أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين














المزيد.....

حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 14:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


=================

سمعتُ أبي يختمُ صلاتَه بقوله: “ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتَك التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديّ وأنْ أعملَ صالحًا ترضاه، وأدخلْني برحمتِك في عبادِك الصالحين.”
فاندهشتُ وسألتُه: “يا أبي، لماذا تتواضع في دعائكَ ربّكَ وهو الكريم ذو الفضل؟! أنت رجلٌ صالحٌ بالفعل. فكيف تدعوه أن يُدخلكَ في زُمرة الصالحين وأنت منهم؛ بينما بوسعكَ أن تدعوه أن يُدخلك الجنّة مباشرة؟ أليس الطمعُ في كرم الكريم مُباحًا؟ هل تدعوه بما في يدك، وتستحي أن تدعوه بما هو المُنتهَى حيث الفردوس الأعظم؟"
ابتسم أبي فأشرقت وسامتُه، وقال: “ومَن قال إن مرتبة الصالحين ليست هي المُنتهَى الأعظم؟! مرتبةُ الصالحين هي حُلمُ الأبرار والأتقياء، بل هي حُلمُ الأنبياء والرسل. هل تدرين مَن قائلُ ذاك الدعاء الذي ختمتُ به صلاتي؟ إنه لنبيّ الله سليمان؛ قاله ضاحكًا حين سمع النملة تُحذّر رفيقاتها ليدخلن مساكنَهن لئلا يدهسهن موكبُ الملك سليمان. “حتى إذا أتوا على وادِ النملِ قالت نملةٌ يا أيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يحطمنّكم سليمانُ وجنودُه وهم لا يشعرون. فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتَكَ التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديَّ وأن أعملَ صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتِكَ في عبادك الصالحين.” (النمل 18-19). هتفتُ متعجّبةً: “نبيٌّ مُرسَل يرجو ربّه أن يجعله عبدًا صالحًا؟" فقال أبي: “وبرحمة الله، لا بعدله.” كأنما يخافُ النبيُّ ألا يستحق تلك المرتبة العليا بعدل الله، فطلبها برحمته.
ثم أردف أبي: “وليس النبيُّ سليمان وحسب من تمنّى هذا على الله، بل كذلك نبيُّ الله يوسف. حيث يقول القرآنُ على لسانه عليه السلام: “ربِّ قد آتيتني من الُملك وعلّمتني من تأويلِ الأحاديث فاطِرَ السمواتِ والأرض أنتَ وليِّي في الدنيا والآخرة توفَّني مسلمًا وألحقني بالصالحين” (يوسف 101). كذلك أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كان يدعو ربَّه أن يجعل ذريّته من الصالحين، كما في قوله: “ربِّ هَبْ لي من الصالحين، فبشّرناه بغلامٍ حليم،....، وبشّرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين.” (الصافّات 100-101- 112). وفي موضع آخر: “"ووهبنا له إسحاقَ ويعقوبَ وجعلنا في ذريّته النبوةَ والكتابَ وآتيناه أجرَه في الدنيا وإنه في الآخرةِ لمن الصالحين.” (العنكبوت 27). وفي موضع آخر: ”ووهبنا له إسحاقَ ويعقوبَ كلاًّ هدينا ونوحًا هدينا من قبلُ ومن ذُريّته داودَ وسليمانَ وأيوبَ ويوسفَ وموسى وهارونَ وكذلك نَجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياسَ كلٌّ من الصالحين.” (الأنعام 84). ثم يصفُ اللهُ نبيَّه إبراهيم بقوله: "ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.” (البقرة 130).
التفتَ لي أبي سألني: “ما سرُّ سؤالك اليوم عن الصالحين يا حبيبتي؟ لابد أن في الأمر خطبًا عظيمًا”. فقلتُ: "نعم يا أبي. ذكرتُ سيدنا إبراهيم في تغريدة على صفحتي بأنه (رجل صالح)، فقال نفرٌ إنني أهنتُ أبا الأنبياء ونزعتُ عنه نبوتَه! ورفع أحدُهم ضدي دعوى ازدراء إسلام!” ابتسم أبي في مرارة وقال: “إنما نعتِّه يا ابنتي بما كان يتمنّى أن يناله ويُنعَتَ به.” فقد دعا الخليلُ ربّه قائلا: "ربِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين" (الشعراء 83). كذلك فعل سيدنا محمد عليه الصلاةُ والسلام في دعائه لنفسه: "اللهمَّ توفَّنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا ولا مفتونين”. لو أتعب مَن قاضاكِ نفسَه قليلا وبحث في الطبري أو في كتاب الله، لعرف أن القرآن الكريم، وحتى الأسفار القديمة منذ التلمود، قد نعتت الأنبياءَ جميعَهم بالرجل الصالح. وأنّ مقام الصالحين من المقامات الرفيعة العليا، الّتي اجتهد الأنبياءُ والأولياء والرسلُ في طلبها والوصول إليها. مَن قاضاكِ يا حبيبتي، شأنه شأنَ كلّ من يجعلون من أنفسهم خلفاءَ الله على الأرض، غير مشغولين بالتعلّم والبحث. فلا تحزني، ألا إنّ نصرَ الله قريب. رحمكَ اللهُ يا أبي، وألحقكَ بالصالحين.

-



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوف يكبرون ويحبّون العالم
- بيان من فاطمة ناعوت بخصوص مؤتمر واشنطن | لماذا يهاجمني بعض أ ...
- الحرفُ يقتل!
- المعادلة المستحيلة ... لا تطفئوا مِشعلها!
- كيف تصير مشهورًا دون تعب؟
- حُرّاس لغتنا الجميلة، وقاتِلوها
- يا ماعت: اخلعي حذاءك في المطار
- صاحبة السعادة تهدينا مذاقاتِ طفولتنا
- سبعُ قبّعات فوق رأسك
- مشروع قومي: ضدّ الطائفية
- حرية التعبير يا حمادااااا
- اخرج م الطابور يا خروف!
- يا ريتها كانت بركت وفطّست العجينة
- ولاد الناس …. وولاد اللامؤاخده
- حموكشة الربعاوي
- على مقام الهُزام
- من ثنيّات الوداع
- الجمال المستحيل
- العلاقمة... قرية مصرية جميلة
- القديسةٌ أم الأمُّ؟


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين