أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - كريم اعا - النظام التعليمي بالمغرب (3).















المزيد.....



النظام التعليمي بالمغرب (3).


كريم اعا

الحوار المتمدن-العدد: 5300 - 2016 / 9 / 30 - 18:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تطور حصيلة النظام التعليمي بالمغرب.
لاشك في أن النظام التعليمي بالمغرب قطع عدة أشواط على درب بناء مدرسة تستجيب للحاجيات و الطلبات المتزايدة على التعليم. و إذا كانت المبادئ الأربع قد شكلت و لزمن طويل بوصلة تقييم نجاعة هذا النظام، و أرضية لنقد إنجازاته، فقد أضحى الميثاق اليوم بمثابة المرجعية للقيام بهاته المهام اعتبارا لكونه يمثل آخر البرامج الإصلاحية المقترحة، و لكونه أرسى أهدافا و غايات سأحاول الوقوف عند ما تحقق منها.
و إذا كانت شعارات من قبيل التعميم لم تفقد راهنيتها بعد، فإنها مرتبطة أشد الارتباط بتطور عدد المدرسين و بنيات الاستقبال، إضافة إلى الاعتمادات المالية الموجهة لقطاع التربية و التكوين و سأعمل على تتبع هذه النقط في ثلاثة مباحث، يتضمن أولها تطور عدد المتمدرسين حسب الأسلاك التعليمية المختلفة، و ثانيها تطور عدد المدرسين و بنيات الاستقبال على أن أخصص ثالثها لدراسة تطور الإنفاق في قطاع التربية و التكوين.
1ـ تطور أعداد المتمدرسين حسب الأسلاك.
لقد انتقل عدد المتمدرسين بالابتدائي و الثانوي من 365712 خلال موسم 56/1955 إلى 5.8 مليون خلال 04/2003. مما يعني أن العدد الإجمالي للتلاميذ قد تضاعف بحوالي 16 مرة.
و لئن كانت هذه الأرقام توحي بطفرة نوعية على مستوى الاستفادة من حق التعليم، فإن الوقوف بنوع من التفصيل على مختلف أسلاك التعليم، سيجعلنا لا محالة نقف عند العديد من مظاهر القصور و التعثر، و التي جعلت من مبدأ تعميم التعليم الغاية التي لازمت النظام التعليمي منذ رحيل الجيوش الاستعمارية.
وسأتناول التطورات التي شهدها التعليم الأولي في مطلب أول، ثم أنتقل لتسليط الضوء على تطور المتمدرسين في التعليم الابتدائي، و في مطلب ثالث سأتحدث عن نسب التطور في الإعدادي الثانوي ثم التأهيلي. على أن أخصص المطلب الرابع لرصد أهم تطورات المتمدرسين بالتعليم الجامعي.
أـ التعليم الأولي بوابة التعميم و الجودة.
يشكل التعليم الأولي قاعدة خلفية لإنجاح عملية تعميم التعليم و القضاء على ظاهرة الأمية. فهو حاضنة الأطفال منذ سن مبكرة، و محصن لهم ضد الانزلاق نحو الأمية. كما يهيئهم للإقبال على التكوين بالسلك التعليمي الابتدائي بمعنويات عالية ومكتسبات قبلية مهمة.
ورغم الأهمية التي لا تقبل الجدال و التي يحظى بها التعليم الأولي فإن حالته داخل النظام التعليمي بالمغرب تطرح أكثر من سؤال. ولا يمكن في هذا الباب، إنكار الصعوبات و العراقيل التي واجهت المنظومة التربوية التعليمية المغربية غداة الاستقلال، خاصة تلك التي تعلقت بمسألة تعميم التعليم و نشره بين كافة أفراد الشعب المغربي. فالهاجس الكمي للتعليم ظل هو سيد الموقف، و لقد تجلى ذلك في عدة برامج تحدد هدفا لها توفير مقعد لكل طفل يبلغ سن التمدرس الإجباري.
و نتيجة للإكراهات المادية التي يشكلها عبء الحقل التعليمي على كاهل ميزانية الدولة؛ كان لزاما أن تفكر هذه الأخيرة في البدء مما هو ضروري وموضوع الطلب الملح للحاجيات الأساسية للدولة، الأمر الذي جعلها لفترة طويلة، تولي اهتمامها البالغ للتعليم الابتدائي و غيره من الأسلاك التعليمية الموالية له، كالتعليم الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي والجامعي، و غير ذلك من التخصصات المنتمية لمؤسسات مهنية متوسطة و عليا ( ).
لقد انتظر التعليم الأولي صدور الميثاق الوطني للتربية و التكوين، ليشكل عنصرا عضويا ضمن نسق النظام التعليمي، حيث تم إدماجه ضمن مجال التعليم الابتدائي وما يستتبع ذلك من كونه مدخلا أساسيا لهذا الأخير.
فماذا تحقق بعد سنوات من صدور الميثاق الوطني في ميدان التعليم الأولي؟وما هي مظاهر التعثر و الخلل التي تعيق تطور هذا المدخل الضروري و الحيوي؟
شكل التعليم الأولي و لسنوات عديدة، القطاع المهمل الذي كانت الكتاتيب القرآنية مجال ممارسته بامتياز. و لقد انتظر الخطاب الملكي ل 19 أكتوبر 1968 ليتم وضعه رسميا على طريق التطور الذي طال النظام التربوي ككل. و هكذا ظهرت الكتاتيب القرآنية الجديدة التي لم تحمل في العمق أي تغيير على الهياكل التقليدية. نفس الشيء يقال عن المضامين، طرق و أنشطة التدريس( ).
إلا أن الجديد في هذا الصدد هو نقل مسؤولية الكتاتيب القرآنية من وزارة الشؤون الإسلامية (ظهير 1937) إلى وزارة التربية الوطنية. و ابتداء من سنة 1985 تبنت هذه الأخيرة تغييرات تهم التعليم الأولي إن على المستوى الإداري أو على مستوى المقاربة الإستراتيجية. كما تم الانفتاح على النسيج الجمعوي الوطني و الدولي بتعاون مع القطاع الجامعي الذي ساهم في رفع درجة و عي المتدخلين بدور التعليم الأولي في نجاح المسيرة التعليمية.
رغم المجهودات الكبيرة لتعميم وتطوير جودة التعليم الأولي، خصوصا منذ 1985، فإن النتائج المحققة تظل دون الطموحات و الأهداف المسطرة.
إن قراءة للرسم البياني رقم 1 الذي يمثل تطور إعداد الأطفال المستفيدين من التعليم الأولي منذ الموسم الدراسي 1997-1996، تمكن من تقدير أهمية المجهودات المبذولة. بالمقابل الرسم البياني رقم 2، الذي يمثل نسبة الأطفال المتمدرسين بالأولي بالنسبة لمجموع البالغين من الاستفادة من هذا النوع من التعليم، يظهر التأخر الكبير في مجال تعميم هذا النوع من التعليم و ضخامة المهام التي تنتظر القائمين عليه.
المبيان 1 : تطور الأطفال المسجلين بالتعليم الأولي

المصدر: تقرير الذكرى الخمسينية- الوثائق الملحقة- ص 84
فبعد نصف قرن من الاستقلال 50.10% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات فقط يستفيدون من خدمات التعليم الأولي خلال سنة 2004، في حين حدد ميثاق التربية و التكوين هذه السنة كسقف زمني لتعميم التسجيل بالسنة الأولى من هذا السلك.
إن نصف المستفيدين هؤلاء يتوزعون بين كتاتيب قرآنية تنعدم فيها أبسط شروط العمل و المؤسسات العصرية التي تحاول منافسة ما تقدمه معاهد البعثات الأجنبية و إن على مستوى التجهيزات فقط.
المبيان 2 : نسبة التمدرس بالنسبة للفئة العمرية 4-5 سنوات

المصدر: تقرير الذكرى الخمسينية- الوثائق الملحقة- ص 84.
إن المبيان الذي بين أيدينا يعبر عن حقيقة صارخة، ألا و هي التمايز الكبير بين العالمين الحضري و القروي، و بين نسبة تمدرس الذكور و الإناث. فحسب إحصائيات وزارة التربية الوطنية لسنة 2004-2003، تذهب الفتيات القرويات ضحية الحرمان من التعليم الأولي وهو ما يؤثر سلبا على نسب تمدرسهن في الأسلاك الأخرى. فنسبة 17.51% من مجموع الفتيات هي التي تستفيد من التعليم الولي بالعالم القروي، في حين تستفيد 39.40% فقط من المجموع الكلي للفتيات من خدمات هذا التعليم مقابل 60.60% للذكور. نفس الشيء يقال عن المؤسسات التي تقدم هذا النوع من التعليم، فهناك تفاوت كبير بين مختلف الجهات الاقتصادية للبلاد، و هذا ما يمثله الجدول التالي:
جدول رقم 1: نسبة المتمدرسين من الشريحة العمرية 4-5 سنوات خلال 2002
الجهة النسبة %
العيون- بوجدور
غرب الشراردة بني حسن
الرباط سلا زمور زعير
سوس ماسة درعة
الدار البيضاء الكبرى
مكناس تافيلالت
الشاوية ورديغة
واد الذهب
طنجة تطوان
تادلة أزيلال
تازة الحسيمة تاونات
مراكش تانسيفت الحوز
كلميم السمارة
فاس بولمان
دكالة عبدة
الجهة الشرقية 77
70
69
68
63
61
53
51
49
46
46
44
43
39
38
28
المصدر: تقرير الذكرى الخمسينية- الوثائق الملحقة- ص 85.
إن الجهات التي تعرف تأخرا كبيرا على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، تعرف نفس الصعوبات على مستوى تعميم التعليم الأولي. و هكذا تبقى الجهة الشرقية أكبر المتأخرين في هذا الصدد بنسبة 28% من المستفيدين. بينما يمكن أن نفسر النسبة المرتفعة بجهة العيون- بوجدور بالاهتمام الموجه إلى هذه الأقاليم. على أن النسبة المتدنية لجهة مجاورة و هي كلميم السمارة ربما يعود إلى كثرة الترحال و عدم استقرار العديد من الأسر في مجال جغرافي واحد.
عموما فمستوى التمدرس بالتعليم الأولي لا يعبر عن الأهداف التي سطرها ميثاق التربية و التكوين.
إن أحد أهم أوجه هذا التعثر تجد جذورها في تعدد القطاعات الوزارية المتدخلة في المشروع، إضافة إلى ضعف بنيات الاستقبال التي يستحوذ القطاع الخاص على 98% منها، مقابل 2% لوزارتي التربية الوطنية ووزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية. كما أن ضعف عدد مدرسي التعليم الأولي و تواضع تكوين أغلبيتهم يؤثر كثيرا على التنظيم البيداغوجي و على الأنشطة التربوية المبرمجة في هذا السلك.
و حسب معطيات وزارة التربية الوطنية توجد 89% من معاهد التعليم الأولي العصرية بالحواضر، مقابل 11% بالعالم القروي، في حين 60% من الكتاتيب القرآنية تتواجد بالقرى أما 40% الأخرى فتوجد بالمدن وضواحيها.
المستوى التعليمي لمدرسي التعليم الأولي حسب وسط العمل( )
حضري مشارق المدن قروي مجموع
حافظ للقرآن 17.81 0.61 33.68 52.10
ابتدائي 2.74 0.18 1.34 4.26
إعدادي 9.60 0.97 4.32 14.89
ثانوي 11.79 1.28 2.67 15.74
جامعي 8.15 1.22 1.52 10.88
آخر 1.70 0.00 0.43 2.13
مجموع 51.79 4.26 43.95 100.00

