مها الجويني
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 27 - 13:54
المحور:
المجتمع المدني
أنا مدافعة على حقوق الانسان هكذا قلت عند الاستجواب ، حين أخبرني رئيس المخفر بأن إعداد العشاء في المطبخ أفضل من الصراخ في الشوارع . فشرحت له بأن رائحة الزقاق ألذ أطيب من خبز من أمي لانها تتصاعد مباركة بنشيد الثورة و معتقة بإسم الوطن .
كلماتي جعلته يضرب بيدية المنضدة التي أمامه صارخا : لعنك الله توقفي عن حديث الملحدين
عفوا سيدي الظابط فعشق الوطن إيمان و نداء الارض كما الصلاة يأتينا طاهرا من السموات ، سيدي لا تعاملني كالمجانين إنني أؤمن بأن الثورة حق وأقمست على أن يحيا الوطن .
إزداد هيجانه ، على صريخه و إجتمعت بي الحشود . ضربوني و ركلوني بأرجلهم و كنت تحت صفعاتهم أبتسم ، فأيادهم الخشنة لا تختلف عن لعنات أمي التي طالتني حين علمت بأنني أقضي الليالي تحت خيام الاعتصام .
كانت كلماتهمتشبه وجه أبي الذي إشتهى أن يدفن في الأرض لانني خالفت أحكام العشيرة.
عفوا سيدد الحاكم ، إن رائحة الأرض لأقرب لي من دماء القبيلة .
إسكتوا عني هذه العاهرة ، اغلقوا فاه هذه الساقطة
استمرت مفدرات السباب تتساقط على أمي و أبي و ابن عمي و خالي . يقولون بأنني إبنة حرام و أني استحق الجلد و إنني خطر على الوطن . طاطلت راسي من التعب ، كانت جسدي ينزف بعض الدماء و كانت يداي تتصب عرقا ، تقاطرت بعض القطرات الحمراء على ورقة التحقيق حين كنت أحاول الامضاء .
عفوا سيدي الضابط ، لقد تعودنا الكتابة بدمائنا حين لاحقتهم حبر القلم في أراضينا .
وجهوني إلى الزنزانة ، كنت أنتظر قدوم أحد المحامين ، تغير مفعول الزمن في الجسن فأصبح العالم أوسع و أرحب . لقد كانت زنزانتي أوسع من أحلامي . أسندت ظهري إلى الجدار ، غنيت بصوت خافت :" أظل هنا واقفة كالجبال أغني و أرسم وجه الوطن العزيز بدمي ".
قضيت ليلتي الأولى أغني و إبتسم لسقف الزنزانة الأسود و أسائله : كم من شهيد قضى الليالي تحتك ؟ و كم من أحلام ولدت بين ظهرانيك ؟ و كم من الحريات ولدت عندك ؟
يقولون في الوطن أن السجن للرجال و لكن الربيع علمني أن السجون للإنسان و إن كرامة الوطن تحملها المرأة أضعافا ، تلك التي نادت نفسها بمدافعة حين سددت فواتير الالتزام بالقضية .
عفوا سيدي الضابط ألم أخبرك بأنني من عشاق الحرية .
* هذه الخاطرة مهداة لحملة هي مدافعة التي أطلقها التحالف الاقليمي للمدافعات على حقوق الانسان بشمال افريقيا و الشرق الأوسط سنة 2016
#مها_الجويني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