|
-السيد -جاك شراك- بتارودانت بالمغرب من منتجع - الغزال الذهبية - إلى القداس ب - الكنيسة
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1417 - 2006 / 1 / 1 - 09:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
السيد "جاك شراك" بتارودانت بالمغرب من منتجع " الغزال الذهبية " إلى القداس ب " الكنيسة " كعادته يقوم الرئيس الفرنسي بقضاء عطلته الشتوية بتارودانت و هي غالبا ما تمتد لأسبوع في قصر " الغزالة الذهبية" و هو أحد المنتجعات بسهل سوس و الذي عبارة عن بناية فخمة وسط ضيعة من الحوامض ، و هي كغيرها من الضيعات التي يمتلكها كبار الملاكين العقاريين بسوس بجنوب المغرب تعتبر وسطا لاستغلال المرأة العاملة التي تسكن غالية العاملات فيها بأحد الدواوير المجاورة للمنتجع ، المنتجع لا يدخل إلا العاملات و العمال العاملون به خدمة لرواده من الطبقات العليا من المسؤولين الكبار للدول و البورجوازية و كبار الملاكين العقارين ، إنها مفارقة غريبة في هذا الموقع من مدينة تارودانت التي تعبر و باختصار عن التناقضات الطبقية بالمغرب و بشكل صارخ ، كيف تعيش الطبقات الشعبية بدوار " الزاورية " المحادي للمنتجع في فقر مدقع و المشكلة غالبيتها من العاملات الزراعيات بضيعة المنتجع ، و اللواتي يتعرضن للإستغلال المكثف من طرف صاحب الضيعة المنجع الذي لا يمكن معرفة اسمه و الذي تتضارب الأقوال حوله على أنه مسؤول كبير بالدولة المغربية و مسؤولين كبار بإحدى الدول الخليجية أو الغربية ...
فكيفما كان صاحب الضيعة المنتجع فهو من عائلة كبار الملاكين العقاريين بتارودانت ، التي تعتبر المدينة المرتع للمرأة لعاملة القابلة للإستغلال بالضيعات المجاورة للمدينة و ضواحيها ب " أحمر " و " أيت إعزا " و سبت الكردان " و " أولاد تايمة " و أولاد برحيل " و غيرها ، إنها بالفعل مدينة عمالية من فئة العاملات الزراعيات الرودانيات و من الوافدات من الأحياء الشعبية بالمدن التاريخية المغربية كمراكش و الصويرة و أسفي و غيرها ، يتم تسويق المرأة العاملة و تبضيعها و حملها على الشاحنات الصغيرة " فجرا " من المدينة في اتجاه الضيعات التي تتعرض فيها للإستغلال طيلة النهار من " طلوع الفجر " إلى " غروب الشمس " و بأبخس الأثمان أقصاها : 05 دولارات و هن تعلن عائلات .
إن الزائر لمدينة تارودانت و هو يريد معرفة واقعها عندما تكون هادئة وسط الليل و هو يتجول في هدوئها يتلمس كيف أنها جميلة و لطيفة و طيعة ، إنها مدينة لا تحب العنف و ترحب بزائريها بكل بساطة شعبية مما استمدته من تاريخها العريق الذي يمتد إلى ما قبل التاريخ ، و هي هكذا طيعة لأنها لم تقو على متابعة العراك بعد الجهد الذي طالما ضاع منها عبر العصور و هي تقاوم أشكال الأستعمار المباشر و غير المباشر من " بوكادور" مع الإستعمار البرتغال إلى " جبل صغرو " مع الإستعمار الفرنسي ...
إن الزائر لمدينة تارودانت التاريخية يكتشف أول ما يكتشف سورها الواقي الذي جله مشوه بالبنايات المهمشة التي تحاديه داخليا و خارجيا و لم يتم ترميمه إلا في واجهة المدينة من باب " إزركان " إلى مقر عمالة إقليم تارودانت ، على طول كيلومتر واحد تقريبا و تبقى 6 كيلومترات و نصف مهمشة و مشوهة و بعضها ساقط و البعض الآخر متداعي للسقوط دون أن يثير ذلك اشمئزازا في قلوب المسؤولين .
