أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تركيا والموصل والخرائط















المزيد.....

تركيا والموصل والخرائط


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 14:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تركيا والموصل والخرائط!
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
برّرت تركيا إرسالها قوات عسكرية إلى العراق، بحماية الأمن القومي التركي ومكافحة الإرهاب، وهما مبرّران مشروعان يحق لتركيا بموجبهما الدفاع عن أراضيها وحماية مواطنيها من شرور الإرهاب، لكن هذين المبرّرين لا يعطيان الحق لتركيا أو لغيرها في اختراق سيادة بلد آخر أو اجتياز حدوده الدولية.
وإذا كانت سيادة العراق معوّمة ومجروحة بفعل عناصر متداخلة ومعقّدة، منها تداعيات الاحتلال الأمريكي، ثم سيطرة "داعش" على الموصل وأجزاء واسعة من مناطق غرب العراق، يضاف إليها النفوذ الإيراني المهيّمن على السياسة العراقية، لكن ذلك ليس مبرّراً لتركيا لانتهاك السيادة أو ما تبقّى منها، بحجة أن الآخرين يخرقونها.
إن مثل تلك المبرّرات تعني العودة إلى القانون الدولي التقليدي الذي كان يجيز "الحق في الحرب" و"الحق في الغزو" بزعم حماية المصالح القومية، ولكن ذلك أصبح من تراث الماضي، ولا سيّما بعد تأسيس الأمم المتحدة.
لقد حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البحث عن سند قانوني يدعم المطالب التركية، من خلال إعادة قراءته وتحفّظه على معاهدة لوزان المبرمة في العام 1923، والتي رسمت الحدود بين الدولة التركية الجديدة وجيرانها على أنقاض الإمبراطورية العثمانية التي جرى تقاسمها وفقاً لاتفاقية سايكس – بيكو السرّية لعام 1916، وتبعاً لنتائج الحرب العالمية الأولى.
وقال أردوغان: إن المشكلة الأساسية في الموصل هي "إعادة بناء المنطقة وفقاً لخطة تطبّق فيها، وهي ليست في مصلحة تركيا"، بل تهدّد بقاءها. وذهب أبعد من ذلك حين صرّح بخصوص محاربة الإرهاب: "لن ننتظر حتى تدقّ المنظمات الإرهابية أبواب بلادنا، سنقوم من الآن بملاحقتها وننقضّ عليها أينما وجدت"، وأضاف: إن وجود قوات تركية في منطقة بعشيقة قرب الموصل هو من أجل حماية "استقلالنا ومستقبلنا".
أردوغان على حق حين يسعى لحماية بلاده، ولكن عليه اتباع الوسائل القانونية وعدم التجاوز على حقوق الآخرين، الأمر الذي يتطلّب التعاون مع دول الجوار، ولا سيّما العراق، إضافة إلى قوات التحالف الدولي، بخصوص مكافحة الإرهاب. أما اتخاذ قرارات فردية ودخول الأراضي العراقية حتى دون التشاور مع حكومة البلد، فإن ذلك سيزيد من تعقيد المشاكل، كما أنه لا يساعد على توحيد الجهود للقضاء على الإرهاب.
لم يكتفِ أردوغان بذلك، بل حذّر العراق وسوريا بقوله: لقد بدأنا بتنفيذ خطتنا، وأن النار التي تحاولون إشعالها ستحرقكم أكثر منّا. ولم ينسَ في ظل هذا الاندفاع والحماسة البعيدة عن الدبلوماسية والقواعد القانونية الدولية التعاهدية أو العرفية، أن ينتقد معاهدة لوزان، ويقول إنها كانت مفروضة على تركيا مثلما تم فرض معاهدة سيفر عليها، العام 1920.
لقد حدّدت معاهدة لوزان الحدود لعدّة بلدان كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية، مثل بلغاريا واليونان وقبرص ودول المشرق العربي، والتي حكمتها لنحو أربعة قرون، فكيف يمكن إعادة القديم إلى قدمه؟ أليس في ذلك ضرب من إسقاط الرغبات على الواقع؟ فالعالم تغيّر كثيراً منذ نحو قرن من الزمان، والأمر لا يتعلّق بدول المنطقة فحسب، بل يشمل أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا، وعلى من لديه خيال أن يتصوّر ماذا تعني إعادة القديم إلى قدمه، غير نزاعات وحروب وحرائق ستندلع لتشمل العالم كلّه؟
إذاً ماذا تعني إعادة جريدة ديليليش (وهي الجريدة المؤيّدة للرئيس التركي) نشر الخرائط التركية الجديدة "القديمة"، وهي تضمّ فيها أجزاء من العراق وسوريا وبلغاريا وأرمينيا وجورجيا إلى تركيا؟ وبالطبع، فكركوك والموصل وإربيل وحلب وإدلب والحسكة هي في الصدارة من ذلك. أليس في الأمر ثمة أزمة، وهي أزمة تفكير وواقع؟
