أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيسى مسعود بغني - رخاء الدول (الكافرة) وتأخر المسلمون















المزيد.....

رخاء الدول (الكافرة) وتأخر المسلمون


عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)


الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 16:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


درج المسلمون في شتى بقاع الأرض على القول بأن القرآن صالح لكل مكان وزمان، وأنه المخرج من كل الأزمات الحالية والمستقبلية، وهو كذلك، ولكن السؤال الذي أذهل الكثيرين وأيقظ مضجع الباحثين والمفكرين، فضلا عن المشائخ ورجال الدين؛ هو لماذا هذا التردئ والإنحطاط للأمة الإسلامية حتى لا ينفك الغربيين من ربط التخلف بالإسلام، فالدول الإسلامية أكثر تخلفا إقتصاديا (ومعظمها يعيش على إعانات الغرب) والدول الإسلامية أكثر فسادا وأقل شفافية، وتحتل أدنى المراتب في الخدمات الصحية والتعليمية وبرامج التنمية البشرية ولها أدنى معدلات الأداء، كما تعاني من كبت الحريات العامة، وهبوط أخلاقي كبير نراه في الحروب العبثية في أكثر من 30 نقطة ساخنة على مستوى العالم، منها العراق واليمن وليبيا وسوريا والساقية ودارفور والفلبين وكشمير وأفغانستان والصومال وغيرها الكثير، وفي معظم هذه الدول يكون القتال بين المسلمين أو يكون المسلمون هم الحلقة الأضعف. وفي هذا ينطبق على الدول الإسلامية قول الشاعر:
كالعير فى البيداء يقتلها الظمأ........... والماء فوق ظهورها مجمول
الدين الذي جاء به القرآن واضح، وما عسر فهمه، تفسره أيات قرآنية أخرى جلية لا لبس فيها، ورسالته إلى البشرية جمعاء بسيطة، وقد لا يحتاج المسلم البسيط إلا إلى فهم التقسيم التقليدي للديانات السماوية ومنها القرآن، وهو أنها تتكون من عبادات ومعاملات، فالعبادات كالصلاة والصيام والحج شعائر تؤدى شكراً لله على نعمائه (كما قال سيدنا إبراهيم)، والقسم الآخر؛ المعاملات كالصدقة، وإثقان العمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في القول والعمل والسلوك الحسن عامة، هي تعاليم تحدد مجال المعاملات الحسنة بين البشر أفرادا وجماعات من أجل بناء مجتمع سليم وخالي من العاهات الجاهلية. وحيث أن الله لا حاجة له بعبادة العباد ( وهو الغني عن أقوالهم وأفعالهم) فإن هدف العبادة بشعائرها القولية والفعلية لا تتجاوز أن تكون تربية للنفس البشرية على السلوك الحسن وإتباع ما ورد في نهج المعاملات، وينتج عن ذلك التمكين للأمة في الأرض، وفوز الفرد والمجتمع بخيري الدنيا وحسن ثواب الآخرة، أما تمكين غير المسلمين فتحكمه الأية الكريمة: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (هود: 117)، أي الصلاح.