أما عن الزائر للمدينة الذي يرغب في اكتشاف كنه أسرارها و هو من هوات الساهرين إلى " طلوع الشمس " فيكون من المحظوظين ، الذين يكتشفون في أبوابها الخمسة الأصلية و الأبواب " الإصطناعية" المحدثة من طرف المجلس البلدي و في أزقتها و ساحاتها و شوارعها كيف تدب الحركة بالمدينة مع " طلوع الفجر " حيث تخرج المرأة إلى سوق الشغل " الموقف " منتظرا أحد خدام أحد الملاكين العقارين لتبضيعها ، و حيث الرجال راجعون بعد أداء صلات الفجر من مساجدها التي تفوق الخمسين و تبدأ الحركة اليومية بالمدينة بالدكاكين و الورشات الحرفية و المقاهي و يبدأ الزوار في اكتشاف المدينة نهارا و يعج الشارع بالمارات و المارين ...
كنت أبحث في جميع أصناف الزوار الذين تم ذكرهم و لم أجد للسيد " شيراك " مكان بينهم و حتى النزلاء بفندق " السلام " و هو عبارة عن دار أحد القواد الكبار مغرب الإستعمار المباشر الذي تم تحويلها إلى مؤسسة سياحية ، حتى هؤلاء الذين يخرجون صباحا لاكتشاف المدينة لم أجد بينهم مكانا للسيد رئيس الجمهورية الفرنسية ، الذي قضي أسبوعه هذه السنة بتارودانت في جو من " الأمن " المشدد الذي لم تشهده المدينة من قبل ، فقد نزل بالمدينة عدد كبير من القوات على اختلاف أنواعها و يقال أنه بصحبة " بوش الأكبر " بقصر " الغزالة الذهبية " ، لقد أصبح لدى الشارع الروداني عاديا وجود السيد" شيراك " في مثل هذا الوقت من كل سنة و لكن الشيء غير العادي هو الإنزال المكثف من القوات بهذا الحجم و النوع بهذه المدينة الهادئة البسيطة المزدحمة بالسكان .
من عادة السيد الرئيس أداء القداس ترحما على السيد " المسيح " بكنيسة المدينة في 25 دجنر من كل سنة الذي تزامن هذه السنة و يوم الأحد ، و الذي تمت في التعبئة الشاملة للقوات لتعبيد الطريق للسيد الرئيس من مقر إقامته خارج سور المدينة بمنتجع " الغزالة الذهبية " إلى " الكنيسة " داخل المدينة المزدحمة ، فتم إغلاق جميع الأبواب و النوافذ المطلة على الشوارع التي سيمر بها موكب السيد الرئيس ، و هكذا تم إغلاق الدكاكين و المقاهي و الطرق و الأزقة و الشوارع على طول المسافة الممتدة إلى كيلومترين تقريبا و يقال أن الصوامع خفظت من صوتها ذلك اليوم ، إنه زائر من الدرجة الأولى إذن رئيس دولة في عطلة.
و لكن ليست زيارة رسمية ؟ فكيف لهذا الحجم من القوات و التعبئة و بهذا الشكل البروتوكولي المفرط أن يتم ؟ أبلغ الخوف من " القاعد " هذا الحجم عند رؤساء الدول ؟ أوليس السيد" شيراك" في عطلة و من المفروض أن يكون هادئا في منتجعه بلا ضجة و لا ضجيج ؟ أم أنه في عطلته يتفقد فيها أحول المستعمرة السابقة التي يقال عنها أنها ضيعة تابعة له ؟ أم أنه في زيارة عمل مع أصدقائه و حلفائه في قلب سهل سوس ؟ أم أن شبح " القاعدة " يطارد الرؤساء حتى في عطلهم و نومهم ؟ أسئلة كثير هي و الجواب واحد و كنه أسراره لا يعلمه إلا الطبقات الشعبية التي تسعى من أجل إسعاد البرجوازية ، فهي تسعى في المعامل و الضيعات بسهل سوس من أجل تأمين الحوامض و الخضر الطرية و الورود للمقيمين ب " الشون إليزي " و غيرها من الأحياء الغربية الراقية ، و هي تسعى في مرتعها بالإحياء الشعبية المهمشة بتارودانت بلا مستقبل و لا أمل في تحسين ظروف عيشها و تأمين حياة أبنائها و التمتع يوما بالحقوق الأساسية و الحريات ، و هي تسعى من " طلوع الفجر " إلى " غروب الشمس " و تستمر الحياة و يستمر الإستغلال .
