أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (4)















المزيد.....


مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (4)


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 27 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد نجحت الخبرة والمخابرات المركزية الأمريكية في سياستها الذكية هذه، وتمكنت بواسطتها من تنمية وتثوير كل القيم التقليدية الدينية والمذهبية والطائفية في المجتمعات العربية والإسلامية، وتنمية جميع التناقضات الاجتماعية معها داخل العراق أولاً، وفي عموم المنطقة العربية والإسلامية ثانياً وبعض مناطق العالم الثالث الأخرى ثالثاً!
وبناءً على هذه السياسة الأمريكية الذكية، فقد نمت داخل تلك البيئات التقليدية المليئة بتشنجات الماضي، وبالخلافات الدينية والمذهبية والطائفية والقبائلية....إلخ نمت في هذه البيئات المنخلفة التنظيمات الإرهابية بشكل سرطاني، وفي كل مكان من الوطن العربي والعالم والإسلامي، وحتى في بعض مناطق العالم الأخرى!!
أما في العراق فقد نمت تلك التنظيمات الإرهابية على حساب المقاومة الوطنية العراقية، حتى أكلتها عن آخرها ونثرت عظامها في الشوارع..وقد تحولت هذه المنظمات الإرهابية بالمال السعودي والخليجي وبالرجال السعوديين والمرتزقة المتأسلمين، من تنظيمات طائفية محلية هامشية، كأنصار الإسلام وأنصار السنة وجيش محمد والطريقة النقشبندية (وهاتان الأخيرتان منظمتان بعثيتان) ....الخ إلى دولة (أمر واقع) مفروض بقوة السلاح على أراضٍ واسعة مستقطعة من العراق وسورية!!
وقد أسِسَ الأمريكان بالمباشر أو بالإحياء أو بقنواتهم السرية الكثيرة، هذه التنظيمات الإرهابية كمشروع إستراتيجي، ليحقق لهم أهدافاً إستراتيجية متعددة على كافة الصعد والمستويات: الاجتماعية والسياسية والجغرافية والاقتصادية بالدرجة الأولى.. فجميع هئولاء الإرهابيين وحركاتهم الدموية المسلحة، عبارة عن مشروع استعمار واستثمار نجح لحد الآن تأدية وظائف متعددة لأصحابه الأمريكيين!!
وهو مشروع يبدأ بالتفتيت وينتهي بالتفكيك الكامل للدول والمجتمعات.. فيبدأ بالتفتيت الاجتماعي أولاً، الذي يؤدي بدوره إلى صراع اجتماعي طائفي سياسي مسلح، ثم يتطور لاحقاً إلى انعزال ثم انفصال سياسي.. وسيستتبعه حتماً تقسيم جغرافي على أرض الواقع، حتى وإن بقي شكل الدولة قائماً رسمياً!!
ومثل هذه التحولات النوعية الهيكلية في طبيعة الدولة والمجتمع المسلم، لا يمكن تحقيقها أو الوصول إليها إلا من خلال منظمات إرهابية، من هذا النوع الدموي المدمر !!
وبحسابات إستراتيجية معقدة، فإن هذا المشروع يؤدي لأصحابه الأمريكان خدمات ووظائف متنوعة، وذات طبيعة طويلة الأمد وربما دائمية.. منها:
o تعظيم الدور السياسي الأمريكي عالمياً وداخل البلدان المشمولة ببركات هذا المشروع الاستثماري الاستعماري الكبير!
o وتعظيم هذا الدور الأمريكي بين الشرائح الاجتماعية المتصارعة ذاتها، لأنها ستبقى بحاجة دائمة للأمريكان كحكم ومورد وحيد للسلاح الذي تحتاج هذه الشرائح .. باعتباره صديقاً بدلاً من صفته الحقيقية كعدو لجميع شرائح المتجمع!
o وأهمها فوائد مجزية من تجارة السلاح الذي تحتاجه هذه الشرائح الاجتماعية المتصارعة، مضافاً إليها حاجة هذه المنظمات الإرهابية والمليشيات المسلحة من السلاح، بالإضافة حاجة الجهات الحكومية التي تحارب على كل هذه الجبهات!
o ومنها تعطل العمل وتوقف دورة الإنتاج والدورة الاقتصادية بكاملها في البلاد المعنية، ولابد من تعويضه..وعندها ستكون الشركات الأمريكية حاضرة لتعويض كل ما تحتاجه تلك البلدان .. وبفوائد مضاعفة ومجزية لتلك الشركات!
