|
كوردستان .. بين العناوين
صبحي خدر حجو
الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 07:14
المحور:
حقوق الانسان
تتناول الصحافة ووسائل الاعلام ( الالكترونية ) خاصة ، هذه الايام ، خبران عن كوردستان ، احدهما ، مفرح جدا للشعب الكوردي واصدقائه في العراق والعالم ، الا وهو، الجهود الكثيفة التي تبذلها القيادات الكوردستانية لجمع ولم شمل العراقيين وتحقيق وحدتهم ، بعد الهزة والاعتراضات التي ولدتّها الانتخابات التشريعية الاخيرة . وما تولد عن ذلك من قناعة لدى العراقيين والعرب والعالم ، من خطأ الاعتقادات السابقة القائلة برغبة الكورد الملحّة للانفصال . حيث اصبحوا هم اكثر ( وحدويين ) من العرب بشقيهم السني والشيعي ! . اما الخبر الاخر ، فهو مؤسف كثيراً ، وبالتاكيد لم يسر الشعب الكوردي واصدقائه في شتى انحاء العالم ، والذي تمثل في اصدار الحكم من احدى محاكم كوردستان ، على الكاتب كمال سيد قادر بالسجن لمدة ( 30 ) عاما بالتمام والكمال ! طبعا لم تظهر تفاصيل المحاكمة ومدى عدالتها ، وفيما اذا توفرت للسيد كمال فرصة الدفاع ، سواء بنفسه او بواسطة محامين موكلين عنه ؟ الشيئ الوحيد الذي تسرب عن الموضوع ، انه قد وجهت للـ " المتهم " تهمة توجيه انتقادات لبعض الظواهر السلبية في كوردستان ، و ( القذف ) بحق بعض الشخصيات القيادية والمسؤولة في الاقليم . بأعتقادي في حالة اي تقييم منصف لهذه القضية الهامة والخطيرة لابد ان يأخذ المرء بالاعتبار مصلحة الشعب الكوردستاني بنظرالاعتبار، خاصة ممن هم على اطلاع ومعرفة واسعتين بالوضع الكوردستاني ، او الذين ساهموا باي شكل من الاشكال في النضال التحرري الديمقراطي الكوردستاني وقدموا تضحيات في هذا السبيل ، او ممن يتعاطفون مع قضيته المشروعة ونضاله العتيد . سيخلصون الى النتائج التالية : انه ما كان يجب على المسؤولين عن هذه القضية ان يضعوا انفسهم والسلطات الكوردستانية والقيادة في مثل هكذا وضع لا يحسدون عليه ، وللاسباب التالية 1ـ ربما قد تشكل هذه الحادثة مؤشرا هاما ، و ( ناقوسا ) وخشية حقيقية لدى الكثير من المتابعين للشان الكوردستاني سواء في كوردستان اوخارجها من الاكراد او اصدقائهم والمتعاطفين معهم ، وخاصة من المثقفين والكتاب والاكاديميين ، على ان هذه الحالة يمكن ان تتكرر في البداية ثم تأخذ مديات واسعة على حساب الاراء الحرة ، وخاصة تلك التي لا تنسجم مع اطروحات القوى المتحكمة بالسلطة ، بحيث تصل الى حدود خطيرة تضر ضررا بليغا بالوضع الذي يوصف على الدوام بالديمقراطي والتجربة الناجحة !! 2 ـ ان ما يثير الاسى والشجن على كامل التجربة ( التحررية و الديمقراطية) ، ان الاخوة المسؤولين في اعلى المراكز كانوا ثوارا محترفين وذاقوا عقودا من الزمن طعم الاضطهاد باقسى اشكاله ، وعاشواعيش البسطاء بين الثوار والفلاحين وفقراء وكادحي شعبهم ، وقدموا تضحيات لا حدود لها ، وكانوا معرضين على الدوام للاستشهاد في معارك التحرر، والاهم من ذلك انهم كانوا مضطهدين في افكارهم واطروحاتهم وبرامجهم من قبل الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة . ولابد ان يتخيل المرء انه يفترض في هؤلاء الاخوة الحرص اكثر من غيرهم على حرية الرأي والدفاع المستميت عن الرأي الاخر ، لانهم قد عانوا عقودا من اضطهاد الرأي ، وليس بالامكان التخليل انهم وبسبب وجودهم في دفة السلطة قد تناسوا بهذه الفترة القصيرة هذه الامور الجوهرية والمتعلقة بحياة المناضلين والشعوب واهمية الحفاظ على كل ما من شأنه ان يحمي حرية الفكر والرأي 3 ـ ان القوىالكوردستانية المتنفذه واحزابها والقوى السياسيةالاخرى بشكل عام ، محسوبة