أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - مجتمع مكَّة ومجتمع ٱلمدينة من ٱلأمس إلى ٱليوم















المزيد.....

مجتمع مكَّة ومجتمع ٱلمدينة من ٱلأمس إلى ٱليوم


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1414 - 2005 / 12 / 29 - 11:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد تأسست أول قرية (ديمقراطية) فى ٱلتاريخ فى موقع مكَّة. وجرى ذلك ٱلحدث من إلتقآء شُعَبٍ مُّهاجرةٍ عن تجمعاتها ٱلمشاعيّة ٱلبدآئيّة (ٱلكومونيالية) فى ذلك ٱلموقع. وكما يبيِّن كتاب ٱللَّه فإنَّ مكَّة هى أمِّ ٱلقُرى (كتاب "ٱلديمقراطية دين ٱلمؤمنين"). وفى مكَّة نزل وضَيَفَ وتقرَّش عيش هذه ٱلشُّعب ٱلمهاجرة على ٱحترام وحماية حقوق كلِّ شُعبة منها. وقد صنعت هذه ٱلشُّعب بهداية رسوليّة (إبراهيم وإسمٰعيل) لنفسها دارًا لِّلسلطة فى ٱلمسجد ٱلحرام. وفيه ٱجتمعت هيئة للسلطة فىۤ أول قرية ومثَّلت جميع ٱلشُّعبِ ٱلنازلة فيها. وكانت هيئة هذه ٱلسلطة تشبه سلطة ديمقراطية ٱلطوآئف ٱلتوافقية فى لبنان كما هى عليه إلى يومنا هذا. وهى صورة أولى للديمقراطية ٱلجمعية وفيها حقُّ ٱلفرد هو حقُّ شعبته أو طآئفته. فلا حقّ للفرد خارج حقّ ٱلشُّعبة أو ٱلطآئفة ٱلتى نشأ منها. (لم تقبل طوآئف لبنان بتشريع ٱلزواج ٱلمدنى لأنها ترى فيه هدم للطآئفة وسلطتها).
ٱلحدث ٱلتاريخىّ له خطّ سيره ٱلذى يدلّ عليه. ولكلٍّ من ٱلحدث ٱلبشرىّ وٱلحدث ٱلرَّسولىّ خطّ سيره فى ٱلتاريخ. ولنا فيهما مثلين ننظر فيهما فنهتدى ونستنبط ٱلعبرة منهما. فٱلحدث ٱلبشرى يجرى من دون حنفٍ عن هداية قديمة للأبآء كما فى ٱلمثل ٱللبنانىّ وكما يبين قول قوم نوح:
"ولو شَاۤءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ ملـٰۤئِكَةً مَّا سمعنا بهذا فىٰۤ ءِاباۤئِنا ٱلأولين" 24 ٱلمؤمنون.
وهم يوكِّدون وثنيتهم فى ٱمتناعهم عن قبول ٱلحنف عمَّا كان عليه ءَابآؤهم من هداية جآء بها رسل مَّلٰئكة ويرفضون أىَّ هداية يحملها إليهم رسل من ٱلبشر:
"إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ" 22 الزخرف.
وٱلحدث ٱلبشرىّ (ٱلذى يقطع أصحابه أنفسهم عن تطور ٱلهداية) يخضع للهوى ومصالح طوآئف وأفراد يستبدّون فى عيش ٱلناس وخطّ تاريخهم. وهو ما نرـٰه ٱليوم فى ٱلأحداث ٱلجارية على أرض لبنان. أما ٱلحدث ٱلبشرىّ ٱلذى يصدِّق أصحابه ويتبعون هداية رسوليّة فيجرى بهداية رسالةٍ تحدّ وتوارى سلطة ٱلهوى وٱلاستبداد.
لقد جآءت ٱلهداية ٱلأولى لإقامة مجتمع أول قرية فى ٱلتاريخ هو مجتمع مكَّة "قريش". وليكون ركن ٱلتأسيس لطورٍ أعلى فى مجتمع ٱلمدينة ٱلذى يشرّع فيه للطآئفة حقَّها وللفرد حقُّه. وقد كانت ٱلمدينة ٱلمنورة هى ٱلأمُّ لهذا ٱلطور ٱلمدينىّ. وهى ٱلتى شدَّت إليهاۤ أفرادًا مُّهاجرين من شعبهم وطوآئفهم وٱستضافتهم وألَّفت بينهم وبين طوآئفها فى ميثاق عيش وسلطة تصون وتحمى حقوق طوآئفها وحقوق شعبها وحقوق أفرادها. وشرَّعت للفرد حقّ شخصيته ومسئوليته من دون ربط لها بحقوق شعبته أو طآئفته بما فى ذلك حقّه فى ٱلزواج بعيدًا عن ٱلشُّعبة وٱلطآئفة.
لقد كانت فكرة ٱلشخصية ٱلفردية ٱلتى تؤسس عليها كلمة "ناس" قد تأسست بإعلان محمَّدٍ ٱلرَّسول فى مكَّة لهذا ٱلحقِّ "لكم دينكم ولىَ دينِ". وقد ٱمتنع ٱلملأ من أهل مكَّة عن قبول هذه ٱلفكرة وتمسكوا بما لديهم من حقوق فى ديمقراطية ٱلشعب وٱلطوآئف ٱلتىۤ أسسهاۤ ءابآؤهم.
