شذى احمد
الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 23:30
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
بين العناوين
في الصباحات الباردة تجمع في حقيبتها الجلدية العتيقة بعض الطعام والشراب. وعلى استحياء كتابا من الكتب الانكليزية التي اشترتها من محلات وأرصفة الشوارع في العاصمة
لم تخفي فرحتها في كل مرة تقع فيها عينيها على عنوان كتاب كان الحصول عليه في مدينتها اشبه بالحلم، لكنه الان بين يديها كتابا حقيقيا وليس الكترونيا. فهي عاشقة لرائحة الكتاب. مغرمة بتصفحه وطيه وتقليبه كلما ارادت ذلك
في دائرة الهجرة عليها الانتظار طويلا اسوة بالآخرين ، لا تشعر بالملل ، ولا تلتفت كثيرا لما يدور حولها. فعندما تنغمس في قراءة فصل من الفصول تنقطع عن العالم الخارجي. حتى تشعر بخدر في ساقها ترفع رأسها، فكأن الوقت توقف. المكان مكتظ. والوجوه تبدو هي هي.. لم تعود نفسها على حفظها مع هذا بدت كأنها نفسها
تسمع اصوات المتذمرين، الحانقين .. المتوسلين. وأولئك الذين يسيرون على غير هدى
تنتظر بطابورها الطويل علها تحظى بفرصة قريبة. تتابع بأسى كلما لمحت احدهم قادما يستدعي رقما. تؤمل النفس
يفصلها بين عالميها خيط رفيع من الوهم .. هناك ملامح قوتها . عالمها الجميل الذي نسفته جيوش الجراد الكاسح عندما سبت مدينتها
جامعتها التي كانت تذهب اليها كل يوم بفخر لتدريس اللغة الانكليزية لطلابها
ابحاثها. نظرات الطلبة الحالمة بين فتيات يغبطنها على نجاحها وتفوقها .. وهي بعمر قريب لأعمارهن
وشباب لا يتركون مناسبة إلا وكانت همزات وغمزات الغزل بادية على وجوههم لأستاذة تصلح للحب .. فقط للحب ثم الاهتمام بشكسبير
تتعجب من تلك الطريقة التي تدار بها الامور هنا. تستمع الى بعض الموظفات وهن يعانين الأمرين في الحديث بالانكليزية. .. كم من المرات رغبت بالمبادرة لتقديم المساعدة. بانكليزية صافية سألت: هل يمكنني تقديم المساعدة. باستعلاء ترمقها الموظفة وتجيب : لا لا نحتاج
تمضي ايام وأسابيع والحقيبة تبلى. والكتب تتراكم على المنضدة العتيقة في غرفتها بالنزل المزدحم . لا تنتهي معاملتها. لا يتغير شيء. ولا تتوقف عن البحث في الاسواق العتيقة عن عناوين كتب تمنت الحصول عليها في بلدها المدمر فلم تجدها إلا على ارصفة هذه المدينة التي لم تمنحها اوراق الاقامة بعد
#شذى_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