أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - تشويه الآخر تحت سقف الوطن














المزيد.....

تشويه الآخر تحت سقف الوطن


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 04:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" كلّ المواطنين السوريين أبرياء، كل المواطنين السوريين على صواب، كلّ المواطنين السوريين يكرهون الإرهاب، كلّ المواطنين السوريين يحبون الوطن ويتغنون به، كلّ المواطنين السوريين يمقتون الاستبداد، كلّ المواطنين السوريين يحبون الحياة "
لن أسأل بعد تلك المقدمة السؤال البدهي : من الظالم ومن المخطئ ومن الإرهابي والخائن للوطن والكاره للحياة وللمستبد إذاً ؟! فالمقدمة التي بدأت بـ " كل المواطنيين " تمهد للكل أيضا للتنصل من المسؤولية، ولذلك سأذهب بشكل مباشر إلى مبضع الجراح لعله يكشف العلة دون حرج.
فبعد أكثر من خمس سنوات من القتل والتدمير والتشريد تنافرت المواقف وتبددت العزائم واختلطت الآراء والمواقع ؛ فمن كان وطنياً بالأمس أصبح في نظر البعض، من أصدقائه، مِن الخونة والمارقين على ناموس الشعب ، أو مِن الانتهازيين النفعيين ، أو مِنْ عشاق البترودولار ، أو مِن المصابين بلعنة الطائفية ، أو ممن عميت بصيرته عن رؤية الحق الأبلج . ومَن كان فكره محطّ إقبال المتنورين اليساريين بشكل خاص أصبح اليوم تافه الفكر والرؤية ، منذ أن باع نفسه في سوق النخاسة الخليجي . ومن كان بالأمس انتهازيا في سوق السلطة غدا معارضا عتيدا .
تلك الصورة الهزلية والمأساوية في الوقت ذاته ، تتلبس أغلب السوريين ، ومن تتلبسه تلك الصورة فهو في قفص الاتهام ؛ أي أنه متهم بتشويه الآخر تحت سقف الوطن ؛ بمعنى أن كل سوري غدا يتهم الآخر بالخيانة أو الانتهازية أو العمالة أو الإرهاب أو العمل في سوق النخاسة ، انطلاقاً من رؤيته الذاتية للصراع السوري بعامة . وقد ازدادت الرؤية وضوحاً عند كل سوري أمام ذاته مع تعقد الصراع واستمراريته وشموله ؛ فهذا يدافع عن جبهة النصرة تحت سقف الوطن و " الثورة " ، وذاك يدافع عن الميليشات الطائفية تحت سقف الوطن وشرعية النظام ، وآخر يمجد قصف الطيران الروسي وتدميره الشامل متوهما أنه قصف سوفيتي لجزر إمبريالية في بحر الصين ، ومن تحت الأنقاض يخرج العاجز ليصرخ مستنجداً " واااا أمريكا " !
وعليه فقد هيمنت على وعي المواطن السوري فكرة تخوين الآخر المختلف عنه في الرؤية والموقف أو في الجغرافية ؛ إن كانت الجغرافية داخلية ـ مثل حلب الشرقية وحلب الغربية أو مثل اللاذقية وإدلب ـ أو الجغرافية الخارجية ـ مثل سورية ولبنان أو سورية وتركيا أو سورية وألمانيا ـ فمن بقي في سورية يتهم من خرج منها بالخيانة الوطنية ، ويصرخ بين الحين والآخر " لا نريد تعاطفكم ودموعكم المزيفة " ممثلا من نفسه نصباً شامخاً لرمز التضحية تحت سقف الوطن على الرغم من أن الصورة الموضوعية تقول بأن الحالات الداخلية للشعب السوري تدخل في الظروف الآتية :
ـ مِن المواطنين مَن بقي في مدينته آمنا من القتل والملاحقة أو التدمير بالصدفة أو بغيرها بحكم أن الحروب لا تصيب الجميع بشكل مباشر .
ـ مِن المواطنين مَن لم يستطع الخروج من موقع عمله البهيّ الآمن ، إلى حدّ ما ، حتى لا يتحول إلى معارض بالصدفة ، وهو الذي لا يملك ؛حضناً أدفأ من حضن النظام .
