جنون العظمة الجمعي

انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 5313 - 2016 / 10 / 13 - 09:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

جنون العظمة يعتقد صاحبه أنه حالة استثنائية ولهذا يصحبه شعور بأن الآخرين يكرهونه ويتآمرون عليه.

وكما يقع أفراد في جنون العظمة تقع الشعوب والأمم كذلك, يصيبها جنون العظمة الجمعي, مع الفارق بالطبع, نتيجة أوهام عنصرية أو دينية أو هما معا.

فبعض الشعوب يصيبها هذا الجنون بفعل الإعتقاد الزائف في نفسها أنها حالة بشرية استثنائية. وهناك نماذج عربية حية. فبعض الأنظمة العربية المستبدة تنشر الإعتقاد باستثنائية شعبها لتخديره عن الشعور بالمهانة والإذلال تحت حكمها الإستبدادي. ويظهر هذا الجنون في الغطرسة والكبر الذي يصيب كثير من أفرادها على غيرهم, وعندما تكون ردة فعل الغير سلبية تجاههم يفسرون ذلك بأنه حسد وكره لهم نتيجة تميزهم. وقد يظهر هذا الجنون العنصري في بعض الشعارات.

وكذلك يقع أتباع بعض الأديان في جنون عظمة جمعي ديني, نتيجة أن دينهم يصور لهم أنهم حالة استثنائية بين الأمم, وأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة, وأن اتباع الأديان الأخرى في ظلال ولا يرتقون حتى إلى مرتبة الإنسانية. وأمة وقعت تحت هذا الإعتقاد من الطبيعي جدا أن يؤدي بها اعتقادها إلى هذا الجنون الذي يتسم بالغطرسة الجوفاء والسطحية المضحكة والهروب من مواجهة الحقيقة بالتدلس والتلفيق للمحافظة على اعتقادها الزائف. فلا تنتفع بأي نقد ولا تلتفت إليه, بل تحاربه ومستعدة لقتل أي ناصح, لأنها تعتبر كل نقد وكل ما يفعله الآخرون مؤامرة عليها. فالعالم كله, من وجهة نظرها المجنونة, مشغول بالتآمر عليها لأنها أمة عظيمة استثنائية ومن الطبيعي, من وجهة نظرها هذه, أن يحاربها الظالون التائهون الناقصون الذين لم يرتقوا فوق مستوى ...

جنون العظمة الجمعي, خصوصا الديني, خطير على الجماعة نفسها, فضلا عن خطره على الغير. وأول مخاطره أنه يكرس كل صنوف التخلف, ويجرم النقد, فطالما هي جماعة عظيمة وكل ما لديها عظيم سيكون النقد جريمة, وستكون كل الفظائع حسنات وفضائل. ويجعل الأمة المريضة به تصور كل أو جل ما توصلت إليه الحضارة على أنه تآمر عليها لحرفها عن أسباب عظمتها. وكأن جميع البشر ليس لهم هدف في الحياة إلا التآمر عليها.

#انور_سلطان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات