|
الإسلام و سياسة التشويه كآلية للإستمرار .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 05:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يخفى على أي إنسان مُنصف في ما تعلق بمستقبل الإسلام اليوم ، أن الإسلام حاليا في أشد حالاته ضعفا ، فبعد ثورة الإتصالات ، و نسق العولمة الجديد الذي جعل العالم قرية صغيرة ، فالإسلام قد تعرى تماما أمام العالم وبانت عوراته ، فحاليا كل ما يجري مع الإسلام يتم فضحه وتعريته ، للدرجة التي صار الإسلام اليوم لا يتعرض سوى لعمليات الفضح من تاريخ وحاضره المشين ، فقد تم الكشف عن علاقته الأصيلة بالإرهاب ، خاصة وقد عرته داعش تماما أمام العالم ، وتم كشف حقيقة الشريعة الذي كان يزعم طوال قرون أن النظام الأمثل لحكم البشرية ، وتم تعريتها على أنها مجرد همجية مركز لا أكثر ، عدى طبعا الباحثين الذين نبشوه وكشفوا أوجه الخرافة و القصور فيه ، هذا بالإضافة طبعا للصورة البائسة التي تبدو عليها المجتمعات الإسلامية اليوم و التي تتمسك بشدة بالإسلام ، فهي مجتمعات متخلفة ، وتسودها الهمجية وغياب حقوق الإنسان ، في المقابل تظهر دول العالم الأخرى عفية ومزدهرة ، وشعوبها تعيش الحياة بسعادة و أمن ، فيما المسلمون تفتك بهم الحروب و الحرمان و الكبت ، وكل هذا ولد ضغطا هائلا على أعصاب الإسلام ، ورجال الدين المسلمين ، و الذين لم يجدوا ما يفعلونه مع هذا الضغط الرهيب من العالم المعاصر عليهم ، فاليوم قد بدا واضحا الفارق الشاسع بين العالم المتحضر بعمانيته ، و عقلانيته ، في مقابل بلاد المسلمين الغارق في التخلف والجهل بسبب الديانة الإسلامية ، فكيف سيتصرفون أمام هذا الواقع الضاغط ليحموا الدين الإسلامي من الإنهيار ؟ .
في الواقع الجواب على هذا هو وكما جاء في العنوان إنها" سياسة التشوه " فالإسلام و لكي يحمي نفسه من الأفكار و المعارف الرصينة القادمة من العالم المعاصر المتقدم التي قد تغري المسلم بإعتناقها بدل ديانة التخلف المدعوة الإسلام ، يقوم حاليا بأكبر عملية تشويه للأفكار ، و النظريات ، و المعلومات لكي تصل جميع تلك الأفكار للمسلم بصورة ضبابية ، وعليه فهو يستطيع منع المسلم من إعتناقها لأنه أساسا يوصلها له مشوهة ، فالمسلم هكذا لا يرى فيها أي جدوى وعليه يتجاهلها ، و ولو تلاحظون اليوم ، فأكبر منطقة يتم تشويه الأفكار فيها والتلاعب بها ، وبث النظريات الخاطئة و نشر الأبحاث المزيفة هي البلاد الإسلام ، فتقريبا لا توجد فكرة قادمة من العالم الخارجي لتقدم إلى المسلم إلا و يتم العبث بها و إعادة قولبتها لتظهر بصورة مضحكة ، فعلى سبيل المثال نظرية التطور التي هي الآن حقيقة من الحقائق الدامغة في العالم الصناعي المتحضر ، لا تزال تتعرض للتشويه و التدليس ، ويتم التلاعب بالمعلومات حولها ، لكي لا يعرف المسلم أي شيء حقيقي عن تلك النظرية بما يجعله يبني موقفا عقلانيا منها ، بل هي تصل له مشوهة و ملعوب فيها ، وعليه فهو يرفضها بدون أي نقاش ، و الأمر نفسه مع أمور كالعلمانية ، و العقلانية ، و اللبرالية ، وحقوق الإنسان ، فجميع هذه الأمور يتم العبث بمعانيها وتحريفها ، وعليه ينتهي الحال بالمسلم إلى رفضها ، مع أنها أمور تخدمه هو قبل أي أحد آخر ، و لكن المسلم المسكين وبسبب سياسة التشويه لكل شيء، فقد فقَد القدرة على الحكم السليم ، وصار بحكم الجاهل ، ومعلوم أن الجاهل يفعل بنفسه ، ما لا يفعله العدو بعدوه ، وعليه فحين نرى اليوم المسلمين يختارون خيارات كارثية تنتهي بهم للحضيض ( انتخابهم للإسلاميين مثلا) فهذا لكون المسلمين يتعرضون لأكبر عملية تشويه للمفاهيم و المعلومات والحقائق ، و عليه يذهب المسلم لاختيار شيء ، بينما هو في نفسه يطلب شيء آخر ، ولنا في قصة إنتخاب المسلمين مثال جيد ، فالمسلمون في الواقع وحين ينتخبون الإسلاميين ، فهذا لظنهم أن إنتخاب الإسلاميين سيجعل بلادهم مزدهر كبلاد الغرب مثلا ، و لكن طبعا هنا لا يمكن ملاحظة هذا الخلل الكارثي في هذه النظرية ، فكيف يكون انتخاب من يريدون تطبيق شريعة من القرن السابع ، أن يحققوا ازدهارا بني على أكتاف مثقفي عصر الأنوار في أوربا ، ولكن طبعا المسلم لا يلاحظ المغالطة ويظل يتصور لكونه يحمل مفاهيم مشوهة أن أمثال الإخوان قد يحولون بلاده كسويسرا و ألمانيا عن طريق تطبيق الشريعة ، وهو العبث بعينه.
أيضا من سياسة التشويه الأخرى التي يمارسها الإسلام بحق الأفكار و الحقائق ، وهو بثه لنظرية المؤامرة بين معتنقيه ، فالإسلاميون اليوم هم أكثر المروجين لنظرية المؤامرة في بلاد الإسلام ، وتقريبا لا يتم تفسير شيء في بلاد المسلمين حاليا سوى عن طريق نسق رهيب من نظريات المؤامرة المتداخلة ، و لنفهم لما نظرية بالذات ، فهذه النظرية هي الطريق التي يشوه بها الإسلام المنطق ، و الحس النقدي السليم ، فالمسلم و رغم انه يعيش مع الإسلام الخراب الحتمي في كل مرة يلجئ إليه ، ولكن غير قادر على رؤية أن الخطأ هو في الإسلام ذاته ، و أنه يجب أن يغيره ، فعن طريق نظرية المؤامرة يتم حرف طريقة نظره للأمور ليبقى يدور في ذات الحلقة المغلقة ، فمثلا حين ينتخب الإسلاميين و ينتهي الأمر ببلاده إلى دوامة من الإرهاب ، فهو لا يرى أن هؤلاء وشريعتهم هي السبب ، ولكن يذهب بالأمر إلى أنها مؤامرة أجنبية للإطاحة بحكم الإسلام ، و أنهم هم وراء تلك الأمور ، وهذا ما نراه اليوم مع داعش ، فداعش التي هي التجسيد الحي للحكم الإسلامي ، صارت لا ثمثل الإسلام ، وهي مؤامرة غربية لتشويه صورته ، و الإرهاب الذي جرى في الجزائر في التسعينات ودمر البلاد لأن الشعب المخدوع أختارهم ليس إرهاب المجرمين من الإسلاميين ، و لكنه ارهاب المخابرات التي تقتل و تحاول إلصاق التهمة بالإسلاميين الطيبين الوديعين ، وطبعا هكذا ، لن يخرج المسلم بأي فكرة صحيحة أو تفسير صحيح لأوضاعه لكونه غارق في هذا الأتون من المعلومات المشوه و نظريات المؤامرة ، وهذا ما يمنعه من الوصول لأي رأي سليم ، هذا عدى طبعا الجهل المستشري والذي يتم تدريسه في المدارس ، و الذي يلقي بضلاله على قرارت المسلم ، وعليه فالمسلم المسكين يبقى دوما رهين واقعه الكارثي هذا ، و هو غير قادر مطلقا على الخروج منه ، فأساسا هو لا يملك الآليات للخروج من هذا البؤس ، عدى أنه أيضا لا يرى أنه في بؤس ، و نحن نرى كم ينفق الإسلاميون و رجال الدين ، و الحكومات الدينية من مال ووقت لنشر الخرافات بين المسلمين ، و إدخالهم في عالم وردي من الأوهام ، فالمسلم البائس التعيس الذي لا يجد ما يأكل ، تجده سعيدا لكونه خير أمة أخرجت للناس ، و أنه أعظم من شعوب الأرض التي هي مجرد قوادين ، و مومسات يعيشون حياة حيوانية لا