على القوى العلمانية والديمقراطية والليبرالية ليس الكوردستانية فحسب وانما العراقية ، وحقيقة ان امل كل العراقيين الذين لا يرغبون بقيام حكم اسلامي ديني في العراق هو منصب على القوى السياسية الكوردستانية ، وعلى سلامة ومتانة الوضع الكوردستاني ، ويعتبرون ان كوردستان هي درع وصمام امان لكل القوى العلمانية والديمقراطية والليريالية العراقية . وبطبيعة الحال حدوث وتكرار حالة الكاتب كمال سيد قادر سيؤثر ويسيئ الى هذه النظرة وهذا الامل ويحدث شرخا كبيرا فيهما . 4 ـ ان قوى شعبنا الكوردستاني بشكل خاص والعراقي بشكل عام ، وكل المناضلين الذين ساهموا في سوح النضال المتنوع ، كانوا وما زالوا يتطلعون الى ان يتحقق املهم وشعارهم العتيد في انتصار الديمقراطية وتحقيق العدالة حتى بالنسبة للاعداء الذين اساءوا والحقوا اضرارا فادحة لابل اقترفوا جرائم بشعة بحق شعبنا ، وان تسود قيم القانون الانساني العادل والمنصف بحق الجميع ، فكيف بالذين يحرصون على مصالح الشعب كل بطريقته وتفكيره وقناعاته الخاصة ؟ . وكان جميع اصدقاء شعبنا يتوقعون على الدوام ان تكون عدالة السلطة الكوردستانية مثالية ، او على الاقل تعطي مثالا متميزا لما حولها من البلدان ، خاصة عندما تم اعفاء كل الاكراد الذين ساهموا باي شكل من الاشكال في الاضرار بالشعب الكوردي من منطلق (عفى الله عما سلف ).فكيف لا تكون متساهلة ومسامحة مع من لم يستخدم سوى القلم والفكرة ؟!. 5 ـ اعتقد لا بل اجزم ان المسؤولين عن ملف السيد كمال سيد قادر كان بامكانهم وكان حري بهم ان يلجأوا الى الرد على اطروحات وافكار السيد كمال بمختلف وسائل الاعلام ، وهو متعدد وفي متناول ايديهم من فضائيات وصحف ومجلات ، وكان بامكانهم ان يفحموه كما يقول المثل ، لو كانت مواقفهم وحججهم قوية ويفضحوه بين جماهير كوردستان على سبيل المثال . او اللجوء للقضاء العادل ووفق ما هو معمول بقانون النشر ، وبدون طبعا التأثير على سير العدالة . واعتقد ان السلطة الكوردستانية لن تستطيع بسهولة ان تقنع الجمهور بقوة موقفها اذا لم يكن العكس طبعا، خاصة ازاء الحكم المتشدد جدا مع هذه القضية والذي فاجأ الجميع واذهلهم . وتحسب هذه القضية نقطة ضعف كبيرة على السلطة الكوردستانية ، على انها استخدمت كل جبروتها من اجل سحق فرد واحد لا اكثر ، وانها تخاف الافكار والمحاورة الحرة ، وتعتمد القوة المفرطة وبدون مبرر . 6 ـ واذا كانت اطروحات السيد كمال كما قيل قد تناولت بعض الظواهر والممارسات السلبية في كوردستان ، وحكم بسببها ، فأن قرار الحكم هذا لم ولن ينفي واقع وجود هذه السلبيات ، او يستطيع ان يغطيها . خاصة ان الكثيرين من الكتاب والمثقفين والاكاديميين المخلصين والحريصين على مصلحة الشعب الكوردستاني و على سمعة القيادة الكوردستانية ، اضافة الى الكثير من النخب المثقفة والحزبية والشخصيات الاجتماعية والمنظمات المدنية قد رفعوا اصواتهم محذرين من تلك الظواهر والسلبيات التي اصبحت تتنامى وتتضخم ، وتكاد ان تعصف بالتجربة الكوردستانية وبمكتسبات الشعب الذي ضحى بالغالي والنفيس من اجلها . ويمكن ان يستشف المرء مدى الخشية من التعرض لهذه السلبيات بصورة مباشرة من الاخوة الكتاب والصحفيين والاعلاميين ، عندما يلاحظ انهم يكتبون مقدمة تشبه النثر العربي القديم( السجع) في المدح والاطناب للسادة القادة والمسؤولين ، من اجل امرار بعض التصورات عن السلبيات والظواهر التي لا تخدم الوضع الكوردستاني ، مما يتعلق بالفساد والثراء الفاحش والروابط الاقتصادية والمصلحية غير المشروعة بين المسؤولين الحزبيين والامنيين والاداريين من جهة وبين التجار والمقاولين والسمسارين من جهة اخرى و...