وعادة أن الذي يلبي كل الطلبات التسليحية ويوفره لجميع تلك الجهات المتحاربة، هو مجمع صناعات السلاح الأمريكي (قاطرة) جميع قطاعات الاقتصاد الأمريكي الأخرى..وأما ما يسببه هذا السلاح الأمريكي من تدمير شامل تقريباً: للمدن والبلدات والطرق والبيوت والجسور والمدارس والجامعات والمعاهد والسدود والبنى التحتية بكاملها....إلخ فتعوضه أيضاً شركات أمريكية أخرى في قطاعات وتخصصات مختلفة، وأولها وفي طليعتها (قطاع شركات إعادة الاعمار) الأمريكية!!
وكل ما طال أمد هذا الصراع وازداد حجم الدمار، ازدادت معه فوائد شركات السلاح وشركات إعادة الاعمار والشركات الأمريكية في التخصصات المختلفة.. أي كامل مؤسسات الاقتصاد الأمريكي!!
وغالباً ما تعيد (أياد خفية) دورة الصراع والدمار من جديد أشد وأقوى، كلما هدأت حدته قليلاً.. فيدمر كل شيء من جديد ويعاد إعماره ثانية من جديد، ثم يدمر وتعيد الشركات الأمريكية إعماره من جديد، وهكذا في دورة لا تنتهي صفحاتها من الصراع والدمار وإعادة الإعمار للبلدان المنكوبة بهذا الصراع العبثي.. ترافقها دائماً دورة لا تنتهي أيضاً، من المنافع الاقتصادية لجميع قطاعات الاقتصاد الأمريكي العملاقة.. وبهذه الطريقة التدميرية تستمر عجلة الاقتصاد الأمريكي بالدوران، وتستمر معه رفاهية المجتمع الأمريكي وسعادته وغناه!!
فالاحتلال الأمريكي أو التدخل الأمريكي في بلد ما، هو مشروع استثماري اقتصادي سياسي مزدوج، تتضاعف فوائده للاقتصاد الأمريكي والسياسة والهيمنة الأمريكية في العالم، بتضاعف حدة الصراع وزيادة حجم الدمار في البلد أو المنطقة المعنية أو المحتلة.. ولا يمكن تعظيم فوائد هذا المشروع الاستثماري الأمريكي، إلا بزيادة عدد هذه المنظمات الإرهابية في العالم، وزيادة فاعليتها وقوتها وحجمها وتأثيرها، وبزيادة وحشيتها وحجم ونوع سلاحها الذي تتسلح به!!
قد يرى البعض في هذا القول مبالغة كبيرة، تقبع خلفها رؤى وتصورات وتحليلات إيديولوجية، أو أنها تنطلق من فرضيات "نظرية المؤامرة" .. لكن لنلاحظ جميعاً، أن الولايات المتحدة خلال القرن الواحد والعشرين، قد دخلت إلى أغلب يلدان العالم الثالث واحتلت المشرق العربي برمته تقريباً، من خلال ذريعة "مكافحة الإرهاب" الذي صنعته هي أو تسببت هي في صناعته.. فهي كلما أرادت أن تحتل أو تدخل بلداً ما أو أن مصلحتها تتطلب هذا، أرسلت إليه إرهابيين ـ بطرق استخبارية متنوعة ـ ثم تدخل هي في إثرهم بحجة (مكافحة إرهابهم)!!
لقد كان الإرهابيون وبمختلف أسمائهم ومسمياتهم وإيديولوجياتهم، ومنذ أفغانستان إلى اليوم يشكلون طلائع أو كتائب استطلاع متقدمة للجيوش الأمريكية.. يسبقونها بالدخول إلى البلد، ثم تأتي هي في إثرهم!!
***
لقد بدأ الإرهاب في العراق بدخول القوات الأمريكية إليه واحتلاله..ثم أخذ يتصاعد بالكم والنوع إلى أن احتل ثلث مساحة العراق، وأقام عليها داعش دولته المزعومة!!