تلق بالبشر ، بينما الواقع ان الشعوب هناك وصلت لدرجات من التحضر أنه حتى الحيوانات عندها لديها حقوق أكثر مما لدى الفرد المسلم بأشواط ، و أنها تعيش في سعادة وهناء ولا تهتم له اصلا، و لكن المسلم لا ينتبه ، و لا يرى ، فقد تم مسخ شخصيته الإنسانية وتم العبث بكيانه ، فالمسلم وتحت حكم الإسلام قد تم إفساد كيانه من الداخل ، فهو سُلب القدرة على التحليل بطريقة صحيحة ، و سُلب المعلومة الصحيحة ، وسُلب الإيمان بقيم حقيقية ، وعليه صارت حياته كلها رهينة أهواء الإسلام الذي يسوسه كالماشية إلى حتفه ، و طبعا أي مسلم سيحاول أن يشذ على القطيع و يقول لا ، فالإسلام قد حضر له حد الردة للقضاء عليه ، ونحن نرى اليوم كيف يمارس الإسلام الإرهاب الفكري على المفكرين ، فحتى إذا لم تكن الدولة تمارس قتل المفكرين الأحرار ، فهي تسجنهم ، ثم حتى هم إذا لم يسجنوا فسيتم قتلهم من قبل الإرهابيين مغسولي الدماغ الذين حضرهم الإسلام لأداء مهام كهذه ، كما حصل مع ناهض حتر مثلا ، أوكما جرى سابقا مع فرج فودة ، وطاهر جاووت ، وحالات محاولة اغتيال كما جرى مع نجيب محفوظ الخ ، و هكذا فنحن في الواقع أمام امة تعيش حالة حصار رهيب لا ألم من الخروج منه ، فالإسلام يحاصر المسلمين و يقمعهم ، و يخفي الحقائق عنهم ، بما يجعلهم عبيدا غير مدركين لما يجري .
إن الأمر بإختصار هنا ، و إذا أردنا وصفه بجمل واحده ، فهو أن الإسلام و بسياسة التشويه قد سجن المسلم في كهف أفلاطون الرهيب ، و أفترض أن سجن كذلك السجن لا يوجد أكثر منه كآلية إجرامية لمسخ إنسانية الإنسان ـ، فمن يعيش فيه سيعيش حياته ملئها ب الأوهام و الأباطيل لأنه لا يرى العالم على حقيقته ، وأي شخص يتحرر منه و يرى النور حتى لو فعل ، فهو سوف يجد صدا من رفاقه لأنهم و للأسف محجوبون عن رؤية العالم بطريقة سلمية ، ومنه صار ورغم أن العالم و المعرفة و كل شيء أمام المسلمين ويمكن الحصول عليه بسهولة ، و لكن بسبب سياسة التشويه فالمسلم ينتهي إلى تجاهل كل ذلك ، وتفضيله كهف الإسلام الذي يريحه ، على العالم الفسيح الذي يعيش فيه باقي البشر ، وهي المأساة الإسلامية الذي نشاهدها اليوم حية أمامنا وللأسف .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسلمون ومتلازمة ( جيري هيشفانغ ) .
-
لوبيات الجهل المقدس .
-
عن الإسلام و نشره الغباء بين معتنقيه .
-
وهل لدى المسلمين عدى الإرهاب و القتل ؟ .
-
المسلمون والتخريب الممنهج للحضارة الإنسانية .
-
- ثمن الايدولوجيا - الجزائر نموذجا .
-
للتعريب بالقوة نعم ، ولرفضه ولو بالكلام لا .
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 2.
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
-
البوركيني لإغاظة الفرنسيين لا أكثر .
-
إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .
-
التحرش كإفراز طبيعي للقيم المجتمعية الإسلامية .
-
الإسلام كمشكلة للعالم .
-
خرافة إسمها الشريعة الإسلامية .
-
عنصرية أوربية أم همجية إسلامية .
-
تربية المسلمين قبل تربية اللاجئين سيدة ميركل .
-
عن براءة الأزهر من سجن إسلام بحيري .
-
دولة بها مساجد، دولة في خطر.
-
تحويل المساجد لخمارات لحل مشكل الإرهاب .
-
رزيقة شريف ضحيتك يا وطني .
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|