أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مرايا السوريين















المزيد.....

مرايا السوريين


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1415 - 2005 / 12 / 30 - 10:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


على هامش كل المعارك والحروب، ولا سيما السياسية منها، هناك دائما ضحايا وأبرياء يقعون صرعى جراء آلة الحرب التي لاترحم تلك، ولكن أن يكون الضحايا شعب بأكمله، فلعمري فإن تلك أكبر من مجزرة يجب ألا يسمح بها أحد ويجب أن تتوقف فورا، وخاصة من قبل أحباب، وعشاق الأمس، الذين صاروا بفعل السياسة، وموبقاتها، وألاعيبها أعداء، وخصوما ألداء لا يشق لهم غبار. لقد وجدنا أنفسنا فجأة، كسوريين، وسط معمعة من التصريحات، والتصريحات المضادة، والسهام المسمومة ونشر الغسيل الوسخ من قبل، أشخاص، وأحزاب، وهيئات من المفترض فيها أن تحمل رسائل حضارية، وإنسانية، كما تدعي، لا رسائل، همجية، وبدائية منحطة، لا تعكس تلك "اللوحة السوريالية" التي يحاولون أن يرسموها لأنفسهم. فبلأمس القريب خرج عليا أحد لوردات الحرب، وأمراء الطوائف، وتجار الحروب المتقلبين والمعروفين بتصريح يصف فيه عموم الشعب السوري بـ"المساكين". نعم نحن مساكين، ومعترين، و"مشحرّين"، ومنتوفين، وربما أكثر مما في بال السيد الحصيف، وبما يستحي المقام الكريم من ذكره أيضا، ولكن هذا قدرنا السياسي المرسوم، الذي صنعته صروف الاستراتيجيات العاتية، والمخططات الجهنمية، والذي لا طاقة لنا به على الإطلاق، ولكن، وأيضا، لا علاقة لأحد بها، ومن المشين والمخجل على أي كان لتذكير أصحاب العاهات، والمعوقين سياسيا بوضعهم المزري وإعاقتهم القدرية، ولا حاجة لتقريعنا بها في كل مرة، وتذكيرنا بهذا الوضع البائس الذي نحن فيه. والسؤال الأهم للمتفوه الخطيب لماذا لم تتم الإشارة إلى هذه الحالة التعتيرية حين كان مولانا، وسيدنا المعظم نفسه، وقدس الله سره دوما، يخر سُجدا، وركعاّ، وفي عناق طويل وحميم، مع الجنرالات الأرستقراطيين، وعرفاء بزنس التهريب، وحتى حُجّاب ترتيب اللقاءات والمواعيد، والفراشين المهملين في مخافر الأمن، وأقبية التحقيق التي صارت ملازمة لصورة سوريا والسوريين، والتي خبرها جدا صاحبنا النحرير لكثرة ما تبرّك بجدرانها, ولّف، ودار حول جدرانها بخشوع عميق، وقرأ التمائم القومية أمام عتباتها، وجرّد الطلاسم الباطنية على جنباتها لتبقى العلاقات أخوية إلى أبد الآبدين، ورتل التعاويذ الغرامية لنيل رضا سكرتيري مكاتب آيات الله الثوريين الاشتراكيين في تلك العتبات المقدسة التي كانت حكرا عليه وعلى زملائه الطيبين، ومازالت حتى اليوم محظرة على كثير من الشرفاء والمؤمنين الصادقين من السوريين، غير آبه أبدا، يومذاك، بمشاعر السوريين في تلك المشاهد الإباحية المثيرة، وكانت حركات اليوغا الاستعراضية والسياسية التي كان يظهر بها أمام رب البيت السياسي الكبير، وتصريحاته الطنانة ، فقد كانت تجد صداها القاتل في آذان، وعيون فقراء السوريين، لتظهر ذاك الولاء المسرحي الزائف الكبير.

وربما ساهم، بشكل ما، هو ورهطه المنافقون من السياسيين، في بعض من تلك الحالة البائسة التي يعيّرنا بها الآن أمام العالمين، والتي لم يكن لنا أبدا فيها أي عير سياسي، أو نفير مصلحي في كل ذاك التهريج القديم، فلِم تقحمونا في هذا السيرك الفاضح المليل أيها الساسة المتسلقين الملاعين؟ نعم لقد خرجت الآن الثيران الهائجة عن الخط الذي رسم لها، والتي دأبت تفلح عليه جيئة وذهاباً عشرات السنين.

ويحاول البعض، الآن، وبكل طيش ومغالاة مريضين، رسم، وإخراج تلك الصورة المجردة والقاتمة عن سوريا والشعب السوري بشكل عام مستغلين حالة انعدام الوزن، بسبب تغير بوصلة الولاء من عنجر إلى عوكر بهذا الشكل المهين. واليوم يطل علينا أحد فرسان الحملة المحمومة إياها للتطاول على سورية والسوريين، متهكماً من وجود منبر سوري إنترنتي هو مرآة سورية، استطاع، وبجدارة، وبجهود فردية، وتطوعية خاصة من بسطاء سوريين، وبعيدا عن كل التخرصات، والأوهام، والوساوس في نفوس المرضى، والمعاقين المساكين، أن يشمخ على قدميه في غابة الإنترنت الكثيفة، والمليئة بشتى الألوان، وقد هزأ صاحبنا المغوار الهمام الألمعي الكبير من هذا الموقع السوري الرائد بالقول إنه يعجب أنه قد صار في سورية مرآة، وقد قرأ فيه مقالا لم يرُق له، علما بأن مرآة سورية كانت تنشر تصريحاته ضد سورية، ومقالات أخيه الآخر الصغير بشكل دوري، ولا يكلف المرء سوى عملية بحث بسيط على الموقع للتأكد من نهج واستقلالية، وحياد مرآة سورية التي تتشكل فيها كل ألوان الطيف السوري بلا محاباة أو مجاملة لأحد.

نعم، صار في سوريا مرآة، وفيها مرايا وطنية شريفة وصادقة برغم أجواء التعتيم والحصار التي رسم وبكل أسف النظام بعضا من هذه الصورة القاتمة، بحيث أصبحت صورة السوري سلبية بكل المقاييس وكأنه إنسان متوحش خارج من لتوه من العصر الحجري، ومن كهوف التاريخ ولا يتورع عن الإقدام على أي فعل في سبيل كسب مادي ضئيل، والتي يحاول نفس هؤلاء الأشقياء رسمها الآن عن سورية والسوريين.

سوريا ليست كلها مخابرات، و"عنجريين"، ومخبرين خبرهم جيدا الفاضل الكريم أكثر من عموم السوريين الذي فيهم كل الطيبة والشرف والأمانة وليسوا على تلك الشاكلة، وليسوا كلهم من نفس تلك العينة الاستخباراتية، والطينة الهجينة النادرة التي كنت وأمثالك من السياسيين الطارئين تتمسح بها، وتتذلل لها، وتحاول أن تنال الصفح، والرضا وجواز المرور من مجرد عرفاء ومجندين. آه، يا سيدي، وحبذا لو كانت هذه المرآة موجودة أيام العشق، والهيام، والغزل واللقاءات الغرامية المثيرة والفاضحة مع الجنرالات، وصغار الكتبة والموظفين، لكنت خجلت وأرحتنا واسترحت، ولرأيت كم كنت فجاً، ومبتذلاً، وذلولاً مهين، وفاقداً لأي إحساس نبيل ياسيدي الكريم. ولو كنا نعلم أن الوصال سينقطع بهذا الشكل، المرير، والحزين لكنا نصبنا لك المرايا العاكسة، وليست مرآة واحدة، في كل "زاروب"، وأمام كل مكتب، وفي كل خلوة "دافئة"، وعند ناصية كل شارع كنت تنتظر فيها الساعات الطوال لتحظى بإيماءة رأس، وابتسامة فاترة من خريجي المدرسة الحربية، والعساكر الأغرار على حواجز التفتيش، والخط العسكري الذي امضيت ردحا طويلا من عمرك تجوبه ذات الشمال، وذات اليمين. ففي تلك الأيام المباركة من الزواج الأسطوري والعجيب بين البصاطير العسكرية والألمعيين الديمقراطيين المتبجحين المحدثين لم يكن أبدا لهذا الشعب المهمش المسكين، لا ناقة، ولا جمل، ولا حتى بنسا واحدا، أو وظيفة واحدة في كل صفقات النيابة، والتسلط، والتوزير.

كنا أول من كتب عن استشهاد الرئيس الحريري وقدمنا التعازي في هذه المرآة مع كثير من السوريين التي يتندر عليها صاحبنا، وترحمنا على خسارة لبنان والعرب لعلم وطني فريد، كما ذهلنا، وفجعنا، وحزنا، مع كل سوري، وكتبنا وأدنَا ، وكتب غيرنا الكثير عن جريمة اغتيال الصحافي الكبير جبران تويني. ولكن كيف تكون الحماقة، والسير في الاتجاه الخاطئ والدرب العسير؟ وها هو النظام السوري بكل جلالته، وبهاءه، وعنفوانه ورموزه الخالدة المخلدة أمامكم فصفوا حساباتكم معه إن كنتم حقا أبطالا ميامين، أما الشعب السوري العظيم فهو خط أحمر، وحرام محرّم على عبث الهواة، والصبيان اللاهين الداشرين.

نعم للأسف، وبكل أسى، وحزن، ولحسن النية والطوية بـ"الشحادين" والمتوسلين على أعتاب الحكام، وفي تلك الأيام الطائشة من ذاك المجون السياسي الأرعن، ووله المراهقين المتعطشين، لم تكن المرايا منصوبة في أي مكان للعلم اليقين بأن المشاهد الإباحية والداعرة لا تحتاج لتسجيل، وتبقى في البال على مر السنين، ولكن اليوم وبعد أن أفقنا على هول صدمة التحول الكبير ، فقد أصبحت المرايا كثيرة، ومنصوبة في كل مكان تتابع أدق التفاصيل، وتقول الكثير والكثير، وتعكس سوءات، وعورات، وخزايا السياسيين البائسين المتعوسين والمسوخ المتعملقين الذين يحاولون التطاول على مهد الحضارات والشعب العظيم. نعم لو كانت المرايا منصوبة في ذلك الزمن السياسي الجهيض الرديء لبانت الأقزام على حقيقتها وظهر حجمها الحقيقي في المرايا التي طلاها زيف هؤلاء المتفوهين.

نعم في سورية مرآة، وفيها مرايا عظيمة وحقيقية أخرى، ورجال عظماء يجوبون الآفاق بأسماء لها الصدى الطيب والرنين، وتركت بصماتها الخيّرة في كل ميدان سلكته، وفي كل طريق ولجته ولكن المشكلة فيمن لايرى، حتى لو كان أمام أكبر المرايا، وفيمن أصيب بالعمى البصر، بعد عقود من ابتلائه بعمى البصيرة

لن تخسر سوريا دورها الريادي والإنساني العظيم، ولو تعثرت ببضع خطوات، هنا، وهناك في مشوارها الراقي الطويل، ولكن ابقوا هذا الشعب العظيم خارج حساباتكم وتجارتكم، وولاءاتكم التي تتغير كل يوم عشرات المرات مع تغير هبوب الرياح السياسية من عشرة داوننغ ستريت، والبيت الأسود اللعين، وقصر الإليزيه.

كفوا عن بلهكم، وجذامكم، وصرعكم الذي أنتم فيه مصابين، وانظروا إلى مراياكم نفسها قبل مرايا "المساكين"، فلعلها تظهر لكم نذرا يسيرا من تلك الإعاقات، والتشوهات الولادية التي لم تظهرها، للأسف، ذات يوم، مرايا الآخرين.

لن نسمح لأحد بالتطاول، أبدا، على سوريا، والسوريين، وإن عدتم عدنا، وما نحن له براغبين.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرلمان العربي: سراب السراب
- شجرة الحرية
- الحجاج نويل
- الأجندة العربية والأجندة الأمريكية
- صلوات لاستسقاء الديمقراطية
- نقطة نظام
- عندما تطفئ الشموع
- لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟
- نبوءة علي الديك
- مدرسة الحوار المتمدن
- نهاية رجل شجاع
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير
- فرصة الأخوان التاريخية
- الاستبداد هو الاستبداد
- نجوم خلف القضبان
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مرايا السوريين