شمخي جبر
الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 22:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد انطلاق عمليات تحرير الموصل واقتراب تحريرها بسواعد أبناء العراق الغيارى ،تبرز على السطح آثار الاحتلال الداعشي وماقام به من عمليات قتل وتخريب وتدمير للبناء والانسان .
واذا كانت عملية اعادة البناء المادي تحتاج الكثير من الموارد المالية في ظرف اقتصادي يعج بالتحديات، فان المناطق المحررة تحتاج ان تكون لها الاولوية في العمران واعادة البناء.
نقول رغم ان البناء المادي له صعوباته وتحدياته ، الا أن بناء الانسان واعادة تأهيل الخراب الثقافي والتربوي الذي تعرض له ابناء المناطق المحررة على ايدي المحتلين الاوباش يحتاج جهدا استثنائيا على المستوى الثقافي والتربوي .
ومن هنا تظهر استحقاقات مرحلة ما بعد التحرير لجميع المناطق المحررة، ولعل الموصل تقع في مقدمة تحديات مابعد التحرير ، لأنها تشكل عراقا مصغرا في تنوعها الديني والطائفي والعرقي .
وقد تعرض هذا التنوع الى تشويه وفقدان الثقة بين أبناء المحافظة بسبب ما زرعه المحتلون من ثقافة نابذة للآخر ومعادية له بل قاتلة لكل من يخالفها هذا الأرث من العداء والاحقاد والضغائن يحتاج الكثير من الجهود لتضميد الجراح ، ليس جراح الاجساد، بل جراح الارواح والقلوب والعقول، فضلا عن الذاكرة التي زرعت فيها حوادث الايام الماضية الكثير من الآلام .
كل هذا يحتاج مكاشفة ، وفتح الجراح للقيام بعمليات الثأر والانتقام بين الضحية والجاني ، والتي قد تتطور نحو العمل بالشبهات .
يجب مواجهة آلام الماضي بالاصلاح والمصالحة وتضميد الجراح وجبر ضرر المتضررين، وحل الكثير من النزاعات التي حدثت في الماضي والتي من المتوقع ان تحدث بشأن الملكيات . فمن أجل بناء السلام لابد من اجراء عمليات اعتراف متبادل بين المكونات الدينية والطائفية والعرقية من اجل التأسيس لبيئة من السلام والتعايش.والاعتراف بالتنوع والحق بالاختلاف .
من هناك علينا الانطلاق في برنامج ثقافي اعلامي وربما سلسلة من الحوارات السياسية ، من اجل تأكيد ثقافة التسامح ونبذ ثقافة الثأر والانتقام المتجذرة في الثقافة العراقية بشكل كبير .ربما يشمل هذا البرنامج المتضررين من «داعش» لايصالهم الى قناعة ان من هجرهم وصادر او استولى على اموالهم وبيوتهم واراضيهم ليس اهل الموصل، بل هناك فكر وافد وثقافة غريبة على المجتمع الموصلي الذي عاش التنوع والتعدد منذ عشرات السنين .
بناء السلام في الموصل وفي المناطق المحررة الاخرى لا يمكن ان يقوم به جهد حكومي لوحده ، بل يستلزم جهدا من المجتمع المحلي كمنظمات المجتمع المدني والعشائر ورجال الدين ووسائل الاعلام ، وجميع مؤسسات الضبط الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في تشكل الوعي والرأي العام.
#شمخي_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