أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - صلينا الجمعة يوم الثلاثاء..















المزيد.....

صلينا الجمعة يوم الثلاثاء..


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 390 - 2003 / 2 / 7 - 03:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


من التراث العربي أورد لكم هذه الواقعة المأثورة التي كان بطلها غلام يعمل لدى حمزة بن بيض.

 ذات مرة قال حمزة بن بيض لغلام له :

 أي يوم صلينا الجمعة في الرصافة؟

 ففكر الغلام طويلا ثم قال :

 يوم الثلاثاء..

لسوء حظنا نحن العرب فقد كثر الغلمان في بلادنا من الذين لا يفرقون بين الأيام والأسماء, فيقولون عن الاثنين الخميس ويسمون الأربعاء الأحد ويعتبرون الخيانة نضالا وطنيا وجهادا إسلاميا وعملا قوميا وتطورا ديمقراطيا وفعلا إنسانيا وتقدما حضاريا. كما كثر الجهلة من الذين لا يعرفون صياغة السؤال أو الرد على السؤال وجواب السائل. فأن سألته لماذا أنت مع أمريكا وضد العراق, يجيبك بسؤال مماثل لماذا أنت مع العراق وضد أمريكا؟ تحاول إفهامه بأنك مع العراق وليس مع النظام العراقي وضد سياسة الإدارة الأمريكية وليس ضد أمريكا, فلا تجد لديه أدنى استعداد للتفهم أو الاستيعاب, لأنه يريدك معه وضد نفسك وقناعتك ومع عدوك وضد أمتك, ومع عدو تطلعاتك وحليف قاتلك وسارق أرضك وثرواتك وضد منطق حياتك في سبيل حريتك, ومنهم من يقول بأن العراق للعراقيين وهذه مشكلة العراقيين وحدهم, وهذا يذكرني بمصيبة القرار الفلسطيني المستقل الذي استغلته بعض الجهات و الفئات لشن حرب ابادة وتدمير على المخيمات والبندقية الفلسطينية والقرار الفعلي المستقل, بحجة ضرب التيار العفاتي في منظمة التحرير والمخيمات, لكن لا عرفات سقط ولا القيادة المتنفذة ذهبت, بل ساهمت تلك الجريمة في هروب تلك القيادة ألى أحضان امريكا واسرائيل فيما بعد. مشكلة العراق مشكلتنا كلنا نحن العرب, هي بالتأكيد تعني العراقي أولا لكنها تعنينا كلننا وتعني العالم أجمع لأن بداية تقسيم العالم الجديد ستبدأ من العراق المحاصر والوحيد في المواجهة الفعلية, واكثر المتأثرون بها سيكون الوضع الفلسطيني النازف, صاحب الجرح المفتوح.

 

 ذاك البعض قد أضحى مغلقا ومعلبا في مجسمات أمريكية جاهزة, حتى لو قلت له أن الجمعة يعني  يوم الجمعة فعلا وهو يوم العطلة الرسمية في بلادنا العربية والإسلامية, قد يقول لك لا إن صلاة الجمعة تقام يوم الثلاثاء. ولا عجب في ذلك لأن الإدارة الأمريكية الحالية تريد حتى تغيير الرموز والأسماء والأعياد وطرق الاحتفال والعبادة والابتهال والسيادة والاستقلال, فتجد منا من هو خارج عنا وليس بالفعل منا, فتستعمله بساطا تحلق عليه فوق بلادنا وتحط فيه على أرضنا, ظنا منها أنها بذلك تستطيع تغيير ثقافتنا وعاداتنا ودنيانا ودين أهالينا وأجدادنا, فبهذه السياسة تجعل المتردد فينا يحسم أموره ويقرر الوقوف ضدها ومع نفسه التي كانت مغيبة.

