|
لبنان،،، دولة التوازن
سليمان الخليلي
الحوار المتمدن-العدد: 5337 - 2016 / 11 / 8 - 10:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
فيما يبدو، نجحت "لبنان" في متانة نظام الدولة، وبرهن "اللبنانيون" بأن دولتهم بالفعل "دولة مؤسسات" بخلاف دول عربية أخرى، ولا أقصد نجاحها في إنتخاب الرئيس "ميشال عون" أخيراً بعد فراغ رئاسي لمدة عامين ونصف تقريباً، وبغض النظر عن عدم الإستقرار السياسي الذي تعاني منه، والفراغ الرئاسي الذي تكرر عند نهاية ولاية أي رئيس (وربما سيتكرر بعد انتهاء ولاية السيد عون)، والمليشيات المسلحة، والتدخلات الخارجية، وأزمة النفايات، وفيما أقصده هنا من نجاحِ، ورغم كل هذه المشاكل التي تواجه لبنان لم يزعزع نظامها كدولة، كنظام قائم وثابت مسنده وقوته "المؤسسات والقانون"، مما جعل النظام الحاكم مبني على الدولة وليس الدولة مبنية على نظامِ حاكم متشعب، جذوره قوية يصعب قلعها، واغصانه الثقيل بمجرد سقوطه تحدث خراب مدوي. هذا مالم تستوعبه بقية الدول العربية، سواء تلك التي وقعت في فخ "المأزق" أو التي لديها أستقرار سياسي، نجد بأن نظام "الحكم" ليس مجرد رأس في أعلى الدولة بل به جذور تشعبت في مفاصل الدولة كلها، بمجرد قلعها، سوف تنقلع الدولة كلها رأس على عقب، وأذا تخلخلت أحد أعمدة نظامها تبدأ بالتهاوي والسقوط، وقد ثبت ذلك بعد الربيع العربي الذي جاء كبارقة أمل نحو التغيير، فأصبح كابوسا، جلب الفوضى والدمار، وربما أنظمة أكثر فسادا، لذا يمكن تسميته "الشتاء العربي القارس " أو "الصيف العربي الحارق"، أو بالأحرى "الربيع الأسود"، كبرهان بأن الدول العربية ذات أنظمة حاكمة مهزوزة بمجرد تحرك حصاة من أعمدتها تبدأ بالتهاوي، وحين سقوطها تسقط معها الدولة كلها وتتحول إلى دمار وفوضى وحروب، فالنجاح الذي أقصده بأن "لبنان"ذات نظام ثابت ليس نظام شخص ولا حزب واحد، فنظام الدولة رغم ما تواجهه من رياح السموم التي تهب عليها بين فترة وأخرى، وعدم الاستقرار السياسي التي تعيشه، إلا أنها ليس هشة كهشاشة بعض الدول الذي أثبت ضعفها بمجرد سقوط نظامها الحاكم، وهذا جعل لبنان متفردة متميزة بين الدول العربية حتى عن الدول ذات النظام الملكي. الدستور اللبناني ينص بأنها جمهورية ديمقراطية برلمانية، ونظامها السياسي مبني وفق "الترويكا" توزيع المناصب على أسس توزع المناصب الأساسية بنسب محددة بين الطوائف المختلفة، ومما يُميز المجتمع اللبناني بأنه ذات نسيجٍ من 18 طائفة كلها تعيش تحت سماء لبنان في حرية وسلام كما كفلها الدستور، وخصوصا بعد أتفاق الطائف 1989 الذي أنهى الحرب الاهلية اللبناتية بعد خمسة عشر عاما من الصراع، وبالرغم "شخصيا" لا أتفق على تقسيم السلطات وفق "نظام طائفي"، إلا أنه حلاً للمحافظة على وحدة البلاد، وخصوصا أن لبنان عانت كثيراً من الحروب الأهلية ذات الطابع الطائفي ، وحتى الصراعات المذهبية، وبالتالي لتحول إلى نظام مدني بعيد عن الدين والطائفة والقبلية هو أمر يحافظ على أمن أي بلاد، ويحقق الحريات والحقوق للمواطن، ولا نغفل بأن الدستور اللبناني يحترم الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، "هذا لا تؤمن أغلب دساتير الدول العربية أو انظمتها الأساسية"، كما كفل الدستور اللبناني مثل حرية ابداء الرأي قولاً وكتابة، وحرية الطباعة، وحرية الاجتماع، وحرية تأسيس الجمعيات. ما يضمن القانون للمواطن اللبناني من "حريات وحقوق" يفتقده بقية المواطنين العرب، ناهيك عن الدول العربية ذات النظام الملكي حيث يفتقدها فيها المواطن المشاركة والتفاعل السياسي، ، بالرغم أن هذا الدول تمتاز بوضع اجتماعي ذو مستوى عال مختلف عن بقية الدول العربية ذات النظام الجمهوري، وبخاصة دول الخليج غير أنها الأكثر في حرمان مواطنيها من الحقوق والحريات العامة وحرية الصحافة وغيرها، وليس الحال أجمل أيضا بالنسبة للدول العربية التي تتغنى بأنها دول "جمهورية" وفي الواقع نظامها الجمهوري "شكلياً" فقط حيث سيطرت الأنظمة الحاكمة بها على مؤسسات الدولة ووزعت ثروتها بين ألاقارب والأصحاب والمعارف، وتخطط لتوريث جمهوري، وهذا ما رأينا الحال كالعراق ومصر واليمن وتونس وسوريا واليمن. لبنان،،، ولنكن أكثر انصافاً، هي دولة "توزان"، بين قوى سياسية، وبين القانون والمؤسسات، ودولة أركانها ثابتة وشعب واع مثقف، فكل ما عليها هو تعزيز أستقرار وضعها السياسي، وقطع التدخلات الخارجية، و قطع قوة المليشيات المسلحة وضمها تحت لواء قواتها النظامية، فتجربتها الديموقراطية كفيلة باعتبارها الأفضل عربياً.
#سليمان_الخليلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجارة الفتاوى والنظريات العلمية
-
هل فشلت العربية أن تكون لغة العالم الاسلامي؟.
-
إزدهار الحضارات بالفنون
المزيد.....
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|