الخ . وبالطبع يعطي هذا تصورا عن مدى تحسس الاجهزة الكوردستانية من النقد او التعرض للوضع بشكل يخالف توجهاتها . ولابد من التنويه ولو على عجل الى ضرورة ادراك المخاطر المستقبلية المترتبة على الدور الذي يمكن ان تقوم به الفئات الطفيلية ( القطط السمان ) الناشئة حديثا والتي تتنامى وتتضخم بسرعة هائلة وتحاول ان تفرض افكارها وتصوراتها على الوضع الكوردستاني ، وان تضيّق تدريجيا على الهامش الديمقراطي المتوفر ، مستفيدة من علاقاتها المتشابكة مع مسؤولين ومؤسسات الاقليم ، وهي تشكل باعتقادي خطرا مباشرا على مصالح الجماهيرالكوردستانية اذا لم يوضع لها حد وضوابط . 7 ـ كان على القيادات الكوردستانية ان تعلم وتأخذ بالاعتبار ان الموقف من الكتاب والمثقفين والاكاديميين والصحفيين والاعلاميين ، ايجابا او سلبا ، اصبح يشكّل منذ زمن غير قصير ، مقياسا عالميا هاما وتيرمومترا لمدى جدية هذه السلطة او تلك من الديمقراطية وقبول الرأي الاخر ، واحترام السلطة القضائية وعدم التدخل في شأنها او فرض ما تعتقده عليها ، وليس ابدا من صالح السلطات الكوردستانية واحزابها ايضا ( ولا نتمناها نحن ايضا ) وفي اي وقت من الاوقات ان توضع عليها اشارات سلبية في هذا الاتجاه من الاحرار و قوى الحرية في العالم .
اعتقد ، ومما تقدم ، ان مصلحة الشعب الكوردستاني والحرص على توفير عوامل نجاح التجربة الكوردستانية وتجنب ما لا يخدمها او يعرقلها ويصيبها بالاذى ، والحرص على سمعة الوضع الكوردستاني ، وبقاء وتعزيز التقييم الايجابي المحلي والدولي الذي ما زال يقيم به ، القوى والاحزاب والقيادات التي كانت بالامس ثائرة واليوم هي في دست السلطة ، العمل على معالجة هذا الموضوع الحساس ، والحرص على تلافي تأثيره السلبي في الوسط الشعبي وبين المثقفين ، ولن يكون ذلك الاّ بالغاء الحكم بحق كمال السيد قادر ، والحرص على ان تكون هذه القضية الاخيرة في هذا المجال . ولسنا بحاجة للتأكيد ان هذه هي رغبة الاغلبية اذا لم اقل جميع المخلصين والحريصين والمناضلين السابقين وانا واحدا منهم لمصلحة الشعب الكوردستاني اولا واخيرا .
#صبحي_خدر_حجو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة .. لرسم نهج سليم للتعامل مع المكونات الكوردستانية
-
وقع المحظور .. يا غلابة
-
تحية وتهنئة ، من بيشمه ركة ، الى بيشمه ركة
-
راتب .. وموقـــف ذو مغـــــزى
-
هـــلاّ، فرقتّم يا قوم ،بين الاسود والابيض ؟
-
عندما يتحول الشك الى يقيـــن
-
صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق
-
هــل هــــــو ارهـــــاب ام - مقاومـــــة - ، ايها الرفاق ال
...
-
الشرع والارهاب .. في مسألة الحجاب
-
شكراً ... سيادة الرئيس
-
تهنئة مخضبة بالدموع ، الى المقبرة الجماعية رقم .......
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه
...
-
رايتس ووتش: تواطؤ أميركي بجريمة حرب إسرائيلية في لبنان
-
الشتاء يهدد خيام النازحين في غزة بالغرق بمياه الصرف الصحي
-
اعتقالات واسعة بالضفة وكتيبة طولكرم تهاجم تجمعات لقوات الاحت
...
-
المحكمة الدولية: على الدول التعاون بشأن مذكرتي اعتقال نتنياه
...
-
الأمم المتحدة: نصف عناصر الجماعات المسلحة في هايتي أطفال
-
اليونيسف: نسبة غير مسبوقة... نحو نصف أعضاء الجماعات المسلحة
...
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وتزامناً مع انطلاق
...
-
آليات الاحتلال تطلق النار العشوائي على خيام النازحين في مواص
...
-
الأونروا: نصف مليون شخص في غزة معرضون لخطر الفيضانات
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|