أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كيف حطمت المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (2)















المزيد.....

كيف حطمت المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (2)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف حطــّـمتْ المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (2)


كان تحطيم قيود العصور الوسطى أمرًا شاقــًـا ، بل كان أقرب إلى المستحيل ، ومع ذلك شهدتْ مرحلة الانعتاق من عصور الظلمات (التى كان آخرها فترة الخلافة العثمانية، والتى تــُعتبر بمثابة الامتداد الطبيعى لكارثة الخلافة الإسلامية) شهدتْ مرحلة الانعتاق هذه شخصيات مصرية (نساء ورجال) أرسوا قواعد الخروج من هيمنة الفكر الأحادى الظلامى الذى غزا شعبنا بعد الغزو العربى على مصر، وكان من بين السيدات السيدة نبوية موسى (1886- 1951) وقبل أنْ أتكلم عن دورها فى مجال التعليم ، فإنّ أمانة البحث العلمى تقضى بأنْ أنوّه إلى موقفها من الاحتلال الإنجليزى ، لأنها لم تكن تعبأ بخروج الإنجليز من مصر، وكانت ترى أنّ رسالتها الحقيقية تنحصر فى تعليم البنات ومساواتهنّ بالذكور، حتى مرحلة التعليم الجامعى . وقد امتلكتْ شجاعة إعلان موقفها من المحتل ، فكتبتْ فى مذكراتها ((ما كنتُ أهتم بالسياسة ولا أود خروج الإنجليز من مصر)) (نبوية موسى - تاريخى بقلمى - هيئة الكتاب المصرية - مكتبة الأسرة عام 2003- ص17) وعندما أشعل شعبنا شرارة ثورة برمهات/ مارس1919 وهى ناظرة مدرسة الورديان بالإسكندرية ، رفضتْ اشراك الطلبة والمدرسين فى المظاهرات (المصدر السابق – ص235)
ورغم موقفها من الاحتلال وإقرارها ((لم أكن أكره الإنجليز)) (ص201) إلاّ أنّ مواقفها العديدة مع (دانلوب) مستشار التعليم الإنجليزى فى مصر، وكيف تحدّته فى أكثر من واقعة ، ينم عن شخصية شديدة الاعتزاز برأيها والدفاع عن كرامتها الشخصية. ومن بين الأمثلة العديدة ، موقفها عندما تمّ نقلها من مدرسة مُـعلمات بولاق رغمًا عنها بناءً على تعليمات دانلوب ، حيث لم يكن لها عمل مُحدّد . وكانت تؤمن بالمثل الإنجليزى ((كنْ رأس كلب ولا تكن ذيل أسد)) لذلك كتبتْ خطابـًـا باللغة الإنجليزية إلى دانلوب قالت فيه ((أريد يا جناب المستشار أنْ أصارحك بما يجول فى نفسى . أعرف أنك مستشار وزارة المعارف ، أى وزيرها الفعلى ، وأنّ فى استطاعتك أنْ تفصلنى من عملى ، وتمنعنى من التوظف فى جميع مجالس المديريات ، وأنت الرجل الإنجليزى نافذ الكلمة. وفى البلد أحكام عرفية. ولكنى أريد أنْ أطلعك على ما يقال فى غيبتك . فأنا أقول لك إنى إذا دخلتُ غرفة نومى قلت فيكَ ما يأتى : إنّ هذا المستشار أشر من الألمان ، لأنّ أولئك الألمان يغتصبون حق مُـحارب ، أما هو فيغتصب حق مُسالم . وقد اغتصب حقى بعد أنْ وثقتُ فيه. إنى أعمل لحبى فى العمل . ولكنى ما كدتُ أعمل فى هذه المدرسة ستة شهور، حتى أصبحتُ كزملائى لا أعمل إلاّ لتناول الأجر. فأين ذهبتْ أخلاقى إذن؟ ومن هو يا ترى سارقها ؟ إنه هو ذلك المستشار الذى سلب غيرى من الناس أخلاقهم ثم سلب بعد ذلك أخلاقى أنا . إنه شر من اللص ، لأنّ اللص يسرق أموالا تذهب وتأتى ، أما هو فيسرق أخلاقــًا . وإنى لهذا أقول لكَ بصراحة تامة إنى أريد أنْ أسترد أخلاقى . فاعتبر هذا الخطاب استقالة منى)) (ص207، 208)
لقد تعمّـدتُ ذكر هذا الخطاب لعلــّـه يكون مفتاحــًا لفهم شخصية نبوية موسى ، حيث أنّ الجانب المُـهم فى شخصيتها (رغم موقفها من الاحتلال وعدم مشاركتها فى الحركة الوطنية) هو هذا الشموخ وهذه الثقة فى نفسها من فتاة خارجة لتوها من بحر الظلمات ، ومع ذلك دخلتْ فى معارك عديدة مع ثوابت القرون الوسطى ومع أسرتها ، لكسر قيود الماضى ، حتى كانت أول فتاة مصرية تكشف وجهها ، وأول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا عام 1907 ثم معاركها العديدة مع مستشار التعليم الإنجليزى ، ومع غيره من الإنجليز ومع مديرى المديريات . وفى كل معاركها كان التوفيق من نصيبها . وأنّ هذه المعارك كانت من أجل إصلاح حال التعليم فى مصر.