يلاحظ تمركز حفظة القرآن بالبوادي، مما يجعل إدخال مقاربات بيداغوجية حديثة شيئا صعبا، خصوصا إزاء المقاومة الشديدة التي يبديها العديد من هؤلاء لكل تجديد و تطوير. و العكس يمكن أن يقال عن مدرسي التعليم الأولي بالوسط الحضري و بمشارف المدن ، حيث أن ارتفاع نسبة الحاصلين على تكوين متقدم يساهم في الانخراط في مسلسلات التحديث و التغيير.
لقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة أهمية التعليم خلال السنوات الأولى للطفل في تطوير الكفايات و القدرة على التكيف، مما يؤثر على المسار التعليمي في شموليته.
و إذا كان التعليم الأولي بمثابة حلقة الوصل بين الفضاء العائلي و التعليم الأساسي، فإنه مطالب بتطوير شخصية الطفل على مختلف الأصعدة و إعداده للانخراط في حياة دراسية بدون عقد أو مشاكل صحية.
إن العمل على تعميم التعليم الأولي الجيد لن يكون مسألة بمقدور وزارة التربية الوطنية إنجازها بمفردها. فإزاء راهنية المسألة، ارتفاع كلفتها المالية و المادية و بالنظر إلى نسبة الأطفال الواجب إقحامهم في هذا السلك (49%)، وعدد المربين الواجب تكوينهم، يطرح التعاون و الشراكة كأسلوب عمل لاشك سيحمل المزيد من الايجابيات إلى هذا الحقل الحيوي.
شكل التعليم الأولي المدخل الرئيسي لمشروع الإصلاح الجديد، و عمل هذا الأخير على ربطه بالتعليم الابتدائي، و على تحديد أهداف الدراسة بهذا السلك. و على الرغم من مقاصده الطموحة لتعميم التعليم الأولي في أفق 2004 فإن الأمر لازال لم يحقق القفزة النوعية بالنسبة للتعليم الأولي، سواء تعلق الأمر بالمجهودات المبذولة على مستوى التعليم العمومي أو تلك التي يحاول التعليم الخصوصي القيام بها. مما يحملنا على طرح أسئلة جديدة حول إمكانيات وسبل النهوض بهذا المستوى من التعليم الأولي، خصوصا و عشرية التربية قد شارفت على نهايتها.
ب ـ تطور أعداد المتمدرسين بالتعليم الابتدائي
برحيل الاستعمال أصبح فتح أبواب المدارس في وجه أبناء الشعب المغربي مهمة آنية لا تقبل التأجيل. هكذا شهد عدد المتمدرسين الجدد بالتعليم العمومي تطورا مضطردا، إذ انتقل من 136.129 في أكتوبر من سنة 1956، إلى 200.000 متمدرس في أكتوبر من السنة الموالية (1957)، أي بزيادة بلغت نسبتها 68.06%. و انتقلت الأعداد الإجمالية للتلاميذ المغاربة، من 232.876 متمدرس سنة 1955- 1954 إلى 521.000 سنة 1958-1957، أي بنمو بلغت نسبته 45.48%.
شهد التعليم الابتدائي الحر بدوره، نموا كبيرا حيث انتقل عدد المتمدرسين به من 21.000 في مارس 1956 إلى 50.000 متمدرس في شهر مارس 1957، أي بارتفاع وصلت نسبته إلى 42%.
ارتفعت نسبة أعداد المتمدرسين بالتعليم الابتدائي بثلاث مرات في ظرف ثماني سنوات، إذا انتقلت من 303.727 متمدرس، سنة 1956 -1955 إلى 1.223.000 متمدرس، سنة 1964-1963.( )
إلا أن الوقوف بنوع من التحليل عند نسب المتمدرسين من مجموع الأطفال الذين وصلوا سن التمدرس أو تجاوزوها و لم يستطيعوا الحصول على مقعد دراسي، سيجعلنا نبتعد كثيرا عن التفاؤل الزائد الذي توحي به هذه المعطيات. ناهيك عن ضرورة استحضار معطى الجودة و عدم الارتكان لمقاربة إحصائية تستحضر الجانب الكمي فقط.
ففي ندوة عقدها محمد الفاسي في 25 يونيو 1965، أعلن وزير التربية آنذاك أن مجموع التلاميذ الذين وصلوا سن التمدرس و لم يلتحقوا بعد بالمدرسة هو 1.500.000 طفل ( ). مما يبين الإرث الضخم الذي ورثه المغرب عن الاستعمار في ميدان التعليم، خصوصا إذا أضفنا لذلك قلة الأطر و ضعف بنيات الاستقبال. فخلال الموسم الدراسي 1958-1959 لم يتواجد بالمدرسة سوى 526.000 طفل من أصل 1.300.000 طفل تتراوح أعمارهم ما بين 6 سنوات و 12 سنة ( ) مما جعل من مبدأ التعميم مسألة ملحة وذات راهنية . إلا أن السلطات المكلفة بالتعليم لم تكن تقصد بالتعميم جميع الأطفال البالغين سن التمدرس و المحددة في الفترة 7-14 سنة، بل الذين بلغوا بداية سن التمدرس و المحدد في سبع سنوات. وهو تعاطي لازال قائما حتى يومنا هذا.
إن تصورا مثل هذا كانت له نتائج كارثية. فتكفي الإشارة إلى أنه في سنة 1959، كان عدد الأطفال الذين كانت أعمارهم تتراوح بين 7 و 14 سنة يبلغ 1.625.000 طفل، 685.610 منهم داخل المدارس، و الباقون خارجها( ).
أما الموسم الدراسي 1960-1961، فقد بلغ خلاله عدد الأطفال البالغين سن التمدرس حوالي 1.960.000 طفل، استطاعت المدارس أن تستوعب منهم نحو 719.112 طفلا، أي بمعدل 36%. و ارتفع عدد الأطفال في الموسم الدراسي 1964-1965، أي في نهاية التصميم الخماسي الأول، ليصل على 2.150.000 طفل وجد منهم بالمدارس 1.026.165 طفلا، وهو عدد يمثل نسبة 47% من الأطفال البالغين سن التمدرس ( ).
إن تعميم التعليم ولو في حدوده الكمية ظل العنصر المؤجل في كل المخططات التي شملت أيضا ميدان التعليم. فقد اعتبر التصميم الخماسي الأول 1960-1964 سنة 1963 سنة تعميم التعليم على كل الأطفال البالغين سبع سنوات، في حين حدد سنة 1969 لتحقيق نفس الهدف على كل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 14 سنة. ثم جاء التصميم الثلاثي 1978-1980 لينقل سنة تعميم التعليم بدوره لدى الأطفال البالغين سبع سنوات في أفق 1995.
أما " مخطط المسار" للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية 1988- 1992-فقد حدد 1994/1995 كسنة لبلوغ نسبة 90% من تعميم التعليم على الأطفال البالغين سن السابعة ( ).
على أن الميثاق الوطني للتربية و التكوين، اعتبر سنة 2002 سنة إنجاز التعميم الشامل على الأطفال البالغين سن ست سنوات.
تطور الأعداد الممدرسة بالتعليم الابتدائي
المستوى 56-1955 66-1965 76-1975 86-1985 2000-99 04-2003
القطاع العمومي الابتدائي 263.247 1.044.606 1.475.006 2.202.937 3.497.926 3.846.950
القطاع الخاص الابتدائي 70.407 79.437 72.641 76.950 171.679 223.232
المجموع 333.654 1.124.043 1.547.647 2.279.887 3.669.605 4.070.182
المصدر: وزارة التربية الوطنية
نلاحظ عدم الاستقرار في وتيرة نمو أعداد المتعلمين، حيث لم تعرف استمرار مسارها التصاعدي. ففي حين انتقلت من 263.247 متعلما سنة 56-1955 إلى 1.044.606 سنة 66-1965، لم تتعد خلال عشر سنوات نسبة الزيادة 430.400متمدرس جديد . و نفس الشيء يقال عن مرحلة أجرأة الميثاق حيث انتقل عدد المتمدرسين من 3.497.926 سنة 2000-1999 إلى 3.846.950 متمدرس سنة 2004-2003. تجدر الإشارة إلى أن الأرقام المقدمة تعبر عن مجموع عدد المسجلين. مع ما يستتبع ذلك من ثغرات حيث تضم العديد من الأطفال الذين لايلتحقون بالمدرسة و لا يتم طرح من تسربوا من مجاميعها، دون أن ننسى الأطفال الذين تجاوزت أعمارهم الست سنوات الذين كثيرا ما يتم إغفالهم و بالتالي يلتحقون بصفوف الأميين الجدد.
و الجدير بالذكر أن التعليم الخاص قد شهد توسعا كميا ملحوظا، إذا انتقل عدد المتمدرسين فيه من 76950 متعلما خلال موسم 86/1985 إلى 171.679 سنة 2000-99، ليصل 223.232 طفلا خلال 04/2003. أي أن نسبة الزيادة في هذا القطاع جاوزت 30.02% خلال أربع سنوات. وهو ما يفسر بالدعم المعلن الذي ما فتئت السلطات المختصة توليه لهذا النوع من التعليم و الذي تراهن عليه لاحتواء أعداد متزايدة من البالغين سن التمدرس و غيرهم.
تطور أعداد المتمدرسين بالتعليم الابتدائي و نسبة التعليم العمومي من ذلك.
السنة مجموع المتمدرسين نسبة التعليم العمومي ٪
1996 4114466 96,7
1997 4189817 96,5
1998 4408380 96,5
1999 4661827 96
2000 4890094 96
2001 4661827 96
2002 4885343 96
2003 5125000 95,8
2004 5220737 95,4
2005 5231496 95,2
2006 5254352 94,3