وقد بدأت رؤى الخرافة أو (الخلافة الإسلامية) تراود الكثير من الإرهابيين.. وقد تحقق شبح تلك الخرافة بدءاً من ألزرقاوي (ودولته الإسلامية) في العراق، ثم دولة العراق والشام الإسلامية (داعش) وصولاً إلى (دولة خلافة البغدادي الإسلامية) الحالية، والتي تمتد اليوم على مساحة أراضٍ واسعة مقتطعة من العراق وسورية.. وفي الوقت نفسه أصبحت يدها التدميرية تصل إلى مصر وتونس وليبيا واليمن، وإلى كل مكان من الوطن العربي وأجزاء كثيرة من آسيا وأفريقيا..وداعــــــش كفكرة تكفيرية وهابية إرهابية في حالة صعود وتصاعد مستمر، وبدون حدود يمكن أن تقف عندها في النهاية!
وسرطان كالسرطان الداعشي هذا، لا يمكن وقفه أو التغلب عليه بما يسمى بــ "التحالف الدولي" أو بالإجراءات الحكومية العراقية الفوقية وحدها، ما لم تسنده وتشارك فيه بقوة وفعالية الجماهير الشعبية للمنطقة أو المناطق التي ابتليت به.. وإذا كان الحشد الشعبي يشكل أحد أجنحة المعركة مع الإرهاب في العراق، فإن أبناء المنطقة التي يتواجد فيها هذا الإرهاب الأعمى ويستوطنها، تشكل الجناح الأهم والأكثر ديمومة في مواجهته.. ومن دونهم لا يمكن حسم المعركة مع الإرهاب مطلقاً!!
وعلى الحكومة العراقية إذا أرادت أن تقضي على الإرهاب في العراق فعلاً، فعليها أولاً أن تعيد النظر في مواقفها من أبناء تلك المناطق، وسياستها وسلوكها وتصرفها نحوهم .
وعليها أن تتخلص سريعاً من وساوسها وتكتسب ثقة موطنيها هناك ثانياً، ثم عليها أن تعطيهم سلاحاً مناسبا لمعركة حقيقية مع إرهاب داعش، الذي أعجز دولاً وجيوشاً وتحالفات دولية عن مجاراته أو محاربته، ناهيك عن القضاء عليه عسكرياً.. وهذا السلاح يجب أن يتم على قدم المساواة كماً ونوعاً مع قوات الحشد الشعبي..كي يقوم الطرفان ومعهم قواتهم المسلحة بمعركة فاصلة مع داعش وحلفائها الداخليين والخارجيين، ولينهي وجودها تماماً في العراق وسورية والمنطقة بكاملها ..وإلى الأبد!!
وعلى الحكومة العراقية أيضاً، ومن باب المصلحة الوطنية العليا للبلاد، أن تردم الهوة وعدم الثقة المتبادل بينها وبين أبناء تلك المناطق العزيزة من العراق..وأن تعطيهم ـ مع الثقة المطلقة بهم ـ نوعية سلاح وإمكانات تناسب معركة مع قوة بحجم داعش، وأن تترك الحجج التي ترددها بهذا الشأن.. وخوفها ـ كما تدعي ـ من أن يقع هذا السلاح بيد داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى.. وعليها أن تتذكر دائماً ولا تنسى أبداً، بأن هناك ألوية وفرق وفيالق عراقية ـ ممن تثق بها الحكومة ثقة عمياء ـ قد هربت وخانت وتركت سلاحها، الذي يشكل نصف سلاح الجيش العراقي ومعه ثلث مساحة العراق، ليقعا معاً بيد داعش في ساعات معدودات !!
وبالتأكيد، وحتى وإن صحت كل دعاوي وحجج الحكومة، ووقع سلاح أبناء تلك المناطق بيد داعش، فإنه سوف لن يكون بحجم سلاح كارثة الموصل أو الرمادي.. ولا يساوي حتى نسبة ضئيلة منهما!!
***
في كل ما تقدم ـ من مقالات سابقة ـ وضعنا اللوم كله على الحكومات العراقية المتعاقبة، وعدم ثقتها بمواطنيها وتصرفاتها المختلفة معهم.. لكن هذا لا يعني أن الطرف الثاني أو الآخر بريء ومظلوم على طول الخط، ولا يتحمل جانباً ـ وجانباً مهماً جداً ـ من هذه المعادلة العراقية المختلة بين الطرفين.. وهناك أمثلة كثيرة يمكن إيرادها في هذا المجال!!
