أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني















المزيد.....

مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5296 - 2016 / 9 / 26 - 16:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني

ظلت دائرة الفكر الديني التقليدي تراوح بين الإنتساب لدائرة الواحد المختار والتأقلم مع الكونية المفروضة واقعيا أو التي لا فكاك منها، فهي وكما في المبادئ المعلنة لا تملك هوية أنتماء إلا لدائرة الأعتقاد بوجود جهة واحدة لا يمكن تجاوزها في مسألة الإيمان وإلا كانت نتيجة الخروج من دائرة الطاعة والرضوخ الطبيعي لديهم إلى دائرة الكفر والعصيان، فهو أي المتدين مثلا لا يؤمن بهوية الوطنية ولا القومية بل هو أممي في حدود ما تمثل الأممية له مصداق إنما المؤمنون أخوة، ولكنه من جهة أخرى وطبيعيا له ولاء فطري للأرض التي ولد فيها وينتمي لها طبيعيا وتكوينيا، التعارض هنا بين الأنتماءات المتعددة ليس أفتراضيا فحسب بل هو واقعي ومؤكد وحتى في أدبيات الفكر الديني نجد له أثار واضحة وجلية.
ظل الحنين للوطن والأنتماء له واحدا من الكثير مما سجله التاريخ والسيرة للأنبياء والرسل ومنهم الرسول محمد ص، قد ثبت حب النبي ص لمكة وحنينه الدائم لها أعلانا بالأنتماء للأرض بالرغم م أنه أخر من أسس للأممية الدينية المطلقة بأعتبار أن الدين رابط الأخوة الأكبر، ((فعن ابن عباس قال: قال رسول الله ص لمكة: ما أطيبك من بلد، وأحبك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَك. رواه الترمذي وصححه الترمذي والألباني في صحيح الجامع.))، العجيب في الأمر أن الذين جاء بهم القدر بعد هذه المرحلة يعانون أزمة ولاء وأزمة هوية متأتية من أنفصام حقيقي في فهم فكرة الدين أصلا وعلاقته بالإنسان.
النص الذي يحكم ويتحكم في مفصل الهوية هو نص التحديد المطلق الذي ورد مؤكدا عليه ومتفقا بعدم تعلقه بحال أخر، هو إن الدين عند الله الإسلام فمن يبتغي أو يطلب أنتماء أخر لغير الإسلام فطلبه مردود وغير نافذ بالقوة، المشكلة في الفهم ليست في منطوقية النص ومنطقه بل بتعريف معنى الولاء والأرتباط والأنتماء، إن الدين وهو الخيار المطلوب بالنص الديني لا يشكل هوية فردية تتعالى وتعلو على الهوية الأجتماعية الخاصة وفي تعارض معها، الإيمان بالله طبيعيا يمثل خيار عقلي يسترشد به لفهم الوجود والواقع وطريقة المرور في الحياة بطريقة توقع الأفضل وأختيار الأنسب الخاضع لمعيار الأخيرية والأحسنية.
وهنا لا يفرض النص الديني وأساس الفكرة الدينية أن يتحول هذا الخيار إلى هوية تعني أن يحمل صاحبها مميزات خاصة تفرده عن غيره، والدليل أن الله جعل الإيمان كله وهو مصطلح مطلق معيار للأخوة الأعتبارية (إنما المؤمنون أخوة)، هذا المعيار يجب أن يؤخذ من جملة أفكار أخرى لتحديده، مثلا:
• أن النص ذاته فرق بين المؤمن والمسلم وكلاهما ينتمي للدين فهل مثلا نجد في دائرة الفكرة المتبناة أن هناك درجتين من الولاء مختلفتين بالحدود، درجة إنما المسلمون أخوة والدرجة الثانية إنما المؤمنون أخوة، وهنا علينا أن ننفي أن يكون للدين هوية طالما أنها أساسا نسفت الفكرة بوجود طبقتين مميزتين مختلفتين داخل هذا الأطار.
• مصطلح المؤمنون مصطلح مطاط غير مرتبط بمحدد واحد متفق عليه عند الجميع، الكل يصف نفسه بالمؤمن وغيره بالنفي، كذلك النص الديني لا ينكر تعدد المؤمنين بتعدد الأديان، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}62 البقرة، فهل هؤلاء أخوة حقيقيون مع تعدد وأختلاف العقائد أم أن الإيمان محصور بمن يعتقد أنه مستكمل الإيمان بعقيدته دون الأخر الذي يعترف الله له بهذه الصفة.
