|
الدرجة التحصيلية والإضافة العلمية ما بين النظرية والتطبيق وعلاقتها بالمؤسسات العلمية الأكاديمية والمهنية
تامر البطراوي
الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 02:52
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
الدرجة التحصيلية والإضافة العلمية ما بين النظرية والتطبيق وعلاقتها بالمؤسسات العلمية الأكاديمية والمهنية
بداية تجدر الإشارة إلى التفريق ما بين الدور الإنتاجي للمؤسسات الجامعية والمراكز البحثية ، فالمؤسسات الجامعية يجب أن يتركز دورها الإنتاجي في الإضافة العلمية الأكاديمية والتي تشمل معلومات ثبت صحتها باستخدام منهج البحث الملائم لها وأدوات البحث المناسبة والتي لم يتوصل إليها أحد من قبل ، وتكون متعلقة بالموضوعات العلمية للتخصص العلمي (Pure research) ، أما المراكز البحثية فيتركز دورها الإنتاجي في الإضافة العِلمية التطبيقية والتي تتحقق من خلال البحوث التي يتم إجرائها بغرض حل مشاكل تطبيقية في الواقع العملي لم يتوصل إليها أحد من قبل (Applied research) ، فالبحوث الجامعية تهتم بالعلم وتطويره ، بينما بحوث المراكز العلمية يجب أن تهتم بحل المشاكل التطبيقية الواقعية ، حيث أن خلط الأدوار قد يترتب عليه فوضى بحثية عندما تتوجه البحوث الجامعية إلى حل المشاكل الواقعية والتطبيقية مما يهدر قيمة الإضافة الأكاديمية للعلم ، أو العكس عندما تهتم المراكز البحثية بالنواحي النظرية مما يُهدر قيمة الإضافة التطبيقية ، مع مراعاة أن هذا الفصل ليس بشكل تام فمن الممكن أن تتضمن المشاريع البحثية بعض الإستثناءات لكن هذا الوضع يكون هو الاستثناء وليس المسار الطبيعي. أما التوزيع المُعتمد للمعرفة فيقع بشكل أساسي على المؤسسات الجامعية ، وفقاً لمعايير كيفية مُتدرجة كمياً وفقاً لتدرج معياري ، بدأ من الدرجة المتوسطه والتي يشار إليها عادة بالدبلوم المتوسط إلى الدرجات العليا والتي تبدأ بدرجة البكالوريوس ثم الماجستير ثم الدكتورا والتي تمثل أعلى درجة في المؤهلات العليا ، أما البعد الكيفي فيتعلق بتقسيم المعرفة موضوعيا ، والإتجاه الغالب للمزيج المعرفي ما بين البعد النظري والتطبيقي ، حيث تمنح الجامعات درجاتها الأكاديمية وفقاً لمزيج معرفي متخصص يغلب عليه الجانب النظري على الجانب التطبيقي ، والجانب النظري هو الجانب الذي يركز على الأمور البحثية (research "essay-thesis" ,dissertation) ، وهي البحوث الأساسيةBasic Research والتي تهتم بالبحث في المبادئ الرئيسية والنظريات والأصول ودراسة العلاقات بين الظواهر وتفسيرها ، والتوصل إلى حقائق وتعميمات وقوانين علمية تسهم في نمو المعرفة العلمية وتحقيق فهم أشمل وأعمق لها بصرف النظر عن التطبيقات العملية ، أما الدرجات المهنية فهي درجات متخصصة يغلب بمزيجها المعرفي الجانب التطبيقي على الجانب النظري ، والتركيز على الجوانب العملية المهنية والوظيفية (Coursework, Courses, Classwork) وعلى الأبحاث التطبيقية (Applied Research) وهي الأبحاث العلميه التي تهدف إلى تطبيق المعرفة العلمية المتوفرة بشكل عملي وتطوير نتائج البحوث الأساسية ، ومن ثم فالدرجات الأكاديمية كالبكالوريوس الأكاديمي (Academic Bachelor) ، والماجستير الأكاديمي (Academic Master) أو (Master of Science) (MSc) ، والدكتوراه الأكاديمية (Academic) والتي تمنح بمسمى درجة دكتوراه الفلسفة (PhD Philosophy Doctor) ، أو الدكتوراه في العلوم (DSc Scientiae Doctor) ، أو في مجال تخصصي محدد مثل الدكتوراه في الرياضيات (Doctor of Mathematics) ، هي درجات تشير إلى غلبة المكون المعرفي النظري الأساسي بمضمون الدرجة على المعرفة العملية والتطبيقية وهي تختلف كليا عن الدرجات التطبيقية ، كالبكالوريوس المهني (Bachelor vocational) ، والماجستير المهني (Vocational Master) أو الماجستير التنفيذي (Executive Master) ، والدكتوراة المهنية (Professional Doctorate) ؛ والتي تشير إلى غلبة المكون المعرفي التطبيقي والعملي بمضمون الدرجة على المكون المعرفي النظري والعلوم الأساسي ، وتمنح الجامعات الدرجات المهنية وفقا لعدة متطلبات تتميز بالمرونة أكثر من تلك اللازمة للدرجات الأكاديمية ، حيث تمنح الجامعات الدرجات المهنية أحياناً بتقييم الدرجة الكمية للمعرفة التطبيقيه بعدد سنوات الخبرة في قطاع الإنتاج ، وتكميل جانب تلك الدرجة التقديرية بما يكافئها من المعرفة النظرية ثم منح الدرجة المهنية ، حيث أن خمس سنوات خبرة تعادل المعرفة التطبيقية اللازمة لدرجة البكالوريوس المهني ، وسبع تعادل باللازمة للماجستير ، وعشر تعادل باللازمة للدكتورا المهنية ، وأحيانا يتم الإستعاضة عن سنوات الخبرة بعدة بدائل أخرى كدبلومة دراسات عليا في التخصص أو عدد من الدورات والبرامج التدريبية ، أو مؤلف فى التخصص ، أو بحث منشور فى التخصص ، وبالإضافة إلى الجامعات الأكاديمية التي تمنح الدرجات المهنية فهناك جامعات مهنية (vocational university) ، أو يطلق عليها جامعات العلوم التطبيقية ، وهي مؤسسات تعليم مهني عالي ، ومتخصصه في منح الدرجات المهنية فقط بجميع درجاتها ، وهناك نظام آخر يعتمد على المتابعة المستمرة لسنوات الخبرة بالتوازي مع المعرفة النظرية كنظام جامعات العمل ، وهي جهات تعليم من خلال العمل ، حيث تمنح الدرجات المهنية كالبكالوريوس والماجستير والدكتورا من خلال الدراسة بها والعمل بإحدى الشركات الراعية لها ويحصل الطالب على راتب بسيط خلال دراسته وعمله بشكل متوازي في إحدى الشركات المتعاقدة مع هذه الجامعات ، والدرجات المهنية ليست كالدرجات الأكاديمية من حيث المفهوم فهي تشير بشكل أساسي إلى درجات الخبرة العملية ، أما مضمونها المعرفي النظري فيعادل الدرجات الأكاديمية الأقل منها ولذلك تعتمد بعض الجهات الأكاديمية على معادلة الدرجات المهنية العالية بدرجات أكاديمية أقل ، كمعادلة الدكتورا المهنية ببكالوريوس أكاديمي ، وتعتمد سياسات التعليم العالي في التوزيع المعرفي الأكاديمي والمهني على الرؤية العامة للسياسات القائمة لقطاع العمل والإتجاهات العامة للسوق ، والذي يتحدد على أساس مزيج الجانب المعرفي والبدني ، فالعمل إما حرفي أو مهني ، حرفي إذا تطلب كم معرفي متوسط واعتمد على العمل البدني ، ومهني إذا تطلب كم معرفي عالي وقل إعتماده على العمل البدني ، وينقسم العمل المهني إلى عمل مهني تطبيقي تزداد به الأهمية النسبية للمكون المعرفي التطبيقي على المكون العرفي النظري ، وهذه المهن تحديدا هي المهن التي تلائمها الدرجات (الشهادات) المهنية عن الدرجات الأكاديمية ، بالرغم من كون الدرجات الأكاديمية صالحة كمؤهل أولي للعمل المهني لتضمنها الحد الأدنى من المعرفة التطبيقية اللازمة وإمكانية إكتساب المعرفة التطبيقية اللازمة من العمل نفسه بالإضافة للفوائد الإدراكية المترتبة على المكون المعرفي النظري بالدرجة ، أما النوع الثاني من العمل المهني فهو العمل المهني النظري والذي تزداد به الأهمية النسبية للمكون المعرفي النظري بمزيجه المعرفي على المعرفة التطبيقية (انظر الشكل رقم 24) ، والدرجات الأكاديمية فقط هي المؤهلات لهذا العمل لإعتماده بشكل أولي على كم كبير من المكون المعرفي النظري والذي لا يتوافر بالدرجات المهنية ، كالمهن الأكاديميه والتي تتطلب درجات معرفية عالية يغلب عليها الجانب النظري عن الجانب التطبيقي ، وقد تلجأ بعض الجامعات عندما يزداد الطلب على المهن التطبيقية وتندر الدرجات المهنية إلى زيادة التركيز على الجانب المعرفي التطبيقي بدرجاتها الأكاديمية وتوجيه الدرجة بشكل عام للتأهيل نحو المهن التطبيقية ويمكن ملاحظة ذلك التوجه من خلال مسمى القسم المؤهل للدرجة كتسمية القسم المؤهل للتخصص السياحي بقسم العلوم السياحية أو الدراسات السياحية أو قسم الإدارة السياحية ، بالإضافة إلى وزن الساعات العملية إلى النظرية والذي ينعكس على نوعية بحث التخرج المكمل للدرجة والمتعارف عليه بمسمى مشروع التخرج هل هو بحث تطبيقي أم نظري. نمط الدراسة المكملة وفقا للهدف التعليمي (المهن التخطيطيه والمهن التطبيقية) ما بين البحث والتطبيق ويقصد بمشروع التخرج الدراسة العلمية التي يقوم بها طالب الدرجة العلمية ضمن متطلبات الشهادة له بالدرجة ، وتجمع كمشاريع وليس مشروعات ، فكلمة مشروع هي اسم مفعول لمادة شرع وقد تأتي بمعنيان الأول فِعْل شَرَعَ بمعنى بدأ ، واسم المفعول إما أن يستخدم كنعتاً للإشارة للحال ، وفي هذا المعنى يشير إلى الفعل المشروع فيه أو المبدوء فيه أو الخطة المراد البدء فيها ، وهو نشاط هادف ومؤقت ، وإما أن يستخدم كإسم مستقل للإشارة إلى الكينونة ويجمع في الحالتين مشاريع ، كالمشاريع الإقتصادية والإجتماعية ، وقد يأتي إسم المفعول مَشْروع لمادة شرع وفقاً للمعنى الثاني شَرَّعْ بمعنى سوغ ، وإما أن يستخدم إسم المفعول كإسم مستقل للدلالة على كينونة ما تم تشريعه ، وإما أن يستخدم كنعت (حال) للإشارة إلى ما جوزه الشارِع (أمر سائغ يجوز فعله) ، ويجمع على جمع المؤنث السالم إلى مشروعة ، فيقال هذه من المشروعة لا الممنوعة ، أو يجمع على جمع غير العاقل إلى مشروعات ، فيقال هذه من المشروعات لا الممنوعات ، وعليه فإن المعنى اللغوي يشير إلى أن الأنشطة المبدوء العمل فيها بحثياً أو تطبيقياً تجمع على مشاريع وليست مشروعات. ومشروع التخرج يشير إلى الدراسة المكملة لدرجة البكالوريوس ، وهي دراسة تهدف إلى إظهار مدى إستيعاب الطالب للمواد والافكار الاساسية التي تعلمها خلال فترة مرحلته الدراسية ، ومدى قدرته على توظيف تلك المعارف لحل مشكلة ما أو لتطبيق ما ، ففي التوجه النظري للدرجة والتي تهدف إلى تكوين رؤية شمولية لظاهرة السياحة بعمومها وبدرجة أعمق من الدرجة المهنية ، فإن الدلالة على إستيعاب تلك الرؤية يكون بالقدرة على توظيف الأدبيات النظرية في إطار مشروع بحثي منضبط المنهجية ، ولذلك تكون دراسة التخرج عبارة عن بحث نظري يهدف إلى حل مشكلة بحثية ، أما بالتوجه التطبيقي للدرجة والذي يهدف إلى تكوين رؤية شمولية بدرجة تعمق أقل من الأولى مع التركيز على المعلومات المهنية والعملية ، فإن دراسة التخرج تكون عبارة عن دراسة تطبيقية كدراسات الجدوى ، وعلى ذلك الأساس يتم تحديد المادة العلمية الإرشاديه لإتمام تلك الدراسة هل هي مادة مناهج بحث علمي ، تقوم على شرح ماهية البحث العلمي وخطوات ومراحل البحث العلمي النظري ، أم مادة إدارية تشير إلى الآليات التنفيذية للدراسة التطبيقية كمادة دراسة الجدوى والتي تعني بإلقاء الضوء على المبادئ الأساسية الواجب اتباعها عند القيام بدراسة جدوى لمشروع ما مع استعراض معايير اختيار المكان المناسب للمشروع وأسس القيام ببحوث السوق اللازمة والطرق المتبعة في تنفيذها ، وتحليل خصائص العرض والطلب بالسوق وتقييم النواحي المالية والأداء الفعلي للمشروع . البطراوي، تامر (2016). فلسفة علم السياحة، منشأة المعارف، الأسكندرية.
#تامر_البطراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذِكرياتٍ فاحشة وآمالٍ لامُوحِشة
-
السائحة (لا عفيف)..
-
عاهرةٌ في حَيِّنا
-
مقاربة أبستمولوجية
-
الأصول النظرية لمفهوم العلم
-
النظرية الإقتصادية الكلية مُقاربة تأصيلية
-
المدرسة الإقتصادية للإسلاميون الجُدد
-
مناقشة لبعض مواد الدستور المصري
-
دستورية موضوع الهوية (دراسة مقارنة)
-
الحُقبة الماركنتيلية الجذور السياسية والثقافية وانعكاساتها ع
...
-
البكيني والحرب المُقدسة
-
مقاربة أنطولوجية
-
متى ظهر مصطلح الإقتصاد ومتى ظهر مصطلح الإقتصاد الإسلامي؟
-
ثورة على أصنام المعبد
-
الإقتصاد المصري منذ عصر الفراعنة وحتى حكم محمد علي
-
النُظم الهيكلية بالنظام الإقتصادي العالمي الجديد
-
النظام الاقتصادي العالمي الجديد
-
رسائل إلى الرئيس - الرسالة الرابعة إستراتيجيات الوصول للتمثي
...
-
رسائل إلى الرئيس - الرسالة الثالثة الدولة ما بين فلسفة الرؤي
...
-
رسائل إلى الرئيس - الرسالة الثانية حدد طبيعة مجتمعك وتوافق م
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|