|
مؤتمر باريس
كاظم الفياض
الحوار المتمدن-العدد: 5301 - 2016 / 10 / 1 - 03:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مؤتمر باريس -1- مؤتمر إنقاذ العراق الذي عقد في باريس برعاية الدول العظمى ذاتها التي رعت مؤتمرات المعارضة العراقية قبل سقوط نظام صدام حسين، وقد حكموا بعده، وكلهم يحمل جنسية من إحدى هذه الدول، أو لا يخفي ولاءه لأيّ منها، يضع "المؤتمر" نقطة الشروع لسقوط النظام الحالي.
-2- من سمع بدولة ديمقراطية يعقد معارضوها مؤتمراتهم في دولة ديمقراطية عظمى كفرنسا، وبمشاركة أمريكية وغربية واسعة؟ هذا يعني أن النظام الدستوري العراقي الذي شرّع العملية السياسية، وأقرّ الديمقراطية نهجا للحكم، والتي طالما حثّ قادته بعضهم بعضا بضرورة الإلتزام بها، لا وجود لها! بانتفاء الديمقراطية تنتفي شرعية الحكومة الحالية! هذه إحدى رسائل المؤتمر. وهي حقيقة ملموسة لدى الشعب.
-3- كان أول المتحدثين من فرنسا دومينيك دوفيلبان رئيس وزراء ووزير خارجية أسبق، وقد أوضح للحضور ما يفيد بأن الغاية من احتلال العراق في 2003م كانت بناء نموذج لشرق أوسط وفق رؤية خاصة!! وإن فشل هذه الرؤية لا يقلل من أهمية العراق، وعليه يجب أن يعاد بناؤه مرة أخرى، ووفق رؤية بديلة. كلمة دوفيلبان تدل على أن ما حدث للعراق، وما سيحدث قد تمّ وسيتم بإرادة غربية صرفة!!!
-4- رفض عمار الحكيم (= الحكومة العراقية) المؤتمر، وبين إن المؤتمرين لا أتباع لهم في العراق. وبعض قادة التظاهرات عن التيار المدني رفض المؤتمر لأن أعضاءه فاسدون، ولا يختلفون عن مسؤولي الحكومة التي يدعون معارضتها. تدير الحكومة شؤون المجتمع بجهاز إداري يمارس العاملون فيه وظائف متعددة، لقاء أجور محددة. وعمار الحكيم إداريا لا يمكن اعتباره ممثلا حكوميا لأنه ليس عضوا في الجهاز الإداري للدولة العراقية مع إن رأيه أمضى نفاذا من أي أمر مكتوب يصدر من رئيس جمهورية العراق. نحن نتحدث عن رجل لا يملك صفة وظيفية، ولا يتلقى راتبا من خزينة الدولة العراقية التي خصصت لخدمته، وحمايته الشخصية، عدة مئات من منتسبيها، كما مولت وجهزت ودفعت أجور عدد من التشكيلات العسكرية التي يعدّ أفرادها بعشرات الألوف التي لا تدين لها بالولاء إلّا بما يسمح هو به. كما إنه المسؤول المباشر، وأكاد أقول الوحيد، عن ما لا تقلّ نسبته عن10% من الدرجات الوظيفية لعموم الدولة العراقية، مدنية وعسكرية، وشاملة للسلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأيضا في جميع الهيئات (المستقلة) ومنظمات المجتمع المدني. المتظاهرون الذين رفضوا مؤتمر باريس الذي تجاهلهم، والذين قدموا أنفسهم إزاءه بوصفهم معارضين نزيهين، ينقسمون إلى تيارين، الأعظم منهما هو التيار الصدري ذو التوجه الديني، زعيمه مقتدى الصدر له وجود ملتبس، وسلطان كبير كنظيره الحكيم في الجهاز الإداري للدولة العراقية، وله حضور عميق وأصيل في الوجدان الديني العراقي أكثر من أي زعيم آخر. والتيار الآخر مدني، وأبرز تشكيلاته الحزب الشيوعي العراقي الممثل في الجهاز الوظيفي العراقي بنسبة تكاد أن تتطابق مع عدد المنتمين إليه. ومنظمات المجتمع المدني المسنودة من جهات وشخصيات غير دينية ولا يخفى على أحد من أنها تدرّ مالا وفيرا على (المتطوعين) العاملين فيها، والتي لا تسمح لأحد من الإنخراط فيها دون أن يخضع لإجندة مؤسسيها، وهي أجندات نادرا ما تكون الأعمال الخيرة من أولى غاياتها. ومن التيار المدني (المعارض) إعلاميون قدم لهم الوضع الحالي فرص عمل بإجور مناسبة، ربما يصعب على أغلبهم التحصل عليها في ظل نظام آخر.
-5- كلمة دوفيلبان المهمة تستدعي عددا من التساؤلات أهمها:- 1- لماذا العراق أنموذجا؟ 2- لماذا فشل ؟ 3- ماهي أبرز السيناريوهات المتوقعة للنموذج البديل؟ جوابا لأول الأسئلة أذكر بماضي العراق حيث بدأت الحضارة توطينا، وبدء حرث الأرض، فتدوين أول الرقم. وأريد أن أنبه القارئ الكريم إن هذه الحضارة أقامت جميع تشريعاتها، الدينية والمدنية، على أساس ملكية الإنسان للأرض، وهي ذات التشريعات السائدة في عالمنا اليوم، مع إن كهنتها، وجميع كهنة الأرض اليوم، وأمس يقولون بخلقهما "الأرض والإنسان" من إله عظيم. هنا أنشئت أقدم وأعظم الممالك، وشيدت عواصم نبوخذ نصر وهارون الرشيد. أرض بابل حيث تبلبلت الألسن، وطرد إبراهيم أبو الأنبياء منها. فيه مدرستي البصرة والكوفة في النحو، وفي علم الكلام وما من ثالث لهما في العالم أجمع. أغلب سكانه العرب الشيعة، وموطنهم منه السهل الرسوبي الغني بالخصوبة والمياه والمعادن، والذين أسسوا حوزة النجف، شجرة الكهنوت الشيعي الذاهبة جذورها لأعماق تمتدّ لأكثر من ألف عام. المعزولون عن باقي العرب بالصحراء والسنة، وعن باقي الأمم بالجبال والعجمة. وقد روى رجال الحديث المسلمون نبوءات عن عظمى المعارك التي ستقع على أرضه في آخر الأيام. وأخبر يوحنا في رؤياه عن حوادث الأيام الأخيرة التي ستقع فيه وفي فلسطين. وبشر زكريا" الإصحاح 9 عدد 10" بمملكة ستمتدّ منه، من نهر الفرات إلى أقاصي الأرض. أما جواب السؤال الثاني فمنطقيا لم يفشل العراقيون، لأنهم غير مختارين! ولا الغربيون، فالدمار لم يحلّ بديارهم؛ بل اجتازوا الأزمة النقدية الأعظم في تاريخهم حتى لكأنها لا تعنيهم!! هنا يبرز سؤال عن طبيعة النموذج المراد تطبيقه في الشرق الأوسط من خلال العراق! أنقول: "الديمقراطية؟" وهنا إسرائيل، وجارتنا تركيا، وكلاهما يحظيان بالدعم والتأييد الغربي، ويعتمدان النظام الديمقراطي البرلماني؟ إذن الأنظمة الغربية التي جيشت الجيوش وغزت العراق (لتحرره) من نظام دكتاتوري ظالم، وفرضتها ورعاياها من الأصول العراقية الذين مكنوا من مقاليد الحكم، وهي طريق العدالة والرخاء الأمثل كما يعتقدون، والذي انتهجوه فعلا، وقد دعوا بقية الأمم إلى انتهاجه بالحسنى أو الحرب! أريد أن أقول إن فحوى كلام دوفيلبان، وظروف المنطقة والعالم يدلان على إن الديمقراطية العراقية لم تؤسس على خرائط جاهزة أثبتت نجاحها كما يدعون، ونعرف كم سرنا الإنصات إلى تغني الفعلة بمنجزاتها الباهرة في أوربا، وفي أي مكان آخر من العالم شيدت عليه. لقد تميز النموذج العراقي عن السائد الغربي بعدم فصله بين العمل الإداري والنشاط السياسي حيث خصت الكتل السياسية أعضاءها بالدرجات الوظيفية العليا والدنيا، إلّا ما ندر، وكذلك تميز النموذج العراقي بتخليه عن مبدأ تشكيل الحكومة من قبل الكتلة الأكبر لصالح نظام المحاصصة، وقد سمّى الدستور زعيم الكتلة الأكبر المكلف بتشكيل الحكومة برئيس مجلس الوزراء، وليس رئيسا للوزراء، وبهذا انتزعت صفته القيادية، وأسوء من ذلك فقد سلبت منه الصفة التنسيقية أيضا، نجد ذلك واضحا بفقد المنتوج العراقي، زراعيا كان أو صناعيا، لسوقه الوطنية على الصعيد الحكومي قبل الشعبي، وكل ذلك يجري حفاظا على مصالح الدول الإقليمية وغير الإقليمية التي احتضنت رجال الحكومة أيام معارضتهم قبل 2003م . إن سلطة رئيس مجلس الوزراء دون سلطة الكتل السياسية المتنفذة، لذلك لايتمتع بأي سلطة في أي وزارة، وشأنه اضعف من أي وزير في مجلسه، باختصار هو منصب إعلامي لا أكثر، وهكذا يمكننا أن نفسر عدم كفاءة الجهاز الرقابي للدولة، ففي الوقت الذي يغيب فيه الآلاف من الفقراء سنين عديدة في السجون بناء على معلومات من مخبرين سريين نجد عديد الوثائق والأدلة المتداولة في أروقة المحاكم، وفي وسائل الإعلام لا تسلب مسؤولا واحدا منصبه مهما كان جرمه عظيما! وإلّا كيف نفسر سقوط مئات الألوف من القتلى بجرائم عبثية في بضع سنين دون أن يقدم شخص معروف لمحكمة، ولا مسؤول أمني لتقصيره في أداء واجبه، وكلهم معترف بتقصيره علنا، ومن شاشات أدق الفضائيات وضوحا، وليس منهم ولا واحد قدم استقالة لفشل، أو عجز. ولنتفكر في عدم تقديم العراق كلمة احتجاج واحدة لدولة من جواره وقد فجر آلاف من غير العراقيين أجسادهم بين مواطنيه، غير عشرات الألوف الذين قتلهم أبناؤنا مواجهة... ونعلم أن الفساد المالي والكيفية التي جرت بها سرقة المال العام لا تقل وجعا ولا وضوحا. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: [أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ ، تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ] و يروى كذلك عن أم المؤمنين عائشة بلفظ الغني والفقير مكان الشريف والضعيف. وكثيرا ما يرد ذكر هذا الحديث في تفسير قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)) المائدة / قيل إن حد السرقة يقام على السارق في أخذه شيئا من محرز خفية، ونصابه ربع دينار في زمن الرسول ص ، وقيل بل في كل محرز مهما قل، ويروون عن الرسول ص أنه قال: " لعن الله السارق ، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " وبيّنٌ أن هذا المقدار من السرقة لا ينفع الغني ولكنه كاف لإطعام جائع بمفرده، أو مع عائلته، وفي ذلك عماد حياتهم! وكل فقهاء المسلمين من كل طوائفهم مجمع على وجوب إقامة حد قطع يد السارق ، وعدم جواز تعطيل هذا الحد لأنه (نكالا من الله) آية38/ وهذا الإصرار على إقامة هذا الحد مع ما فيه من شديد أذى لا يتفق مع الآية التي تلتها، والتي أنزلت بغفران الله ورحمته ل(من تاب.. فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوب علَيْهِ)آية 39/ وسبب ذلك موضح كما رأينا في الآية 40 (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) إن قوله تعالى(أَلَمْ تَعْلَمْ) تذكيرا لنا ب(أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) هو إعلام لنا بأنه سبحانه هو المسروق، فكيف يحدث أن نفهم إن رجلا فقد شيئا مما يحرز هو المسروق؟ إن فهم فقهاء المسلمين للسرقة، وضرورة معاقبة السارق لا تختلف عن فهم أقرانهم من جميع الأديان، وبناء عليه شرعت جميع الدساتير التي انتظمت بمقتضاها حياة الناس في جميع الدول، قديمها وحاضرها، ربما يستثنى من هذا الإطلاق المجتمع الإسرائيلي أيام ملوكه الأول طالوت وداود وسليمان عليهم السلام! وهو فهم مبني على أن ملكية الله للأرض اعتبارية، عقائدية، لا قيمة واقعية لها، وإن لم تكن لله واقعا، فهي للإنسان! وقد وضعت القوانين المنظمة لحيازة الأرض وما فيها، وتوارثها! لكن فهم فقهائنا لا يتطابق مع صريح القرآن العظيم الذي نهى صراحة عن احتكار المال لكي لا يكون دولة بين الأغنياء (مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٧﴾) الحشر/ وقد تجاهل فراعنة الإسلام الذين ادعوا خلافة نبيه العظيم أحاديث رسول الله ص الكثيرة في هذا الشأن، ووثق الكثير منها في أمهات الكتب التي دونت أحاديثه عليه السلام لنقرأ "[1536] حدثنا الحكم بن موسى حدثنا هقل يعني ابن زياد عن الأوزاعي عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: كان لرجال فضول أرضين من أصحاب رسول الله ، فقال رسول الله : من كانت له فضل أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه" صحيح مسلم/ رسالة الله واضحة لعباده في أن الأرض للعاملين عليها، لا تباع ولا تؤجر، وإن يذهب ما قلناه للزرع فكذلك فعل رب الأرض والعباد مع الأرض المشيد عليها (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)) النور/ وفي ذلك مانع من أن يذل إنسان من أخيه الإنسان وهي المزية التي طبعت الحياة الاجتماعية البشرية منذ أول تجل لها، وكان في أرض العراق. نفهم مما سبق إن الإسلام يعد الغني سارقا إن كان في جماعة فيها فقير. ويدفع عن الفقير أن يكون سارقا يستوجب قطع يده إن أخذ خفية أو جهارا ما يقيم أوده مما أحرز غيره، وأضيف: وإن تكرر فعله! ويحرم لومه، فضلا عن تأنيبه! لنقرأ قوله تعالى(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) ) الذاريات /حقهم في الغير يوجب دفعه لهم بمسألة، وبدونها، كما يبيح لهم أخذه برضا المحرز فإن امتنع جاز لهم أخذه دون علمه. صعوبة العمل وفق هذه الرؤية ناتجة من عدم فرضها بقوانين ملزمة، ولم تكن سلطة الرسول في المجتمع المسلم الذي قاده مؤيدة بقوة الإلزام (فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون) 216 الشعراء/ إن تبيين بطلان أن يكون صادرا عن الرسول ص حديث إهلاك الأمم بتركها إقامة الحد على أغنيائها أسوة بفقرائها لما تبين من أن لا حق لهم فيما زاد عن حاجتهم؛ فإن الله تعالى جعل علامة تدميرها تولي مترفيها إدارة شؤونها(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) )الإسراء ... رأيت صورة يظهر فيها زعماء العالم مجتمعين في قاعة من قاعات الأمم المتحدة، وأمامهم كوم جثث عارية،هي صورة معبرة لكنها لا تغطي المشهد كله! ذلك إن نجاح السياسي قبل تأسيس الأمم المتحدة تحدده الزيادة على الرقم المساحي الذي ينشط به. الآن النجاح مرتبط بصمود هذا الرقم، ومنعه من أن ينقسم. والأمر مع ذلك أبعد مرمى مما أردت ! فقبل تأسيس هذه المنظمة، وحتى قبل تأسيس عصبة الأمم كان السياسيون رجال دولتهم، جزءا من كادرها الوظيفي، وكان معارضوهم دهاة ونشيطين، ويفعلون بقدر ما يقولون، ومنهم من نجح بانتزاع دول مؤثرة عالميا كالدولة العثمانية وروسيا.. ما أريد قوله إن هؤلاء الذين يقفون بثبات تحت رايات بلدانهم، وأمامهم الجثث الفقيرة ليس لهم من نشاط سياسي أبدا، وكذلك كل الكتل السياسية التي تتبعهم وتعارضهم، وقد تضاعفت أعدادها وأعداد منتسبيها حتى فاق عديدهم في الدول الفقيرة موظفيها، وكلهم يحظى بوضع معاشي أفضل من بقية المواطنين. عملهم الوحيد هو اقناع مواطنيهم بأنهم مسؤولون عما يحدث في بلدانهم والعالم، وليس مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يملكون البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذين أحكموا سيطرتهم على العالم. الإقتصاديون الذين غدوا هم الساسة، وقد أدخلوا في مجالهم رجال الدين والاعلام يقاس نجاحهم بزيادة الأرقام المالية المحدودة بالنشاط البشري، فما يملكه الأغنياء القليلون جدا يفقده عامة الناس. إن من نتائج سيطرة الإقتصاديين على العالم أن حولوا كل مافي الأرض، كل المياه واليابسة وما فيهما سلعا لها ثمن، وفي ذلك عماد حياة ابن الإنسان فما تنمو ثروتهم إلّا بقدر ما يفقد من الفقراء حياتهم... هذا المقدار من التأمل ربما يسمح لنا بمحاولة الإجابة عن السؤال الثالث:- " ماهي أبرز السيناريوهات المتوقعة للنموذج البديل؟" بعد تأمل وجدت إن البحث فيما سيفعل بنا يزيد عدونا قوة، ويزيدنا وهنا، ورأيت أن خير ما نفعل هو فرض القوانين التي تنفعنا أو انتزاع السلطة؛ ولهذا السبب وجهت رسالة للشعب بهذا الخصوص وإليكم نصها:-
رسالة إلى شعب العراق {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)}
لقد تعرضنا لغزو غير مبرر من بلدان بعيدة، لها عقائد وثقافات مختلفة عمّا عندنا، وقد منحونا حكما صوريا، وجعلوا إدارته بيد جماعة من مواطنيهم ذوي الأصول العراقية. وقد هيئوا لهم أسباب الاستئثار بمالنا، وفجر دمائنا، وقد حبسوا الحقّ بما فيه نفعهم، وهو حق تفرضه القوة التي عملوا وأنفقوا في سبيلها الكثير. فإن أردنا الاحتفاظ بمالنا، وحقن دمائنا، علينا أن ننقض حق القوة بقوة لها نفس الحق. وأقترح أن يهب الشعب مهلة لمن بيده شأن العراق نهاية المحرم القادم بإذن الله لكي: - يوطدوا الأمن فيضعوا حدا للجرائم الإرهابية والجنائية معا، ويجب أن يرفعوا الرسوم عن الدعاوى، وأن يبطلوا العمل بنظام المحاماة. - وأن ينهضوا بكفاءة النظام الصحي ولن يتم ذلك دون حصر تقديم الخدمات الصحية بيد الدولة. - ضمان السكن لكل المواطنين ببذل الأرض، ومنع استملاك أكثر من دار واحد، ومنع استئجار محلات السكن، وكذلك العمل. - للدولة شراء الطعام كله وتقديمه للمواطنين مجانا، طازجا ومطبوخا. - وأن يعدل قانون العمل بما يمنع نظام الأجرة بين المواطنين، وبما يجعل الفرق في الأجور مستندا لطول فترة العمل اليومي وليس للشهادة العلمية، أو الخبرة، ولا طول فترة الخدمة. - منع اتخاذ الدين حرفة، من إسلاميين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى. فإن انسلخ الأشهر الحرم ولم يستجيبوا لهذا النداء، وهو ظني بهم، وجب على كل عراقيّ قادر على حمل السلاح قتالهم. وأحبتي تحركوا جماعات، ولتكن مقاصدكم انتزاع السلطة من مقارها الإدارية والأمنية والعسكرية، وحماية ممتلكات الدولة، وأمن المواطنين، وإن نقضوا مهلتكم فقاتلوهم، سيخزيهم الله وينصركم عليهم إنه ناصر المؤمنين. كاظم الفياض بغداد 6ذي الحجة 1437هجري 7/9/2016م
#كاظم_الفياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى شعب العراق
-
الموات
-
يا قوم اتبعوا المرسلين
-
أرنو لمنبع فكرة
-
ناقة صالح
-
الشرخ
-
الموسيقى تقول: الحرية موجودة
-
شعر- فهم واقعة المرور بحديقة عامة يشطر أحداثها:
-
سرد حر- خاتم فضة
-
لا أحد معي
-
سرد حر- إلهي
-
الأعمال الشعرية- مطر صامت
-
مظاهرات الطبقة الرثة العراقية
-
العالم الآن
-
معنى الاحتلال
-
مقدمة لدحر العدو
-
رأسي ليس خاملا
-
منشورات لا غنى عنها لإقامة دولة عالمية عادلة
-
أعمال السرد الحر/شجرة البمبر
-
ضجر
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|