أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مولاي عبد الحكيم الزاوي - البيوغرافيا السوسيولولجية بالمغرب: مداخل أولية















المزيد.....

البيوغرافيا السوسيولولجية بالمغرب: مداخل أولية


مولاي عبد الحكيم الزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 22:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


البيوغرافيا السوسيولولجية بالمغرب: مداخل أولية.
مولاي عبد الحكيم الزاوي.
ثمة نقاش صاخب، يدور غير بعيد عنا، داخل جامعات أوربية وأمريكية، يسطع ويخبو، تبعا لتجاذبات الراهن الانساني، بين اتجاهات فلسفية وتاريخية، يعيد طرح قضايا خلافية لسنوات عديدة على واجهة ملتقيات الفكر، ومدرجات الجامعات، نقاش يسائل مسيرة الإنسان في التاريخ. فبين التأريخ للبنيات، والاهتمام بتاريخ الأفراد، بين المركز والهامش، العام والخاص، الكلي والجزئي... يلاحظ المتتبع للمتن الاسطوغرافي بالجامعات الغربية، تعدد الأنساق، وتباين التنظيرات.
فبعد مرحلة الكسوف والإقصاء الممنهج الذي مارسته مدرسة الحوليات الفرنسية على جنس البيوغرافيا، بإسم الانتصار لموجة البنيات والأنساق الاجتماعية والاقتصادية، التي سادت ردحا من الزمن على واقع البحث التاريخي بالجامعة المغربية، تسجل اليوم عودة قوية للاهتمام بالبيوغرافيات التاريخية، وعودة للفرد إلى مركز الاهتمام والتساؤل داخل مختبرات العلوم الإنسانية.
صاحب هذه العودة الابستمولوجية التي قادها مؤرخون،،فلاسفة ،أدباء، وأحيانا أنتربولوجيون، رجة قوية مست قلعة الحوليات الحصينة، في فترة السبعينات من القرن الماضي، التي بدأت في التصدع، بعد مرحلة الهيمنة على المشهد الثقافي والإعلامي بفرنسا منذ نهاية ثورة الشباب الفرنسي 1968م. هذه الرجة جعلت سادن مدرسة الحوليات جاك لوغوف في كتابه " التاريخ الجديد" يوجه سهام نقده نحو مريدي جنس البيوغرافيا التاريخية، ومرتدي التاريخ الشمولي، مشهرا عداءه صوب مناصري هذا النوع من التأليف، حيث شبههم ب" المهاجرين الذين عادوا بعد الثورة الفرنسية دون أن يتعلموا جديدا أو ينسوا قديما"، إنهم بتعبيره دائما يشكلون "عودة غامضة" إلى مواضيع تاريخية قديمة، تحركها نوازع الاديولوجيا، وروح الانتقام من الحوليات، قصد هدم صرح الحوليات العتيد، التي استطاعت في فترات سابقة، أن تعبر على مقدرة فائقة في التكيف مع مختلف المنعرجات الابستمولوجية التي كانت تواجهها.
أثار صدور كتاب "التاريخ المفتت" لفرانسوا دوس جلبة قوية داخل الوسط التاريخي الفرنسي، وعبر عن انشقاقات ابستمولوجية بخصوص تصور التاريخ والكتابة التاريخية بدت تطفو على السطح، كما عبر عن وجود خلافات بنيوية عميقة لورثة عرش لوسيان فيفر ومارك بلوك ، وكشف عن بداية تصدع قلعة الحوليات الفرنسية، وتفتت التاريخ الى دراسة مواضيع ميكرو تاريخية، ذات طابع انتربولوجي، فهل يا ترى يتعلق الأمر بموضة عابرة؟ أم باختلاف بنيوي داخل صرح الحوليات؟ هل هي عودة مؤقتة إلى مواضيع أغفلتها الحوليات؟ هل هو حنين الى تاريخ الفرد، ومعه التاريخ السياسي؟ ماذا ستقدم السير الفردية والجماعية لأشخاص بطوليين وهامشيين لكشف خبايا التاريخ، ولإعادة ترتيب حلقات الماضي المركب؟
