توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 5306 - 2016 / 10 / 6 - 15:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أتذكر أبي جيداً الذي تُوفي من خمسة أعوام؛ هذا الإنسان البسيط الأُمي الذي لم يعلو سقف معارفه العامة عن معارف طفل في الصف الثاني الإبتدائي! فلم يكن يتقن في هذه الدُنيا سوى مهنته البسيطة إتقاناً جعله محط زملائه في تلقي النصائح والمساعدات منه! فقد كانت مُجمل قدراته العقلية منصبة على مهنته لا غير! وحتى في الدين لم يكن يفقه شيئاً فيه، فقد كان فطرةً إنساناً أخلاقياً... حتى لم يكن يعرف كيف يتلو الصلاة الربانية ( وهي دعاء من المفترض أن يعرفها كافة المسيحيين حيث توازي الفاتحة عند المسلمين في أهميتها!)
وأنا كنت ولا زلت أفتخر بأبي لأني وجدت فيه إلتزاماً في عمله وفي أخلاقه، وكرامة وعزة بالنفس من النادر أن أجدهم حتى في أساتذة الجامعات! فأنا كنت محظوظ في أن أتعامل مع بسطاء كُثر مثل أبي، وأيضاً على النقيض تعاملت مع أكثر الناس علماً و أكاديميةً وسلطةً في مجتمعي المصري! وأصبحت ذو خبرة سنين في الحكم على النفس البشرية!
ولا أعرف لماذا أربط بين أبي وبين وطني في مثل هذا اليوم! فوطني رغم بساطته الآنية وإنتشار الجهل والمرض فيه بكثرة، ورغم إعتباره في الحاضر من دول العالم الثالث! إلا أني أفتخر به وأحبه ...!
فهذا الوطن في يوم من الأيام ظهرت فيه أولى الحضارات البشرية على أيادي وعقول أكثر ما أنجبت الكرة الأرضية من ذكاء وإبداع وعبقرية! نعم هؤلاء أبناء الفراعنة! وما زالت جينات العبقرية تسري في دماء المصريين حتى ولو كانت سمات العبقرية لدي البعض متنحية بسبب إختلاط هذه الدماء النبيلة بدماء غريبة من بلاد بربرية!
فسيأتي يوم أنا متأكد منه وستسود صفات العبقرية مرة أخرى! فالشجرة إن أكل ثمارها وورقها الحيوانات، وحتى إن قطع جذعها الأغبياء، فخراعيبها وجذورها باقية ولديها كافة الإمكانيات والمؤهلات لترجع لحالتها الأولى مرة ثانية! فبلدي هذا الذي ألتهمت خضرته الأديان سيعود مرة أخرى طالما نحن أحياء وأولادنا وأحفادنا من بعدنا!!
#توماس_برنابا
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