|
المسلمون ومتلازمة ( جيري هيشفانغ ) .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 04:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المحير للإنسان بلا شك ، ذلك الموقف من المسلمين إتجاه دينهم وطريقة التعامل معه ، خاصة حين نراهم مثلا لا يزالون متمسكين به وبشريعته ، رغم ما جره هذا عليهم من ويلات و مصائب ، فالمفروض و لأي إنسان عاقل أن ينفر من أي شيء أودى به إلى الهاوية ، ولكننا وحال الوصول للمسلمين ، فنحن نجدهم يتمسكون بالإسلام ، وبالأصولية ، رغم أنها جرت عليهم ويلات الإرهاب ، و كوارث التخلف و البؤس الذي جعلهم حاليا في آخر دول العالم ، فتقريبا اليوم إنتهت الصراعات في كل مكان ، عدى بلاد المسلمين التي تحولت دولا عديدة منها إلى ركام بسبب الإسلام و الشريعة تحديدا ، فأمور كداعش ، و الطائفية الدينية التي تفتك بكثير من الدول ما هي سوى نتيجة حتمية للتمسك بالدين الإسلامي ، و لكن طبعا فمع هذا لا يزال المسلمون هناك يحلمون بقصص عدوة المجد للإسلام ، و العودة لتطبيق الشريعة ، و أن تلك الأمور لا تمثل الدين ، و أنه بريء ، فما الذي بالضبط يجعل المسلمين يتصرفون هذا التصرف ، و ما هو السبب وراء هذا ؟ .
بتصوري و إذا أردنا الإجابة على هذا السؤال ، فالجواب هو أنهم يعانون حاليا من ( متلازمة جيري هيشفانغ ) فهي وحدها أعتقد أنها ما يمكن أن يشرح لنا سبب سلوك المسلمين ذاك ، ولمن قد لا يعلم طبيعة هذه المتلازمة ( وهو المتوقع من الجميع طبعا ، فقد إبتدعتها الآن فقط ) فالجواب هو : أنها الحالة التي جسدها لنا الممثل المميز "ريان رينولدز " في الفيلم الأكثر من رائع ( الأصوات ) للمخرجة الإيرانية-الفرنسية المبدعة " مرجان ساترابي " و لشرح أوفى ، فقصة الفيلم ولنفهم طبيعة المتلازمة تدور حول شاب أمريكي لطيف أسمه ( جيري هيشفانغ ) ، يعيش حياة هانئة تقريبا في أحد المدن الأمريكية ، حيث له عمل جيد ، و منزل جميل نظيف ومرتب ، و له حيوانان أليفان هو كلب وقط ، و موره بالعموم جيدة وطبيعية ، عدة مشكل صغير يعاني منه جيري كما يبدو لنا في بداية الفيلم، هو أنه يعاني من سماع أصوات تحدثه من حيوانيه الأليفين ، وتعتبر تلك الأصوات نوعا من التناقض الداخلي داخل جيري ، حيث يمثل الكلب صوت الضمير ، و القط صوت الإنحراف ، و مما يحكيه لنا الفيلم أيضا عن جيري أنه تعرض في صغره لحادث بشع أدى لدخوله مصحة نفسية ، حيث قام مرغما على القيام بجريمة في صغره بسبب طلب أمه منه هذا ، وهو ما جعله مجبرا على تلقي العلاج لدى أحد الأطباء النفسيين بأمر من القضاء من اجل السماح له