أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق التاريخي هو عراق اليوم والتجربة لم تنجح في التغيير














المزيد.....

العراق التاريخي هو عراق اليوم والتجربة لم تنجح في التغيير


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 22:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العراق التاريخي هو عراق اليوم والتجربة لم تنجح في التغيير

العراقيون اليوم كأمة وكمجتمع وأخلاقيات تمارس واقعا وتصبغ بانفعالاتها صورة الشخصية الحضارية له في يومنا وعالمنا الحاضر، هي نفس الصورة جديدة المحدثة عن واقع قديم ومتأصل مرت به الأزمان والدهور والتحولات العنيفة والناعمة ولكنه لم يمر به التغيير، ولم يحدث أثرا ملموسا لا في الشكل العام الخارجي للشخصية العراقية ولا في جوهر التركيب السلوكي المتراكم، العراق الأقليم الذي كان سابقا يرمز له بالكوفة كولاية أو منطقة جغرافية في صدر الإسلام، هو ذاته مجتمع عراق اليوم واقعا مرسوما على الواقع الأجتماعي والحضاري ومسلكا حسيا في تعاملاته وأفعاله وإنفعالاته وتاريخا في كل ما يشير له بالوجود، لم يغادر العراق تاريخه بالمرة ولم يتخلى عن عمقه الزمني ومتمسك حد الفناء بالبقاء في دائرة الحدث الماضوي بالرغم من أنه يفهم ويدرك أن الزمن الماضي ولى والدهور صروف تتغير والأيام تتوالى، لكنه قرر أن لا يترك بأعتزاز تلك الشخصية التي حيرت الكثيرين ليس لأنه يرفض التغير، ولكن لأن التغير الطارئ عنه لا يمكن أن يمر بسهولة دون أن يترك جرحا عميقا في شخصيته الخاصة.
المعروف عن أهل العراق أنهم يحبون الحق بما يؤمنون به حق وعلى أختلاف طرق تفكيرهم وطرق نظرتهم للحق وأرتباطها بالسمو والغيب دون أن يفرقهم في هذا دين أو ثقافة فكرية، وأنهم يفدون وعلى أستعداد دائم بكل غال ونفيس من أجله ومن أجل إيمانهم به، ولكنهم لا يترجمون عادة هذا الحب والولاء بالصورة الحقيقية التي تبعد عنهم الصورة السلبية للولاء المتفاني، فتراهم عرضة للنقد القاسي من الخصوم ومن الذين لا يعرفون سر الشخصية العراقية مما جلب لهم الأنتقاد المزمن والمؤلم أحيانا حد لصق أفكار وأراء لم تقال بحقهم ولكنها أقحمت تأريخيا بحقهم كقول الزبير بن العوام إلى بعض من قاتل مصعبا (وإن فيكم أهل شقاق ونفاق).
فهل حقيقة أن أهل العراق بهذه الروحية من الإيمان بالحق والذي سجله التاريخ أبتدأ من أول سطر كتب فيه إلى يومنا الحاضر، وما بذله العراقيون من كرم بالدم وبذل في الأرواح هم أهل شقاق ونفاق؟، أهل العراق الذين وهبهم الله نعمة لا تجزى في كل أرض العراق التاريخي معروف عنهم وبإقرار أعدائهم قبل أصدقائهم ، أنهم كرماء حد النهاية التي تفلسهم وتجعلهم أقرب للإملاق والفقر المدقع ويبذلون أخر ما لديهم، ولكنهم م جهة أخرى لا يقدرون ولا يؤمنون بحقيقة أن الكرم الفارط والمفرط أحيانا إذا غال فيه صار تبطرا وبذار يجلب اللعنة مع من لا يفهم قيمة الكرم ولا يقدر ثقافة العطاء.
العراقيون اليوم يفتدون الدين أي دين يؤمنون به وعلى كل المستويات تاريخيا وحاضرا وبالشكل الذي يجسد إيمانهم سواء أكان هذا الدين أو الفكرة الدينية صائبة أو حتى لو كانت مخبولة وواهية، يعطون كل شيء أبتدأ بأرواحهم وبلا وجع حاضر لكن وجعهم مؤجل دوما للحصاد ومؤجل دوما للذكريات، ولكنهم أيضا لا يعرفون ولا يميزون أن الفداء حتى يكون مقبولا من الله لا بد أن يكون على تبيان وبيان حقيقي بالوجوب أو الأستحباب أو حتى النهي عنه، لذا حينما يكتشف العراقي خسارته يستحضر كل حزنه المتراكم ويدفع بمستويات التأثير في عمقه العقلي في الذاكرة إلى أعلى درجات الإحساس بالظلم، هنا قصة التاريخ الذي يقولون عنه أنه يعود في كل مرة، أجزم أنه لا يعود ولا أظنها صحيحة بالمعنى الذي يريده البعض ، لكننا نحن من نعود في كل مرة إلى حاضنة التاريخ لنستعيد المشهد الحزين المؤلم المعبأ حد التخمة في الذاكرة.
