|
من بين المتاهات
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1412 - 2005 / 12 / 27 - 15:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لقد تم تجاوز مراحل ومراحل من العقد والازمات والبحث عن الحلول في اعقد المشاكل والازمات ، وحتى الحروب الطويلة الامد ، او تاجيل القضايا الى الظروف الدولية او الاقليمية المناسبة ، وقد تم تجاوز المفاهيم الرجعية والتخلف والعنصرية في المفهوم والمنطق في كل بقاع العالم تقريبا ( باستثناء الاخوة العرب ) ، واصبحت الحلول تاتي على طبق من ذهب لكل القضايا والازمات وما شابه ، ولم يبقى للانسان سوى الطلب او العمل على تفعيل القضايا والنضال من اجلها وكسبها صفة الاستمرارية ، عبر المناقشات والمباحثات الثنائية او الثلاثية ، واختيار طرق الحوار الديمقراطي والمصالحة العامة في الفكر والمفهوم . نعيش في عصر لايرحم الظالمين والمستبدين والرجعين والبعيدين عن الانسانية وناكري حقوق الانسان وحرية الراي والفكر والمعتقد ، والبعيدين عن الاسلوب السلمي والديمقراطي في حل القضايا والنظر اليها ، بعدما كانت الحقبات المنصرمة لم تكن ترحم الفقراء والمضطهدين والشعوب المغلوبة على امرها ، ولم تكن ترحم كل مثقف كرس حياته من اجل تطوير مجتمعه وشعبه ، او كل مناضل ينزف دما من اجل قضية شعبه ، ولم تكن لهم اية قيمة تذكر سوى ذكرى في قلوب المظلومين والمحتاجين وفاقدي الحرية وطلابها ، وآن الاوان للزمر والفئات التي كانت تعيش على القمع والاستبداد الرحيل الى غير رجعه ، امثال الطالبان وزمرة صدام واللاحقون . هناك متاهات كثيرة يحاول الكثيرون الخوض فيها وخصوصا اصحاب المصالح في الوضع الحالي والابقاء عليه بكل السبل المتاحة والغير متاحة ، الشرعية والغير شرعية ، يوما بحجة الحفاظ على اللحمة الوطنية واخرى بحجة التحديات الخارجية ، واخرى بالنخوة العربية والعروبية ، ويوما باسم المطامع الاستعمارية والامبريالية والامبراطوريات التسلطية العالمية ، وكانهم غير متسلطين وغير مستبدين وليسوا من قامعي كل صوت يدعو للحرية والتحرر الاجتماعي والثقافي والاعتراف بالحقيقة الاجتماعية لمجتمعاتهم ، ويوما يعلنون الجهاد المقدس ضدد كل ما هو جديد وديمقراطي ، ولا يهمهم نزيف الدماء او الدمار التي سيلحق بالارض والمجتمع . ولكن وفي الاتجاه المقابل نجد ان المعارضة ايضا اصابتها امراض الانظمة نفسها وهي بدورها اصبحت فاقدة للديناميكية والحركة النضالية السليمة والسلمية في تطوير النضال ، او التوجه الى احتواء كافة الفئات الاجتماعية في هذا النضال ، وهي تفتقر الى التمثيل الشرعي للمجتمع ، لانها اصبحت في داخل تنظيماتها عبارة عن صورة منسوخة عن انظمتها الشمولية والاستبدادية والقمعية ، وهي مع الاسف تجد الصعوبة في التخلص من هذا المرض مثلها مثل الانظمة الشمولية التي تموت يوما بعد يوم وتتمادي في خطو اية خطوة في سبيل التطور الديمقراطي ، او مواكبة العصر وتحقيق مطالب جماهيرها المكافحة في سبيل لقمة عيشها اولا ، ومن اجل كرامتها الانسانية بعد ذلك ، لان الانسان في الشرق الاوسط اصبح يبحث عن لقمة العيش اولا ، لكن القيادة تمنعه من ان يمتلك لقمة عيشه بكدحه ، وان يمتلك وسائل انتاج ثروته التي لاتقدر بثمن ، وهذا ما جعل من المفاهيم الاساسية متاهات تخنق من يحاول الخوض فيها ، ويضيع دافعا حياته ثمنا لشيء هو لايعرفه بل حفظها عن ظهر قلب . يقال : الان توجد خيارات عديدة امام النظام السوري للتخلص من ازمته التي تفاقمت وقد تؤدي به الى الهاوية ، العزلة او التفكيك او الرضوح او الانقلاب او بحر من الدماء والحرب الشاملة او حرب داخلية او او اوا ...الخ ، الهذا القدر صعب على هذه الانظمة الاعتراف بالواقع الاجتماعي لمجتمعاتها ، الهذا القدر من المستحيلات ان تقر هذه الانظمة بالعدالة والمساواة والديمقراطية ، هل من غير الممكن ان يقول الشعب كلمته ، وسيبقى بين قاب قوسين او ادنى من السقوط في الهاوية وان يكون دمية في ايدي هذه الانظمة ، ام انه يصعب على الاخوة العرب وانظمتهم القبول بالامر الواقع ، والقبول بالثقافة الديمقراطية والتي تعتبر من المحظورات في ثقافتهم ، هل يجد هذا الشعب بالفعل صعوبة في قبول حقيقتهم وحقيقة ثقافتهم التي لم تتعرف على الديمقراطية والتعددية والمساواة في تاريخهم ، هذه الثقافة التي بنيت على الاحادية والموالاة والعبودية والانكار والتحكم الى السلاح بدلا عن العقل والمنطق والمفهوم الانساني . او هل حقا النظام الديمقراطي والاصلاح الذي وعد به صدام قديما لم تكن ظروفها نضجت وكان علينا الانتظار لالف سنة اخرى لتحقيقها ، او الاصلاحات التي وعد بها السيد بشار الاسد ستصل الينا في القرن الثالث والعشرين ( ديمقراطية شرق اوسطية حقيقية غير منسوخة ) ويجب علينا الدفاع عنها من لقمة عيشنا وكرامتنا الانسانية والوطنية والقومية ، وندفع ثمنها انسانيتنا ، ونبقى بعيدين عن كل تطور ومتخلفين عن ركب الحضار واستحقاقاتها الانسانية . يجب ان تعترف هذه الانظمة بان العولمة لم تكن في التكنولوجيا او الاقتصاد فقط ، او بسط نفوذ اقتصادي فحسب ، بل عليها ان تعلم انها طالت مجالات اخرى وهي شمولية في مضمونها ووصلت الى فئاة اجتماعية وشكلت نوعا من الوحدة الثقافية ، اجتماعيا وسياسيا وثقافيا واقتصاديا ، انها جيل بحد ذاتها ولا يمكن انكارها ( حضارة – امبراطورية ) ولايمكن للبربر ايقاف تطورها ، انها حضارة شابة ومتسلحة بكافة اشكال العلم والمعرفة والتطور الاجتماعي وهي حصيلة التراكم الثقافي لبني ادم وصولا الى المفهوم الاجتماعي الموحد في الديمقراطية والحرية الاجتماعية والفردية ، وتحقيق العدالة والمساوات والامن والاستقرار ، وبهذه المفاهيم وحدها يمكنها التطور . لامجال للسيناريوهات المعقدة او التحالفات السلفية والاصولية القديمة ، ولا مجال للرهان على هذه الانظمة وسياساتها التي باتت تشبه النعامة في دفن راسها في الرمال دون النظر الى المحيط وما يجري من حولها ، وتطبيقها على مجتمعاتها ، ولا داعي للتهديد والوعيد بالقصاص والدعوة الى الوطنيات المزيفة والتي تم المتاجرة بها طوال قرون من اجل الحفاظ على كراسيها وسلطنتها واستعباد شعوبها ، بل حان زمن الاعتراف بالانسان والمجتمع ، الاعتراف بالتنوع والغنى الثقافي للمجتمع والانسان في الشرق الاوسط ، زمن النزول من البرج العالي والمصالحة مع الجماهير وطلب المعذرة والعفو على ما مضى ، والبدأ بصفحة جديد من السلام والامن الاجتماعي وترتيب البيت الداخلي عبر اصلاحات جذرية دستورية . لان الجيل الناشيء هو بعيد كل البعد عن المفاهيم القديمة ولا يمكن تمرير المصطلحات القديمة عليها ، بل انها اصبحت تعي مصلحتها الوطنية والقومية ، وتعرف ايضا حقوقها وواجباتها ، وهي مصرة على النضال في سبيل تحرير ذاتها وتحرير انسلنيتها من المهانة والعبودية والذل الممارس عليه يوميا . غمكين ديريك
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستتساوم قامشلوعلى كرديتها
-
شذرات سياسية
-
دور الشبيبة في ترتيب البيت الكردي السوري
-
تأهيل الشرق الأوسط الكبير
-
افتتاحية جريدة الوفاق العدد 22
-
الانظمة تخلق حفارة قبرها
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|