فلو أخذنا قضية الحشد الشعبي مثالاً لها.. سنجد: أن مواقف قيادات تلك المناطق أو ممن يدعون تمثيلها، قد خرجت على كل الأعراف الاجتماعية وحدود الوطنية العراقية، وحتى على حدود العقل السليم في بعض الأحيان..عندما وثق بعضهم بالشياشاني والأفغاني والأنكوشي والرهونكي ......إلخ وبالحكومات التركية والسعودية والقطرانية عفواً القطرية، ولم يثقوا بأبناء شعبهم من أطراف العراق الأخرى.. والذين جاءوا لمحاربة الإرهاب في جزء من وطنهم العراق!!
فأولئك (القادة!!) المفترضون للمناطق الغربية، قد أوهموا أتباعهم بالكثير من الأكاذيب المقصودة، وحشروا جميع العراقيين (جيش وقوى أمنية وحشد الشعبي وحتى جماهير شعبية من بسطاء الناس] وربما العراق بمجمله، ومعركته المصيرية مع الإرهاب.. حشروهم جميعاً في الزاوية الطائفية وحدها!!
وجردوا جميع هذه القوى العراقية التي جاءت لتبذل دمائها وتضحي بأرواحها في الحرب ضد الإرهاب ـ في تلك المناطق ـ من أية صفة وطنية عراقية، وصوروهم للبسطاء من الناس ـ تعاونهم في هذا ـ أجهزة إعلام كثيرة تمثل مصالح وأجندات إقليمية مرتبطة بالمشروع الأمريكي العام، كالجزيرة والعربية والصفا ومشتقاتها الكثيرة.....إلخ
صوروا للبسطاء في المناطق الغربية، على أن هئولاء القادمين من أنحاء العراق الأخرى لمحاربة الإرهاب، هم عبارة عن قوات غزو طائفية جاءت لتستولي على مناطقهم وتطهرها منهم ـ طائفياً واجتماعياً ـ وتحدث فيها تغيرات ديموغرافية خطيرة تقلب أوضاعها رأساً على عقب .. فهل هذا صحيح؟؟.. وهل هذا حقيقي؟؟.. وهل هذا منصف؟؟
وهل فعلاً أن العراقي الذي جاء من أقصى الجنوب ..جاء من البصرة والعمارة والديوانية والحلة والنجف وكربلاء...الخ ومن كل مدن العراق الأخرى وحتى من بغداد نفسها، قد جاء لا ليحارب داعش والإرهاب.. إنما جاء ليستوطن الأنبار وتكريت ديالى والموصل وباق المناطق الأخرى ويطرد أهلها منها!!
وهل هناك عقل سليم يمكنه أن يصدق فعلاً، أن تلك القوات العسكرية والشعبية جاءت لهذا الغرض الدنيء فقط، كما تصوره تلك القيادات وتلك الأبواق الإعلامية الخارجية والداخلية المرتبطة معها، والتي تشن حملاتها الشعواء هذه دائماً، كلما بدأت معركة وأصبح داعش وعموم القوى الإرهابية في خطر حقيقي قد يستأصلها!!
ها هي الأنبار والفلوجة وباق مدنها العامرة بأهلها إن شاء الله، وقبلهما محافظة صلاح الدين ومدنها ومحافظة ديالى ومدنها قد تحررت جميعها من داعش وإرهابها.. فهل حدث لها [تطهير طائفي أو تغير ديموغرافي أو استوطنها أحد] كما صوره الإعلام الداخلي والخارجي المرتبط بداعش،. فكرياً وروحياً وحتى مادياً؟؟
وكالعادة، فقد سبقت عمليات تحرير تلك المحافظات العراقية العزيزة، حملات إعلامية شعواء أيضاً، صورت عمليات تحرير تلك المحافظات بنفس الصورة التي تصور بها معركة تحرير الموصل اليوم!!
إن تصوير الأمور والأوضاع والأهداف لبسطاء الناس بهذه الصورة البشعة يعني.. وبالعربي الفصيح أنهم يقولون لهم : إن داعش أفضل لكم وأرحم بكم من جيشكم وأبناء شعبكم من المناطق العراقية الأخرى.. ويقولون لهم أيضاً ما معناه: قفوا مع داعش (وكل قوى الإرهاب الأخرى) ضد جيشكم وضد أبناء شعبكم الآخرين!!
وبالتالي: فليس أمام هئولاء البسطاء من الناس إلا أن يصدقوا (قادتهم وكبرائهم هئولاء الذين أضلوهم).. كما صدقوهم في السنين الماضية ـ بمساعدة تصرفات شاذة وخرقاء للحكومات السابقة ـ وجعلوا من مناطقهم بيئة حاضنة للقاعدة والزرقاوي وكل أشكال الإرهاب الأخرى..لكن الصحوات التي حدثت على إثرها حدت من نفوذ الإرهاب ومكنت الصحوات من تصفيته تقريباً!!.
إن تصوير الأمور بهذه الصورة الطائفية المقززة، يجبر الإنسان على الاعتقاد بوجود مؤامرة على وجود العراق كدولة وشعب وهوية ومجتمع، وأن هئولاء (القادة!!) يشكلون الطرف الداخلي، المرتبط بأطراف دولية وإقليمية لتنفيذ هذه المؤامرة!!
لأن تصوير الحشد الشعبي ومحاربة الإرهاب في تلك المناطق بهذه الصورة البشعة، لا يعني إلا هذا المعنى التآمري..ولأنه في النتيجة لا يخدم إلا داعش نفسها والقوى الدولية والإقليمية التي تسيرها في المنطقة.. ويخدم أيضاً تلك القيادات المزيفة التي هي بالتأكيد على (صلة ما) بتلك القوى الإقليمية والدولية وبداعش نفسها.. أو أن تلك القيادات ـ إذا افترضنا حسن النية فيها ـ ترى في تصفية داعش والإرهاب، تصفية سياسية لها ولمنافعها الشخصية ولدورها القيادي في العراق!!
***
ونحن هنا لا نريد أن ندافع عن الحشد الشعبي أو ندعي بأنهم ملائكة معصومون لا يرتكبون المعاصي والموبقات، أو ننفي عنهم ارتكابهم لبعض التجاوزات الصغيرة والكبيرة أيضاً.. إنما نقول، ومن باب الدفاع عن العراق ووحدة شعبه وأرضه، ومن باب المصلحة الوطنية العراقية العليا، وللمقارنة بين الطرفين [نعني بين داعش والحشد الشعبي] بطريقة مباشرة، حتى وإن بدت هذه المقارنة للبعض ساذجة ونفعية (برغماتية)..ومع هذا نقول للجميع:
 هل أن ما ارتكبته بعض عناصر الحشد الشعبي الغير منضبطة أو الجاهلة أو المدسوسة، يرقى في ضرره وتأثيره إلى مستوى ما ارتكبته عناصر داعش في تلك المناطق من جرائم مروعة.. مثلاً؟؟
 هل أن عناصر الحشد الشعبي قد قتلت وذبحت بالجملة، كما فعلت داعش مع المئات والألوف من عشائر الجغايفة والبونمر والجبور وغيرهم؟؟ .. بالإضافة إلى ما ارتكبته من جرائم فردية من ذبح وحرق وسلخ وقطع رؤوس؟؟
 وهل أن عناصر الحشد قد سبت النساء وباعتهن في سوق النخاسة، أو اختطفتهن أو أجبرتهن على ممارسة البغاء باسم " جهاد النكاح" ؟؟
 وهل استولت وصادرت البيوت والعقارات والممتلكات الخاصة والعامة، وحولتها باسم أشخاص أو باسم عقارات الدولة.. كما فعلت "الدولة الإسلامية!!" الداعشيةً مثلاً!!
 وهل فخخت البيوت والطرقات والشوارع والجسور..وهل أخذت الإتاوات والضرائب من المواطنين كما فعلت وكانت تفعل داعش دائماً؟؟
 وهل أجبرت المواطنين على أفعال وسلوك معين، أو أنزلت بهم عقاباً دموياً كالجلد والرجم وقطع اليد العلني، باسم (الشريعة؟؟؟) .. وكما كانت تفعل داعش طيلة وجودها في تلك المناطق!!
