عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1414 - 2005 / 12 / 29 - 08:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
دعا أحد شيوخ العقل للطائفة الدرزية السيد حسين جربوع في سورية السياسيين اللبنانيين لعدم التدخل في السياسة السورية وإيقاف التهجمات عليها، وباعتباره الوحيد الذي نطق ، فالمقصود بالكلام بدون شك هو الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ، وظيفة الدعوة ، فرك إذن جنبلاط، وتذكيره بالدروز السوريين ، ودفعه للابتعاد عن التهجم على النظام السوري ورئيسه، وإلا فالعاقبة خطيرة ..
من الخطأ إدخال الدين في السياسة ، ولكن ما العمل مع التلفيقية العلمانية للنظام السوري التي تجعله يستخدم كل الأوراق في معاركه ، حتى التي قد تتحرك ضده هو بالذات ، وهذا ما يجعل المحللين يتسآلون بالسر والعلن عن مبررات كل مؤسسات الدولة السورية السياسية ، كمنصب رئيس الدولة ، والوزراء ، وأعضاء مجلس الشعب ، والجبهة الوطنية التقدمية ،وهل يقومون بأعمالهم ومهماتهم ، ويقترحون الحلول للمشكلات التي تواجه سوريا؟ ويساهمون في حلها ؟ ومنها المشكلة السورية اللبنانية التي قد تطيح بسوريا ولبنان معاً كأخوة في بلدين؟
دولنا الحديثة ،دولتنا السورية، لم ترتقي لمصاف العلمانية وتفصل الدين عن السياسة ،بل أبقته في إطار الإيديولوجية شبه الرسمية، ودعمت مؤسساته بشكل ملفت للانتباه منذ السبعينيات ،فكان للسياسة السورية وجه ديني بارز ، يسمح بالقول عن دولة دينية بمعنى ما، وللدين على اختلاف المذاهب وجه سياسي بمعنى ما ..
فتكاثرت المشكلة حتى صار كل سوري يسأل أخاه السوري ، ما دين هذا الشخص ، ولأية طائفة هذه المؤسسة ، وما هو دين المدير العام ، ولماذا لا تذهب للصلاة ، وصلاتك ليست صحيحة ، وعليك أن تكثر منها ،ولماذا تقيم صلات مع أبناء الطوائف الأخرى ، عدا عن أن كل العامل الصغيرة والورش والمحلات تقيم علاقات العمل فيها على الأساس الديني.
ولا يمكننا أن ننسى في سوريا " التقدمية" أن الوزراء والنواب وأعضاء الإدارة المحلية وحتى النقابات وكل المؤسسات تقوم على التقسيمات الدينية العمودية بالمعنى الأهلي وليس بالمعنى السياسي ، ولكنها قابلة للتحول نحو الطائفية السياسية وهنا المشكلة ..
تخطئ السياسة السورية كثيراً إن تمادت بالسماح للمؤسسات الدينية أن تلعب دوراً سياسياً ، لمعالجة مشكلاتها، كما فعل سابقاً البوطي حينما تهجم على الفلسطينيين أو كما يلمح شيخ العقل والتحريض ضد اللبنانيين ، كما أنها تخطأ عندما تحشد المسيرات والاعتصامات ضد اللبنانيين..
وبالتالي من الضرورة إيجاد أفضل السبل السياسية والعقلانية للمشكلات العالقة بين سوريا ولبنان دون طمس أو إغلاق لأية مشكلة، وتقبل الوساطات العربية والدولية واستدعاءها والابتعاد عن سياسة الهيمنة ، فهذه لم تنفع مع البشرية .
آن للنظام السوري أن يتخلص من عقدة الهيمنة بخصوص لبنان ومن تلفيقيته العلمانية ويبعد الدين عن السياسة والدولة، تنزيهاً للذات الإلهية ولمشاعر المؤمنين به ، قبل أن يفقد ذاته وشعبه بآن واحد ..
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