أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قرافلي - من يحاكم من : السياسي أم الفلسفي!














المزيد.....

من يحاكم من : السياسي أم الفلسفي!


محمد قرافلي

الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 16:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من يحاكم من : السياسي أم الفلسفي !

يؤشر السياسي في علاقته بالفلسفي على تاريخ مرير وملغوم . توجس الفلسفي من السياسي المتربص به مثل ظله جعل الفلسفي يترنح في شباك السياسي ويسقط في متاهته.
ابتلع الفلسفي طعم السياسي الى حد الانحلال والحلول فيه . بدل أن يحاكم الفلسفي السياسي أضحى السياسي القاضي والفلسفي الضحية المتهم . لم يقف الأمر عند مرافعة الفلسفي عن العار الذي لحقه من لعنة السياسي وفي محكمة السياسي بل سينصب الفلسفي من نفسه المشرع للسياسي والحامي لعرشه .
تلك كانت البداية كما دشنتها الذاكرة اليونانية مع المحاكمة السقراطية التي تفننت العبقرية الافلاطونية في رسم معالمها الملحمية الأشد إثارة لحكاية الفلسفي والسياسي .
قد تكون تلك البداية بمثابة إعلان عن النهاية المأساوية للفلسفي والسياسي وإيذانا بشريعة العنف والقتل في نفس الآن...!
لعل ما تلى ذلك من قرون لم يكن ذَا أهمية تذكر اللهم إلا مشاهد من فصول تلك المسرحية. تتعدد فيها الأدوار، يتبادل خلالها الفلسفي والسياسي المواقع . احيانا كي تتحرك تلك المحكمة وتحرك دواليب اجهزتها وتحشد عتادها، من دعاوى ومتكآت حجاجية ، تستنفر همم الفلسفي لكي يطلق العنان لمخيلته قصد السبح في عالم الميتافيزيقيات والمجردات ويصطاد ماندر من المعزوفات والمرويات والكائنات المفاهيمية ومن الشخصيات المفهومية ...لتزيين ممالك السياسي وترصيع أركان تلك المحكمة حتى لايصيبها الاهتراء والتآكل .
في رحاب مملكة السياسي وعبر ردهات محاكمه تفنن الفلسفي في تقمص مختلف الأدوار طوعا او كرها :
يجوب الأزقة طولا وعرضا حافي القدمين!
يشيد الأنساق ليقيم في الكهوف ليلا ويعرج نهارا الى عالم المثل!
دون الدساتير وكان المعلم الأول والأخير!
تلبس عباءة الأحمق وسار بمصباحه في واضحة النهار !
عوى وتبرز وتنجس مثلما تفعل الكلاب !
استلذ عبوديته مشبعا نزوية سيده حد الغثيان!
تزلف تقربن تربب تألهن ، انمحاء تحللا طمعا في الفناء !
من سحر رموزه بعدما تمنطق وتمنهج انبرت الكائنات والكون في النسيان!
مرتهن لطبيعته الطابعة والمطبوعة!
كلما لاحت أطياف كينونته المنسية تمرد معلنا العصيان!
حامل ومحمول محكمته، المتهم البرئ في مملكة عقله!
كلما تذكر كيف قتل والده ، ليضاجع أمه!
تعتريه أقيسة المرارة تتآكله ديدان القلق والندم!
يلملم جراحه ، ينكمش يتشقى في وعيه، يتشظى!
احيانا تلمع في سريرة الفلسفي آثار من بقايا تلك الكينونة المنسية يصرخ ، يلعن يبكي حاله السيزيفي يتمرد ، يتقمص قناعه الإنكيدي ، يسبح في شبقه الفاوستي ، ينتظر خلاصه ، يصرخ في الفراغ ملء الصدى، ينبعث يتردد الصدى، يعرج ، يصعد ، ينزل يتلوى يبدل جلده ... لكن هيهات بين حال وجوده وبين تلك الكينونة المنسية لاحبل يتدلى ولا خلاص سوى الفراغ ملء العدم !
قصة بداية تلك الكينونة المنسية قد تلبست بالكون والكائنات مولدة عبر تدفقها أشكالا من النسيان ، مما دفع بالفلسفي الى ان ينبري عبر مسيرته إلى البحت عن تلك الكينونة المنسية منقبا في مختلف الركامات عن ذلك الأصل الذي لا أصل قبله وبعده ، عن تلك البراءة الأولى ...!
توغلت جرثومة المحاكمة في أعماق الفلسفي أضحى ديدنه محاكمة الحس والحياة ، محاكمة الكون والكائنات ، محاكمة المرئي واللامرئي،محاكمة للذات والآخر، محاكمة للتاريخ والزمن ، محاكمة للحضارة ...صارت المحاكمة روح عصر برمته.
بالمقابل انبرى السياسي في لعبة المقامر وفي قلب الأدوار يعيد رسم الحدود يهدم الممالك ،يسم الأجساد وينمط السلوك ، يقولب الفكر ويخترق الكون والكائنات . حيث ستجذب لعبة القمار وجوها أخرى ستنبري بدورها إلى خدمة السياسي . لم تعد اللعبة كما حصل في البدء في ردهات المحاكم بل تحولت إلى روح تسري في مختلف الصالونات ، في مختلف المؤسسات ...بل هواء وماء، بردا ونارا، ربيعا وخريفا... الكل يحاكم الكل...!
من يحاكم من ؟ الفلسفي أم السياسي؟
باسم ماذا تتم تلك المحاكمة ؟ ولأجل ماذا؟
سواء تمت المحاكمة أو كانت مجرد متن حكائي على شاكلة إنكيدو .. تمت المحاكمة تطهرا ، باسم الحقيقة،أو باسم الخير العام ، او طلبا للخلاص الأبدي باسم الإله او تمردا عليه ، باسم الحضارة أو ضدها ، باسم الوطن او لأجل الثورة ....فإنها شكلت انعطافة وضرورة لتأسيس السياسي من خلال ترسيخ جرثومة المحاكمة وتأبيد شريعة القتل .
مادامت البشرية في حاجة لمثل تلك الحماقات لكي تستمر الحياة !


محمد قرافلي



#محمد_قرافلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغط السياسي وخراب العالم
- متى نحتفل بالمرأة ...!
- الفلسفة بوصفها تمرينات روحية وطبابة عند الفيلسوف بيير هادو
- حي بن يقظان وسؤال من يربي من ..!
- هل مات الإنسان؟ من حوارات المفكر الفرنسي ميشيل فوكو
- فن قيادة الذات عند الفيلسوف غارسيان بالتزار ، شذرات مثرجمة .
- -شارلي إيبدو- مسؤولية من...!؟
- جنون العصر
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمسين (تامل15) س- احلام ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمسين (تامل14) س- احلام ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 13) س- احلام ا ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 12-) ش- أطباء ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 11) ع- أطباء ا ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 10)ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 9) ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 9) ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 8) ق- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 7) ه- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 6) د- أطباء ال ...
- في الحاجة الى الاخر 3-3 ج- في البدء كانت العلاقة


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قرافلي - من يحاكم من : السياسي أم الفلسفي!