بإطلاق سراحه ، و لكن المشكلة التي كانت تواجه جيري هنا ، هو أنه كان يرفض أكل تلك الأدوية ، حيث كان يكذب على الطبيبة في ذلك الشأن ، و أستمر هذا الأمر حتى حصل في أحد الأيام وقام بقتل صديقة يحبها عن غير قصد ، ولسبب ما وخوفا من أن يتهم بأنه قاتل فقد أخذ جثة صديقته معه إلى البيت بطلب من القط الذي حذره من أن لا أحد سيصدقه لو قال الحقيقة ، وعليه فقد جاء بها إلى المنزل وقام بتقطيعها و تعبئتها في علب للتخلص منها عدى الرأس ، و الذي أحتفظ به في الثلاجة ، و طبعا وبسبب المرض الذي يعاني منه جيري ، فقد حصل و أن صار يتصور رأس حبيبته يتكلم معه حيث مباشرة بعد وضعه في الثلاجة انطلق الرأي بالحديث كأنه حي ، وهو الأمر الذي راق لجيري جدا ، حيث كان يتداول أطراف الحديث مع الرأس يوميا ، بل وحتى أن يحاول إطعامه بالملعقة التي يأكل بها ، وكان ذلك الرأس جذابا وجميلا وهو يحدثه فهو يبدو طبيعيا رغم ما قد يجري له من ثأثر بعوامل الزمن حتى أن حصل مرة وهو بداية حبكة الفيلم ، و هو أن الرأس طلب من جيري أن ينفذ عملية إغتيال أخرى من أجل منحه رفيقا يؤنسه بدل الوحدة ، فقد أشتكت حبيبتها الوحدة في التلاجة و ألحت على جيري بجلب رفيق ، وبسبب إصرار الرأس على هذا ، وهلع جيري من هذا الطلب ، فهو يعني إرتكاب جيري جريمة أخرى متعمدا وليس غلطة كما جرى سابقا ، فقد قرر جيري أن الحل هو أكل الدواء لكي تختفي الأصوات ، ويرتاح من صداع حبيبته ، وهنا طبعا كانت الكارثة ، فبعد أن تناول جيري حبة الدواء ، و أخذ الدواء يأخذ مفعوله في جسده ، حتى تغيرت صورة الحياة لدى جيري ، وحلت محلها صورة مرعبة ومنفرة ، فالمنزل الجميل والنظيف ذاك الذي يعيش ، تحول لبيت مليء ببراز الكلاب و القطط و كأنه لم يتم تنظيفه مطلقا ، فالدماء تغطي معظمة الأرضية ، و الغبار والرائحة الفظيعة تملئ المكان ، أما الراس الذي كان جميلا وفاتنا ، فقد بدا رأسا لجثة ، وقد تعفن راح الدود يخرج منه ، وهو ما افزع جيري بشدة ، وعليه ذهب سريعا للحمام محاول تقيء الدواء عليه يتخلص من أثره بكل ما أمكنه ، وفي النهاية أنتهى الأمر على أن فر من المنزل كليا ولم يعد إلا و أثار الدواء خرجت من جسمه ، و هنا وبعد هذا فقد أستطاع العودة إلى البيت و الذي عاد لسابق عهده ، جميلا نظيفا ومرتبا ، و رحب به رأس حبيبته على عودته والذي كان ودودا وجميلا ، وطلب منه أن لا يكرر تلك الفعلة الشنيعة بأكل الدواء ، فهكذا سيعاني بشدة من رؤية واقعه المزري على حقيقته ، ولهذا فعليه الاستمرار في عيش الأوهام السعيدة رغم الواقع الكارثي ، لانها الحل الوحيد لمشاكله .
طبعا هنا أفترض أن الجميع قد فهموا معنى متلازمة ( جيفري هيشفانغ ) و علاقة المسلمين بها ، فالمتلازمة في أساساها ، هي تلك الحالة الحتمية التي يصل إليها الإنسان الموهوم حال رفضه أخذ الدواء ، فعدم أخذ الدواء ، يعني بالضرورة ، أن ذلك الإنسان سيستمر في أوهامه ، وهو لا يمكنه التعايش مع باقي الناس الطبيعيين ، فكما جيري الذي لو دخل شخص طبيعي لمنزله سيفزع من الحالة المزرية التي عليها البيت ، و التي يتقبلها جيري ويراها طبيعية ، كذلك يفزع الإنسان ويتعجب من تقبل المسلمين لحالهم الكارثي و تبنيهم للإسلام ، رغم ما جره عليه ، وهذا هو حال المسلمين ، فهم يعيشون في اوهام أن الإسلام هو الحل ، و أن الحضارة الإسلامية عظيمة ، و أن الشريعة هي أسمى قانون في الوجود ، و بسبب فقدانهم للدواء للعلاج من هذه الأوهام التي تضر بهم وتؤدي بهم إلى أمثال داعش ، و نقصد هنا العقلانية ، و المنطق ، و الحرية في النقد و التعبير لإدراك حقيقة الأكاذيب تلك ، فهم يضلون أسرى الواقع المزري الذي هم فيهم ، فرغم التخلف و البؤس في حياة المسلم بسبب الإسلام ، ولكن المسلم يستمر كجيري في رؤية العالم الإسلامي عالما ورديا جميلا ، ومبهرا ، وهو لن يصدق البتة أن ما يقوله له الآخرون على أن يعيش في مكب قمامة صحيح ، فالمرض قد حرمه من القدرة على الحكم الصحيح ، وعلى القدرة على الرؤية الصداقة ، ومن هنا نقول أننا و إذا أردنا حل مشكل المسلمين مع التخلف و البؤس و الإرهاب الذي يضر بهم وبالعالم ، فما علينا فعله هو إجبار المسلمين على تناول الدواء للتخلص من أوهامهم ، فمحاولة خروج المسلم طوعا من حالة الوهم تلك مستبعدة ، و قد لا يتحملها الأغلبية حتما، لأن الجميع سيرفضون كما رفض جيري رؤية الكوارث التي هم فيها بسبب الدين ، و سيفضلون كجيري عيش حياة خرافة سعيدة ، على النظر لحقيقة الأمور البائسة و المنحطة فيهم ، و هو ما ينتهي بنا إلى سؤال سيفرض نفسه علينا بقوة حاليا وهو : ومن سيجبر المسلمين على تناول الدواء ، إذا كانوا يرفضون هذا ؟ وبرأيي فلا أحد يدري الإجابة على هذا السؤال ، فهل سيقوم العالم الذي يعاني منهم بهذا مثلا ؟ أم سيحصل أن تتولى نخبة استطاعت التحرر من تلك الأوهام فعل هذا ؟ أو لربما سيستمر حال المسلمين هكذا إلى أن يبادوا جميعا بسبب ما يفعلونه بأنفسهم ؟ عموما الزمن سيجيب على هذا مستقبلا .
( ملاحظة : أتمنى لو يشاهد من قرؤوا المقال الفيلم ، لأنه سيعطي صورة أوضح حول الفكرة )
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لوبيات الجهل المقدس .
-
عن الإسلام و نشره الغباء بين معتنقيه .
-
وهل لدى المسلمين عدى الإرهاب و القتل ؟ .
-
المسلمون والتخريب الممنهج للحضارة الإنسانية .
-
- ثمن الايدولوجيا - الجزائر نموذجا .
-
للتعريب بالقوة نعم ، ولرفضه ولو بالكلام لا .
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 2.
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
-
البوركيني لإغاظة الفرنسيين لا أكثر .
-
إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .
-
التحرش كإفراز طبيعي للقيم المجتمعية الإسلامية .
-
الإسلام كمشكلة للعالم .
-
خرافة إسمها الشريعة الإسلامية .
-
عنصرية أوربية أم همجية إسلامية .
-
تربية المسلمين قبل تربية اللاجئين سيدة ميركل .
-
عن براءة الأزهر من سجن إسلام بحيري .
-
دولة بها مساجد، دولة في خطر.
-
تحويل المساجد لخمارات لحل مشكل الإرهاب .
-
رزيقة شريف ضحيتك يا وطني .
-
قلنا من البداية -لا تصالح- .
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|