 

كما أن البعض من أبناء بلادنا العربية, التي أصبحت حقول تجارب لكل البضائع الحربية الأمريكية و المنتجات العسكرية الشرقية والغربية, لم يعد قادرا على فهم المعاني الأخوية ولا حتى معاني وقيمة الانتماء للهوية. فبدلا من الوفاء صارت العداوة ممارسة لها وجهات نظر تبررها, ثم تحولت    لشقاوة مزعجة يمارسها الأخوة  ضد بعضهم. فالمرضى العقلانيين حسب التصنيف الغربي أصبحوا يعتمدون كليا على العلاج الأمريكي, لكن الدواء يزيد من عقدهم ويعزز من عزلتهم في عزلة مرضية تبعدهم عن العالم وتبعد العالم عنهم, فتكون النتيجة تخمجهم وتعفن أفكارهم في سلة مهملات التاريخ الحاضر في كل طلعة طائرة أمريكية فوق الأرض العراقية ومع كل جثة طفل شوهها اليورانيوم الأمريكي المخصب وكل ما رمته أمريكا على بلاد الرافدين القابعة تحت رحمة المصيبتين الداخلية متمثلة بانعدام الحريات والديمقراطية والخارجية بممارسات امريكا والعالمين.

 

 لا وقت لدى النخبة التي تريد بناء القاعدة الجماهيرية والتفاف الناس حولها في محاولتها تسليك الأمور وإقامة تجمع ديمقراطي يكون بمثابة طوق النجاة للبلد وللأرض وللشعب وللسيادة الوطنية والكرامة العراقية المهددة بغزو أمريكي حاقد ولعين.  هذه الجماعة أو المجموعة وهذا التجمع أو التيار من الوطنيين لا يملك الآن سوى الصرخة العالية والصوت الهادر الذي يطالب إخوانه على الطرفين بتحكيم لغة العقل والمنطق حتى النهاية, فحرية الناس وسيادة الشعب واستقلال البلد ومحاربة الغزو الخارجي أو رفضه كما يرفض هؤلاء الحكم الغير ديمقراطي والحزبي اليتيم.هذا الصوت الهادر بين جموع أريد لها أن تلعب دور الخادم والنادل يبقى مجرد صوت ما لم يجهز نفسه جيدا ويبدأ معركته بتقنية تعتمد على خبرة كبيرة لبعض رموزه في العمل الوطني والقومي. أما البعض الآخر الذي يرد عليه مكتفيا بقراءة العنوان وجاعلا من الجمعة ثلاثاء ومن الأحد أربعاء, فليذهب مع أسياده وليٌترك حسابه للزمن الجديد ,القادم ولو بعد حين, زمن الطفل العراقي الذي يعي ويعرف من الذي كان ولازال السبب في تشوهه وأمراضه وفقدانه لطعامه وماءه وغذاءه ودواءه.

 