المصدر: التقارير الاقتصادية و المالية لمشاريع قوانين المالية، سنوات 2002-2005-2006 وزارة المالية و الاقتصاد.
يلاحظ نوع من الارتباك في أرقام السنوات 2000و 2001، و تضارب هذه الأرقام مع أرقام وزارة التربية الوطنية و أرقام الوثائق الملحقة بتقرير الذكرى الخمسينية للتنمية البشرية. كما نسجل نوعا من التراجع في نسبة التعليم العمومي مقابل التعليم الخصوصي،وهو ما أكدته وتيرة نمو عدد المتمدرسين.
و على الرغم من هذا الارتفاع الكمي الملحوظ ، فإن تركيز الميثاق على الجودة يفرض علينا تناول الهدر المدرسي في التعليم الابتدائي للوقوف عند مواكبة التطور النوعي للتطور الكمي المسجل. فمعدل التكرار مثلا، انتقل من 13.2% سنة 1997/1998 إلى 13.8% سنة 03/2004 بالتعليم الابتدائي( )، رغم تبني الوزارة الوصية لسياسة تمنع إعادة نفس المستوى من قبل التلميذ لأكثر من سنتين و فرضها نسب نجاح عادة ما تكون مرتفعة و لكن على حساب المستوى المعرفي للتلاميذ.
إن النظام التعليمي، و لإيصال تلميذ إلى نهاية السلك الابتدائي كاملا و تأهيله لولوج التعليم الإعدادي كان يخصص :
- 9,45 سنة بالنسبة للتلميذ ( بدل 5 سنوات المحددة في المواثيق التربوية) سنة 66/1965.
-9,49 سنة بالنسبة للتلميذ (بدل 5 سنوات المحددة في المواثيق التربوية) سنة 77/1976.
- 9,70 سنة بالنسبة للتلميذ (بدل 5 سنوات المحددة في المواثيق التربوية) سنة 02/ 2001 ( ).
أي أن نسبة الهدر لازالت مرتفعة و بحاجة إلى المزيد من المجهودات. ولن يكفي الانتقال التلقائي للتلاميذ من سنة إلى أخرى لتقليص هذه الأرقام. فذلك يعني إضعافا لجودة التعليم و تشجيعا للتسرب وفقدان الثقة في المدرسة العمومية.
توقعات تطور إعداد التلاميذ في المستوى الابتدائي
3751500 2006
3692300 2007
3634600 2008
3595100 2009
3567900 2010
3534700 2012
3488000 2013
3427300 2014
3359900 2015
3293000 2016
3233700 2017
3148200 2018
3112100 2019
3076400 2020

المصدر: وزارة التربية الوطنية – المنتدى الوطني للإصلاح – يوليوز 2005-

يلاحظ أن عدد التلاميذ بالتعليم الابتدائي سيسير في وتيرة تناقصية تبلغ ذروتها سنة 2020، ليصل عدد التلاميذ إلى 3076400 طفلا، أي أن المدارس الابتدائية ستفقد 675100 عنصرا من منتسبيها.
و تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام، لا ندري إن كانت تشمل التعليم الخاص أم لا، و إن كانت تأخذ بعين الاعتبار البالغين سن السادسة فقط أم البالغين سن التمدرس 6-14 سنة. و على كل حال فتطور نسبة الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 0 و 14 سنة يسير في هذا المنحى، إذ يمثلون 32.3% من مجموع ساكنة المغرب بنسبة 2000، ثم انتقلت إلى 28.3% فقط سنة 2006، حسب إحصاءات وزارة المالية ( التقرير المالي و الاقتصادي لسنتي 2005-2006).
إلا أن هذا التطور لا يبين نسبة العالم القروي منه، ولا نسبة تمدرس الإناث، خصوصا في البوادي حيث الوضع بحاجة إلى مزيد من الدعم و العمل.
ج ـ التطور الكمي للمتمدرسين بالإعدادي الثانوي و التأهيلي.
إن تنامي أعداد المتمدرسين بعد مرحلة الاستعمار، ألقى بظلاله على التعليم الثانوي العمومي أيضا، حيث انتقلت أعداد تلامذته من 6159 في شهر فبراير 1956 إلى 13774 في شهر مارس 1957، أي بزيادة بلغت نسبتها 4.71% ( ). إلا أن التطورات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية اللاحقة ستلقي بظلالها على هذا السلك من التعليم. هكذا اقترح التصميم الثلاثي 1965-1967 ألا يلتحق بالتعليم الثانوي من مجموع المسجلين بالابتدائي سوى 40%. مكرسا بذلك نهجا كثيرا ما تم انتقاده خلال المرحلة الاستعمارية ووصمه بالنخبوية و الطبقية.
وقد كانت للعوامل السياسية بالدرجة الأولى، و المالية بالدرجة الثانية، إلى جانب قلة الأطر المكونة وزنها في تبني هذا المنحى. فالدولة أصبحت مطالبة خلال منتصف السبعينات بتكوين 1400 أستاذ للسلك الأول و600 أستاذ للسلك الثاني، في حين لا يتم تكوين إلا 400 أستاذ في السنة آنذاك( ).
أضف إلى ذلك المجهودات التي كانت تفرض ذاتها في ميدان التجهيز.
لقد جاء إصلاح 1985 بمجموعة من التدابير التي شملت ميدان التعليم و الثانوي و أهمها:
- انتقاء صارم للالتحاق بالتعليم الثانوي، فأغلبية تلامذة التعليم الأساسي سيلتحقون بالتعليم المهني.
- الحد من الالتحاق بالتعليم العالي، مع انتقاء و توجيه إلى تخصصات تستجيب بشكل جيد لحاجيات النمو الوطني.
كما أورد مخطط المسار أهدافا كمية كانت كما يلي:
 توجيه 20% من التلاميذ في نهاية السلك الأول، و 40% في نهاية السلك الثاني من التعليم الإجباري الأساسي، 40% في نهاية التعليم الثانوي لمتابعة التكوين المهني.
 أن تستقر نسبة التكرار في حدود 10% ، و نسبة الانتقال فيما بين 85% و 90% باستثناء الأقسام النهائية للتعليم الإجباري الأساسي و التعليم الثانوي( ).
أما ميثاق التربية و التكوين فقد حدد نسب الانتقال:
 نهاية المدرسة الابتدائية بنسبة 90% ،عام 2005.
 نهاية المدرسة الإعدادية بنسبة 80% ، عام 2008.
 نهاية التعليم الثانوي ( بما فيه التكوين التقني و المهني و التمرس و التكوين بالتناوب) بنسبة 60%، عام 2011.
 نيل البكالوريا بنسبة 40% عام 2011( ).
و إذا كان الميثاق قد ركز على الجودة و محاربة الهدر المدرسي فإن انتقال معدل التكرار في الثانوي التأهيلي من 17.1% سنة 1996/ 1997 إلى 19.9% سنة 2003/2004 ( ). يجعلنا نتساءل عن سر هذا الارتفاع رغم اعتبار العشرية الوطنية للتعليم و ما رافقها من تعبئة و مجهودات.
تطور الأعداد الممدرسة بالتعليم الثانوي:
المستوى 56-1955 66-1965 76-1975 86-1985 2000-99 04-2003
القطاع العمومي الثانوي الإعدادي 11862 159435 331145 802836 978520 1134223
الثانوي التأهيلي 20598 99443 310178 440167 573648
القطاع الخاص الثانوي الإعدادي 20196 29841 30152 45612 13702 27167
الثانوي التأهيلي 10835 41757 31390 29749
المجموع 32058 209874 471575 1200383 1463779 1764787
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
إن الملاحظة الأولية لهذا التطور تبين انتقالا لعدد التلاميذ من 32058 سنة 56-1955 إلى 1764787 خلال الموسم 04/2003، أي أن عدد التلاميذ تضاعف تقريبا 55 مرة.
إلا أن مقارنة نسب الزيادة في المستويين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي تبين بجلاء عدم تناسبهما، إذ بقدر ما تزيد نسبة المسجلين في الإعدادي، لا تواكبها نفس الزيادة في نسب الملتحقين بالتأهيلي. ولا عجب في ذلك، مادامت نسب النجاح تحدد مسبقا. فالانتقال إلى الثانوي ليس مؤسسا على كفاءات التلاميذ و مستوى تحصيلهم المعرفي، بل مبني على معطيات تقنية محضة. إن تدني جودة التعليم بالابتدائي و الإعدادي بخاصة يخدم هذه السياسة الانتقائية و يقدم لها شروط النجاح، انتشار ظاهرة التكرار و الهدر المدرسيين مثلا.
تطور أعداد المتمدرسين بالتعليم الثانوي و نسبة التعليم العمومي من ذلك.
السنة 2001 2002 2003 2004 2005 2006
عدد التلاميذ 471557 481168 515000 559414 603321 633409
نسبة التعليم العمومي % 93.3 94.00 94.1 94.9 95.1 94.7
المصدر : وزارة التربية الوطنية.
شهد تطور عدد المتمدرسين تطورا طفيفا بين سنتي 2001 و 2002 ناهز 9611 تلميذا. وانتقل إلى 33832 تلميذا بين 2002 و 2003، و هي النسبة التي ظل يدور حولها حتى حدود 2006.
و للوقوف عند مردودية التعليم الإعدادي الثانوي والثانوي التأهيلي نورد بعض الأرقام المرتبطة بعدد السنوات التي يقضيها المتعلم في كل سلك، مقارنة بعدد السنوات المفروض مبدئيا عدم تجاوزها.
فبالنسبة للتعليم الإعدادي الثانوي النسب كما يلي :
- 6.96 سنة لكل تلميذ بدل أربع سنوات المقررة و ذلك سنة 66/1965.
- 6.18 سنة لكل تلميذ بدل أربع سنوات المقررة و ذلك سنة 77/1976
- 6.80 سنة لكل تلميذ بدل ثلاث سنوات المقررة و ذلك سنة 02/2001 ( ).
شهدت نسبة عدد السنوات انخفاضا بين سنتي 66/1965 و 77/ 1976، ثم عادت للارتفاع مع بداية سنة 02/2001 خصوصا و أن هذا السلك أصبح يحتوي على ثلاث سنوات فقط.
توقعات تطور أعداد التلاميذ المصدر: وزارة التربية الوطنية – المنتدى الوطني للإصلاح- يوليوز 2005.
المجموع الثانوي الثاهيلي الثانوي الاعدادي السنة
1982800 645900 1336900 2006
2164300 692500 1471800 2007
2356600 774300 1582300 2008
2531800 892200 1639600 2009
2689100 1038100 1651000 2010
2830900 1188100 1642800 2011
2957400 1312700 1644700 2012
3059200 1384900 1674300 2013
3127300 1421200 1706100 2014
3168400 1442400 1726000 2015
3198400 1474500 1723900 2016
3214300 1511400 1702900 2017
3219000 1541500 1677500 2018
3191300 1554700 1636600 2019
3160900 1547400 1613500 2020
تدل جميع المؤشرات على أن الطلب على التعليم الإعدادي الثانوي سيتزايد إلى حدود 2015، ثم يبدأ في الانخفاض ابتداء من 2016. في المقابل سيعرف عدد تلاميذ الثانوي التأهيلي تطورا كبيرا في أفق 2020، حيث سينتقل من 645900 سنة 2006 إلى 1547400 سنة 2020. أي أن العدد الإجمالي لتلاميذ هذا السلك الدراسي سيتضاعف ب 2.39 مرة. مع ما يتطلبه ذلك من الرفع من عدد المدرسين ومن توسيع لبنيات الاستقبال. إن الميزانية المخصصة للتعليم الثانوي مطالبة بالقدرة على الاستجابة لهاته التوقعات العامة.
تطور نسبة التلاميذ الإناث من الأعداد الممدرسة للتعليم الثانوي
العمومي حسب السلك و الوسط
المستوى الوسط 66-1965 76-1975 86-1985 92-1991 2000-99 04-2003
الثانوي الإعدادي الوطني 22.8% 34.2% 40.2% 41.3% 43.00% 44.4%
القروي x x x 23.8% 28.9% 32.9%
الثانوي التأهيلي الوطني 19.9% 28.4% 38.4% 41.00% 45.3% 47.2%
القروي x x x 25.2% 31.3% 35.2%
x : غير متوفر.
المصدر: وزارة التربية الوطنية
شكلت الفتيات الضحية الأولى للأمية ، للتسرب و الانقطاع المبكر عن الدراسة. و هكذا لم تتجاوز نسبة الإناث في التعليم الثانوي الإعدادي سنة 66/1965 22.8%، بينما نسبتهن في الثانوي التأهيلي لا تتعدى 19.9% من مجموع التلاميذ في هذا المستوى. و الملاحظ أن نسبة الإناث تشهد زيادة طفيفة في كلا المستويين، و تظل دون مستوى التطلعات، خصوصا إذا استحضرنا كثرة الإناث المسجلات خلال السنوات الأخيرة بالتعليم الابتدائي ( 46.4% من مجموع المسجلين حسب وزارة التربية الوطنية سنة 04/2003). و قدرتهن على تحقيق نتائج أفضل من الذكور على مستوى التحصيل المعرفي.