ولمَّا كثر عدد ٱلناس (ٱسم جمع لأصحاب ٱلشخصية ٱلفردية) ٱلمناصرين لإعلان ٱلرَّسول شرَّع ملأُ قريش فى مكَّة ٱلتكفير وٱلبطش بمن يناصر ٱلفكرة. وكان هذا ٱلشَّرع ٱلمانع لتكوين ٱلشخصية ٱلفردية سببًا لِّهجرة أنصار ٱلإعلان ٱلرَّسولىّ من مكَّة. كما هاجر حامل ٱلفكرة محمَّد ٱلرَّسول ليؤسس فى يثرب دولة ٱلمدينة برئاسته ويشرّع إعلانه ٱلذى يفتح ٱلسبيل أمام فكرة ٱلشخصية ٱلفردية وحقوقها.
إلاۤ أنَّ أعمال قريش لمنع قيام فكرة ٱلحقوق ٱلفردية لم تتوقف من بعد ٱلهجرة. وقد رأى ملأ مكَّة فى دين دولة ٱلمدينة ٱلمنورة خطرًا على دين ٱلطوآئف فى قريتهم قريش فعمل للتخلص منها. وبدأ حربه على أهل ٱلمدينة ٱلتى ٱستمرت لثمانى سنوات وٱنتهت بهزيمة قريش وفتح مكّة وكسر شوكة ٱلمعتدين.
ومن بعد ٱلفتح بسنتين توفى ٱلرَّسول محمّد. وبموته أعلن ملأ قريش نفوذه فى ٱلسلطة وعمل مسرعًا لأخذها فى ٱنقلاب سقيفة بنى ساعدة (كتاب "ٱلانقلاب").
وبدلا مِّن متابعة ٱلمثل ٱلرَّسولى أو ٱلعودة إلى ديمقراطية ٱلطوآئف (كما كان ٱلأمر فى مكَّة) فقد تأسست سلطة بشرية تتبع هوى وطمع بيت من بيوت قريش (كتاب "ٱلصحيفة"). وٱستبدت هذه ٱلسلطة بٱلطوآئف وٱلأفراد ولم تقبل إلا بحقّ طآئفة واحدة هى طآئفة ٱلسلطة. وقد أعلنت هذه ٱلسلطة شعارها ٱلمُكره للناس فى دينهم "لا يجتمع فى جزيرة ٱلعرب دينان". وأسندت إعلانها هذا بزعمها أنَّه قول لِّلرَّسول صدَّق عليه ٱلقريشىّ عمر ٱبن ٱلخطاب (كتاب "ٱلانقلاب"). وبهذا ٱلشعار ٱلطاغوت شنت ٱلسلطة ٱلجديدة حربها على بقية ٱلطوآئف وٱلأفراد ٱلذين لم يقبلوا بٱلخضوع لهذه ٱلسلطة. وٱستطاعت سلطة ٱلطاغوت ٱلناشئة من إخضاع ٱلجميع. وصنعت تاريخ بشرٍ لا يهتدى بٱلحدث ٱلرَّسولى ٱلأول فى مجتمع ٱلقرية ولا بٱلحدث ٱلرَّسولىّ ٱلأخير فى مجتمع ٱلمدينة. وله هدايته بهوى وطمع بيت من بيوت قريش.
وما يتوقف ٱلنظر عنده بفتح مكَّة أنَّ ٱلفاتح لم يُكره أهل مكَّة على ٱتباع سلطة تشرّع لحقّ ٱلشخصية ٱلفردية إلى جانب حقوق ٱلطوآئف وٱلشُّعب. ولم يطلب منهم ٱستبدال سلطتهم ٱلتى تقوم على ٱتباع ديمقراطية ٱلشُّعب وٱلطوآئف. بل ترك لهم هذا ٱلأمر من دون إكراه. وعاد مع جيشه إلى ٱلمدينة بعد أن أخذ من أهلها جزية ٱلحرب ٱلتى بدءُوها.
وفى يومنا هذا نشهد حدثًا يجرى علىۤ أرض ٱلعراق. وفيه ما يشبه ٱلهداية إلى تأسيس أول قرية فى مكَّة. كما فيه ما يشبه فتحها. ومآ أرـٰه فى ذلك ٱلحدث أنَّه يغفل فى جريه عن ٱلهداية بٱلحدث ٱلرَّسولىّ ٱلثانى (مجتمع ٱلمدينة) ويتبع فيما يفعله من أجل ٱلسلطة ٱلحدث ٱلرَّسولىّ ٱلأول (مجتمع ٱلقرية). كمآ أنَّ ماۤ أرـٰه فى ٱلذين يحاربون هذا ٱلحدث أنهم يمثلون ما بقى من أهل طاغوت قريش ٱلذى نشأ بٱنقلاب سقيفة بنى ساعدة. وهم أعدآء للحدث ٱلرَّسولى سوآء ءَكان ٱلهادىۤ يهدىۤ إلى قيام مجتمع قرية أم كان يهدىۤ إلى قيام مجتمع ٱلمدينة.
لقد كسرت ٱلولايات ٱلمتحدة شوكة سلطة ٱلطاغوت فى ٱلعراق. وهى لم تكتفِ بجزية ٱلحرب بل تابعت فعلها فى هداية ٱلطوآئف وٱلأفراد فى ٱلعراق لتكوين هيئة سلطة تحصن لهم حقوقهم. وما ظهر من هذه ٱلهيئة إلى ٱلأن يبيِّن أنَّ ٱلهداية فى ٱلتأسيس تتبع سبيل نشأة سلطة ٱلقرية لا سلطة ٱلمدينة. وسوآء ءَكانت هذه ٱلسلطة سلطة قرية أم سلطة مدينة فهى تبشّر بسلطة تهتدى بحدث رسولىّ. وإن أدرك أهله ٱلهداية إلى ٱلحدث ٱلرَّسولى ٱلمدينىّ سيسلكون على سبيله فينتصرون علىۤ أعدآء ٱلحدث ٱلرَّسولى من قوم قريش ٱلجاهلين.



#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث ٱلرَّسول وحديث ٱلنَّبىّ
- ٱلأمريكيون هم ٱليوم رسل إقامة دين ٱلحقِّ ف ...
- أصل ٱلإنسان
- كلمة -حداثة- لا تدلّ على جديد
- لماذا مؤتمر بٱسم ٱلإسلام؟
- الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- ٱلثقافة وٱلحداثة
- أفكار للحوار
- ٱلدِّين ٱلقَيِّم
- من أجل دولة ديمقراطية مدينية فى سوريَّا
- إلى ٱلذين دمغ مأمور ٱلنفوس شهادة ميلادهم بٱ ...
- أنشودة مجاهد!
- ٱلتهديد بٱلقتل وهدر ٱلدَّم شرع شيطان
- متابعة ٱلقول فى ٱلاعتراض علىۤ إعلان دمشق
- مثل عن ٱلذين فى قلوبهم زيغ
- بلاد ٱلشام أنا
- ما هو ٱلفرق بين ٱلطريق وٱلسبيل؟
- لَبسُ ٱلدليل
- قول فى ٱلاعتراض على توقيعات إعلان دمشق
- مسلمون للَّه أم للشيطان؟


المزيد.....




- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - مجتمع مكَّة ومجتمع ٱلمدينة من ٱلأمس إلى ٱليوم