وغير بعيد عن فرنسا، انتعشت كتابة جنس البيوغرافيا في بعض بلدان أروبا الغربية، مع مدرسة التاريخ من أسفل الانجليزية، ومدرسة الميكرإستوريا الايطالية، ومدرسة التاريخ اليومي الألمانية. تناغما مع الطفرات المعرفية التي واكبت مسيرة الفكر التاريخي داخل هذه البلدان، وتوافقا مع تشكل قناعة، لدى باحثي هذه البلدان، بدور الأفراد في صناعة الأحداث الكبرى، وبتسليط الضوء على فئة اجتماعية ظلت على هامش البحث والتمحيص، بيوغرافيات جديدة، تطفو على الواجهة، تغزو الأسواق، وتغري القراء بخبايا مثيرة، وتثير فضول القراء، وتنسف مختلف" البرسبوغرافيات الكلاسيكية"، بمفاهيم وتصورات جديدة، بيوغرافيات خصبة، فرضت نفسها كحقل جديد لإحياء الذاكرة التاريخية والموروث المشترك، تتناول جوانب متعددة، مثل السير الجماعية، السير متوازية، السير المتقاطعة، السير الفكرية، وسير الناس العاديين.
لقد ناصب رواد الجيل الثاني لمدرسة الحوليات العداء لجنس البيوغرافيا، واعتبروها جثة لا يجب إحياؤها من جديد، بحجة قلة الضبط، الإفراط في الخيال والتخييل، الانتماء للتاريخ السردي المرتبط بالتوجه الوضعاني لمدرسة شارل سينوبوس وفيكتور لانغلوا، غير أن هذا التوجه، سرعان ما سيخفت مع بداية الثمانينات من القرن الماضي، بعد تألق عدة بيوغرافيات تاريخية، صاغها باحثون من تخصصات مختلفة، علماء اجتماع، باحثون نفسانيون، أنتربولوجيون، اتنولوجيون، كما مؤرخون. هل تمثل هذه العودة ردة على مكتسبات الحوليات؟ أم استجابة لطلبات سوق القراءة، ومؤسسات النشر؟ أم اقتناع ببؤس التاريخ البنيوي وحجبه لقضايا تاريخية رئيسية، وانتصارا لتيار الوجودية الذي ظل صاحبها مقبورا داخل الوسط الجامعي الفرنسي؟
ومهما بدا للبعض من تجاذب، فإننا أمام توجه جديد، بدأ يفرض نفسه، داخل مسار الكتابة التاريخية، في جامعات أوربية وأمريكية، بدرجات مختلفة، توجه يستشعر التعقيد الذي يميز ماضي الظاهرة الانسانية، ويعمق التفكير في الفردانيات وخصوصيات الحياة الخاصة لبعض الأفراد والمجموعات، ويعيد بناء نسق الاحداث التاريخية من زوايا جديدة، كما يعيد هدم الاصنام المقدسة لقبيلة مؤرخي الحوليات. توجه يوصف اليوم بالانفجار البيوغرافي كما جاء على لسان مجلة لوفيغارو الفرنسية.
والواقع، أثارت أبحاث السوسيولولجيا بالمغرب منذ وقت مبكر انتباه باقي الباحثين لقضية الاهتمام بسير بعض الفاعليين، ولحياة بعض الأشخاص، في فهم ذهنيات المجتمع المغربي الماقبل رأسمالي، وبما يمكن أن توفره من معطيات تاريخية وسوسيولوجية عن طبيعة سير النسق الاجتماعي والاقتصادي بمغرب ما قبل الحماية وبعده، في سياق اهتمام الباحثين بتفكيك وتشريح طبيعة سير النسق الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب، منذ الدراسات الاتنوغرافية الفرنسية المبكرة، التي واكبت مشروع التحضير لاستعمار المغرب، وصولا الى مرحلة اقتحام المدرسة الانتربولوجية الانجلوساكسونية للمجتمع المغربي عشية الاستقلال.
لقد تركزت أسئلة السوسيولوجيا الكولونيالية في بداية اعمال البعثة العلمية على دراسة جوانب المغايرة والتضاد الثقافي للمجتمعات المسماة آنذاك ب "الباردة"، ورصد الأنساق الرمزية والمادية للمجتمع المغربي، انطلاقا من حضور نزعة اثنومركزية حول الحضارة الغربية، ونظرتها إلى باقي الشعوب الأخرى، في محاولة لتقديم مداخل معرفية دقيقة لأجهزة الحماية الاجنبية.