ويمكننا أن نستمر بهذه (الــهــل؟؟) وهذه التساؤلات وهذه المقارنات إلى ما لا نهاية .. ويمكن أن يرد علينا البعض بالقول: لقد تم حرق بيوت واعتداء وضرب وأشكال كثيرة من الاهانات لكرامة المواطنين في تلك المناطق، بعد تحريرها من داعش!!
ونحن لا ننفي حدوث مثل هذه التجاوزات من بعض العناصر الغير منضبطة في الحشد الشعبي وغيره، ومثل هذه التجاوزات يمكن أن تقوم بها حتى الجيوش النظامية في كل بلدان العالم.. والمعلومات القليلة المتوفرة لدينا في هذا الشأن تفيد: بأن مثل تلك التجاوزات كانت موجهة إلى بيوت وأشخاص عناصر داعشية بالذات، والبعض الآخر من مواطني تلك المناطق الذين تعاونوا مع داعش، وألحقوا أضراراً كبيرة بالمواطنين والممتلكات التي كانت محتلة من قبل داعش.. ولم تكن تلك الأعمال مقصودة أو موجهة إلى المواطنين العاديين الأبرياء، الذين أجبروا على العيش في ظل دولة داعش المزعومة!!
وحتى وإن صحت تلك الصيحات الإعلامية، وحدثت فعلاً مثل تلك الحوادث من قبل عناصر في الحشد الشعبي.. فلا يمكن مطلقاً وفي كل الحالات مقارنتها، ولو مقارنة بسيطة بما فعلته داعش مع المواطنين في تلك المناطق! .
ثم علينا أن نضع دائماً في الحسبان، أن كثيرين من العناصر قد التحقت بالحشد الشعبي بدافع الانتقام والثأر من العناصر الإرهابية..لأن الكثيرين منهم قد فقدوا أخوة وأصدقاء وأقارب أعزاء وأحباء لهم، نتيجة لجرائم داعش المباشرة أو بالتفجيرات الإرهابية المتواصلة كل يوم في أغلب مناطق العراق الجنوبية والوسطى، والمستمرة منذ الاحتلال إلى اليوم دون انقطاع! وكذلك يجب أن لا تغيب عن البال جريمة العصر جريمة سبايكر التي ذبح فيها 1700 شاب في عمر الزهور بدم بارد، من قبل الإرهابيين.. وقد أحدثت هذه الجريمة جرحاً غائراً في أعماق جميع العراقيين، وفي أعماق أهلهم وذويهم ومناطقهم خاصة .. وأن دماء هئولاء تغلي طالبة الثأر من أولئك المجرمين المتوحشين!!
وأن الكثيرين من أولئك المجرمين ـ ومن بينهم بعثيين صداميين ـ كأقارب صدام وعشيرته وكالمجرم (إبراهيم أبن عزة الدوري) الذي أشرف بنفسه على تنفيذ هذه الجريمة الشنعاء، التي تعجز الكلمات عن وصفها..والكثيرين من هئولاء المجرمين لا زالوا أحياء وطليقين يتجولون في تلك المناطق . فعلينا إذاً ألّا نستغرب وقوع مثل هذه الحوادث المؤسفة، من قبل بعض العناصر التي فقدت أخاً أو قريباً أو صديقاً أو حبيباً!!
والأهم علينا أن لا ننسى، أن تلك المناطق العراقية التي حررت من داعش والإرهابيين، كان لدماء شهداء الحشد الشعبي مساهمة كبيرة فيها.. ولولاها ولولا الحشد الشعبي وتضحياته السخية، لما تحررت تلك المناطق من داعش والإرهاب!!
فعلى العراقي الذي يريد أن يحتفظ بعراقيته ووطنيته وبلده موحداً.. أن ينظر لهذه القضية ولكل قضايا الوطن الأخرى بعينين اثنتين، وليس بعين واحدة..لا ترى من المشهد كله إلا ما يخصه هو ويخص منطقته (أو طائفته) فقط !!
[يـــــــــــــــتـــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع]
[email protected]



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة وطنية.. لإشكالات طائفية(عراقية) (3)
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (2)
- مدافن لوزان.. وأوهام أردوغان!!
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (1)
- أنور السادات وصدام حسين.. والفتح الأمريكي المبين!! (2-2)
- أنور السادات وصدام حسين.. والفتح الأمريكي المبين!! (1-2)
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (4)