 قبل أن ننتهي من هذه المصائب التي تجعلنا نعود لهذا الموضوع بعد كل قرار بالتوقف عن الكتابة في هذا الشأن, ترانا نضطر اضطرارا للكتابة والعودة إلى موضوع العراق الشائك والمعقد أكثر مما يتصور الإنسان, لأنه من غير الطبيعي أو العادي والمنطقي أن نتفرج على المذبحة والمصيبة الكبرى التي تعد للشعب العراقي أولا وللأمة العربية ثانيا, فالحرب الأمريكية على العراق هي حرب إسرائيل أولا وأخيرا ومن لا يقرأ عليه تهجية العناوين حتى يفهمها جيدا, امن إسرائيل يزداد أمانا وسلاما عبر تصفية القوة العراقية من خلال سلب العراق حقه في التصنيع والتقنية الحربية ومن خلال جعله محمية أمريكية ومستعمرة جديدة للناتو على غرار أفغانستان والبوسنة والهرسك, من هنا تضمن إسرائيل نهاية الخطر العراقي مستقبلا ومحاصرة سوريا من كل الجهات, فتتم عملية وصل الحلقة الفارغة من مؤامرة كمب ديفيد الأولى حيث تم شطب مصر نهائيا من المعادلة, وذلك بعد توقيعها معاهدة السلام التي جعلت منها بلدا بلا جيش قوي وبلا أسلحة متطورة ترقى لمواجهة الخطر الإسرائيلي القائم دوما, كما أن كمب ديفيد الذي أعاد سيناء استطاع أن يأخذ مصر كلها ويكسر ظهر الأمة العربية, التي بعد خروج مصر تشتتت وأصبحت اضعف من السابق. لقد كان لغياب مصر كقوة عسكرية فائدة في تطور العسكرية والعلوم الحربية في العراق الذي وظف تلك القدرات في حروب جاهلة وغير مبررة مع جيرانه الإيرانيين ومن ثم في احتلال الكويت, كل هذا لم يؤثر على أمريكا وإسرائيل., لكن الأساس في الثوابت الأمريكية ينظر لتشليح العراق من أسلحته وجعله دولة منزوعة السلاح ,هذا الاعتقاد الأمريكي والقناعة بان السلاح العراقي يشكل فعلا خطرا على إسرائيل ووجودها ويعتبر السبب الأهم في حملة امريكا على العراق منذ تحرير الكويت من الاحتلال العراقي. ولا يهم من هو الشخص الذي يحكم العراق والذي قد يشكل التهديد لإسرائيل في المستقبل, فالقضية ليست في النظام الحالي فقط بل في المستقبل, لأن أي دولة عربية تستطيع بناء توازن عسكري خاصة على الصعيد الاستراتيجي سوف تعتبر دولة مارقة وخارجة عن القانون ويجب شطب قوتها وتسليحها أو شطبها نفسها كما الحال مع العراق الآن.

 

المهم أوالأهم الآن لأمريكا وإسرائيل كيف يتم شطب القوة العراقية وضرب البنية العلمية العراقية التي بلغت مجالا متقدما بالنسبة للبلدان العربية الأخرى التي بدورها لم تستطع تطوير نفسها علميا وحربيا كما الحال مع العراق, هذا على الرغم من الحروب التي خاضها النظام العراقي مع إيران في الحرب الخليجية الأولى ومع التحالف الدولي بقيادة أمريكا في حرب الخليج الثانية, وكذلك بالرغم من الحصار الخانق والطويل الذي فرض ولازال قائما على العراق حكما وشعبا.

 

عندما تقام صلاة الجمعة يوم الثلاثاء وتتحول جهة المصلين نحو البيت الأبيض الأمريكي, يصبح من الصعب تصديق أي مصلي يدعو في صلاته أمريكا لتحرير= احتلال  العراق, فأمريكا ليست أكثر من قوة غازية واستعمارية تريد السيطرة على ثروات الشعوب والتحكم بسيادة الدول. ومادام أهل الردة وجهوا صلواتهم نحو بيت أمريكا الأبيض فأن صلواتهم  باطلة ودعاءهم مردود ومرفوض.

 

 

  * نشرت في ايلاف

 

 

 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخبار من هنا وهناك
- كتاب فلسطين مع الشعب العراقي وضد أمريكا
- الحاجة رشيدة العاجوري
- هل انفجار المكوك كولومبيا بمثابة رسالة ربانية؟
- متفرقات من هنا وهناك
- المجتمع الإسرائيلي وخيار الطلقة الأخيرة
- الفساد بين هذه وتلك البلاد
- من وحي المخيم ..
- الحرب على العراق تبدأ من غزة
- الحرب خيار أمريكا وليست خيارا عالميا..
- سلطات تل أبيب تبعد وفد شبيبة حزب العمل النرويجي - الديمقراطي ...
- صرخة مزدوجة و صفعة قوية..
- المبادرة المصرية والمصلحة الوطنية..
- السلام المفقود والحل المنشود..
- دولة شارون- الفلسطينية -
- قصة حقيقية من مخيم عين الحلوة..
- برلمان تشيكيا نسي ربيع براغ..
- السلام والإصلاح والحقوق المستبعدة
- سمير القنطار شعلة لا تنطفئ
- حملة عداء الفلسطينيين مستمرة والذي يدفع يركب


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - صلينا الجمعة يوم الثلاثاء..