وفي سياق أخر متصل ببداية البحث الانتربولوجي بالمغرب، تهيمن المدرسة الانجلوساكسونية على الابحاث الرائدة داخل المجتمع المغربي، من خلال أبحاث عدة باحثيين وازنين مثل دافييد هارت، رايموند جاموس، ارنست كلنير، ديل ايكلمان، بول رابينو، امال رصام فينوكرادوف، كنيت براون...هذه الابحاث حاولت في مجملها تفكيك وتشريح بنية المجتمع المغربي من زاوية مؤسساته الفاعلة، وتدقيق جوانب من معيش المغاربة اليومي.
والحال، يغدو اختيار جاك بيرك كنموذج للبيوغرافيا السوسيولوجية بالفضاء المغربي له اكثر من دلالة ابستمولوجية، قياسا بموقعه العلمي ضمن شبكة البحث السوسيولوجي بالمغرب، ومصداقيته عند جمهور الباحثين،، ذلك أننا أمام مرآة سوسيولوجية مغايرة لمقاسات الابحاث الخادمة لسلطات الحماية، عاكسة لتحولات المجتمع المغربي عشية التصادم مع الحداثة الأوربية، ومحايثة لتجاذبات المغرب الراهن، مغرب التشبث بالموروث القبلي والمخزني الذي يمتح من عمق التاريخ والذاكرة، ومغرب التطلع الى تحديث البلد على شاكلة المجتمعات الأوربية ، إذ لا تزال دفوعاته المعرفية تشكل نسقا معرفيا متراصا يصعب خلخلته، وتجاوزه، كما لا تزال قراءاته السوسيولوجية ترن في اذان الباحثين، وتصدح بين جدران الجامعات، بعيدا عن الجدل الذي اكتنف ماضي الظاهرة الاستعمارية من تحاملات وطنية، حول قصور التصور الكولونيالي في استيعاب خصوصيات المجتمع المغربي.
يلاحظ القارئ لمتن جاك بيرك تعدد اهتماماته، قضاياه، وفضاءاته المجالية، بالمغرب كما خارجه، ضمن نظرة عمودية لواقع البنيات الاقتصادية والاجتماعية للعالم الاسلامي قبل وبعد الاستعمار، هذه الاهتمامات المركبة قادت بيرك الى فتح نوافد مهمة على عدة تخصصات متقاطعة مع السوسيولوجيا، مثل القانون، الفلسفة، العلوم السياسية، الاقتصاد، الفنون الجميلة ،اللغة ،اللسانيات ،الادب والتاريخ...مما يضع الباحثين امام صعوبة حصر اهتمامات جاك بيرك.
والحاصل، يبقى الحفر في جوانب من حياة جاك بيرك بالمغرب وخارجه مدخل أساسي لإعادة اكتشاف جوانب معتمة من تاريخ رجل السوسيولوجيا بالمغرب، إنه مشروع فكري- بيوغرافي واعد، أشبه بحفر سوسيولوجي جديد لأسئلة الوجود الانساني، الاصالة، الحداثة، والهوية وحق الاختلاف، علاقة الشرق بالغرب، الهيمنة الامريكية وتدمير الخصوصيات الثقافية، أعطاب التنمية، اشكالات التخلف.... بصيغة أدق حفر يستند إلى عودة اكتشاف جزء ذاكرة المجال والافراد والمجتمعات.






#مولاي_عبد_الحكيم_الزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة التاريخ القروي بالمغرب: من السوسيولوجيا الكولونيالية ن ...
- عقلانية التشاؤم وتفاؤل الإرادة
- قصيدة: اختفاء واقع
- قصيدة: رحيل في ذرى الديموقراطية
- قصيدة: نظاميتي فوضويتي
- في الحاجة الى الانتربولوجيا التاريخية
- نفسانية التواكل


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مولاي عبد الحكيم الزاوي - البيوغرافيا السوسيولولجية بالمغرب: مداخل أولية