ورغم أنّ نبوية موسى (1886- 1951) كانت محافظة فى زيها ، وظلــّـتْ طوال حياتها تــُـغطى شعرها وترتدى الكرافت (الرجالى) وتــُـفضــّـل اللون الأسود لردائها الخارجى ، رغم كل ذلك فإنها كتبتْ رأيها عن سفور المرأة فقالت ((أردتُ السفور فلم أكتب فيه ، مع إنى قرأتُ كتب المرحوم قاسم أمين وأعجبتُ بها . والعادات لا تتغيّر بالقول ، لهذا عوّلتُ على أنْ أدعو للسفور بالعمل لا بالقول ، فكشفتُ وجهى وكفىّ))
ولأنّ المناخ السائد كان لا يزال مناخ الانعتاق من عصور الظلمات ، فلم يكن غريبـًـا ما حدث معها عندما ركبتْ الترام ، فقالتْ لها إحدى السيدات : هوّ إنتى مسيحية ؟ (من ص78- 81) والمؤلم أنه رغم مرور أكثر من مائة عام على هذا المشهد ، فإنه يتكرّر الآن ، مع فارق مهم : فالفتاة (المسلمة) إذا مشتْ فى الشارع وأطلقتْ شعرها ليستحم فى ضوء الشمس ونسيم الهواء ، ظنها متعلمون كثيرون (مسيحية) أى أنّ (المُـتعلمين، وخصوصـًـا المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة) انضموا لصفوف الأصوليين الإسلاميين.
ونبوية موسى أثبتتْ فى أكثر من موقف أنها أفضل من أية ناظرة مدرسة إنجليزية (ص158، 199) وكتبتْ عدة مقالات فى صحيفة (مصر الفتاة) وفى صحيفة الأهرام . ورغم تدينها الشديد امتلكتْ جرأة مخالفة أحد الشيوخ فى موضوع صيام شهر رمضان ، حيث قال الشيخ إنّ ((من فوائده تحسين الصحة)) فعارضته نبوية فى ذلك وكتبتْ ((إنى أومن بكل فوائده الأدبية والدينية. أما أنْ نصوم لتصح أجسادنا فهو ما لا أستطيع أنْ أومن به ، لأنّ الغربيين وهم قوم مسيحيون لا يصومون رمضان ، ومع ذلك فهم أصح أجسامًا منا)) (ص63) وعن الزواج كتبتْ ((أنا أكرهه وأعتبره قذارة وقد صممتُ أنْ لا ألوّث نفسى بتلك القذارة)) (ص87) وكتبتْ أيضًا ((انصرفتُ عن الزواج بتاتــًا ، ثمّ شاء الله أنْ تزداد فكرتى رسوخـًا ووضوحـًا ، فسمعتُ رجلا يتشاجر مع امرأة فى الطريق ويقول لها ما معناه : امرأة مثلك أقضى فى جوفها حاجتى . شرحتْ لى تلك الجملة ما هناك . وكرهتُ أنْ يقف منى رجل ذلك الموقف القذر المريع . لهذا كنتُ أكره أنْ أسمع عن الزواج فى شبابى . أما بعد أنْ كبرتُ فقد أصبح مجرد هذا الاقتراح سُـبة لا يشتمنى أحد بأقبح منها)) (ص89)
ونبوية موسى فى طفولتها كانت – مثلها مثل معظم أطفال الريف المصرى – مولعة بتشكيل الطين على هيئة الجاموس والبقر والحمير. بل وتشكيل البيوت من الطين . ولكنها أهملتْ تلك الموهبة التى كانت تؤهلها لأنْ تــُصبح فنانة تشكيلية أو نحاتة. ولكنها كتبتْ عددًا من القصص والأشعار للأطفال صدرتْ فى كتاب عن هيئة الكتاب المصرية – مكتبة الأسرة – عام 2000.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تخلّصتْ المرأة المصرية من قبضة العصورالوسطى؟
- لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟
- المناخ الثقافى قبل يوليو1952
- كيف كانت مقاومة الأصولية الإسلامية ؟
- العلم والفكر ودورهما فى نشأة النهضة المصرية
- الملاحم اليونانية وهل أفادت البشرية
- التشابهات داخل شُعب الديانة العبرية
- الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية
- بداية النهضة المصرية
- ما مغزى أن يكون رئيس الوزراء أحد اللواءات؟
- لماذا يتجاهل المستشرقون والإسلاميون (المعجزات) المصرية؟
- الصراع النفسى داخل الضابط (المثقف)
- أليس نظام الكفيل عبودية عصرية ؟
- هل دوافع المستشرقين المدافعين عن الإسلام بريئة؟
- الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء
- أردوغان يطالب باسترداد الأهرام
- تواصل حوار القرآن مع الواقع
- هل يمكن إنهاء زواج رجال الأعمال برجال السلطة؟
- هل الحضارة المصرية حضارة موت ؟
- ما سر الولادة المتعسرة لقانون بناء الكنائس ؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كيف حطمت المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (2)