• غياب معنى التحديد في مدلولية الإيمان كونها هوية يؤكد للعاقل المنطقي أن التوهم المفرط بأن الدين والإيمان به يشكل هوية فردية، إنما متأتي من الخلط بين معنى الهوية وبين معنى الإرادة، الدين إرادة أختيارية بصفته قرار للبحث عن وجهة عقلية فهو إرادة بحث عن طريق عقلي لا يتحتم معه أن يمنح حامل الإرادة ومتبنيها خيارات أكثر من حدود الموضوع، وبالتالي يمكن لأي إنسان وفي كل زمان ومكان وفي أي حال أن يكون مؤمنا أو خلافه، أو أن يكون مؤمنا مرة ومرات متخليا عن الإيمان طالما أنه يقيس موضوع إيمانه بقدرته على فهم وتبني خيارات الإيمان وشروطه.
نصل هنا إلى حقيقة قد لا يدركها البعض أن موضوع الهوية الدينية موضوع خارج أركان الفهم الديني لحقيقة علاقات الإنسان بالوجود، فلا الدين يقول بإنكار أنتماءات الإنسان الطبيعية والفطرية والتكوينية ولا هو قادر أصلا على إلغائها أو تجاوزها وليس من وظيفته أصلا أن يكون في موضع المقارنة بينه وبينها، ثانيا أن الأممية التي يطرحها الدين تتعلق به هو ذاته ولا تتعلق بتحديد مدار الأنتماء الإنساني بأعتبار أن الله هو رب الناس وهو الذي يخاطبهم ويشير لهم دون أن يعني هذ الخطاب أن الله يطلب منها تحديدا أن نكون أمة واحدة بالضرورة، النص المشير والحاكم هنا هو {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} 48 المائدة.
الدعوة التي يطلقها اليوم أصحاب المشاريع الاستعمارية الدينية والباحثين عن سلطان الطغيان البشري بأن الأنتماء للدين هو الهوية الأساسية التي يجب أن تعتمد واقعا، إنما هم بذلك يسعون لجعل القراءات والأفكار الأعتباطية المتسترة بمفاهيم مقدسة وغيبية غطاء لأحلام وأمال سلطانية، يعتدون بها على مفهوم إنسانية الوجود بطبيعته الملونة والمتعددة والقائمة على فكرة الحرية وفكرة الأنتماء لكل ما هو فطري وأصيل في التكوين البشري، والمرسوم تكيفيا مع البيئة والواقع الطبيعي، وليس هناك من سند حقيقي ولا من فهم منطقي بتقسيم العالم إلى دارين متخاصمين هما دار الإسلام ودار الحرب، فهذه الفكرة المدسوسة فكرة عنصرية تبناها الإسلام السياسي لتمير أطماعه ومحاولة منه لخندقة الوضع الإنساني وزرع بذور الكراهية والتقسيم بين الإنسان وأخيه الإنسان وتحويل الحياة البشرية إلى جحيم مر.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث سري جدا مع قطرات الندى
- أعترافات ملحد
- لماذا نتخوف من الغد
- متى تنتهي جدلية الدين والدنيا
- على نية الرحيل أحمل همي
- العراق وخيار السلام
- هل نحتاج اليوم الى عمل جبهوي نخبوي في القيادة والتخطيط لرسم ...
- هيت لك ....... كلمات على وزن الشعر
- المدرسة العقلانية التجريبية ودورها في كشف ماهية المعرفة
- رحيل شاعر البلاط ...... من مأتم الشعر
- توظيف علاقة القيمة الدينية في الأقتصاد المجتمعي.
- تداعيات الانهيار ومرحلة ما بعد السقوط
- القيامة والنار وعبيد الصنم
- القضية الأخلاقية والإنسان المستبعد منها
- صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح2
- صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1
- إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1
- الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما
- لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير
- الأقتصاد الريعي والمدنية الأجتماعية.


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني