|
حقيقة دور امريكا الانية في القضية الكوردية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 16:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
امريكا التي اتخذت مواقف مختلفة جدا عما كانت عليه في المراحل السابقة،و بالاخص فيما يسير عليه اوباما من التحكم من البعيد و التركيز على القضايا الداخلية بعد الازمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها امركيا و تجاوزتها الى حد ما بتلك السياسات العامة الجذرية الحلول داخليا وخارجيا، و اعاد النظر سياسيا اقتصاديا في تعاملها مع الداخل و الخارج دون ان تهتز قوتها و ثقلها كثيرا في العالم، نتيجة الاداء السياسي الصحيح بالنسبة لها و استنادا على ما هم يسيرون عليه من العلمية في الخطوات و بعد دراسات وليس اعتباطيا كما في الشرق و ما نعيش به . امريكا التي تتعامل مع القضايا العالم جميعا، سنحت لها فرصة فرض الامر الواقع و ما تريد بعد ان سخرت لها الارضية بعد تهاوي الاتحاد السوفيتي و انفكاكه و تشتت قوته، مما سمح لامريكا ان تغير من سياساتها استنادا على استغلال ما يمكنها من تنفيذ ما تريد دون كلفة تؤثر على حالها الاقتصادي داخليا الى حد كبير . بعد الصراع الدائم بينها و الاتحاد السوفيتي و ما كلفتها مصاريف الحرب الباردة اتخذت خطوات كيرة و تراجعت اخيرا عن الكثير من الامور التي اهتمت بها ايضا . هنا يسال الكثيرون اين الهيبة و و المسؤلية التي تحملتها ازاء اخطر القضايا في العالم وفق مصالحها و منها القضية الكوردية التي اودت بها من قبل لمصالح اكبر من مضمون هذه القضية، و ما تستنتجه عند تحقيق اهدافها او حلها و ان كان على حساب اي طرف من اصحاب القضية . الجميع على دراية بان امريكا تتحرك الان و في هذه المرحلة بالذات بشكل لم يتصورها حتى اكثر المحللين السياسيين علما و دراية بها، انها فقدت الكثير من المصداقية بانكماشها و ترددها في امور كانت لم تمر عليها في العصور السابقة . اليوم تستند على محاولة التوافق في التحالفات العديدة و و لا تهتم بان تكون ادارة تحالف لها بشكل مطلق، بحيث لم يدرك اي منا موقفها من اية قضية بشكل جيد لانها تغيرها بين ساعة و اخرى، و هي صديقة قوى في تحالف معين في فترة ما و ينعكس موقفها في اخرى و العكس صحيح ايضا، اي تستمر امريكا على سياسة التعامل مع الاجزاء دون الكل في اية تكتل موجود في العالم و لم تسر على التعاون الدائم او العداء الدائم و تتعامل مع جزئيات القضية و ليس القضية او اي امر بكامله، لذلك يعتقد الكثيرون بانها سوف تتوافق و تتفق مع حتى كوريا الشمالية بين لحظة و اخرى، كما يسر عليه اوباما و اخيرا خطى نحو ايران و كوبا و فنزويلا و الاتي ممكن ان تكون كوريا الشمالية دون ان يتعجب او يتفاجا بها احد . انها تحاول بين كل هذا التعقيد في مسيرتها السياسية العامة و علاقاتها الدبلوماسيةالمتنوعة في منطقتنا الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية الطويلة الامد، و هذا امر في غاية الصعوبة الا انها تعتمدها في المرحلة الحالية بجمع اجزاء القضايا و ليس جميعها مع البعض في التعاملات و كذلك مع ما موجود من اجزاء القضايا الاخرى . في ظل هذه السياسة و تغيير المواقف بسرعة و التعامل الموزائيكي و تغيير الاولويات، كيف يمكن فهم نظرة و سياسة امريكا للقضية الكوردية في اي جزء على انفراد او في كوردستان باجزائها جميعا . اننا على يقين بان امريكا تتعامل بانتقائية مع القضية الكوردية بحيث تنظر الى مواقف الدول التي تنقسم عليها كوردستان اولا و من ثم تحلل ما تفيدها في اتخاذ اي موقف و ان كان تكتيكيا مرحليا