|
إن الصراع بين الأمريكان والشيعة يمكن أن يفلت من السيطرة
كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 1414 - 2005 / 12 / 29 - 11:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غاريث بورتر ترجمة: كهلان القيسي بَدأتْ إدارة جورج دبليو بوش جُهداً جديد للضَغْط على زعماءِ المليشيات الشيعة العراقيين للتَخلّي عن سيطرتِهم على شؤونِ الأمنِ الداخليةِ التي يُمْكِنُ أَنْ تَقُودَ الشيعة لإعادة النظر في إعتمادِهم على القوات الأمريكيةِ. إنّ المجابهةَ المرتقبةَ، هي نتيجةُ المخاوفِ الأمريكيةِ حول السيطرةِ على وزارةِ الداخلية مِن الشيعة ذوي الصلات الوثيقةِ بإيران، بالإضافة إلى تأثيرِ العنفِ الطائفيِ المُقرِّ رسمياً ضدّ السُنّةِ الذين يَدْعمونَ التمرّدَ. إلا أن الزعماء الشيعة، على أية حال، يَبْدون مُصممين على التَمَسُّك بمفاصل الدولة كضمان للقمع ضدّ إعادةِ نظام البعث. الدور الجديد في السياسة الأمريكيةِ جاءَ في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عندما قرّرتْ الإدارة مُوَاجَهَة رئيسِ الوزراء إبراهيم الجعفري علناً بمراكز التعذيبَ المُدارة من المسؤولين الشيعةِ في وزارة الداخليةِ وفي مواقعِ مُخْتَلِفةِ من بغداد. والقرار لم يكن نتيجةَ لإيحاء جديد، لأن القيادة العسكريةَ وسفارة الولايات المتحدةَ الأمريكيةَ كانا يعلمان عن وجود مثل مراكز التعذيبِ هذه لشهورِ، مِنْ التقارير التي كان يكتبها الضبّاطِ العسكريونِ الأمريكيونِ. فقد أخبرَ الرائد الطبيبَ جون ستوكي من الجيشِ الأمريكيِ، صحيفة الكرستيان ساينز مونتور: بأنّه والشرطة العسكريةَ الأمريكيةَ زارا مراكزَ إعتقال وزارةِ داخلية وابلغ عن أدلة للتعذيبِ وسوءِ المعاملة الأخرى،ِ في تلك المراكز إلى سلسلةِ المراجع العليا قَبْلَ أَنْ يتَركَ بغداد في يونيو/حزيرانِ. ومع ذلك فإن واشنطن بَقيتْ صامتة على هذه القضيةِ. على أية حال، هاجمَ الجيشَ الأمريكيَ معسكرَ إعتقال وزارةِ داخلية في ضاحيةِ الجادرية في بغداد في 13نوفمبر/تشرين الثّاني، عند ذلك أصدرَت سفارة الولايات المتحدةَ والقيادةَ الأمريكيةَ بيانَا مشتركَا غير عاديَ يَدْعون فيه بان مراكزَ التعذيبَ هذه "غير مقبولة نهائيا." ثمّ إستعملتْ السفارة الكشف عن بيوت التعذيبَ هذه لإصْدار مطلب علني ذكرت فيه أنه على أطراف المليشيات الشيعيّةِ ان تَتخلّى عن تسلطها على مفاصل أمنِ الدولة الرئيسيةِ. وفي 17نوفمبر/تشرين الثّاني ، قالت السفارة: " لا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هناك أي سيطرةَ للمليشيات أَو الطائفيةَ على مسار قوّاتِ الأمن العراقيةِ، كمؤسسات أَو وزارات." نَظرَ الزعماءُ الشيعةُ لهذه التحركاتِ الأمريكيةِ كجزء مِنْ محاولة لكي تُخفّضُ سَيْطَرَة الأغلبيةَ الشيعية من الائتلاف العراقيِ الموحد في البرلمانِ ولزيَاْدَة الأصوات لرئيسِ الوزراء المؤقتِ السابقِ إياد علاوي وهو شيعي علماني وبعثي سابق كَانَ متعاونا مُنْذُ مُدة طَويلة مع وكالة المخابرات المركزيةِ. بحدود أغسطس/آب، فإن رئيس الوزراء الجعفري وزعماء آخرين مِنْ الحزبِ الشيعيِ الرئيسيِ، المجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق عَبرَوا الرسالة إلى أعضاء حزبِهم وهي إن الولايات المتّحدةِ كَانتْ تُحاولُ شَلّ الحكومةِ لكي تعود بعلاوي إلى السلطة في إنتخاباتِ ديسمبر/كانون الأولَ. إذ عندما كَانَ علاوي رئيسَ الوزراء المؤقتَ بين عامي 2004-2005، تحاربَ مَع زعماءِ المليشيات الشيعيةِ على الحاحهم المتطرف على اجتثاث البعث والتَمويل الإيراني السري لمرشحي كل