تطور توزيع تلاميذ التعليم الثانوي التأهيلي العمومي حسب الشعب
الشعب الدراسية 1966-1965 1980-1979 2004-2003
الآداب 58.4% 46.8% 49.4%
العلوم 27.1% 50.7% 45.8%
التعليم التقني 14.5% 2.5% 4.8%
المجموع 100% 100% 100%
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
شهدت الشعب الأدبية و القانونية خلال السنوات الأولى للنظام التعليمي بالمغرب حضورا مكثفا، مما يبين نوع الكفاءات التي كان ينتجها هذا الأخير. فالجهاز الإداري الحديث كان بحاجة إلى العديد من الموظفين لتسيير دواليبه و بناء الدولة الجديدة.
غير أن الإكراهات التي اصطدم بها الاقتصاد بالمغرب، و التحولات السياسية التي عرفها ألزم المسؤولين على إعادة توجيه كفة نظام التكوين نحو المواد العلمية و التقنية بالخصوص منها.
و هكذا نلاحظ تراجع نسبة المتوجهين إلى الشعب الأدبية خلال سنة 1980/1979، لتعود النسبة إلى الارتفاع سنة 2004/2003. و العكس يقال بالنسبة للشعب العلمية.
أما التعليم التقني فقد شهد تدهورا في نسب المتوجهين إليه و التي وصلت 2.5% خلال 1980/ 1979، لترتفع نسبتهم قليلا إلى 4.8% سنة 2004-2003. هذا في الوقت الذي يركز ميثاق التربية و التكوين على تشجيع هذا النوع من التعليم انسجاما و طرحه الداعي إلى انفتاح المدرسة على المحيط الاقتصادي.
دـ التطور الكمي لطلاب التعليم الجامعي
غداة رحيل الاستعمار، و نظرا لضعف عدد الطلبة المغاربة و الذين كان أغلبهم يتابع دراسته بفرنسا، و نظرا لقلة الأطر المغربية في ميدان التعليم العالي، ظل هذا الأخير مرتبطا بجامعة بوردو التي كانت تقدم الشواهد باسمها إلى حين الإنشاء الرسمي لجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1959 بموجب ظهير 7 غشت 1959 المنظم للتعليم العالي.
لقد تميزت هذه الفترة بالخصاص الكبير في عدد حاملي شهادة البكالوريا : 157 سنة 1959، و 241 سنة 1962. كما تميزت أيضا ببداية الحضور النسوي في التعليم الجامعي والذي انتقل من 1% سنة 1956 إلى 9% من مجموع الطلاب سنة 1965.
إلى جانب الحضور الكبير للطلبة الفرنسيين الذين استقر عددهم حول 1300 طالب لحدود سنة 1965، و لينخفض بعد ذلك من 80% سنة 1956، إلى 26% سنة 1962، ثم إلى 10% من سنة 1966 ( ).
شهدت الفترة الممتدة بين 1965 و 1975 تطورا لعدد الطلبة من 6500 فرد إلى 44000 طالب. مما يعني زيادة تقدر ب 7 مرات خلال 10 سنوات.
مثل المسجلون في السنة الأولى الجامعية حوالي ثلث عدد المسجلين بالجامعة. و قد تميزت هذه المرحلة بما يلي : ( ).
- زيادة ملحوظة للحضور النسوي بالجامعة (9% سنة 1965 مقابل 16% سنة 1975)
- حضور كبير للطلبة المغاربة بالخارج: انتقل من عدد متواضع سنة 1965 إلى 1500 سنة 1964، أي حوالي 22% من مجموع الطلبة المغاربة.
- حضور قوي للموظفين ( 33% سنة 1972، 27% سنة 1975).
تميزت الفترة المذكورة ببداية تراجع عدد المتوجهين للشعب الأدبية و القانونية، و هذا ما يبينه الجدول الآتي :
60/59 66/65 71/70 72/73 77/76
العدد الإجمالي 2462 6500 16000 21700 58000
الشعب الأدبية 93% 83% 79% 78% 74%
الشعب العلمية و التقنية 7% 17% 21% 22% 26%
Source : Annuaires statistiques du Maroc
لقد شهدت نسبة ولوج التعليم تطورا نسبيا بين 1970 و 1985، حيث تطورت لتصل إلى 11% منذ بداية التسعينات ، من مجموع الشريحة العمرية 18 و 24 سنة ( ).
فخلال المرحلة الممتدة من 1973 إلى 2003 تطور عدد الطلبة بالتعليم العالي من 22000 طالب إلى 299000 طالب، بمعدل سنوي جاوز 9% كل سنة.
و تجدر الإشارة إلى أن وتيرة التطور لم تتجاوز خلال الفترة (2003-1993) معدل 16%، مقابل معدل متوسط بلغ 13% خلال المرحلة (1973-1993). هكذا فزيادة عدد الطلبة تتم خلال الفترة الأولى بمعدل 8 مرات أقل عنه إبان الفترة الثانية( ).
تطور أعداد الطلبة بالتعليم العالي حسب نمط التعليم
نوع التعليم 56-1955 65-1964 71-1970 86-1985 2000-99 04-2003

