جهاد علي البرق
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 04:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدبلوماسية الفلسطينية – واقع وتحديات
مقدمة من الباحث الأكاديمي جهاد البرق
باحث دكتوراة في القانون الدولي
إلى
مؤسسة العدل الدولية للدراسات القضائية والدبلوماسية
المؤتمر الدولي المنعقد في لبنان – بيروت
2016
المقدمة =
إن الدبلوماسية تعمل في نطاق العلاقات الدولية منذ القدم ,
حيث أن الإنسان لايستطيع العيش منفرداً بعيداً عن البشر ,
فالإنسان كائن إجتماعي بطبعه , بحيث يدخل في العديد من
العلاقات والمصالح والترابط مع أقرانه من البشر , الأمر الذي
أوجد النظام الإجتماعي , لينظم عملية تشابك الحاجات
والمصالح المختلفة نتيجة إزدياد عدد البشر, على مدار الزمان
بالإضافة لذلك في مواجهة الأخطار وتنظيم العلاقة بين الحاكم
والمحكومين .
ومع إتساع المجتمع وتطوره وإنتقاله من مجتمع الفرد والأسرة
ثم الدولة – إتسعت معه العلاقات لتتخذ بعد ذلك شكلاً دوليا ,
وتنحني بالتالى إلى مفهوم – العلاقات الدولية – مابعد مؤتمر
"وست فاليا" عام 1648, الذي رسخ مفهوم التمثيل الدائم
للبعثات الدبلوماسية , ضماناً لإستقرار النظام الدولي , وتعميقاً
لمفهوم الأمن والإستقرار في أوروبا خاصة والعالم عامة.
ولم يتم توضيح كل الأمور التي تتعلق بالعمل الدبلوماسي إلا
عند عقد مؤتمر فينا عام 1815 , والذي حسم الكثير من
القضايا والتي كانت سبباً رئيسياً في إشعال الحروب والنزاعات
بين الدول ومن ذلك= درجات المبعوثين وأقدمياتهم وفئاتهم ,
وواجبات المبعوث وحدوده والحصانات والإمتيازات
والإجراءات العقابية .
ثم إستمرت التغيرات العالمية وأحداثها الكثيرة , لكافة نواحي
الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والعسكرية , والذي
إنعكس علي العمل الدبلوماسي وبالإضافة لذلك التطور الهائل
في الإختراعات والإكتشافات وتطور وسائل الإتصال
والمواصلات وسرعة المراسلات, نتيجة لهذا التطورفإنه
ساهم في التأثير علي البنى الدبلوماسية , بحيث بدأت الدول
في تطوير العمل الدبلوماسي خاصتها, وتوظيف عصر التقانة
في خدمة تطوير هياكل الكادرات الدبلوماسية .
وإزداد هذا التطور بعد الحرب العالمية الثانية , حيث
برزنتيجة لذك أهمية الجهاز الدبلوماسي كوسيلة رئيسية
من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية للدول .
وتبلورت بشكل جلي إتفاقية دولية لتنظيم العلاقات الدبلوماسية
والتي إشتملت على قواعد شاملة تنظم وتحكم العمل الدبلوماسي
والقنصلي , بما يعرف بإتفاقية فينا في
النمسا 1961, نتيجة التطور الكبير الذي حدث للعلاقات
الدولية وتغير نمط النظام الدولي
فالدبلوماسية كما اتفق عليها اغلب المفكرين , فكلمة
"الدبلوماسية", مشتقة من الكلمة اليونانية "دبلوما"- والتي تعني
الوثيقة , أي الرسائل التي يتم تداولها بين الملوك والرؤساء ,
وهذا المعنى ينسجم مع ماكان معروفاً في العصر الروماني,
وهناك تعريفات كثيرة لمفهوم الدبلوماسية , إلا أننا سنضع
تعريفاً الأتي حسب تعريف د. سموحي بأنها"مجموعة القواعد
والأعراف والمبادئ الدولية , والأصول الواجب إتباعها في
تطبيق أحكام القانون الدولي, والتوفيق بين مصالح الدول
المتباينة , وفن إجراء المفاوضات والإجتماعات والمؤتمرات
الدولية , وعقد الاتفاقيات والمعاهدات".
وللدبلوماسية مهام جوهرية في إطار العلاقات الدولية
1-الوسيلة الرئيسية في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة
2-الجهاز الدبلوماسي يساهم في صناعة القرار السياسي
3-محط إهتمام الإعلام في العالم للدور المهم التي تضطلع به
الدبوماسية في تسيير الشؤون الخارجية والدولية
4-قناة مهمة في تسهيل قيام العلاقات الودية بين الدول
5-تستخدم الدبلوماسية وسائل التفاوض والتوفيق بين مصالح
الدول
6-الدبلوماسية مظهر من مظاهر السيادة للدول
7-الدبلوماسية تساهم في تحقيق السلام العالمي من خلال
تفاعلها مع المجتمع الدولي
وبناءاً على ماتقدم فإن العلاقات الدولية هي مجموع السياسات
الخارجية للدول في المجتمع الدولي والتي يقوم بالتعبير عنها
الجهاز الدبلوماسي لكل دولة , ومن تلك الحقيقة تبرز أهمية
دراسة الجهاز الدبلوماسي للدول , من حيث قوته وضعفه
وتأثير ذلك على مكانة الدولة في نطاق العلاقات الدولية .
وهدف الدراسة هو في إبراز الجهاز الدبلوماسي الفلسطيني
في مرحلة مابعد إتفاقية اوسلو , من حيث مدى تجسيد دولة
فلسطين على أرض الواقع , وما بعد الإعتراف الدولي بها
عام 2012 , في الامم المتحدة وحصولها على مقعد دولة
بصفة دولة مراقب , وربط إتجاهات الدبلوماسية الفلسطينية
السلبية والإيجابية , في إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية
لعلاقاتها الدولية , وتظهر إشكالية الدراسة حول رؤية القوى
الدولية للقضية الفلسطينية , ومدى تطور الجهاز الدبلوماسي
الفلسطيني .
خطة الدراسة =
أولاً- القوة والدبلوماسية في إطار العلاقات الدولية
ثانياً-الدبلوماسية الفلسطينية بعد
ثالثاً- السياسات الدولية تجاه القضية الفلسطينية
رابعاً-الأبعاد الإيجابية والسلبية للدبلوماسية الفلسطينية
خامساً- الدبلوماسية العالمية الحديثة
سادساً- المقترحات
سابعاً- الفهرست
ثامناً- المصادر
أولاً- القوة والدبلوماسية في إطار العلاقات الدولية
لاشك بأن الدبلوماسية تمارس دوراً مهما للدول لتنفيذ
السياسات الخارجية وتلك السياسات تشكل البيئة الدولية, ولكن
السؤال الجوهري , يطرح نفسه هل تستطيع الدبلوماسية أن
تعمل في واقع دولي يحكمه القوة .
قال زبغيوبري جينسكي " مفكر إسترتيجي ومستشار الأمن
القومي لدى الرئيس الأمريكي جيمي كارتر- 1977-1981"-
بأن القوة هي صفة موروثة في الجنس البشري , فهي قاعدة
ثابتة في التعاون الدولي , وقال الراحل المفكر العربي المصري
"محمد حسنين" هيكل بأن النظام الدولي ينسجم مع حقائق القوة
وتوزيعها .
لنعود إلى التاريخ ولنجد بأنه منذ قتل قابيل هابيل وصولاً إلي
التاريخ المعاصر , نجد بأن القوة مازالت هي العامل الأكثر
فاعلية في العلاقات الدولية وذلك في حسم النزاعات , وبالتالي
التوصل إلى مايسمى "التفاهم العادل", أو سلام القوة أو سلام
المنتصر , فبالتالى فإن القوي هو من يفرض هذا السلام , لأنه
الطرف القوي الذي يفرض منطقه في إدارة المفاوضات مع
الطرف الضعيف , وهذا يضعنا أمام مفهوم "السلام العادل" ,
لإنهاء الصراع مع العدو الصهيوني بما يتوصل إليه الأطراف
المتصارعة وليس الحق التاريخي .
وبناءأ عليه فإن الدبلوماسية هي إنعكاس لقوة الدولة في إطار
العلاقات الدولية , حيث يقول بريجنسكي- إن هيمنة القوة
تستحوذ علي 90% من تاريخ البشرية , والهيمنة لاتتحقق
بتفوق القيم بل بتفوق القوة , وأن السلام الحقيقي حالة إستثنائية
لأنه مفروض بالقوة , ويشاطره في الرأي نيبوهرالذي يتنمي
للمدرسة الواقعية بأن السلام يخضع لسياسة القوة .
ولكن السؤال التالى ويتعلق بدور الدبلوماسية في ظل سياسة
القوة المعتمدة من قبل الدول .
إن الدبلوماسية تختفي في الحقيقة عند تحقيق تطلعات الدول
لإيجاد منفذ حيوي لها أو السيطرة علي مقدرات الشعوب
المستضعفة أو تحقيق مصالح الدول المختلفة .
فعندما حدث أول تجربة لتفجير نووي سوفيتي عام 1949,
إختفت الأصوات الأمريكية التي طالبت بتوجيه ضربة نووية
للإتحاد السوفيتي , وحلت محلها أصوات تطالب بسياسة الردع
والإحتواء والتي كان مهندسها الدبلوماسي "جورج كينان",
عندما ظهرت بوادر التفوق في عهد رونالد ريغان, ومن ثم
تراجعت لغة الدبلوماسية مع "إمبراطورية الشر" في عهد
جورج بوش الإبن , وتراجعت لاحقاً لغة الدبلوماسية عندما
أخفقت الدبلوماسية الأمريكية في فرض الشروط على المكسيك
على قاعدة "مالم تؤخذه الدبلوماسية أخذته القوة العسكرية ,
ولازالت الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة في سياستها
في إحتواء روسيا .
وينسحب هذا الأمر على بريطانيا الإمبرراطورية التي لاتغيب
عنها الشمس بحيث تفوقت علي العديد من القوى العالمية ,
لتفوق قوتها وليس لتفوق قيمها , وإضافة لذلك تقسيم منطقتنا
بعد صراع بريطاني فرنسي دام اكثر من مئة عام والذي أنهى
هذا الصراع عبر مؤتمر باريس بمشاكة أمريكية والذي توج
بإتفاقية "سايكس بيكو".
إن الدبلوماسية المختلفة إختلفت تماماً أمام تنفيذ سياسات الدول
التي تتناقض مع العيش المشترك والتعاون الدولي والسلام
العالمي لحفظ السلم والأمن الدولي لتحقيق الرخاء والرفاه
للشعوب , وتحقيق التنمية الإقتصادية سبيلاً لنهضة المجتمعات.
لننظر إلى الحقائق التالية =
أولاً- مفهوم كيان الإحتلال الإسرائيلي للدبلوماسية بما يحقق
الأمن لديه , وضعف الدبلوماسية الفلسطينية نتيجة ميزان القوى
الدولي الداعم لرؤى ومواقف كيان الإحتلال الإسرائيلي
ثانياً- إختفاء الدبلوماسية الأمانية أمام طموحات هتلر عندما
تفوق بالقوة العسكرية إجتاح معظم دول أوروبا ومنطقة البلقان
تحت ذريعة حماية القومي والمجال الحيوي
ثالثاً- إستخدمت أمريكا القوة في حل نزاعاتها الداخلية , وذلك
قامت بضرب هيروشيما وناجازاكي بقنبلتين ذريتين ,
وإستخدمت القوة ضد كوبا وكمبوديا ولاوس وفيتنام
رابعاً- إستخدام الدول الكبرى غطاءاً ومبررات أخلاقية
لإستخدامها القوة وعزل أدوات الدبلوماسية لتحقيق أغراضها
في النفوذ والسيطرة , معتبرة في ذلك بأن المصالح لاتحميها
إلا القوة , عبر مبررات مثل – صناعة الأزمة وفرض الحل-
مادلين أولبرايت علقت على قتل 750,000طفل عراقي بأن
الخيار صعب ولكن نعتقد بأن الثمن مناسب.
خامساً- إستخدام ثورة تقانة المعلومات والتكنولجية الحديثة
في خدمة أغراض القوة على حساب التطوير في الأدوات
الدبلوماسية , والذي عرف عنه بعصر العولمة , بحيث وظفت
أمريكا عبر منظريها من أمثال فوكاياما – وهنتنغون- بأن
عالماً بدون سيادة أمريكا سيكون عالماً أكثر عنفاً وفوضى وأقل
ديقراطية وأدنى في النمو الإقتصادي .
لاشك بأن مفهوم القوة في حل النزاعات الدولية قاد إلى حربين
عالميتين , ومن هنا يبرز أهمية الدور الجوهري في تعاظم
اللغة الدبلوماسية بدلاً عن لغة القوة من أجل إحتواء الأزمات
الدولية سبيلاً لإحترام مبادئ التعاون الدولي والسلام العالمية
بعيدا عن التشنجات والتوترات الساخنة التي تعتبر سبباً في
الحروب وبالتالى ضعف معدلات التنمية البشرية والرفاه
العالمي .
لذا فإن الباحث سيبحث الدبلوماسية الفلسطينية في واقع
الإحتلال الإسرائيلي , وأهمية الدبلوماسية الإقتصادية
الفلسطينية في رسم التنمية الشاملة , مع العلم بإن الدبلوماسية
الفلسطينية تعمل بشكل إستثنائي , نتيجة لوقوعها تحت وطئة
الإحتلال الإسرائيلي المسبب الرئيسي في إعاقة أي مجهود
فلسطيني يسعى للنهضة وتقرير المصيرللشعب الفلسطيني
ثانياُ- الدبلوماسية الفلسطينية
مرت الدبلوماسية الفلسطينية نتاج السياسة الفلسطينية
في محطات مختلفة ونذكرها على الوجه اللآتي =
1-المحطة الأولي- 1994-2000
في هذه المرحلة توجه الجهاز الدبلوماسي التابع للسلطة
الوطنية الفلسطينية إلى عقد الإتفاقات مع "إسرائيل"برعاية
دولية مع مشاركة دول عربية , بالإضافة لتوسيع شبكة
العلاقات الدولية .
2-المحطة الثانية. 2000-2006
في هذه المرحلة تحركت السلطة الوطنية الفلسطينية وبالأخص
بعد الإنتفاضة الثانية , للإستفادة من أثار الإنتفاضة علي
المجتمع الدولي بهدف ممارسة الضغط علي الإحتلال
الإسرائيلي وذلك عن طريق كشف الممارسات الإسرائيلية
الإجرامية وغير الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني أثناء
الإنتفاضة , الأمر الذي عمق الصورة السلبية لإسرائيل
في المجتمع الدولي , ومن جهة أخرى تركز الجهد الدبلوماسي
الفلسطيني لمعالجة الأثار الإقتصادية التي تأثر منها الشعب
الفلسطيني نتيجة تقليص المساعدات الأوروبية والدولية نتيجة
الإنتفاضة الفلسطينية الثانية المباركة .
المحطة الثالثة .2006-2007
تمحور الموقف الدبلوماسي الفلسطيني في هذه المرحلة في
إحتواء الاثار الدولية نتيجة فوز حركة حماس بالإنتخابات
التشريعية الفلسطينية , وإقناع الدول الغاضبة من نجاح
حركة حماس في التوفيق بين إحترام الديمقراطية الفلسطينية
وبين الرفض الأمريكي والبعض من الدول الأوروبية , نتيجة
لما أسفرت عنه الإنتخابات , وكذلك في شرح الموقف
الفلسطيني أمام المجتمع الدولي, بين الإلتزام بإتفاقيات السلام
والمرتكزة على التطبيع ونبذ إستخدام المقاومة المسلحة , وهذا
التعارض في الحقيقة يعتبر من أهم الأسباب التي أدت لإنقسام
في الساحة الفلسطينية .
المحطة الرابعة. 2007- 2013
في هذه المرحلة تميزت بأداء دبلوماسي فلسطيني جيد في
العام 2012 عندما حصلت فلسطين علي صفة دولة مراقب
في الأمم المتحدة , بواقع 138دولة من أصل 193 دولة
أعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة , ومن ناحية أخرى
عدم تأثير الدبلوماسية الفلسطينية إزاء العديد من القضايا ومنها
التأثير الفلسطيني المطلوب لكنس المستوطنات اليهودية
بإعتبارها لاتحظى بالمشروعية وإن كنا نؤمن بأن المستوطنات
هي جزأ غير شرعي من الكل الإسرائيلي غير الشرعي ,
وهناك العديد من القرارات الدولية التي تعتبر بأن إسرائيل
هي قوة إحتلال وبالتالى عليها إحترام قواعد القانون الدولي
الإنساني وإتفاقيات جنيف الأربعة 1949, وماصدر عن
مجلس حقوق الإنسان الدولي التابه للأمم المتحدة فيما يتعلق
بعلاقة المحتل مع الشعب الواقع تحت الإحتلال , بالإضافة
لذلك تواضع الجهد الدبلوماسي الفلسطيني في العدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة , والأخطر من ذلك هو في
فرض دولي علي الفلسطينيين فيما يتعلق بربط تقديم
المساعدات المختلفة بالسلوك التفاوضي .
ومماتجدر الإشارة بأن الإحتلال الإسرائيلي لايحترم
المنظومة الدولية وهو خارج عن القيم الخلقية والقانونية
بحيث أن هناك حقيقة جلية نربط من خلالها الدعم الدولي
لإسرائيل فيما يتعلق بالرؤية الأمنية الإسرائيلية لأية عملية
تسوية قادمة مع الفلسطينيين , بحيث يجعل الطرف الفلسطيني
في موقف الضعف , والذي ينعكس على الأداء الدبلوماسي
الفلسطيني في تحقيق منجزات القرارات الدولية الداعمة
لعدالة القضية الفلسطينية ,وتنفيذ السلام الحقيقي بتجسيد الدولة
الفلسطينية المعترف بها دوليا , أمام رؤية إسرائيلية رافضة
لكل الحلول في هذا الإتجاه , الأمر الذي يجعلنا الولوج إلى
دراسة السياسات الدولية إتجاه القضية الفلسطينية من زاوية
قيام الدولة الفلسطينية وذلك على النحو الاتي-
1-الولايات المتحدة الأمريكية
لاشك بأن غياب دور مصر المحوري كثقل إقليمي , وإنهيار
الإتحاد السوفيتي, وإغراق الدول العربية في نزاعات مسلحة
داخلية وتطورت إلى ساحة نفوذ دولي , ساهم في التأثير
الأمريكي لضمان مصالح أمريكا الإستراتيجية في منطقتنا
من حيث إستنزاف القدرات النفطية من جهة وضمان أمن
إسرائيل وبالتالي تفوقها لإخضاع المقدرات العربية للسيطرة
الإسرائيلية وبالتالى الأمريكية, وبرز هذا جلياً في توفير الغطاء
الأمريكي للمفاوض الإسرائيلي ضد المفاوض الفلسطيني
في مراحل التسوية السياسية بموجب إتفاقية أوسلو 1994
عن طريق توظيف المفاوضات لتصب طبقاً للرؤية الإسرائيلية
والتي تحقق المصالح الأمريكية وذلك على الوجه التالي –
-ربط المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية بمدى التوافق
مع المطالب الأمريكية
-منع أية توجهات دولية ضد أسرائيل , عن طريق توفير
الغطاء الأمريكي لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي , عن
طريق " الفيتو", مع التقديم المستمر الأمريكي لخزانة
حكومة الإحتلال الإسرائيلي
-تقييد الفلسطينيين عبر إتفاقية باريس , التي تتحكم في
العلاقات الإقتصادية بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي
-ممارسة الضغوط علي السلطة الوطنية الفلسطينية في حال
وقعت عمليات عسكرية فلسطينية ضد إسرائيل , وكذلك
ممارسة الضغوط علي الدول العربية التي توفر عامل
المساندة لحركات المقاومة الفلسطينية , وكذلك إحباط
أية جهد دبلوماسي في المنظمات الدولية الداعمة للقضية
الفلسطينية
-توظيف التفاوض لتحقيق مكاسب إسرائيلية متمثلة في
إزدياد الإستيطان وجدار الفصل العنصري وتهويد القدس
الشريف ومسجدنا الأقصى المبارك , وخلق واقع إسرائيلي
على الأرض الفلسطينية يساهم في خنق الإقتصاد والحياة
لدى الشعب الفلسطيني وبالإضافة لذلك تقييد الدبلوماسية
الفلسطينية نتيجة للممارسات الإسرائيلية العدوانية
-التعامل مع المفاوض الفلسطيني في إطار "عقد إذعان"
بحيث يفرض فيه الطرف القوي –إسرائيل- على الطرف
الضعيف – فلسطين- , شروط السلام بالقوة والتي لاتحظى
في الحقيقة للمشروعية الدولية .