مِنْ المجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق الدعوة ووحدات بدر الشبه عسكرية الإيرانية التّدريب. وقبل إنتخاباتِ يناير/كانون الثاني الماضي، أشار وزير دفاع علاوي الشيخ حازم الشعلان إلى قائمة الائتلاف الشيعي علناً على أنها "قائمة إيرانية." الإدارةُ الأمريكية شاركت علاوي في وجهاتِ نظره على التدخّلِ السريِ الإيرانيِ في السياسةِ العراقيةِ لكن إختارتْ أَنْ لا تُعلّقَ عليها بشكل واضح علناً، لتجنب إحراج الحكومية الشيعيةَ الجديدَة. وفي إشارة إلى علاقاتِ إيران بالعراق إستهجنتْ وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في مايو/مايس الماضي، "التأثير الذي لا داعي له في البلادِ من خلال الوسائلِ الغير شفّافةَ." وقبل فترة قليلة من الإنتخابات البرلمانيِة الأخيرِة، على أية حال, أجج المسؤولَ الأمريكيَ القضيةَ بشكل واضح في بيانه حين اشتكى الجنرال جورج دبليو. كايسي في مقابلة مع Ridder بأنّ الإيرانيين كَانوا "يَضخون ِ ملايينَ الدولاراتِ إلى الجنوبِ للتَأثير على الإنتخاباتِ … موّلتْ أولياً من خلال منظماتهم الخيريةِ وأيضاً من بدر والبعض مِنْ هذه الأحزاب السياسية." أشارَ كايسي أيضاً إلى أعضاء مليشيات بدر، التي انضمت وحداتَها إلى وزارةَ الداخلية والجيشَ بأعداد كبيرة، ك"رجالهم الخاصين." عندما حِيكتْ الإنتخابات في 15ديسمبر/كانون الأولَ, أشارَ زلماي زادة بشكل واضح بان الولايات المتّحدةَ تريد إشتراك أوسعَ بالسلطةَ في الحكومةِ القادمةِ. " حيث لا يكون لأي حزبَ أغلبية مطلقة ، سيكون هناك حاجة لتَحَالُف عريض جداً، " تَمنّتْ السفارةُ على ما يبدو بأنَّ التحالف الشيعي يحْصلُ على مقاعدِ أقلِ وعلاوي على مقاعد أكثر في البرلمانِ القادمِ، ليَزِيدُ الضغطَ على القائمة الشيعية للتَفَاوُض على حكومة إئتلافية واسعة بضمن ذلك كلا من علاوي وممثلون عن السنّة. في 19ديسمبر/كانون الأولِ, خليل زاده أشارَ للتصميمَ الأمريكيَ ثانيةً لإجْبار قيادةِ المجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق للكف عن السيطرةِ على أعضاء أمنَ الحكومةِ. "أنت لا يُمكنُ أن تنصب شخصا ما يُعتَبرُ طائفيا كوزير للداخلية، " أشارتْ الانعطافات الأولية إلى عرض أقوى للتحالفِ الشيعي مِنْ الذي توقعته السفارةِ وعرض أضعف لعلاوي في إنتخاباتِ يناير/كانون الثّاني. ويَبْدو ان علاوي مستبعد الآن مِنْ المفاوضاتِ على الوظائفِ العالية المستوى في الإدارةِ. على الرغم من هذا، فان خليل زادة ما زالَ لَهُ البطاقةُ الكرديةُ للِعْب بها. لأن التحالف الشيعي سَيَحتاجُ إلى دعمَ الأكراد لتَشكيل حكومة جديدة، والأكراد، الذين تحالفهم العسكري بالولايات المتّحدةِ مركز على إستراتيجيتِهم السياسيةِ، أشاروا الآن بأنّهم سَيَطْلبونَ إدراجَ الممثلين السنّةِ في الحكومةِ. ففي إجتِماعه بخليل زادة يوم الأحد، قال الرّئيس جلال الطالباني الكردي، "بدون الأطرافِ السنيّةِ لَنْ تكون هناك حكومة إجماعِ وطني وبدون حكومةِ إجماعِ لَنْ يكون هناك وحدة، ولَنْ يكون هناك سلام." المفاوضون الأكراد أيضاً من المحتمل أَنْ يَصرّوا بأنّ الشيعة يجب أن يَتخلّوا عن السيطرةً على وزارةِ الداخلية. ففي آخر مَرّة فإن التحالف الشيعي عندما كَانَ في عملية مُحَاوَلَة لتَشكيل الحكومة بعد الإنتخاباتِ البرلمانية الأولىِ في يناير/كانون الثّاني، جوبه بطلبات كردية لَعبتْ دورا رئيسيا في تَأخير تشكيلِ الحكومةِ الجديدةِ لثلاثة شهورِ. ذلك إن استراتيجية التفاوضِ الكرديةِ ألان قد تلازمت مع الجُهودِ الأمريكيةِ لمُمَارَسَة الضغط على الزعماءِ الشيعةِ للسَماح للضبّاط البعثيين السابقين للإِسْتِمْرار بقيَاْدَة المواقعِ في الجيشِ ووزارة الداخليةِ. عندما رفض قادة المجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق التَرَاجُع عن السيطرةِ على وزارةِ الداخلية، أظهرت إدارة بوشَ أللين بدلاً مِنْ خَلْق أزمة سياسية. في هذا الوقتِ، على أية حال، فإن الخازوق استمر إلى أعلى. إذا تواصل العنفَ الطائفيَ إلى الأسوأ، فان البيت الأبيض يُخاطرُ بانهيار الدعمِ السياسيِ في الوطن. وقد حذّرتْ الإدارةَ علناً بأنّه سوف لَنْ يقْبلَ إستمرار الوضع الراهنِ. أما بالنسبة لزعماءِ الحزب الشيعةِ، فان الضغط الأمريكي لمشاركة السلطة الرسميةِ مَع الممثلين العلمانيينِ أَو السنّةِ - خصوصاً على الأمنِ الداخليِ - يَمْسُّ عصبا حسّاسا. يَعتبرونَه سيطرةً على مفاصل قمعِ الدولة كالمفتاح إلى إبْقاء النظام الشيعي في الحكم. إذا شعر عبد العزيز الحكيم وزعماءِ والمجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق الآخر، بأنّهم يَجِبُ أَنْ يَختاروا بين الإعتِماد على الحمايةِ العسكريةِ الأمريكيةِ أو الاعتماد على قوات وأمنِ نظامِهم، فإنه من المحتمل أَنْهم سيختارون الخيار الأخير. هم يُمْكِنُ أَنْ يُجابهوا الضغوطَ الأمريكيةَ بتحذيرهم بأنهم سَيَطْلبونَ جدول مواعيد لإنسحابِ القوات الأمريكيةِ إذا واصلت الولايات المتّحدةَ في التَدَخُّل في مثل هذه الأمورِ الحسّاسةِ سياسياً. إن ذلك لَنْ يَكُونَ تهديداً خاوياً كليَّاً. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نقل عن آية الله علي السيستاني مِن قِبل مساعديه ما يمكن اعتباره مثل هذا المطلبِ. معنى ضمنيا لدَعوة إلى إنسحاب أمريكي سريع نسبياً سيدفع الزعماء الشيعة للاتجاه إلى إيران للمساعدةِ العسكريةِ والماليةِ العلنيةِ، وهذا يتوافق مع توجيهِ سياستهم الخارجيةِ الأساسيةِ. إن إستراتيجية إدارة بوشَ في الضغطِ على الزعماءِ الشيعةِ بشأن قضيةِ السيطرةِ على أجهزة أمنِ الدولة هكذا فإنهم عِنْدَهُمْ الإمكانيةُ للخُرُوج عن السيطرة والتسبّب في كارثةِ سياسيةِ أخرى في العراق وكامل الشرق الأوسطِ.
الكاتب: غاريث بورتر مؤرخ. كتابه الأخير أخطارُ الهيمنةِ: عدم توازن القوَّةِ والطريقِ إلى الحربِ في فيتنام المصدر:www.antiwar.com تاريخ النشر: 27-12-2005
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديمقراطية، الطراز العراقي
-
قصة المهرج الذي اشترى ذمم البعض في الإعلام العراقي
-
روبرت دريفوس: العراق، اللعبة إنتهت
-
بهاء موسى, المحاكم البريطانية, و17 بريمر
-
من داخل سجونِ العراق السرية: شهادة عراقية
-
هل أطاح زلماي وعمار الحكيم بعلاوي- باتفاقات سرية؟؟
-
إرهاب وانتقام متجدد في خرائبِ الفلوجة
-
أمريكا: تَدْعو إلى طرد وزيرِ داخلية العراق لتعذيبه السجناء ا
...
-
توقعات ما بعد انتخابات العراق
-
إذا غادرت أمريكا العراق؟؟ما الذي سيحدث، نظرة من الداخل
-
إيران تَدير العراق عبر مليشيات بدر- وثيقة دامغة ضد وزير الدا
...
-
الحرب الجويةَ المخفية في العراق
-
رعب النِساء الحوامل في طرقِ بغداد الخطرة
-
تلاشى حلم عودة العراقيين
-
نظرة على الجماعات المسلحة في العراق: من هم وكيف يقاتلون.
-
شارون في كردستان بلا عربان
-
-السفر مَع أولادِ السوء-، نشوء فرقِ الموت العراقيةِ
-
الحرب القذرة: تعذيب وتشويه العراقيين, وحرقهم بالفسفور هذه بغ
...
-
وحوشنا في العراق: خفايا وأسرار تمس الحكومة العراقية
-
فرق الموت السرية، مغاويرِ شرطة العراق الجدد
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|