القطـــاع

العمـــومي الجامعي 799 5281 12473 131426 250111 277428
غير الجامعي * 201 829 781 7940 7973 11573
المجموع 1000 6110 13254 139366 258084 289001
نسبة الإناث 1% 11.9% 17.5% 34.0% 42.7% 45.4%
القطاع الخاص المجموع 10146 17558
نسبة الإناث 42.5% 48.2%
* لا تشمل هذه الأرقام المتدربين بمراكز التكوين التابعة للتربية الوطنية
المصدر: وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي.
يمكن القول أن التطور النوعي الذي شهده القطاع تم بين سنتي 86-1985 و 2000-99 حيث انتقل عدد الطلبة من 139366 إلى 258084 طالبا. هذه الزيادة لم تتم بموازاة تطور نوعي في عدد هيئة التدريس و بنيات الاستقبال، وهو ما انعكس على نسبة التأطير بالجامعة. و تكفي الإشارة إلى نسبة هذا الأخير في الدراسات القانونية و الاقتصادية بلغت 118 طالب لكل أستاذ خلال الموسم 01-2000. مما يدفع إلى التساؤل حول جودة التعليم الذي أصبحت تقدمه الجامعة ( بلغ عدد الطلبة 500 فردا بالمدرج،و 80 طالبا داخل القاعات الصغرى)( ).
إن التطور الملحوظ لنسب الإناث اللواتي يلجن التعليم الجامعي دليل على الحيف الذي لحق النساء لعقود طويلة، خصوصا في غياب أرقام دقيقة حول عدد الفتيات التي تتراوح أعمارهن بين 18 و 24 سنة.
و نسجل أيضا بروز التعليم الخاص الجامعي الذي استطاع أن ينتقل بعدد طلابه من 10146 فرد سنة 2000-99 إلى 17558 سنة 04-2003، وهو ما يفسر بالرهان الذي أصبح يمثله التعليم الخاص بالنسبة للدولة قصد تجاوز الأزمة التي يتخبط فيها كميا و كيفيا.
توقعات تطور أعداد الطلبة :
التعليم العالي السنة
313000 2006
351000 2007
425000 2008
463000 2009
505000 2010
564000 2011
634000 2012
749000 2013
862000 2014
966000 2015
1040000 2016
1091000 2017
1130000 2018
1167000 2019
1200000 2020
المصدر: وزارة التربية الوطنية – المنتدى الوطني للإصلاح- يوليوز 2005.
إن وتيرة نمو أعداد الطلبة ستستمر في نموها العادي إلى حدود 2010 حيث ستعرف اتساعا مطردا، لكن نجاح هذه التوقعات رهن بالنتائج المحققة على مستوى التعليم الابتدائي و الثانوي بسلكيه. و لن نمل من القول بأن التطور الكمي ليس دليلا على نجاح نظام تعليمي ما، بل تحقق مؤشرات الجودة هي الدليل على نجاعة الفعل التعليمي و فاعليته.
عموما يمكن أن نؤكد أن التعليم العالي ورش بحاجة إلى المزيد من الاهتمام و الإنفاق خصوصا و أنه يمثل مكان البحث العلمي بامتياز ، و هذا الأخير أصبح
بمعناه الواسع من الأنشطة الإنسانية الأكثر أهمية و التي تبسط نفوذها المتنامي باستمرار على كل مناحي الحياة فوق كوكبنا و خارجه( ).
شهد تطور عدد المتمدرسين بمختلف الأسلاك صعودا و هبوطا عبر مختلف مراحل تطور النظام التعليمي المغربي، لكنه استقر في الصعود منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي.
و قد كانت للاختيارات السياسية و الاقتصادية الغلبة في ترجيح كفة الزيادة أو النقصان. إلا أن مطلب تعميم التعليم ظل حاضرا و بقوة منذ بداية الاستقلال نظرا لما كان يتيحه التعليم من فرص للارتقاء الاجتماعي. ومع تراجع هاته الفرص و بروز البطالة كظاهرة لازمت حتى خريجي المعاهد العليا، إلى جانب تردي المستوى التعليمي و ظروف العمل بالنسبة للمدرسين، لم يعد الطلب على التعليم يلقى نفس الاهتمام لدى شرائح واسعة من المواطنين خصوصا الذين يعانون الأمية أو ظروفا معيشية صعبة.
و إذا أضفنا إلى ذلك رغبة الدولة في التراجع عن حجم إسهامها في قطاع التعليم، فلن يكون بخاف على أحد الصورة التي سيصير عليها تعليمنا مستقبلا.
إن تبني شعار التعليم من منظور كمي محض، ساهم في إدخال أغلبية التلاميذ البالغين سن ست سنوات إلى المدرسة، لكنه لم يمكن من تزويدهم بتعليم جيد يسمح لهم بامتلاك كفاءات حقيقية. فصرنا نرى حاملي بكالوريا غير متمكنين من أية لغة، و حاملي إجازات دون دراية بموضوع تخصصاتهم، و حاصلين على شواهد دكتوراه لا يحملون من هم البحث العلمي إلا النزر القليل.
صورة تتطلب إعادة طرح السؤال التعليمي بجرأة، وربطه بالمتغيرات الاقتصادية و السياسية.
وهنا لابد من التساؤل ليس فقط عن ملاءمة نظامنا التعليمي للمحيط الاقتصادي، بل أيضا عن ملاءمة هذا الأخير وقدرته على استيعاب الأعداد المتزايدة للخريجين.
الأكيد أن إيجاد حل لمعضلة الشأن التعليمي لن تتم خارج تصور متكامل يتناول مختلف جوانب الحياة الاجتماعية ككل.
2ـ التطور الكمي لهيئة التدريس و بنيات الاستقبال
يعتبر الاهتمام بتكوين العنصر البشري و بإعادة تأهيله مسألة ضرورية ولا محيد عنها من أجل الرفع من المردودية و تحسين الجودة. فبدون الاستثمار في التكوين الهادف إلى إعادة الاعتبار إلى الإنسان، و إدماجه في محيطه المهني، و مساعدته على السيطرة عليه و على تطويره، فإن مواجهة التحديات الجديدة التي تفرضها العولمة الليبرالية لن يكون بالأمر السهل.
فلا يمكن تصور نهضة اقتصادية و اجتماعية و ثقافية دون إرساء دعائم منظومة تعليمية تطرح أفقا لها ضمان الكرامة الإنسانية. في هذا السياق لن تصل هذه المنظومة إلى أهدافها إلا بالإعداد الجيد لمختلف الأطر المكلفة بتنفيذ برامجها و على رأسهم هيئة التدريس.
ولا يمكن لهؤلاء أن يمارسوا دورهم الناجح في توجيه و تكوين التلاميذ إلا بتوفير بنيات استقبال في المستوى، و شروط عمل مريحة و محفزة.
إن التطورات التي عرفها المشهد التعليمي ألقت بظلالها على تكوين هيئة التدريس كما و كيفا. و لعل النداءات المتكررة بضرورة تكوينها المستمر و تحسين تكوينها الأساسي يؤكد عمق الأزمة التي يعيشها هذا الجزء من الجسد التعليمي.
و سأحاول في مطلب أول مقاربة تطور هيئة التدريس بالابتدائي و بنيات الاستقبال به، على أن أتناول في مطلب ثان واقع حال المدرسين بالتعليم الثانوي و فضاءات اشتغالهم. و في مطلب أخير سأعرج على واقع عدد أساتذة التعليم العالي و بنيات الاستقبال بهذا السلك من التعليم.
أـ تطور هيئة التدريس و بنيات الاستقبال بالتعليم الابتدائي
عملت السلطات الاستعمارية على إبقاء النظام التعليمي رهين سياساتها، وهو ما انعكس أيضا على تكوين المدرسين الذي لم يكن من بين أولويات السياسة الفرنسية في مجال التربية و التعليم. و هكذا تم استقدام مدرسين فرنسيين للتدريس في المدارس القليلة المتواجدة في كبريات المراكز الحضرية و كذا الاستعانة بآخرين تابعين للنفوذ الفرنسي مثل الجزائريين. أما الفئة القليلة التي أسندت إليها مهمة تدريس بعض المواد باللغة العربية، فإن معظمها لم تكون تتوفر على تكوين يؤهلها لولوج مهنة التعليم وقد درست بجامع القرويين و بعض المدارس العتيقة و الزوايا و المساجد( ).
و نتيجة لتزايد أعداد المعمرين و لرغبة السلطات الاستعمارية في تكوين نخب محلية تحفظ لها و بها مصالحها، فقد فتحت أول شعبة خاصة بتكوين المعلمين سنة 1921. ثم خلقت مركز التكوين البيداغوجي بالرباط 1938، و أخيرا جاءت سنة 1952 لتمثل تاريخ صدور قرار وزاري يسمي مراكز التكوين البيداغوجي ب " المدارس الجهوية لمعلمي التعليم الإسلامي و ظهرت لأول مرة بكل من وجدة، الرباط و مكناس.
إلا أن حصيلة هذه السيرورة لم تكن في مستوى تطلعات المواطنين و رغبتهم الحثيثة في الاستفادة من التعليم. هكذا كان عدد المتخرجين كل سنة من مراكز التكوين البيداغوجي ومن الشعب الخاصة بتكوين المعلمين لا يتجاوز 60 مدرسا، أما المدارس الجهوية فلم يتخرج منها في آخر الموسم الدراسي 1954/ 1955 إلا 165 معلما منهم 76 معلما لتدريس اللغة العربية( ).
أعداد المدرسين بالمؤسسات التعليمية الابتدائية العمومية في 56-1955
المغــــــــاربـــــة الفـــــرنسيــــــــــــــــــــون
الذكور الإناث المجموع الذكور الإناث المجموع
5209 392 5601 1862 3012 4874
المصدر: وزارة التربية الوطنية
من خلال قراءة أولية لهذا الجدول، يتبين النقص الكبير في عدد المدرسين بالابتدائي الذي ورثه المغرب من الاستعمار، خصوصا إذا استحضرنا العدد الكبير للأطفال المغاربة البالغين سن التمدرس و الذين لم تستطع المدارس الاستعمارية استيعابهم. إضافة إلى الحضور الكبير للمدرسين الأجانب و الذي تغلب عليه نسبة الإناث عكس المدرسين المغاربة الذين يغلب عليهم الطابع الذكوري، و لا عجب في ذلك مادام المجتمع المغربي آنذاك تقليديا، محافظا.
إلا أن ضرورة الاستجابة لمطلب تعميم التمدرس – رغم ارتباطه بالجانب الكمي فقط- دفع السلطات المكلفة بميدان التربية و التكوين على اتخاذ إجراءات يعد التوظيف المباشر أحد أبرزها. فإن تكون ملما بقواعد الكتابة و القراءة كان أحد أهم الشروط بالولوج سلك المدرسين. ففي الموسم الدراسي 1965-1957 تم تعيين 6500 مدرس جديد، و بذلك انتقل عدد المدرسين بالتعليم الابتدائي من 7652 إلى 12485 فيما بين الموسمين الدراسيين 1965- 1957 و 1959- 1960، ليصل هذا العدد إلى 24.835 مدرسا خلال الموسم الدراسي 1963-1964. ( ).
تطور أعداد هيئة التدريس بالتعليم الابتدائي.
57- 1956 62-1961 77-1976 86-1985 2000-99 04-2003
المجموع 11257 21800 42635 79300 121763 135663
نسبة الإناث غ.م غ.م غ.م غ.م 35.1% 36.6%
غ.م : غير متوفر.
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
يلاحظ التوسع الكبير لأعداد هاته الهيئة على حدود سنة 2000، حيث شهدت زيادة طفيفة بلغت 13900 مدرسا. في حين كانت نسبة الزيادة من سنة 86/1985 إلى سنة 2000-99 حوالي 42463. و هنا نتساءل عن السر وراء هذا الانخفاض خصوصا أن سنة 2000 شهدت بداية أجرأة الميثاق الذي ركز على بلوغ تعميم التمدرس و على إنجاح ورش التعليم الأولي.
كما نسجل الحضور الوازن للعنصر النسوي وهو ما يؤكد قدرة المرأة المغربية على الانخراط في أوراش الإنتاج و التغيير.
تطور نسبة أعداد المدرسين المغاربة بالتعليم الابتدائي
63-1962 68-1967 74-1973 80-1979 89-1988
90% 100% 100% 100% 100%
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
انطلاقا من الجدول أعلاه يمكن القول أن مغربة أطر الابتدائي قد تحققت منذ 68-1967. إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه هو تزايد عدد المدرسين الأجانب بالقطاع الخاص، وما يلازم ذلك من عودة معلنة للغة الأجنبية التي مر أزيد من نصف قرن و النظام التعليمي المغربي يحاول جاهدا وضعها في مكانها الطبيعي.
الإشكالية التي تطرح ذاتها هي جودة التعليم المقدم من قبل هؤلاء المدرسين و مدى امتلاكهم لكفاءات معرفية و بيداغوجية سليمة. فالمغربة ليست دعوة للانغلاق و التقوقع ورفض الآخر بقدر ماهي دعوة للحفاظ على النير من ثقافتنا وتاريخنا.