إلى متى يستمر الإستغلال/ إستغلال الطبقة العاملة و على رأسها المرأة العملة بالضيعات و معامل التلفيف و الأطفال بالورشات الحرفية دون سن التشغيل و دون الحديث عن الإستغلال المزدوج لهما ، إلى متى يبقى رؤساء الدول و على رأسهم السيد " شيراك " مصرين على غض الطرف و صم الآذان عن كوارث الليبرالية المتوحشة ؟ إلى متى يستمر استغلال الطبقة العاملة بهوامش باريس و غيرها من المدن الغربية الكبرى و بالدول التي تم تفقيرها من أجل تراكم أموال البرجوازية ؟ إلى متى يتم استغلال الطبيعة و الإنسان و التاريخ و الدين على حساب الطبقات الشعبية ؟ كان حريا بالسيد الرئيس أن ينظر بجانبه ساعة في منتجعه إلى سلطة البؤس و الفقر و التهميش المسيطرة على الطبقات اشعبية بدوار " الزاوية " و يتحرى في مدلول هذا المصطلح " الزاوية " الذي ينبع من عمق القاموس الديني قبل أن يتوجه لأداء القداس بالكنيسة ، و يرى كيف تحول هذا المصطلح التيولوجي إلى مرتع لاستغلال الإنسان للإنسان و بالإنسان لصالح الطبقة المتحكمة في السياسة و الإقتصاد .
على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة زيارة الأحياء الشعبية المهمشة بالمدينة و التي تعج بالأطفال المتخلى عنهم و عنهن ، على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة زيارة المرأة العاملة بالضيعات لتفقد أحوال استغلالها المكثف المزدوج ، على السيد الرئيس قبل التوجه إلى القداس بالكنيسة تفقد أحوال الإستغلال المكثف للأطفال بالورشات الحرفية بالمدينة ، عليه أن يفعل ذلك ليرى كم يبلغ ثمن تأمين الحوامض و الخضر الطرية و السمك و الورود للمقيمين ب " الشون إليزي " و ليرى بأم عين الكوارت الإجتماعية للنظام الرأسمالي الليبرالي الذي تحتضه فرنسا الأنوار و فرنسا الثورة و فرنسا الديمقراطية و فرنسا الكولونيالية و فرنسا نابليون و دوكول و ميترون و شراك ... و ذلك قبل القداس ترحما على السيد " المسيح " و قبل أن يطلق صيحته الرأسمالية في خطاب رأس السنة الميلادية 2006.
تارودانت في 31 دجنبر 2005 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النهج الديمقراطي و الإشتراكي الموحد بتارودانت نضال مشترك مع
...
-
حتى لا ننسى محاولات تمطيط الملفات الحقوقية بتارودانت
-
جبهة دعم الحركات الإجتماعية و محاولة عرقلة أنشطتها النضالية
-
البرنامج النضالي لجبهة دعم الحركات الاجتماعية
-
حملة ضد المحاكمة الصورية لمعتقلي تماسينت الإثني عشر يوم الثل
...
-
عريضة تضامنية مع الحقوقي و النقابي امال الحسين
-
الحركة الاجتماعية الاحتجاجية بتماسينت بالريف بالمغرب في ظل ت
...
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
-
الإنتفاضة الشعبية بالريف بالمغرب من أجدير إلى تماسينت
-
المحاكمات الصورية من طبيعة النظام المخزني
-
تحالف قوى الطبقات الشعبية بالعراق بقيادة الإشتراكيين و الديم
...
-
الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر
-
الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي م
...
-
إطلاف حملة التضامن مع المختطفين المعتقلين بالحسيمة / الريف ب
...
-
الحركة الإجتماعية بالبوادي و الأحياء الشعبية و تطور التكوينا
...
-
نضالات الطبقة العاملة و اليسار الجذري الواقع ، الإستراتيجية
...
-
حركة التحرر الوطني و تطور التكوينات الاجتماعية
-
المعيقات الأساسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان و دور المجتمع المد
...
-
اللجنة الوطنية لدعم عمال منجم إيميني
-
الحزب السياسي الثوري و تطور التكوينات الاجتماعية
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|