او انيا مع القضية الكوردية بذاتها، فلحد الان لم ترفع من موقفها المعادي من حزب العمال الكوردستاني و لم ترفعه من لائحة القوى الارهابية على الرغم من ما تخللت علاقاتها من التقارب و الابتعاد و التناقضات، لانها تفكر في استراتيجية العلاقة معها و تقارنها مع ما تستفيده من اي علاقة اخرى غير ما يمكن ان تاخذه مع هذا الحزب و ما عندها لدى تركيا، و انها تتعامل مع الحزب الاتحاد الديموقراطي في كوردستان الغربية بشكل سلس و تتعاون في امور كثيرة تتناسب مع ما تريد في اللحظة، اما علاقاتها مع اقليم كوردستان لازالت في مكانها دون تغيير منذ عقدين و ان شابها بعض الود الاكبر احيانا و تلته حال مختلفة حتى وصلت التضاد، و ان سارت على منوال و منحنيات لا يمكن الاحساس بمدياتها الا بمتابعتها و معرفة ثناياها بدقة شديدة، كما هي افعالها مع الكثير من القضايا المصيرية في العالم . اليوم، و بعد ان وصلت الحال و السياسة الصبيانية التي سارت عليها حكومة الاقليم و الجهة المحتكرة لها و هو الحزب الديموقراطي الكوردستاني، تراجع موقفها القوي و ثقلها الى ما كانت عليه و اقل ايضا، بحيث و بعد ادعاءات و تضليلات حول استقلال كوردستان و الاستفتاء و ما اضرت بها حتى نفسها دون ان تقدم خطوة واحدة، انها تراجعت و عادت بوجهتها نحو المركز الذي اكد على العراق الواحد الموحد، و حتى انه بات ينطق بالفدرالية و كأن لسانه اثقلته الايديولوجيات و النظرات السابقة النافذة الصلاحية . الدور الامريكي المعلوم علنا لحد الان، انها تساند و تتعامل مع العراق الفدرالي و لم تبين رايها و موقفها عن اي تفاصيل في العلن الا عند مشروع بايدن الاكثر صراحة من مواقف امريكا في جميع مراحلها في العراق ما بعد الدكتاتورية، و لذلك يمكن الشك بان الخطوات التي اتخذها المتعاملون مع حكومة اقليم كرودستان او بالاحرى الحزب الديموقراطي و البرازني بنفسه هو اجباره على العودة الى المركز دون ان يعلم حتى بنفسه، اي ما اتخذه البرزاني استنادا على العاطفة و السذاجة في السياسة المرحلية ،و في ظل انعدام وجود خطط و دراسات و دقة في السيرفي هذه المرحلة التي تعتبر اسا لبناء اي كيان كان و باي شكل كان، و عدم قراءة الواقع و ما يحدث في المنطقة و تحركات كل طرف بعيد او قريب و تاثيراتها على الاقليم، ادختله هذه العقلية في زاوية بحيث لا يعلم اين يقع راسه عن ارجله . هذا من ناحية تعامل الاخرين معه، اما داخليا و اعتماد على عقليته المحافظة العشائرية المستندة على العديد من العادات و التقاليد التي اخلطها مع السياسة و مع مراعاة المصلحة الحزبية والشخصية و نرجسيته الطاغية اودت به و انقلته الى حال لا يحسد عليه، و اجبره على اتخاذ خطوة كانت لا يمكن ان يتخذها لو لم يكن محصورا و في حالة اختناق و يمكن ان يلفظ انفاسه السياسية الاخيرة، و داس على كرامته العشائرية التي يعتمدها في خطواتها لاول مرة و اتخذ خطوة اعتبرها في داخل و في تفكيره بانه خطوة مماثلة لدعوة البعث لمساعدته في صراعه الداخلي كما فعله في 31 اب عام 1996، و تجرع كاس السم ثانية، و هذه المرة بفعل اخطاء نتجت عن يده و عمله و خطواته اكثر من ضغوطات الاخرين من منافسيه . اما موقف امريكا فانها كما تريد و تهمها، لا تريد صداع و مشاكل مع ما هو اهم من القضية الكوردية لها، فانها تريد الكورد كما هم دون اي تغيير تسبب لها التعقيدات في علاقاتها مع تلك الدول التي ينقسم عليهم الكورد، وتريد ما هو الاضمن لمصلحتها، و هو بقائهم ضمن العراق الواحد الموحد و اكثر و اعلى ما تؤكد عليه هي الفدرالية، و ربما تدفع بسوريا على النظام ذاته في المستقبل القريب، و ان حدثت تغييرات مساعدة على العمل في داخل ايران و تركيا فانها تعمل و تتعامل معها على ما تعامل بها مع سوريا و العراق ايضا في المستقبل البعيد الممكن . اما ما يهمنا هنا دور امريكا الانية فهو، دفع الكورد في البقاء على حالهم دون احداث مشاكل اضافية الى المنطقة بخطوات اكبر من ما رسخت على ارضية المنطقة، و محاولة عدم تكرار ما حدث من قبل من النكسة لهم ايضا، و الذي يضع الكورد اللوم على امريكا في حدوثها، و من ثم لا تسمح بالقفزة التي تزعج حليفاتها الاكثر اهمية لها استراتيجيا، الا ان بدء الخطوات لتغيير خارطة المنطقة قد يظهر و يمسح ما تسير عليه امريكا انيا، و سوف تكون المواقف مغايرة و ربما مختلفة جذريا، و لكن اليوم لم نرى ما يمكن ان يعتمد عليه الكورد من اتخاذ الخطوات وفق تلك الخارطة و يجب التعامل مع اي شيء موجود و وفق ما يُرى على الارض او على الاقل مشاهدة ملامحه و ان كانت بعيدة ،للاعتبار لها و عدم غض الطرف عنها . اي مواقف امريكا ازاء كل جزء من كوردستان و سياساتها الانية كما هي، الفدرالية في العراق و ما تفرضه من الالتزام به دستوريا، العمل على بناء الفدرالية في سوريا على رقعة حسب ما يقتنع به الكورد او يفرضه الواقع و لا تعترض مصالح حلفائها القريبين بشكل مباشر، و في تركيا المواقف مؤجلة تجاهها الى حدوث هزة او تغيير معين، و ربما كان الانقلاب احد ابواب التغيير التي كان بالامكان ان يمر من خلالها الكورد نحو بداية مغايرة لما هم عليه اليوم، اما في ايران ربما تنتظر لموقف او طاريء او بعد تغيير المعادلاتالسياسية في المنطقة التي لا تساعد اليوم على التحرك في اتجاه ايران، لان المصالح الاقتصادية و التوازنات لا تسمح بهذا العمل لما في المنطقة من مخاض كبير لاستقرار التوازنات الكبرى و المعادلات بين المحاور الكبيرة المسيطرة و المعادية للبعض، و ما يهمها من كل منهم هي مصلحة امريكا استراتيجيا لتتخذ مواقف مناسبة لها . القضية الكوردية بمجملها مجتزاة و منقسمة على بعضها و لكن ملامح بناء ارضية التغيير و الاستقرار على شيء في مرحلة معينة بائنة بشكل طفيف جدا ، فلننتظر ما يحدث، و لكن النقطة الاهم بالنسبة للكورد نفسه هو صحة السياسة و التعامل مع التغييرات و الوقائع التي فشل فيها لحد اليوم، و هذا هو الماساة لما فيه العقلية الكوردية في القرن الواحد و العشرين .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراجع البارزاني عن استقلال كوردستان و احرق جميع اوراقه
-
الشكلانية الديموقراطية التي تستبطن حكم الحزب الواحد لدى عقلي
...
-
هل انغمست تركيا في المستنقع السوري حقا ؟
-
جمهورية اسلامية تركية بعد فشل الانقلاب
-
من يخون مربيه كيف يكون وفيا لغيره ؟
-
تجد الحل في بغداد اكثر من انقرة
-
من (يطلع من المولد بلّا حمص ) هذه المرة ايضا ؟
-
هل يوجد انسان حليم نزيه من مثله في هذا الزمان
-
هل خدعت تركيا الجميع ؟
-
الجميع متفق على الفدرالية في العراق و سوريا
-
فلتبق روسيا حكما و ليس خصما للكورد
-
النظام السوري يتمدد على حساب الجميع
-
هل يتحمل العراق تبعات معركة تحرير الموصل
-
استقلال كوردستان على ضوء المستجدات في الساحة السياسية لمنطقت
...
-
هل ما تفعله صومال يفيد العراق ؟
-
تبعات الاختلاف بين الشرق و الغرب
-
هل تُدشن حقبة عثمانية ام اوردغانية جديدة ؟
-
لعبة السياسيين العراقيين قبل تحرير الموصل
-
هل ما جرى في البرلمان العراقي كان مخططا من قبل ام وليد ساعته
...
-
الفدرالية الحقيقية تقلل من تاثير سلبيات المحاصصة في السلطة ا
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|