توقعات تطور الحاجيات إلى المدرسين بالابتدائي:
1200 2006
1300 2007
1300 2008
1300 2009
778 2010
658 2011
911 2012
718 2013
1137 2014
1823 2015
3400 2016
4845 2017
6083 2018
6089 2019
5662 2020
المصدر: وزارة التربية و الوطنية – المنتدى الوطني للإصلاح.
إن الحاجة إلى المدرسين ستعرف، حسب المعطيات الإحصائية أعلاه، تزايدا إلى حدود 2009، حيث ستبدأ في الانخفاض لتصل ذروتها سنة 2013. ثم ستشهد صعودا آخر ابتداء من سنة 2014.
غير أن عدم تخصيص هذه المعطيات للحاجات حسب الوسط( حضري- قروي)، عدم وضوح الأرضية التي احتسبت وفقها، باستثناء تعويض المحالين على التقاعد، يجعلنا نتساءل عن قدرة هذه الزيادات المتواضعة عن الاستجابة لحاجيات بلد لم يحقق تعميم التعليم الجيد ولازالت الأمية تمس حوالي نصف ساكنته.
تطور عدد المؤسسات و الحجرات الدراسية بالتعليم الابتدائي العمومي.
المنشآت الدراسية 66-1965 81-1980 92-1991 2000-99 2004-2003
المؤسسات 1102 2332 3817 5940 6788
قاعات الدراسية المستعملة 21373 36630 26779 81403 89813
الحضري منها 11633 20408 27233 34878 36163
القروي منها 9740 16222 35546 46525 53650
المصدر: وزارة التربية الوطنية
يلاحظ التزايد المستمر لعدد المؤسسات التعليمية و إن بوتيرة مختلفة. فأقل نسبة زيادة تم تسجيلها بعد المصادقة على ميثاق التربية و التكوين. وبمقارنة عدد المسجلين بالابتدائي مع عدد المؤسسات و الحجرات يبرز مايلي :
- متوسط عدد التلاميذ بكل مؤسسة انتقل من 947.9 تلميذ لكل مؤسسة سنة 66-1965 إلى 588.9 تلميذ سنة 2000-99، ووصل إلى 566.7 تلميذ سنة 2004-2003.
أما معدل التلاميذ بالنسبة للحجرة الدراسية فقد انتقل من 48.9 تلميذ 66- 1965، إلى 42.9 سنة 2000-99، ليستقر عند 43 سنة 2004-2003.
و جدير بالذكر أن متوسط التلاميذ في كلتا الحالتين لن يقدم لنا صورة موضوعية عن واقع الحال، لكونه لا يأخذ بعين الاعتبار التفاوتات الكمية الكبيرة بين المدن و القرى.
ونسجل أيضا أن الزيادة الكبرى في عدد المؤسسات و الحجرات كانت من نصيب العالم القروي، في حين يسجل انتقال لساكنة المغرب من البوادي إلى المدن بوتيرة متسارعة، مما يفرض على المكلفين بالتخطيط أخذ هذه الظاهرة بعين الاعتبار.
و نشير أيضا إلى أن مجموع الحجرات عادة ما تضم بنايات لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية للعمل التربوي، مما يفرض تصنيف الحجرات المستعملة حسب مدة حياتها و جودتها.
ب ـ تطور أعداد المدرسين بالثانوي و فضاء اشتغالهم
غداة الاستقلال كان الإطار الرسمي المنظم لتكوين أساتذة التعليم الثانوي هو المعهد البيداغوجي للتعليم الثانوي الذي أحدث بموجب مرسوم صادر في يناير 1958 ( )، غير أنه تطور ليصبح في سنة 1963 ما يعرف ب " المدرسة العليا للأساتذة"، التي تناط بها مهمة تنظيم تكوين أساتذة التعليم الثانوي. و قد عرفت المؤسسة منذ إنشائها مجموعة من التغييرات شملت شروط القبول، مدة التكوين، أساليب التكوين و إجراء الاختبارات...الخ.
لقد كان المعهد البيداغوجي، ثم فيما بعد المدرسية العليا للأساتذة بالرباط، الإطار الوحيد الذي عهد إليه تكوين أساتذة التعليم الثانوي بشقيه الأول و الثاني. و قد استمر الوضع على هذا الحال إلى حدود سنة 1970، حيث تم إحداث إطار جديد لتكوين أساتذة السلك الأول من التعليم الثانوي سمي ب " المراكز التربوية الجهوية".
و كشأن باقي الأسلاك التعليمية، فقد ورث المغرب وضعية متأزمة في التعليم الثانوي كما يوضح الجدول التالي :
أعداد المدرسين بمؤسسات الثانوي العمومي موسم 56-1955
المغــــــــــــاربة الفرنسيـــــــــــــــــــــون
الذكور الإناث المجموع الذكور الإناث المجموع
211 5 216 946 788 1734
المصدر: وزارة التربية الوطنية
يسجل وجود مكثف لمدرسين فرنسيين يضاعف عددهم الأساتذة المغاربة بحوالي 8 مرات. و حضور ضعيف للمدرسات المغربيات اللواتي يشكلن 0.25% من مجموع المدرسين بالثانوي.
هذا العدد الضعيف للمدرسين المغاربة سيساهم في استمرار العديد من الفرنسيين في تأدية مهامهم ببلادنا في إطار برامج شراكة شملت أيضا الرومانيين و الهنغاريين، وامتدت مع موجة التعريب لتشمل القادمين من بلدان الشرق الأوسط.
تطور أعداد هيأة التدريس بالثانوي العمومي:
57-1956 62-1961 77-1976 86-1985 2000-99 04-2003
الثانوي الإعدادي 15733 39201 51668 55202
الثانوي التأهيلي 1989 7137 6540 16905 32356 34690
المجموع 1989 7137 22273 56106 84024 89892
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
لقد شهد عدد الأساتذة تطورا ملحوظا خلال السنوات السابقة لسنة 2000. حيث انتقل من 22273 أستاذا سنة 77-1976 إلى 84024 سنة 2000-99. إن حساب معدل هذه الزيادة يبين أن متوسط الأساتذة الجدد كان حوالي 2573 أستاذا في كلا السلكين. أما عن مرحلة 2000-2004 فإن المتوسط أقل بكثير إذ لم يتجاوز 1467 أستاذ.
إلا أن حساب نسبة التأطير، رغم عدم أخذ الاختلاف الكبير بين المدن و القرى، يجعلنا ننبه مرة أخرى إلى الخدع التي يمكن أن تمثلها الأرقام. فنسبة التأطير المتوسطة انتقلت من 20.5 تلميذ لكل أستاذ بالإعدادي سنة 86-1985 إلى 19 تلميذا سنة 00-1999، لتستقر عند 20.6 تلميذ سنة 04-2003.
و بالنسبة للثانوي التأهيلي كانت نسبة التأطير عن نفس السنوات، 18.35، 13.6 ثم 16.5. إلا إن زيارة ميدانية للإعداديات و الثانويات بالمراكز الحضرية تبين أن نسبة التأطير الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير، و أن بعض المؤسسات الإعدادية و الثانوية القروية هي التي تعرف نسب التأطير هاته. كما أن لهجرة التلاميذ نحو التعليم الخاص أثرها في ظهور هذه النسب.
تطور عدد المؤسسات المدرسية و الحجرات بالتعليم الثانوي العمومي حسب الوسط
السلك المنشآت الدراسية الوسط 93-1992 2000-99 04-2003

الثانـــــــــــــوي
الإعدادي الوحدات المدرسية الحضري غ.م 686 811
القروي غ.م 286 395
المجموع 746 972 1206
السلك المنشآت الدراسية الوسط 93-1992 2000-99 04-2003
الثانوي الإعدادي قاعات الدراسة المستعملة الحضري غ.م 18484 20303
القروي غ.م 3751 5586
المجموع 19893 22235 25889