هذه الصورة البسيطة الواضحة في القرآن ما أن يدخل عليها تاريخ المسلمين بتفاسيره وعقده ومماراساته الخاطئة، وسلاطينه وولاته الذين قاموا بتفسير القرآن على نهج تصرفاتهم ورغباتهم بعد البحث عن أحاديث نبوية تؤيد توجهاتهم؛ منها المنقطع وآخر ضعيف وغيره حسن ورابع متواثر أو صحيح، وهناك الأحاد، والمنكر، والموضوع وغيرهم، وهناك العشرات من الفتاوي المتناقضة، مما أوجد العشرات من المذاهب الفقهية قديما وحديثا، بل أنتج مدارس حديثة تعتمد بالكامل على تفسير تاريخ الإسلام مثل القاعدة والحركة السلفية الوهابية العلمية وحركة داعش، وأنصار الشريعة، والحركة السلفية الجهادية وغيرها، وهذا يؤكد أهمية تفسير القرآن بالقرآن وليس تفسير القرآن بالسنة، وأن السنة مفسرة ومؤيدة لواضح القرآن وليست سبيل كامل منفصل لإقامة الدين، يقول ابن رشد اذا اردت ان تتحكم فى جاهل غلف له الباطل بغلاف دينى !!.
وما يؤكد قصور البشر عن إدراك مكنون الدين الإسلامي خارج منظور القرآن، مثالين في وصف طبيعة الأشياء إحداهما في الصدر الأول للإسلام والآخر في القرن العشرين. تقول الرواية: "كان مُعاويةُ يُلِحُّ على عمرَ بنِ الخطابِ في غَزوِ قُبرصَ، ورُكوبِ البَحرِ لها، فكتبَ عُمَرُ إلى عمرو بن العاص أنْ صِفْ ليَ البحرَ وراكبَهُ، فكتبَ إليه: إني رأيتُ خَلقاً كَبيراً يَركَبُهُ خَلقٌ صغير، إنْ رَكدَ حَرقَ القلوبَ، وإنْ تَحرّكَ أراعَ العقولَ، تَزدادُ فيه العقولُ قِلَّةً والسيئاتُ كَثرةً، وهُم فيهِ كَدُودٍ على عودٍ، إنْ مَالَ أغرق، وإنْ نجا فَرَّق. فلمّا قرأ عُمر الكتابَ، كَتَبَ إلى معاوية: والله لا أحمِلُ فيهِ مُسلما أبدا"، ولم يركب جيش المسلمين البحر إلا بعد مجئ الخليفة عثمان بن عفان. بالعكس من قول (داهية العرب) كان الوصف القرأني للبحر أنه وسيلة نقل السفن ومصدر رزق وحلية وله منافع عديدة.
المثال الآخر هو فتوي الشيخ عبد العزيز إبن باز في سنة 1976 م عن دار الفتوى والإرشاد السعودية، تقول بخروج من الملة لكل من قال أن الأرض تدور:" القول بدوران الأرض قول باطل والإعتقاد بصحته مخرج من الملة ، لمنافاته ماورد في القرآن الكريم من أن الأرض ثابته وقد ثبتها الله بالجبال أوتاداً ، قال : سبحانه وتعالى : والجبال أوتادا وقوله جل وعلا : وإلى الأرض كيف سطحت، وهي واضحة المعنى فالارض ليست كروية ولا تدور كما بين جل وعلا، وقد يكون دورانها أو تغيرها من غضبه سبحانه...." ولمن يريد المزيد فهناك ردود كثيرة في الموضوع. ولا تقتصر الفتاوي على البحر والأرض بل تتعدى إلى الصحة والتعليم والعلاقات الإجتماعية والنهج الإقتصادي، فنرى السبي وتجارة الرقيق وزواج القاصرات وزواج المسيار والبراءة من أهل الكتاب، والتبديع والتكفير والتفجير، والتداوي بالألفاظ لجميع الأمراض والعلل، وتحريم الإنتخابات والديموقراطية والحكم الرشيد.
هذه الصورة النمطية القاصرة والمناقضة للنهج القرآني هي التي أوجدت الدول الإسلامية منذ الفتنة الكبرى حتى الآن، وفي كل خلافة أو دولة يكون لها مشائخ سلاطين يقومون بتجهيز فتاوي سلطانية تخدم الطبقة الحاكمة ومن يدور في فلكها، وهو شأن لا علاقة له بروح الإسلام بل هذا السلوك هو الذي أودى بالأمة الإسلامية إلى الحضيض. نرى بعض المشائخ والمصلحين قد راعى إنتباهه هذا السلوك المتناقض، فمثلا يروي إبن تيمية "أن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة"، ويقول الشيخ محمد عبده "رأيت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام".
في دراسة أكاديمية بجامعة جورج واشنطون الأمريكية نشرت في 2010م، قام بالإشراف عليها الأستاذ حسين عسكري، أستاذ الإقتصاد والعلاقات الدولية، تمحورت الدراسة حول مدى تطابق تعاليم الإسلام القرآنية مع قوانين وسلوك عدد 208 دولة ومقاطعة على مستوى العالم، وكان هناك إثنى عشرة معيار، منها قيم تكافؤ الفرص والعدالة في التوزيع، والقيم الإجتماعية مثل تقديم الخدمات الإجتماعية والمساعدات الداخلية والخارجية للمحتاجين، ومنها الحريه، والعداله، و المساواه، والتكافل الإجتماعي والإستثمار في التعليم.
وخلوصت الدراسة إلى تصنيف الدول تبعا لتوافقها مع القيم الإنسانية القرآنية (ولم يستخدم جزء العبادات في التقييم) فكانت النتيجة أن الدول العشرة الأولي هي: إيرلندا (أولهما) ثم الدينمارك ولوكسمبرج ونيوزيلندا وأيسلندا وفنلندا وكندا أستراليا وهولندا وبريطانيا. وكان أول الدول الإسلامية ماليزيا في الترتيب (33). أما الدول العربية فليس هناك أحد في المجموعة الخمسين الأولى سوى الكويت في المرتبة (42)، وكانت البحرين في المرتبة (61)، وتونس في المرتبة (72)، والسعودية في المرتبة (91)، أما مصر ففي المرتبة 128 وليبيا في المرتبة (174).
هذه النتائج تفسر طلاسم التأخر في العالم الإسلامي وتضع الكثير من الأسئلة التي يجب الوقوف عندها، منها من هو الكافر في نظر الإسلام هل هو من يقوم بتطبيق تعاليم الإسلام أو من يدعي كذبا وزورا رفع راية الإسلام قولاً، وأفعاله لا علاقة لها بالدين داخل الوطن وخارجه؟. والسؤال الثاني للجماعات الإسلامية وخاصة السلفية منها، هل نرى أن السعودية مثالاً لنا لتكوين دولة إسلامية وهي في المرتبة الواحد والتسعون من التصنيف؟. والسؤال الأخير لليبيين والمصريين هل هناك عاقل يريد أن يعود إلى حكم العسكر الذي ثبت بالدليل أنه فاسد ومفسد للشعوب والدول، فمصر ترتيبها 128 وليبيا 174 ، وهذا التقييم مناظر جدا لتقييم الأمم المتحدة لدول العالم حول الشفافية والحرية وإنتشار الفساد خلال العقود الماضية، وهو يفسر فعلياً الواقع المعاش، حتى يلقي المسلمون بأنفسهم في البحر أملا أن يصلوا إلى الجنة الموعودة على الشاطئ الآخر، قد نكون الآن خارج التصنيف بسبب الوضع المتأزم ولكن لا رجوع للوضع السابق البائس، وللأمم خياراتها.



#عيسى_مسعود_بغني (هاشتاغ)       Issa__Baghni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الخوف
- إجتماع المصالحة بنالوت وأهمية الميثاق الوطني
- بوادر الإنفراج لأزمة الليبية وأهمية المصالحة
- طوبى للجنود الفرنسيين ومن حارب معهم
- المفتي ودار الإفتاء الليبية
- الطريق إلى سرت
- البرلمان الليبي في إنتظار رصاصة الرحمة
- الهجرة: من قوافل إلى قوارب الموت
- للوطن ربا يحميه
- الفيدرالية وأزمة نظام الحكم في ليبيا
- إتفاق الصخيرات تحت الإنعاش
- ظاهرة التكفير والتفجير
- داعش والحكومة الثالثة
- المحاصصة الجهوية والفساد
- الدستور الليبي وتعدد العواصم
- ليبيا- صراع الحواضر والتخوم
- العنف وإشكالية نظام الحُكم في الإسلام
- أبولهب وحمالة الحطب
- شاهد على الجيش الليبي
- حوار صنوان الشرعية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيسى مسعود بغني - رخاء الدول (الكافرة) وتأخر المسلمون