عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 22:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منع الكحوليات ، أم منع الطائفيات؟
قرار البرلمان العراقى الأخير، بنوابه أنصار الحشد الشعبى الشيعى ، وأنصار الحشد الوطنى السنى ، بتحريم ومنع الكحوليات فى العراق ، بإستثناء مناطق كردستان فى الشمال ، والتى لم يعد يملك فيها أى سلطة فعلية ، لطمة كبيرة أخرى على المسيرة الحضارية للمنطقة ، المنهارة أصلاً ، لافرق بين مصر وسوريا والعراق ، فكلها منطقة منكوبة واحدة ، ففى مصر أيضاً ، يحدد لنا شيخ الأزهر مايجب أن نرى وأن لانرى من الأفلام ، ومايجب أن نرتدى وألا نرتدى من الملابس؟
من المعروف تاريخياً ، وبديهياً ، أن محاولة الحاكم فى العصورالقديمة للسيطرة على حياة الناس الشخصية ، بحجة حماية المقدسات ، كانت فى الواقع محاولة ذكية للسيطرة على حياتهم السياسية ، لإن الذى يستطيع أن يختار لنا مانأكل ومانلبس ، يستطيع أن يجعلنا نوافق على كل مظالمه ، بل وأن ننتخبه حاكما مدى الحياة أيضاً ؟ ولذا فقد كان تحرير الحياة الشخصية للإنسان ، شرطاً أساسياً لتحرره السياسى ، فى الدول والمجتمعات الحديثة.
إن المناورة السياسية بحياة الناس ، والتضييق عليهم ، وحصرهم فى نوع واحد من التفكير، ونوع واحد من الحياة القروأوسطية ، يخلق البيئة النموذجية للتعاسة ، أما تسليم حياة الناس ، لرجال دين يؤمنون بتوصيات إله قبلى قاس ، فهو بالتأكيد أخطر ، وكفانا ألف واربعمائة سنة من الحروب ، شنها إله المسلمين على العالم ، ولسنا فى حاجة لإن نكرر بأن الشعوب التى سبقننا وعاشت فى سلام وتقدم ، سبقتنا بهذا الإدراك ، أن الدين ليس من عند الله ، الدين سياسة وتعاليم ، إخترعها الأقوياء ، وحكموا بها العالم. ألله خارج هذه الصراعات تماماً.
كما إنه ليس من الصعب أن نلاحظ ، أن إله الشرق الأوسط إله غريب ، لديه قناعات مختلفة فى كل مناحى الحياة ، فالخمر التى يراها العالم كله شراباً عادياً ، قد يشربه حتى الأطفال ، يراها إلهنا القبلى حراماً ، أما بيع وشراء وإستعباد الناس مثلاً ، فهى علامة من علامات الجاه ، والفنون والآداب فجور، لكن الرقص والغناء للحكام طاعة ، وقس على ذلك إلى مالانهاية ،إن تقرير ماخلقنا الإنس والجن إلا ليعبدون تقرير خاطئ ، ليس فقط لإن مايسمى بالجن ليس له وجود إلا فى عقول القدماء ، ولكن لسؤال أكبر، فإذا كان الإنس والجن لم يخلقوا إلا ليعبدون ، فلماذا خلق الإله فينا غرائز الحياة؟ إن الحب والفنون والآداب والتفكير والرغبة فى السعادة كلها غرائز إنسانية قوية ، إن إلهنا الشرق أوسطى، هو بالتأكيد ، أغرب آلهة العالم؟
إن التحدى الذى يواجه الشعب العراقى اليوم ، وكل شعوب المنطقة ، ليس هو الكحوليات ، بل تحقيق الوحدة من أجل حياة كريمة ، التعايش مع الآخر ، الطموح المشروع للحاق بركب الحضارة ، طموح تقف فى سبيله عقبة كأداء ، عقبة تساوى صراع الحياة والموت ، عقبة القضاء على الطائفيات ، وليس على الكحوليات المظلومة ؟
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