الثانوي

التأهيلي الوحدات المدرسية الحضري 388 475 520
القروي 8 68 95
المجموع 396 543 615
قاعات الدراسة المستعملة الحضري غ.م 12369 13227
القروي غ.م 996 1181
المجموع 10814 13364 14408
غ.م : غير متوفر
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
شهد تطور عدد الوحدات المدرسية زيادة متقاربة بين الوسطين القروي و الحضري. بينما تضاعف عدد الوحدات المدرسية بالثانوي التأهيلي المنجزة بالعالم القروي حوالي 8 مرات بين سنتين 93-1992 و 2000- 99، ثم عرفت زيادة وصلت حوالي نصف عدد الوحدات ( 27 وحدة إضافية).
و بخصوص تطور عدد الحجرات المستعملة فقد تطورت بالنسبة للإعدادي بما مجموعه 2342 حجرة بين سنتين 1993 و 2000 أي بمعدل 292.75 حجرة سنويا . في حين تزايدت بين سنتي 2000 و 2004 بحوالي 3654 حجرة أي بمعدل 730.8 حجرة سنويا.
أما بالنسبة للتعليم الثانوي التأهيلي فقد ازدادت عدد الحجرات المستعملة فيه بين نفس السنوات الذكورة قبله ب 2550 قاعة أي بمعدل 318.75 حجرة سنويا، ثم ب 1044 قاعة أي بمعدل 208.80 قاعة سنويا. ولا نملك هنا إلا أن نتساءل عن سر هذا التراجع، خصوصا و أن التوقعات المنتظرة من إصلاح 2000 تبشر بازدياد مضطرد في أعداد الملتحقين بالثانوي التأهيلي.
توقعات تطور الحاجيات إلى المدرسين بالثانوي العمومي:
السنة/السلك الثانوي الاعدادي التاهيلي المجموع
2006 4965 1029 5994
2007 6289 2790 9079
2008 5146 4234 9380
2009 2737 6149 8886
2010 851 7638 8489
2011 165 7525 7690
2012 1249 5373 6622
2013 3570 5028 8598
2014 3976 3296 7272
2015 3526 2648 6174
2016 2787 3486 6273
2017 2069 3865 5934
2018 1542 3692 5234
2019 1920 2957 4877
2020 2281 2081 4362
المصدر: وزارة التربية الوطنية – المنتدى الوطني للإصلاح- يوليوز 2005.

إذا كانت وتيرة تطور أعداد التلاميذ بالنسبة لما بعد 2006 تسير في خط تصاعدي بخصوص التعليم الثانوي التأهيلي، فإن توقعات الحاجيات إلى المدرسين لا تساير هذا المنحى التصاعدي إذ نجدها تتعرض للانخفاض ابتداء من 2008. حيث شهدت تراجعا من 6289 أستاذ إلى 5146 سنة 2008، لتصل أدنى مستوى سنة 2011 بمعدل 165 أستاذ.
إن تناول المعطيات بشكل عام، لا يبين الفروق القائمة بين مختلف الشعب، حيث الخصاص المهول في بعض التخصصات. إلى جانب التوزيع غير المتكافئ بين البوادي و الحواضر. ناهيك عن غياب عدد المقبلين على التقاعد و ما ينتج عن ذلك من معرفة عدد المناصب الفعلية المحدثة.
أما بخصوص الثانوي التأهيلي فإنه سيشهد زيادة في الحاجيات على حدود سنة 2011. يليها انخفاض حتى سنة 2015، ثم سيعرف المنحى الصعود و الهبوط إلى غاية سنة 2020.
إن حساب المعدلات الوسطية لعدد التلاميذ بالنسبة لكل أستاذ، لن يعطينا صورة صحيحة عن واقع التمدرس بالتعليم الثانوي، لأن هناك تفاوتات كبيرة بين كثافة التلاميذ في الوسطين الحضري و القروي، يكرسه تزايد نسبة السكان الحضريين بالمغرب والذي وصل حوالي 59.4% من مجموع الساكنة ( حسب التقرير الاقتصادي و المالي لوزارة المالية- نونبر 2006)- أضف إلى ذلك سوء توزيع المتوفر من الأساتذة و استئثار كبريات المدن بأكبر عدد منهم. يمكن القول أن تقديم خدمة تعليمية جيدة رهين بالمستوى الكمي و النوعي لهيئة التدريس ورهين أيضا بحسن تدبير و توزيع الموارد المالية، المادية و البشرية، في تناغم تام مع التحولات التي تشهدها البنية الاجتماعية المغربية. و هنا تبرز أهمية التخطيط الاستراتيجي الذي لن يبلغ نتائجه إلا باعتباره جزءا من مشروع مجتمعي متكامل، توفر له كل شروط النجاح و التطور.
ج ـ التطور الكمي للأساتذة بالتعليم العالي
غداة تأسيس جامعة محمد الخامس سنة 1959، كان عدد الأساتذة المغاربة بالتعليم العالي ضعيفا جدا، مما جعل حضور الأساتذة الأجانب أمرا ضروريا ولا غنى عنه.
وقد انتقل عدد الأساتذة المغاربة من 32 أستاذ سنة 1962 ( ضمنهم دكتوران، مبرزان و مجازة واحدة) ليصل إلى 814 سنة 1975. و إذا كان لرحيل الأساتذة الأجانب و تبني شعار المغربة الدور الكبير في ولوج أعداد متزايدة من المغاربة ميدان التدريس بالتعليم العالي، فإن تزايد عدد الطلاب بالسلك الجامعي حمل عدة تحولات في بنية الجسم التعليمي الجامعي، سنعرض لبعضها لاحقا.
تطور نسبة مغربة هيأة التدريس بالتعليم العالي الجامعي العمومي
النوع الجنسية 77-1967 82-1981 86-1985 2000-99 04-2003

الأساتذة القارين المغاربة 702 2338 3952 9650 10383
الأجانب 432 563 504 51 30
المجموع 1134 2901 4456 9701 10413
النسبة % 61.9 80.6 88.7 99.5 99.7

الأساتذة
غير القارين المغاربة 210 245 425 521 434
الأجانب 129 138 99 134 60
المجموع 339 383 524 655 494
النسبة % 61.9 64.0 81.1 79.5 87.8
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
شهد حضور الأساتذة الأجانب القارين انخفاضا شديدا منذ نهاية الثمانينات عكس نظرائهم المغاربة الذين انتقلت نسبتهم من% 88.7 سنة 86-1985 إلى %99.5 سنة 2000-99. إلا أن الملاحظ هو تزايد وتيرة حضور الأساتذة غير القارين سواء المغاربة أو الأجانب. هكذا انتقل مجموع هؤلاء من 383 سنة 82-1981 على 655 سنة 2000-99 . لقد كان الأساتذة الجانب مهيمنين في مجالات التكوين العلمية و التقنية، وهذا ما يبينه الجدول أدناه:

توزيع الأساتذة بالتعليم العالي حسن الجنسية
موسم1975-76 المغاربة الأجانب المجموع
العلوم الإنسانية و الاجتماعية 54% 38% 47%
العلوم و التقنيات 46% 62% 53%
المجموع 100% 100% 100%
Source : Annuaires Statistiques du Maroc
لا غرو في استمرار التواجد الأجنبي بهذا الحجم، إذا تلزم المغرب سنوات عدة لتدارك النقص الحاد في أساتذة التعليم العالي ذوي التخصص العلمي و التقني، وهو ما سيكون شاقا نظرا لتوجه جزء كبير من التلاميذ في السلك الثانوي إلى الشعب الأدبية، و نظرا لتدني مستوى التكوين بمؤسسات التعليم الابتدائي و الثانوي.
تطور أعداد هيأة التدريس الدائمة بالتعليم العالي العمومي
حسب الجنس ونوع المؤسسة
المؤسسات 64-1963 72-1971 77-1976 82-1981 86-1985 2000-99 04-2003
الجامعات المجموع 1134 2901 4456 9701 10413
الإناث 107 563 889 2286 2540
النسبة 9.4% 19.4% 19.9% 23.6% 24.4%
المدارس العليا * المجموع 387 715 854 1302 1376
المجموع 592 749 1521 3616 5310 11003 11789
( *)لا تشمل هذه الأرقام العاملين بمراكز التكوين التابعة للتربية الوطنية.
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
شهد عدد الأساتذة تزايدا ملحوظا إلى غاية 2000-99، و هكذا انتقل من 1134 سنة 77-1976 إلى 10413 أستاذ سنة 04-2003، أي بزيادة 92793 أستاذ خلال الفترة الممتدة بين السنتين المذكورتين وهو ما يمثل زيادة متوسطة سنوية تناهز 331.4 أستاذ.
إلا أن هذه الأرقام لا تبين بوضوح الزيادة المسجلة في كل سنة ولا تبين أيضا نوع التخصصات التي شهدت هذه الارتفاعات في عدد أساتذتها.
و الجدير بالذكر أن عدد الإناث من الأساتذة قد انتقل في ذات الفترة من 107 أستاذة إلى 2540 أستاذة، لتصل نسبة الإناث في مجموع هيئة التدريس إلى 24.4% خلال سنة 04-.2003 أما العاملون بالمدارس العليا فقد شهدت نسبتهم مضاعفة بحوالي أربع مرات، مقابل حوالي 10 مرات بالنسبة لأساتذة الجامعات. و السؤال المطروح هو لماذا لم يبذل نفس المجهود لتطوير المدارس العليا إذا علمنا الخصاص الذي يعرفه المغرب في المهندسين و الأطباء و ذوي التكوين التقني؟ سؤال لابد أن نجد جوابه في الاختيارات الاقتصادية و السياسية التي اتبعها المغرب لعقود طويلة في ميدان التنمية البشرية.
توقعات تطور و الحاجيات من الأساتذة بالتعليم العالي :
السنة 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013
التعليم العالي 1200 1815 2135 1561 1826 2295 3256 4858