2-الإتحاد الأوروبي –
الإتحاد الأوروبي يشكل في الحقيقة من أكثر الدول التي
تقدم المساعدات للشعب الفلسطيني, وتتوافق الدول الأوروبية
على أن أنسب الطرق لتحقيق السلام هو في المفاوضات , إلا
أن الدول الأوروبية تتباين فيما بينها حول التفاصيل فيما يتعلق
بالموضوع الفلسطيني , إلا أنه فيما يتعلق بتوجهات الدول
الأوروبية من حيث قيام الدولة الفلسطينية فإنها تتبلور على -
النحو القادم بيانه-
-موافقة الدول الأوروبية علي قيام دولة فلسطينية "قابلة للحياة"
بجانب "دولة إسرائيل الامنة", طبقاً لقرارها الذي إتخذته
عام 1996
-تباينت الدول الأوروبية بصدد إعترافها بدولة فلسطين 2012
وبالإضافة لهذا التباين في المواقف أيضا إندرج في اللقاءات مع
ممثلين من حركة حماس
-ربط الإتحاد الأوروبي مساعداته مع التصرفات السياسية
الفلسطينية وقد بررهذا الموقف بعد نجاح حماس بالإنتخابات
3- مجموعة دول البريكس
هذه المجموعة تتشكل من –"الإتحاد الروسي,الصين الشعبية
البرازيل , الهند, جنوب أفريقيا حيث إنضمت لهذه المجموعة
في العام 2010.
تعمل هذه الدول على تنسيق سياستها الدولية وتتعاون في عدد
من المجالات المشتركة , وهذه المجموعة تحظى بالأهمية ,
حيث أن عدد سكان هذه المجموعة يقدر43% من عدد سكان
العالم , نصيبها ن التجارة العالمية يصل الى 18%,
وإستثماراتها الخارجية العالمية مايقدر53%’, وعند
إبراز مواقف هذه المجموعة حول الدولة الفلسطينية توضح
مواقفها على الشكل القادم بيانه –
-دعم العي الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة في
الأمم المتحدة .
-دعم الجهود المبذولة لوحدة الصف الفلسطيني
-تأييد قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات السيادة الكاملة
وعاصمتها شرقي القدس .
-تأييد التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي على أساس
قرارات الشرعة الدولية , ومبادئ مؤتمر مدريد , وبنود
المبادرة العربية .
4-اليابان وتركيا وإيران
-اليابان إنفتحت على العلاقات مع الفلسطينيين , ولها مكتب
تمثيل في رام الله , وقامت السلطة الفلسطينية بالتبادل فتح
مكتب تمثيل البعثة الدائمة في طوكيو,وساهمت اليابان في
تطوير مشروع "ممر السلام والإزدهار2008, حيث يتضمن
هذا المشروع تطوير غور الأردن بالتعاون مع السلطة
الفلسطينية والاردن وإسرائيل , وبالتالى هذا الموقف لدى
اليابان يمثل في قبول اليابان على قيام الدولة الفلسطينية ذات
السيادة وعاصمتها القدس الشريف .
-تركيا, لايوجد مشكلة لدى تركيا في قيام الدولة الفلسطينية
وينسحب هذا الأمر على إيران , بالرغم من التشجنات السياسية
بين تلك الدول والسلطة الوطنية الفلسطينية , ربما العامل
الأيدولوجي يلعب دوراً مهماً في هذا الإتجاه , وخصوصاً أن
تركيا وإيران عضوان في منظمة التعاون الإسلامي
وطبقاً لما تم الإشارة إليه فيما يتعلق بالمواقف الإقليمية والدولية
للقضية الفلسطينية من جهة قيام الدولة الفلسطينية , وجدنا أن
هناك إجماعاً دولياً على قيام دولة فلسطينية , إلا أننا نصطدم
في الحقيقة بتعنت إسرائيلي لتحقيق السلام الشامل الذي
بمقتضاه يتم تجسيد الدولة الفلسطينية , هذا جانب وضعف
الدبلوماسية الفلسطينية , نتيجة عوامل داخلية في الجهاز
الدبلوماسي الفلسطيني وأيضاً نتيجة الغلاف الدفاعي
الذي توفره الولايات المتحدة الأمريكي والذي يفتح
من خلاله الطريق لإسرائيل بتنفيذ سياساتها بما يؤدي إلى
تصفية القضية الفلسطينية .
إلا أنه لابد من الإطلالة على الجوانب الإيجابية والسلبية
للجهد الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني الرازخ في الحقيقة
تحت نير الإحتلال الإسرائيلي وذلك على الوجه القادم بيانه-
أولاً- الجوانب الإيجابية للجهد الدبلوماسي الفلسطيني
-نقل الملف الفلسطيني من الثنائية في التفاوض مع الإحتلال
الإسرائيلي بوسيط أمريكي غير نزيه إلى أروقة المجتمع الدولي
-ترقية مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى الحصول على
صفة دولة مراقب "غيرالعضو".
