قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5316 - 2016 / 10 / 17 - 18:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الهموم بين عامة وخاصة
حينما تحدث سائق التوك-توك بحرقة بالغة ، والذي اصبح بين ليلة وضحاها، أشهر من نار على علم ، ربط في حديثه بين الهم الخاص والهم العام. وأنا هُنا أتعمد استعمال كلمة ألهم وليس كلمة الوضع العام والخاص .. وصدق حينما قارن الاوضاع المصرية قبل قرن من اليوم والآن .. فالإزدهار الحضاري ، هو نتاج لتقدم علمي ، اقتصادي وإنساني .
الهمّان متداخلان ،مترابطان ومُلتحمان ببعضهما كتوأم سيامي ،لا إنفصام لعراهما.. رغم نجاح الأطباء في الفصل بين التوأمين السياميين، فتوأم العام والخاص لا يمكن فصلهما ولا بمشرط أمهر الجراحين .
ففي حين يميل البعض من الكتاب والمفكرين الى الكتابة في الهم العام، بطريقة "تستبعد" عن غير قصد طبعا، الهم الخاص ، مما يؤدي الى عدم اهتمام الجمهور الواسع بهذه الطروح، والتي تبدو وكأنها ترفٌ فكري، لا شأن للناس وهمومهم اليومية بها ..!!
لنأخذ على سبيل المثال، الكتابات حول الوضع السوري، ما بين مؤيدي "الثوار" ومؤيدي النظام .. فالغالب على هذه الكتابات هو التحليل لموازين القوى المحلي والأجنبي وتراشق التهم والشتائم المتبادلة ..!! لكن ماذا تقدم هذه الكتابات للمُحاصرين، الجوعى ، الفارين بجلودهم والمُشردين .. !! إنهم يريدون حلا سريعا ناجزا.. يضمن لهم حياة كريمة .
نعم ، من الجيد رؤية الواقع الجيو- سياسي، لكن المسؤولية على ما آلت اليه اوضاع الشعب السوري ، يتقاسمها النظام و"المعارضة" التي تحمل سلاحاً وأجندات أجنبية .. أما الإدعاء بأن الهدف الأسمى هو الحفاظ على وحدة التراب السوري، مهما كلّف ذلك من أثمان، فما هو الّا إدعاء لا يرى البسطاء وهمومهم.. فالشعب يستحق أفضل من هذا النظام ، وأفضل بكثير من هكذا "معارضة".
وكذا هو الحال مع المقالات التي تدرس اسباب انهيار منظومة الدول الإشتراكية .. فهي تتركز حول التطبيق للنظرية ، هل كان جيدا أم كان سيئا؟ ولا تُعير التفاتا لأهمية الهم الخاص للمواطن في تلك الدول .
يُمكن الجزم بأن بقاء أو سقوط الأنظمة والدول هو نتيجة مباشرة، لمدى اهتمام النظام والدول بالهم الخاص. فالمواطن يبحث عن حرية في التعبير والإختيار، لقمة يأكلها ،بيت يأويه ، علاجٌ متوفر، تعليم مقبول ، وعملٌ يحترمه ويحترم قدراته كإنسان .. ولا يبحث عن شعارات ونظريات .
إنه يبحث عن احترام كينونته الإنسانية أولا وقبل كل شيء..
ويبقى السؤال ، هل حققت الأنظمة والدول المعاصرة طموح الانسان في "عيش ،حرية ، عدالة اجتماعية"..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