبّوا تصحّوا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شريهان.... العصافير أنبأتنا عن مخبئك!
- حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين
- سوف يكبرون ويحبّون العالم
- بيان من فاطمة ناعوت بخصوص مؤتمر واشنطن | لماذا يهاجمني بعض أ ...
- الحرفُ يقتل!
- المعادلة المستحيلة ... لا تطفئوا مِشعلها!
- كيف تصير مشهورًا دون تعب؟
- حُرّاس لغتنا الجميلة، وقاتِلوها
- يا ماعت: اخلعي حذاءك في المطار
- صاحبة السعادة تهدينا مذاقاتِ طفولتنا
- سبعُ قبّعات فوق رأسك
- مشروع قومي: ضدّ الطائفية
- حرية التعبير يا حمادااااا
- اخرج م الطابور يا خروف!
- يا ريتها كانت بركت وفطّست العجينة
- ولاد الناس …. وولاد اللامؤاخده
- حموكشة الربعاوي
- على مقام الهُزام
- من ثنيّات الوداع
- الجمال المستحيل


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لن تدخلوا الجنة حتى تحابّوا