يمكنني القول: إن تلك الآراء كانت تظهر وتختفي تبعاً لتوازن القوى، فكلّما كان العراق ضعيفاً، وهو ما حصل منذ الحرب العراقية – الإيرانية، وبعد الاحتلال الأمريكي، وكذلك كلّما كانت سوريا ضعيفة ومنقسمة كما هي اليوم، بسبب الاحترابات الداخلية، تطلّ تلك المطالبات برأسها، فضلاً عن ارتفاع منسوب الشحنة القومية الاستعلائية فيها.
إن الخطاب العالي النبرة الذي ذهبت إليه القيادة التركية، والذي ازداد تطرّفاً بعد محاولة الانقلاب العسكري الذي حدث في تركيا في شهر يوليو/ تموز الماضي (2016)، يستبطن الرغبة في توجيه الأنظار نحو الخارج وصرفها عن المشاكل الداخلية المستفحلة، وهو أحد الأسباب الأساسية لتصعيده في الفترة الأخيرة، كما يمكن تفهّم محاولة أنقرة مداعبة المشاعر القومية للتركمان تحت عنوان حمايتهم، وخصوصاً في تلعفر التي تسكنها غالبية تركمانية، إضافة إلى كركوك التي فيها نسبة تركمانية وازنة.
ولكن حماية التركمان وبقية المجموعات الثقافية واجب، يستلزم من تركيا إذا أرادت تحقيقه، مخاطبة الحكومة العراقية باحترام حقوق الإنسان وإقرار مبادىء المساواة والمواطنة المتكافئة وعدم التمييز واعتماد مبادىء المشاركة والشراكة الحقيقية، وكذلك مناشدة الهيئات الدولية لممارسة ضغوطها لتحقيق ذلك، الأمر الذي يتطلّب منها أولاً وقبل كل شيء احترام حقوق الكرد في تركيا، وتلبية مطالبهم العادلة والمشروعة في حكم ذاتي أو إدارة ذاتية، والسماح لهم باستخدام لغتهم بصورة رسمية وحقّهم في التعلّم بها، وممارسة حقوقهم السياسية كاملة كمجموعة ثقافية متميّزة، وتأكيد ذلك دستورياً، والأمر يشمل الحقوق الثقافية للمجاميع المتنوّعة الأخرى بمن فيهم العرب.
أعتقد أن خشية القيادة التركية من تفجّر الموضوع الكردي في تركيا، ما بعد تحرير الموصل وما بعد حسم الصراع في سوريا، ومطالب الكرد في البلدين بصيغة من صيغ الحكم الذاتي أو اللاّمركزية أو الفيدرالية أو غير ذلك، هي التي تدفعها إلى هذا الخطاب المتشدّد بدلاً من البحث فيما يمكن التعاون به لمكافحة الإرهاب من جهة، ومن جهة ثانية لإيجاد تسويات لمشكلات تتعلّق بالمسألة القومية والهويّة وذيولها.
إن الدعوة لإعادة النظر بمعاهدة لوزان ومخرجاتها، ليس ورقة خاسرة فحسب، بل هي مسألة غير ممكنة، فقد مضى نحو قرن من الزمان على حسمها وتثبيت عائدية الموصل إلى العراق، وقد شكّل مجلس عصبة الأمم لجنة للتحقيق الأممي في 30 سبتمبر (أيلول) العام 1924، وأجرت هذه اتصالات وقامت بزيارات إلى لندن وأنقرة ودمشق وبغداد والموصل، وقابلت عدداً من الشخصيات والأعيان وأهالي المنطقة، وقرّرت في نهاية العام 1925، ضم الموصل إلى العراق لاعتبارات جغرافية وقومية وتاريخية واقتصادية وعسكرية وسياسية، كما ورد في تقريرها، ووافقت عليه تركيا مع تعديلات طفيفة، ووقّعت في تلك الفترة معاهدة عراقية – تركية – بريطانية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وميض نظمي - الحالم الذي قتلته النزاهة!
- جائزة نوبل والدرس الكولومبي
- اليونيسكو و-نظرية- الهيكل
- صفاقس وتجديد الفكر
- الدولة العراقية والسيناريوهات المحتملة
- تضاريس التنوع الثقافي
- عن قانون جاستا
- قانون -جاستا- غير القانوني
- الطائفية فيروس خطير ضرب المجتمعات العربية
- حوار مع عبد الحسين شعبان لصحيفة المغرب
- عن الديمقراطية والسوق
- -إسرائيل- الافريقية
- قمة هانغتشو وطريق الحرير
- إسلام ومسلمون
- عن سلطة المثقف
- -الترامبية-: مجابهة الإرهاب بمثله
- رؤية أخرى لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما ب ...
- ل تيسير قبّعة اسم الوردة
- الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر
- -...ولات ساعة مَنْدَم-


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تركيا والموصل والخرائط