ـ مِن المواطنين مَن لم يجد ملاذاً آمناً أكثر من موقعه المهدَّد داخل الوطن، فآثر الانتظار إلى أن تحين الفرصة الأفضل ، هذا إذا أخطأته القذيفة أو مال البرميل عنه قليلا او لم ينتبه إليه الصاروخ القادم !
وإلّا كيف نقيّم موقف الانتهازيين وتجار الحروب ورجال العصابات والمهربين والبسطاء والدراويش وقليلي الحيلة والمبادرة، وضعيفي الحال ؟ ! هل كل تلك الصور تعبر في بقائها داخل الوطن عن التضحية في سبيله ، ومن خرج يعبر عن بيعه ؟ !
هذا الشعور تحت سقف الوطن طال القاطنين في الجغرافية السورية برمتها أيضاً؛ فالقاطن في اللاذقية ينظر إلى القاطن في إدلب على أنه عميل لأمريكا على الرغم من أنه يموت من الجوع والحصار والفقر التاريخي المتراكم قبل " الثورة " وبعدها . والقاطن في إدلب ينظر إلى القاطن في اللاذقية على أنه باع نفسه لإيران وموسكو والمليشيات الطائفية ، وابن حلب الغربية ملّ من الخوف والانتظار وبعض القذائف المتناثرة ، فبدأت تمنياته بالإعلان عن نفسها ، وتتمثل بتدمير كليّ وسريع وماحق لمناطق سيطرة المعارضة المسلحة بغض النظر عن سكانها المدنيين ، إذ لابد من الخلاص ، فتلك الجحور لم تعد قابلىة للحياة إلى جانب حلب الغربية ، حتى وإن كان ساكنها بعض إخوته ورفاق طفولته !
وبالابتعاد عن الجغرافية الداخلية والخارجية وبمقاربة المواقف والرؤى أرى أن صديقي اليساري بالأمس يشيد بعناصر القاعدة السورية رغبة في تحقيق الانتصار على النظام ، وإن كان بيد داعش وأمثالها ، أو صديقي اليساري الآخر بالأمس أيضا تتلبسه الرؤية النمطية للواقع كما كانت بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى قسمين ؛ إمبريالي وبروليتاري ، فحسب ، ويأخذ بتحليل المعطيات والتطورات وفق ذلك فيصل إلى نتيجة مفادها أن صديقه الذي شاركه الهم والفقر والجوع ومازال ، هو انتهازي أو عميل أو عاشق للدولار بمذاقه البترولي أو دونه .
وبين كل تلك الصور المتناقضة، والبروز الفجّ لصراع المصالح بين المتصارعين الدوليين والإقليميين والداخليين ، لم ينتبه أو لم يتعظ أو لم يتعقّل المواطن السوري الذي يشوّه الآخر تحت سقف الوطن جاعلا من نفسه مثالا ونصبا للتضحية على الرغم من أن شبكة العلاقات في الصراع على الجغرافية السورية لا تشجع عاقلا للوقوف على ضفة جبهة من الجبهات وإن ادّعت أنها تدافع عن الوطن، لأن الوطن لا يُبنى بالدماء، خاصة دماء الأطفال الأبرياء والمدنيين والمهجّرين والهاربين من الموت خارج مدارسهم و أحيائهم ومدنهم ووطنهم ؟! وإنما يُبنى بالقدرة على رؤيته خارج الأنا المتمثلة بالرغبة في السيطرة ، إن كانت دولية أو إقليمية أو حتى داخلية ؛ فكل هؤلاء يدافعون عن ذواتهم الخاصة، وليس عن وطنكم السوري ، ولذلك هم من يستحقون التشويه تحت سقف الوطن وليس شركاؤنا في الوطن !



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقف السلطةومثقف المعارضة
- الانتصار للحرية
- الطابور الوطني الساذج
- النظام الجمهوري العربي
- الوطنية شراكة إنسانية
- حلب تحترق 2
- حلب تحترق
- البوكر والعيش المشترك
- مواطن بأوراق ناقصة
- وطن بلا حرافيش
- سرود قصرة (10 )
- سرود قصيرة (9)
- سرود قصيرة(8)
- سرود قصيرة (7 )
- مفارقات
- سرود قصيرة (6)
- سرود قصيرة (5)
- سرود قصيرة (4)
- المعارضة السلمية (3)
- المعارضة السلمية (2)


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - تشويه الآخر تحت سقف الوطن