-الحصول على عضوية فلسطين في نظام ميثاق روما –
المحكمة الجنائية الدولية- عزز من الموقف الفلسطيني في
تهديد حكومة الإحتلال الإسرائيلي نتيجة جرائمها العدوانية
التي تطال الشعب الفلسطيني ومؤسساته المختلفة
ثانياً- الجوانب السلبية لإدارة الدبلوماسية الفلسطينية
في إطار علاقاتها الدولية
-عدم توافر التكامل بين التفاوض العلني والتفاوض السرى
لجهة تحقيق النتائج المطلوب تحقيقها للسياسة الفلسطينية
-عدم الإعتماد على الأدوات النضالية الفلسطينية الأخرى
المكملة للأداة الدبلوماسية وكذلك ردفها لتوفيرالقوة الدبلوماسية
أثناء التفاوض
-إستمرار الإستيطان اليهودي دون ردة فعل دبلوماسية تنفيذية
تحقق الردع المطلوب لإيقاف أو جلاء الإستيطان عن أراضي
دولة فلسطين التي تم الإعتراف بها دوليا عام 2012
-عدم التحديث والتجديد المطلوب للفريق التفاوضي الفلسطيني
-عدم التحديث في البعثات الدبلوماسية الفلسطينية
-عدم وضوح الموقف السياسي الفلسطيني فيما يتعلق بموضوع
اللاجئين الفلسطينيين.
خامساً- الدبلوماسية العالمية الحديثة
نظراً لدخول العالم في عصر التكنولوجيا وثورة تقانة
المعلومات , فإنه أضيف في القرن الحادي والعشرين إلى
وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية أجهزة دبلوماسية جديدة
يطلق عليها "الأجهزة الدبلوماسية الموازية", تتضمن من أجهزة
علنية والأخرى سرية .
فالجهاز الدبلوماسي الرسمي هو محفوظ لرؤساء الدول من
خلال القمم ومايتضمنها من قرارات تتعلق بالقضايا السياسية
الكبرى , أو دبلوماسية المنظمات العالمية ويكون لوزراء
الخارجية تطبيق توجيهاتها فقط
أما الجهاز الدبلوماسي السري الموازي فهو يتمثل في أجهزو
المخابرات التي أصبحت من أهم الوسائل التي يعتمد عليها
رؤساء الدول في تصريفهم للشؤون الخارجية , الأمر الذي
يضع الدبلوماسية السرية من الأجهزة القوية التي تعتبر منافساً
قوياً للجهاز التقليدي المتمثل في وزارة الخارجية.
ونظراً لتنوع أشكال الدبلوماسية فقد ظهرت العديد من أنواع
الدبلوماسية, فمنها الدبلوماسية الإقتصادية والتنموية والإعلامية
والرياضية , وهذه الديبلوماسية المختلفة تقترب من الشعوب
وبالتالى تحدث نوعاً من الترابط مع الدبلوماسية التقليدية
المتمثلة بوزارة الخارجية .
غير أن الدبلوماسية الإقتصادية والتكنولوجية تتصدران
الدبلوماسية العالمية , وهاتان الدبلوماسيتان تم دعمهما
بمهام جوهرية هما الدبلوماسية الوقائية والإفتراضية
أما الدبلوماسية الوقائية فهي – مجموعة من التدابير
التي تتخذها الدبلوماسية لتلافي ظهور توتر خطيرأونزاع
ينذر بالخطر أوتلافي دخول دولتين في حرب أولتوقي
دولة في حال إذا ماهددت بإستخدام سلاحها النووي لفرض
تسوية معينة
أما الدبلوماسية الإفتراضية فهي – تستحضر جميع
السيناريوهات المحتمل وقوعها لتحدد التدابيرالتي على
الدبلوماسية إتخاذها لمواجهتها.
وتلك الوسائل الحديثة في الإتصال والتكنولوجيا قامت
أمريكا بتغذيتها وتوظيفها في سبيل خدمة جهازها الدبلوماسي
الأمر الذي وضع أمريكا في مرتبة متقدمة في التأثير من ناحية
النفوذ والسيطرة والتحكم بمسارات الحرب والسلم في شؤون
العالم , على النقيض من ذلك الدول العربية التي تأخرت كثيراً
في مسايرة التقدم التكنولوجي والتقني والذي إنعكس سلباً على
أدواتها المختلفة ومنها الأداة الدبلوماسية .
إن من أهم أهداف الدبلوماسية في القرن الحادي والعشرين
هو في ترسيخ النمط الإجتماعي ىلتدبير العلاقات الدولية , نظراً
لإنعكاس ذلك على إستتباب الأمن والسلم الدوليين.
الإستنتاجات –
أولاً-أن الدبلوماسية هي أداة لتنفيذ السياسة الخارجية للدولة
ثانياً-الدبلوماسية الفلسطينية تعمل في ظروف إستثنائية لأنها
ترزح تحت نير الإحتلال الإسرائيلي
ثالثاً- الدبلوماسية الفلسطينية بين ضعف الأداء والقوة
رابعاً- إتفاقية باريس – المنظمة للعلاقة الفلسطينية الاسرائيلية
بموجب إتفاقية أوسلو – شكلت تقييداً للتطوير الإقتصادي
الفلسطيني , وعدم تعديلها بمايتناسب مع المصالح الفلسطينية
سادساً- المقترحات
أولاً- نقترح تفعيل وتجديد الأداة الدبلوماسية الفلسطينية من
حيث مؤسساتها وعنصرها البشري ضمن ضوابط قانونية
ثانياً- تعظيم دور الدبلوماسية الإقتصادية الفلسطينية على
قاعدة إعادة النظر بإتفاقية باريس – وتطوير البعثات
الدبلوماسية الإقتصادية في وزارة الخارجية وفي السفارات
ثالثاً-إعادة مفهوم ترويج القضية الفلسطينية العادلة عبر
الجهاز الدبلوماسي الفلسطيني لتشمل حركة المجتمع الدولي
الرسمي والشعبي وفي المنظمات الدولية
رابعاً-عقد المؤتمر الدبلوماسي الفلسطيني في المحافل الدولية
خامساً- التمسك بالمؤتمرات الدولية الهادفة لتحشيد الرأي العام
الدولي وعلى رأسها المؤتمر الدولي بفرنسا للقضية الفلسطينية
سادساً- الدبلوماسية الإقتصادية الفلسطينية وضرورة إدماجها
في البيئة الوطنية الفلسطينية من حيث وضع الحلول الناجعة
للمشاكل الداخلية , سبيلاً لرفد المشروع الوطني الفلسطيني
بمرتكزات قوية .
سابعاً- الفهرست
أولاً- القوة والدبلوماسية في إطار العلاقات الدولية
ثانياً-الدبلوماسية الفلسطينية
ثالثاً- السياسات الدولية تجاه القضية الفلسطينية
رابعاً-الأبعاد الإيجابية والسلبية للدبلوماسية الفلسطينية
خامساً- الدبلوماسية العالمية الحديثة
سادساً- المقترحات
سابعاً- الفهرست
ثامناً- المصادر
ثامناً- المصادر
أولا-هايل عبدالمولى طشطوش.الدبلوماسية ودورها في إدارة
العلاقات الدولية,ستار تايمز,جامعة اليرموك, الأردن
ثانياً-رضا حرب.القوة في العلاقات الدولية,جريدة البناء,عدد2197, 10 -10-2016
ثالثاً-د.عبدالهادي بوطالب,مسار الدبلوماسية العالمية ودبلوماسية القرن العشرين,دار الثقافة, الدارالبيضاء,ط2004,1
رابعاً-هدير محمود,المبادرة الفرنسية-تسوية للصراع أم مناورة سياسية,جريدة البديل,31-يناير-2016
خامساً-د.سموحي,الدبلوماسية والبروتوكول,بدون دار نشر
سادساً-عبدالرحمن محمدعلي,إسرائيل والقانون الدولي,مركزالزيتونة للدراسات والإستشارات,بيروت,2010
سابعاً-علاء حسن محمد بدوان,أثر الدبلوماسية الفلسطينية في تحقيق الثوابت الفلسطينية ,أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا, جامعة لأقصى , فلسطين, رسالة ماجستير
ثامناً-محسن محمد صالح, التقرير الإسترتيجي الفلسطيني,2008,ص209
تاسعاً-
Japan Oil- imports,site of indexMundi,www-indexmundi.com/japan/oil_imports.htm1
عاشراً-قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني رقم 13لسنة2013,جامعة بيرزيت,فلسطين, معهد الحقوق,منظومة القضاءوالتشريع في فلسطين ,المقتفى
نظرة علي الباحث
جهاد علي البرق
باحث دكتوراة في القانون الدولي
عضو الإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين – لبنان
[email protected]
الإقامة= لبنان- بيروت
تل- 0096171594984
#جهاد_علي_البرق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