السنة 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020
التعليم العالي 4903 4551 3355 2406 1939 1836 1908
المصدر: وزارة التربية الوطنية.
ستعرف الحاجيات من أساتذة التعليم العالي زيادة متواصلة إلى حدود سنة 2008 ثم ستتراجع قليلا سنتي 2009 و 2010، إلا أنها ستتزايد بوتيرة أسرع إلى حدود سنة 2014، لتبدأ بالانخفاض التدريجي إلى حدود سنة 2019 حيث ستكون الحاجة إلى 1836 أستاذ.
و إذا استحضرنا حصيلة السنوات السابقة، حيث لم يتجاوز عدد الملتحقين بهذا السلك ما متوسطه 331.4 أستاذ، فإنه يتضح أمامنا مدى صعوبة ورش تطوير التعليم العالي. و إذا ما أضفنا إلى ذلك تراجع ميزانية الاستثمار الموجه إلى القطاع، وهو ما سنتناوله بمزيد من التفصيل لاحقا، سيتبين أن التحديات المطروحة لن تكون مادية فقط بل بشرية أيضا.
الاستجابة لهذه التوقعات تستلزم تبني سياسة تكوين تستحضر الجانب النوعي أولا و قبل كل شيء. فأن تعرف القاعات ظاهرة الاكتظاظ - لكن مقابل تعليم ذي جودة- خير من أن تستجيب للمقاييس و المعايير التربوية من ناحية نسبة التأطير لكن مع ضعف بين في المستوى.
تجاوز التعاطي الكمي مع الشأن التعليمي هو المنطلق الأول لإخراجه من الأزمة التي يعيشها و الدفع به في مسار المساهمة السليمة في التنمية المنشودة.
رغم مرور سنين عديدة على بداية تكوين المدرسين بالمغرب، لم تتبلور بعد سياسة واضحة المعالم في هذا المجال ( تعدد مراكز التكوين، عدم استقرار شروط القبول، و كذا المدة الزمنية المخصصة للتكوين).
و إذا كان الغرض من مراكز التكوين غداة الاستقلال هو العمل على إيجاد أكبر عدد ممكن من المدرسين للاستجابة لضغوطات أشرنا إليها سابقا، فقد استطاعت بالفعل هذه المؤسسات الاستجابة بشكل للطلب الكمي على الأساتذة و بالتالي ساهمت في إقرار المغربة داخل مؤسسات التعليم العمومي. لكن بعد قيامها بهذا الدور في فترات من تاريخ النظام التعليمي المغربي، و بعد الوضعية التي أصبحت عليها الآن و المتميزة بالتقليص الواضح في الأعداد التي تلجها سنة بعد سنة،نتساءل كيف يمكن لهذه المؤسسات أن تحافظ على الدور المفروض أن تؤديه: إعداد المدرسين الجيدين لكل المستويات التعليمية، و بث الدينامية و التجديد في العملية التعليمية، و إدماج المستجدات التربوية، و أخيرا تتبع تطور علوم التربية بصفة عامة؟ و أن تعمل في آن واحد على تطوير الكفايات الأساسية اللازمة لممارسة التدريس؟( ).
و إذا كان العنصر البشري دعامة أساسية لأي فعل إنتاجي، فإن توفير بنيات استقبال بالقدر الكافي و في الوقت المناسب، و بالنوعية المطلوبة، و حسن تجهيزها و السهر على صيانتها و الحفاظ عليها، شرط ملازم لنجاح العملية التعليمية.
فهل بالتقليص الدائم لميزانية الاستثمار، و بالتخفيض الممنهج لعدد المناصب المالية يمكن أن يربح المغرب رهان محاربة الأمية، تعميم التعليم و تقديم تعليم ذي جودة؟.
لا تعليم ناجح بدون موارد بشرية مكونة تكوينا سليما، وواعية بحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها، و بدون توفير فضاءات تعليم جذابة وصحية. لكن واقع حال التعليم ببلادنا يتناقض مع ذلك، مما يفرض بذل مجهودات جبارة و إدخال تغييرات جذرية على واقع تعليمي يقر الجميع بمرضه.
التعليم لا يمكن تطويره ببعض الإصلاحات الترقيعية التي تدخل على برامجه و مناهجه من حين لآخر، و إنما يكون بالتناول البنيوي لكل مناحيه و أغراضه( ).
شهد النظام التعليمي بالمغرب تطورات كمية لا يستهان بها، جسدت المكانة المتميزة و الحيوية التي يمثلها هذا القطاع لدى العديد من الفئات الاجتماعية. و هكذا عرفت أعداد التلاميذ المتمدرسين بكافة الأسلاك زيادات ملحوظة، لم تستطع مختلف الإكراهات الاقتصادية و السياسية الحد منها. رغم بقاء العديد من الأطفال في سن التمدرس خارج أسوار المدرسة وتسرب العديد منهم قبل إنهاء مشوارهم التعليمي.
نفس الإيقاع سيشهده تطور هيئة التدريس وبنيات الاستقبال، رغم تمركزها في المجال الحضري و عدم إيفاء القرى حقها في هذا الباب.
و ليس بخاف على أحد مدى خطورة العراقيل التي تنتصب في وجه المتمدرسين عند نهاية كل سلك، ضمانا لجودة معينة في التعليم و أساسا لتخفيف الضغط على التعليمين الثانوي و العالي.
وإذا كانت السنوات التي تلت الاستعمار المباشر قد شهدت استيعابا واسعا لخريجي المدارس و للمتسربين منها أيضا و الذين لم ينجحوا في امتلاك مستوى تعليمي جيد، فإن تضخم الهياكل الإدارية للدولة و عجز الاقتصاد عن تشغيل الأعداد الكبيرة من حاملي الشواهد ومن الذين لفظتهم المدارس بدون شواهد، كان أحد أبرز سمات فشل النظام التعليمي في تأدية أحد أدوراه : تكوين خريجين قادرين على العمل و الإنتاج في ظل مناخ عالمي أجمع الكل على توحش قوانينه و سلطويتها.
إن حصيلة خمسين سنة من حياة نظام التعليم بالمغرب جعلت الجميع يقر بضرورة الوقوف عند هذا القطاع الحساس، لمعرفة مشاكله و اقتراح السبل الكفيلة لتجاوزها. ولا يسعنا إلا أن نتساءل عن دور مختلف الفاعلين في إنتاج هذا الوضع، استمراريته و أفقه، في علاقته الجدلية بقضايا أخرى لا تقل حيوية عن التعليم، كالصحة و التشغيل و المشاركة في تدبير الحياة الاجتماعية و السياسية.

خاتمة القسم الأول:
إن المتتبع للخطاب المتداول حول التعليم، خصوصا من قبل القائمين على القطاع، يدرك أن المشكل التعليمي متشعب ومتعدد الجوانب. ولعل كثرة الحديث عن الموضوع، وتوالي النقاشات حول مشاكله و قضاياه، إن على المستوى الرسمي أو غير الرسمي، و ذلك في محاولة لتقييم التجارب و أخذ العبر، فحص الاختيارات المتبناة، و البحث عن البدائل و الحلول الممكنة، يجعل من تعدد مشاريع الإصلاح شيئا طبيعيا إزاء وضع مستعص و معقد.
لقد حاولنا تسليط الضوء على المحاولات العديدة لتطوير النظام التعليمي بالمغرب، و ذلك عبر إصلاحات متتالية، غير أن كل ذلك كان يتم بشكل تعوزه الدقة و التناسق و في غياب تصور واضح و شمولي. و لعل افتقاد الإجراءات الإصلاحية لرؤية تربوية متكاملة العناصر أحد أسباب فشلها أو على الأقل نسبية النتائج التي تحققها.
فمنذ حصول المغرب على الاستقلال وهو يعلن عن السعي لتحقيق أحد المبادئ الأساسية التي أسس عليها سياسته التعليمية ألا و هو مبدأ تعميم التعليم على جميع الأطفال البالغين سن التمدرس. وقد حدد المسؤولون أهدافا كمية ربطوها بتواريخ محددة، إلا أن الواقع جعل من هذا المطلب الحاضر/ الغائب في أجندة كل من تعاقبوا على وزارة التربية و التكوين، التحدي الأول.
وهاهو ميثاق التربية التكوين يفشل بدوره في الالتزام بأجندته حول تعميم التمدرس في شقه الكمي، فما بالنا بربطه بالجودة و الإنتاجية. المشكل التعليمي، وضمنه التمويل كحلقة ضمن حلقات أخرى، أصبح خطابا استهلاكيا يغلب عليه الطابع الإيديولوجي في غياب استراتيجية شاملة تتوفر لها جميع شروط النجاح.
إن المشاريع التربوية الإصلاحية الحقيقية تندرج ضمن مشروع مجتمعي يجعل من الإنسان منطلقا، وسيلة وهدفا. وهو ما لن يتحقق إلا بتعبئة كافة الطاقات البشرية و المالية، و بتوفير النصوص التشريعية و المؤسسات القادرة على استيعاب كل المبادرات و الإبداعات. فليس من المناسب الاكتفاء بالنظر إلى مشاكل التعليم من المركز، بل يجب اللقاء و التفاعل المباشر و الميداني مع الفاعلين التربويين. فأهم شيء في الفعل الإصلاحي هو النزول إلى الميدان، وعدم الاكتفاء بالتقارير الإدارية التي كثيرا ما لا تنجح في التفاعل مع متغيرات الواقع العنيدة.
هو امتلاك روح المبادرة، الجرأة في التنفيذ، القدرة على التتبع و التقييم.
و أخيرا الحرص على توفير كافة الشروط المالية و المادية لنجاح أية مبادرة ترتبط بمشروع الإصلاح.
ملاحظة: جزء من بحث أنجز سنة 2007.



#كريم_اعا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام التعليمي بالمغرب (2).
- النظام التعليمي بالمغرب.
- في مقومات الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة.
- عولمة الهمجية والبؤس.
- احتدام الصراع الطبقي ما يرهب الرأسماليين
- إنتاج الوعي الطبقي هدف أي نضال عمالي.
- تأملات في عزل اثني عشر منتخبا جماعيا.
- في الوعي الثوري.
- دروس من وحي تضليل طبقي.
- منظومة التربية والتكوين ووهم الإصلاح.
- فرنسا الثورة، لا فرنسا الرأسمال.
- لنسقط وهم نسبة النمو.
- الممارسة السياسية الواعية طريق الطبقة العاملة للانتصار.
- لماذا يرهبهم الصراع الطبقي ومفاهيمه؟
- وسيتمر الهجوم الطبقي على مكتسبات الطبقة العاملة.
- أنا الحاكم المستبد.
- المدينة التي أساءت للزهور.
- الملكيات لا تنتج إلا رجعية.
- قراءة أولية في القانون المنظم للمجلس الأعلى للتربية والتكوين ...
- تحرر اليسار شرط وجودي.


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - كريم اعا - النظام التعليمي بالمغرب (3).