كل الشعوب التي تتصرف دائما خارج منطق النتيجة التاريخية المستسقاة من تجربتها ولم تبني من هذه التجربة عبرة ودرس عقلية، كي لا يتكرر عليها المشهد المأساوي بما يجلب من ضرر نفسي وسلوكي عليها فتقع في ذات الخطأ في كل مرة ومنها أهل العراق، العراقيون انقسموا تأريخيا بين تأييد ومعارضة لهذه الجهة أو لتلك لهذه الفكرة أو نقيضتها، لهذا الدين أو لذاك المذهب والنتيجة أنهم في كل مرة يخرج الجزء الثاني خاسرا محملا بالألم ومبتعدا بخطوة عن شقيقة الأخر، لذا نرى أن الأخرين الذين لديهم نزاع أو صراع سرعان ما تكون الساحة العراقية قبلتهم ومحلهم المفضل في الصراع، الكوفة بعيدة عن المدينة وبعيدة عن الشام ولم تكن نقطة طريق بينهما كما هي البصرة من قبل، تحولت إلى جحيم مناصر لهذا ومؤيد لذاك وبالتالي أنقسم العراق جغرافيا وتأريخيا بين هذا وذاك دون أن يمنح أمتياز أو تكون له قضية أساسية في صراع القوى، ولكنهم بتعصبهم الشديد للحق كما يفهمه المتخاصمون بالنيابة أعطوا كل ما يملكون لطرفي النزاع وخرجوا حاسرين إلا من ألم ودموع وشروخ تأريخية في ذاكرة مثقبة ومملؤة بالحزن.
تلك هي حكاية الحزن مع العراق وحكاية التاريخ المتخم بالأسى مع الثقافة العراقية، هذه هي الشخصية العراقية بمختلف ألوانها وتشكيلاتها لكنها تخضع جميعا لعامل البيئة والموقع، إنها بصمة الجغرافيا والتاريخ والفطرة وأثر ماء دجلة والفرات فيها، لا يمكننا أبدا الفصل بين العراقي وعمقه في الزمن ولو أراد ذلك بوعيه المباشر لكن وعيه العميق المحرك الأساسي يرفض فكرة المغادرة، ولا يقبل أبدأ أن ينفصل عن واقع لصيق به، هذا ليس مما يسمى دعوة للسكون والخضوع بقدر ما هي محاولة لفهم علة (لماذا لا نتغير)، هذه العلة هي المفتاح الأساسي الذي نحتاجه لكي نعمل على إيجاد الحل لا أن نتيه معه، البحث عن طريقة تفكير أخرى ومنهج أخر ودليل حي هو وسيلتنا للتغيير، أما أستيراد النظريات الأجتماعية والنفسية الغريبة دون فهم علة العلل لا تساعدنا على تحقيق أي نجاح أو خرق أي جدار يفصلنا عن أمل التغيير.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدل الألهي..... والظلم البشري في تسخير النصوص الدينية المض ...
- التحريف الكهنوتي ومنهج الأستحمار الديني
- أحيوا أمرنا ....ح2
- أحيوا أمرنا ....ح1
- فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح1
- فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح2
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح2
- هذيان عاشق مغرور
- الحاجة للفن حاجة للحرية _ قراءة أنطباعية في لوحات الفنانة ما ...
- هذيان ميت
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح1
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح2
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح1
- الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.
- نحن والحسين الرمز والقضية. إستيعاب أم أستلاب
- موعد مجهول على أبواب مغلقة
- الدين ومستقبل البشرية.ح 1
- الدين ومستقبل البشرية.ح 2
- مزادات فكرية
- شوكولاتة بطعم النفط.


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق التاريخي هو عراق اليوم والتجربة لم تنجح في التغيير