أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2















المزيد.....

المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 14:30
المحور: المجتمع المدني
    


المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2


ولدت البرجوازية العربية من رحم هذه العوامل وقادت فعلا إلى إيجاد هيمنة أقتصادية وأجتماعية جديدة منافسة وموازية للهيمنة الإقطاعية والقبلية، وخاضت صراعا خفيا مرة وعلني وحاد في مرات أخر، على ضوء هذا الصراع ظهرت طبقة المفكرين والمثقفين والكتاب وذوي مفاهيم نخبوية من كلا الطبقتين ليدافع عن وجودهما، هذا التحول الفكري والثقافي مع تمظهر البرجوازية كقائد لمرحلة التطور الأقتصادي والصناعي، وتفاقم ظاهرة العمل الصناعي والتجاري الحر وظهور ملحوظ للطبقة العاملة ونشوء المجتمعات الديموغرافية الجديدة المرتبطة بالعمل والتصنيع، كانت هذه مؤشرا حقيقية لظهور المدنية كفكر فاعل في الوسط الأجتماعي العربي، مع تزايد فرص التعليم والتربية وأنتشار العمل التنظيمي يمنيا ويساريا مع تراجع حقيقي لهيمنة الإقطاع والقبلي، وكان يتخيل للقارئ الأجتماعي أن الدول والمجتمعات العربية ستكون مجتمعات مدنية حقيقية في ظل هذه الظاهرة الملفتة للنظر.
في ظل هذا التطور المتلاحق كان المجتمع المدني النامي في واقعنا العربي يشكل العمود الفقري الذي أنتج سلطة جديدة لإدارة الدولة الوطنية الحديثة والمستقلة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، في خمسينيات وستينيات القن الماضي، وقد أستلمت الكثير من القوى التي تحسب على اليسار المدني وعلى اليسار المحافظ وحتى على الوسطية السياسية مقاليد الحكم والسلطة السياسية والأجتماعية، وبدلا من المفترض المنطقي والعقلاني أن تتحول السلطة الجديدة إلى داعم حقيقي لمدنية المجتمع وتشجيع الفكر الليبرالي انشغلت هذه القوى في صراعات بينية وعمدت على تهميش منظمات المجتمع المدني بقوة وإنفردت ديكتاتورية الحزب في إدارة صراعات أضعفتها وأضعفت التوجه المدني مما منح للقوى الرجعية والسلفية الفكرية بشقيها الديني والأجتماعي أن تستغل هذا الصراع لإعادة تموضعها مجددا في الواقع الأجتماعي العربي.
بعد نكسة حزيران عام 67 وما رافها من تداعيات وتحديات إنكشفت هشاشة وضعف منظمات المجتمع المدني وعدم قدرتها على المواجهة مع الهيمنة التقليدية التي كانت سائدة قبل عمليات التحول، والسبب في ذلك يعود إلى طبيعة النظم الأجتماعية الحاكمة سواء اليسارية منها أو التي بقيت متحالفة مع الأستعمار الغربي ومه أوجه الهيمنة الإقطاعية والقبلية العشائرية، وعدم تبني خيارات الديمقراطية التي تشكل القاعدة الأهم في بناء المنظومة المدنية وتطورها، كذلك محاربة الطبقة البرجوازية الوطنية والتضييق عليها من قبل السلطة الديكتاتورية بحجة أنها أفراز لمرحلة الأستعمار وعدم تلائمها مع النهج الاشتراكي الذي تبنته بعض النظم السياسية العربية.
كان من جراء ذلك أن أعيدت الهيمنة العشائرية والدينية وعاد الإقطاع مجددا تحت عناوين أخرى ليفرض واقعا معاكسا لما جرى عليه نمط التحول في فترة أواسط القرن الماضي، حتى أعلن رسميا عن أجراءات باسم الديمقراطية التمثيلية لتعط لبعض النظم الحاكمة نوع من المشروعية الجماهيرية أستغلت فيها قضية الفئوية والقبلية في إفراز مشوه ضخم من دفق التدخل العشوائي بين مفهوم الديمقراطية وبين مفاهيم رجعية تعتمد الحس الجزئي في خلطة غير موفقة بين المتناقضات الأجتماعية، لنجد نفسنا في بدايات القرن الحادي والعشرين أمام عودة حقيقية وقوية لهيمنة قبلية دينية طائفية فئوية أعتمدت الخطاب الرجعي ومارست الهيمنة السياسية والأقتصادية على المجتمع، وأستبدلت فيها مرحلة التصنيع وبناء القاعدة الأقتصادية السليمة بظاهرة السوق المفتوح بلا ضوابط نتيجة الوفرة المالية التي أفرزتها مرحلة منتصف السبعينات وصولا إلى أوائل الألفية الثالثة.
الذي ينظر اليوم إلى مؤشر التطور الحضاري المدني في المجتمعات العربية يشاهد الإنتكاسة الرهيبة التي تظهرها شكلية العلاقة الأجتماعية والسياسية والأقتصادية للواقع العربي، مع كل التطورات العالمية وتغير المناخ الدولي وظهور مفاهيم العولمة وتحديات عالم ما بعد الحداثة نجد أن المجتمع العربي تتبلور فيه هيمنة طائفية قبلية رجعية تحارب كل المظاهر المدنية والديمقراطية في حالة شبيه بما مثله أنطونيو غرامشي عندما سئل عن سر التغيير البلشفي وأثره في واقع روسيا القيصرية رغم خصوصيتها الاقتصادية والاجتماعية المتميزة عن أوروبا ؟ أوضح غرامشي أن سبب النجاح يعود إلى أن الدولة في روسيا كانت تمثل كل شيء مقابل هلامية وهشاشة وفقر المجتمع المدني، بينما نجد أن الدولة في الغرب تتميز بتلاحمها مع المجتمع المدنية، من هنا فإن الاستيلاء على السلطة في الغرب يقتضي تطوير استراتيجية جديدة مخالفة للاستراتيجية البلاشفة، إستراتيجية تقوم على استخدام الأيديولوجيا في سبيل الهيمنة، أي استخدام المثقفين لإنتاج رأس مال رمزي بواسطة النقابات والمدارس لتحقيق الهيمنة.
الفارق بين قول غرامشي ونجاه الطبقة العاملة في إحداث التغيير والواقع العربي الذي نجحت فيه الهيمنة الكلاسيكية على النفوذ بقوة للسلطة والأقتصاد، إن الدولة العربية الوطنية بما نشأت عليه خاصة بعد مرحلة الأستقلال لم تعتمد في بنائها على الأيديولوجية الفكرية الكلية ولم تتخذ برامج أقتصادية ناجحة ترسخ من ثوابت المجتمع المدني وتبلور دوره الضروري في بناء إدارة مجتمع، لقد كانت الدولة العربية الوطنية رغم ديكتاتوريتها وتسلطها كانت في الواقع العملي هشة ومتداعية وغير قادرة أصلا في واقع ديمقراطي حقيقي أن تصمد، لذا تكررت هزائمها السياسية والعسكرية والأقتصادية مع ضعف وإقصاء لفاعلية المجتمع المدني، وعجز النخبة من أنتاج رأسمال ثقافي وحضاري متجذر نتيجة صراعها مع السلطة من جهة وقسوة الحكومات في تعاملها مع هذه النخبة.
السؤال الآن ما هو المستقبل المتوقع للمدنية في واقع المجتمع العربي عامة والمجتمع العراقي خاصة؟ الجواب فيما يبدو وبعد أنتهاء عاصفة الربيع العربي وفشل المشروع السياسي الديني المدعوم علنا من الهيمنة القبلية والإقطاعية الطفيلية، سنشهد تحولات جذرية مهمة في البنية الأجتماعية والسياسية للواقع العربي، مع تنامي العداء الجماهيري لهذه الهيمنة والتي تمثلت بمظاهر غريبة على المجتمع منها الإلحاد المتفشي والهجرة إلى الخارج العربي وتنامي دور وسائل الأتصال والتواصل الأجتماعي، وإحساس واع بما يجري من صراع ديني _ ديني وأخر وطني_ وطني، وإعادة تأثير الغزو الثقافي والفكري وعجز مؤسسة السلطة في أقتراح أو تبني خيار إنقاذ وطني ينتشل المجتمع العربي من الفوضى الخلاقة، لنصبح أمام أستحقاقات تأريخية محورية أقل ما يقال عنها إنها إنقلاب حاد وقاسي ومؤثر على رمز الهيمنة والسلطة في المجتمع مع تداعيات سوف تثمر في النهاية بميلاد مجتمع يتبنى المدنية ويدافع عنها بقوة ديمقراطية حقيقية تحمل معها مشروع حل ناجز.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1
- التجربة البشرية ومهمة الدين.
- الطريق إلى الوعي الطريق إلى الديمقراطية والمدنية.
- وأنا المجنون زماني
- صراع الماضي على أطلال الحاضر(تركيا الحاضر والعصملية المتجذرة ...
- تأزيم المأزوم وسياسة تشتيت الوعي
- ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.
- وهم الظل المتعافي
- المشرع العراقي بين وهم ثوابت الإسلام ومبدأ الحرية الشخصية وح ...
- شبهة الردة وحكم النص القرآني في إبطالها
- جواد الشلال .... شاعر يركب صهوة الحب بهدوء
- القضية الأخلاقية في النظرية الفلسفية المثالية
- غدا........................
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح3
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح2
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح1
- النار تحرق وجه الارض
- رحلتي في المرافئ القديمة
- قراءة باردة على صفيح يغلي
- قتل الطفولة وتجريم المجتمع.


المزيد.....




- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2