أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إكرام يوسف - صرعة المضاربة في البورصات العربية.. مخاطر وتداعيات















المزيد.....

صرعة المضاربة في البورصات العربية.. مخاطر وتداعيات


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 10:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


شهدت السنوات الأخيرة تنامي ثقافة جديدة في العديد من البلدان العربية.. هي ثقافة المضاربة في سوق المال ، واتسع نطاق هذه الثقافة في السنة الحالية لتتجاوز شرائح النخبة العربية وتصل ـ في صورتها العشوائية ـ إلى المواطن العادي.. بعدما داعبت أحلام المواطنين، وحتى بعض البسطاء منهم، أحلام الثراء السريع عبر تدوير مدخراتهم الصغيرة في البورصة التي باتت تمثل بديلا أفضل من أوعية الادخار المصرفية مع تراجع أسعار الفائدة في البنوك.
ومع تصاعد وتيرة عمليات خصخصة الشركات المملوكة للدولة في معظم الدول العربية، وهي العمليات التي كان من بين أهدافها المعلنة إعادة توزيع الثروة في البلاد وتوسيع نطاق الملكية عبر طرح أسهم الشركات للاكتتاب العام بأسعار زهيدة نسبيا للسهم الواحد، انتشرت حمى المضاربة بين أفراد لم يكونوا يحلمون بدخول هذا المجال الذي كان قاصرا في ثقافتنا التقليدية على كبار الأثرياء من ملاك الأراضي وأصحاب المصانع.

أحلام الثراء السريع

وكمثال طريف على نوعية المضاربين الجدد في أسواق المال العربية، نشرت إحدى صحف الخليج أن أحد المواطنين تفتق ذهنه عن حل يريحه من المشاجرات والمشاحنات المستمرة بين زوجتيه، فاشترى لكل منهما عدة أسهم في البورصة بالإضافة إلى جهاز كمبيوتر لكل منهما، وبمرور الأيام انشغلت الزوجتان بمتابعة حركة التداول في البورصة عبر شاشة الكمبيوتر، ولم يعد لدى أي منهما الوقت الكافي لافتعال المشكلات العائلية التي ضج منها الزوج في السابق.
ومع اتساع نطاق المهتمين بالبورصة وتزايد أعداد الحالمين بالثراء السريع، شهدت معظم البورصات العربية نموا سريعا هذا العام على نحو بات يثير مخاوف من تكريس ثقافة الربح السريع على نحو يهدد بتحول أسواق المال العربية إلى فقاعة أسهم كبيرة. ورأى محللون أن الأمر بات يتحول إلى مقامرة أكثر منه استثمار أو مضاربة.. وأن تلك الأسواق تحولت إلى نوادي قمار كبيرة.
ويدلل المتشائمون على ذلك بالمستويات القياسية التي وصلت إليها أسعار أسهم شركات جديدة رغم أنها لم تبدأ عملها بعد. كما تخطت أحجام الاكتتابات الجديدة الناتج المحلي الإجمالي لدول بأكملها بصورة أثارت تندر بعض موظفي البنك الدولي.

فقد قفزت القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية لتكسر حاجز التريليون دولار، كما حلقت أسعار الأسهم في في هذه الأسواق إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة, بل وبصورة لم تشهدها أية بورصة عالمية.
ووصل حجم التداول في هذه الأسواق إلى ثلاثة مليارات دولار تتراقص يومياً بين أصابع المضاربين, فضلا عن تضاعف حجم تلك البورصات سبع مرات في الأعوام الخمسة الأخيرة.
ففي السوق السعودية، على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الأسهم خلال العام الحالي بنسبة ثمانية وتسعين في المائة،كما ارتفعت الأسهم في البورصة الكويتية بنسبة سبعة وثمانين في المائة، وصعدت البورصة القطرية بنسبة ثمانية وستين في المائة، وارتفعت الأسهم العمانية بنسبة واحد وثلاثين في المائة؛ أما البورصة البحرينية فقد قفزت بنسبة أربعة وعشرين في المائة.

صرعة غير مسبوقة
ويرجع محللون تحول هذا النوع من الاستثمار الاقتصادي إلى صرعة لم يسبق لها مثيل إلى عدة أسباب، منها: التدفقات البترودولارية الهائلة التي تنهال على دول المنطقة بعد القفزات التاريخية لأسعار النفط العالمية، الأمر الذي لم يقتصر تأثيره على بورصات الخليج فحسب، وإنما على بورصات أخرى في المنطقة يضارب فيها خليجيون، ففي بورصة بيروت التي مازالت تعتبر بورصة صغيرة من حيث حجم التداول، شهد متوسط قيمة التداول اليومي زيادة في الفترة من عام 2001 إلى 2005 بنسبة 1300 بالمئة لتصل إلى ثلاثة ملايين دولار في المتوسط يوميا، فيما يرجع جزئيا إلى ارتفاع أسعار النفط في المنطقة العربية مما وفر المزيد من السيولة، ويرى محللون أن قيمة الأسهم اللبنانية تبدو مغرية بدرجة كبيرة بالمقارنة بشركات دول الخليج العربية. كما يرجع الإقبال الحماسي على البورصات إلى استمرار عودة جانب من الأموال العربية المستثمرة في الخارج؛ فضلا عن تسارع حركة خصخصة الشركات المملوكة للدولة بطرح أسهمها للبيع في الأسواق.
أضف إلى ذلك تفوق عائد الاستثمار في الأسهم على العوائد الاستثمارية الأخرى، فالاستثمار في العقارات والمشاريع الإنتاجية مثلا يحتاج لمرور بعض الوقت قبل الحصول على الريع أو الأرباح الاستثمارية المجزية؛ بينما قد يحصل المضارب على أضعاف أمواله في ضربة حظ بالبورصة. ويلقي البعض باللوم على التسهيلات الائتمانية الكبيرة التي قدمتها البنوك الخليجية لعملائها والتي وصلت إلى أضعاف رواتب هؤلاء العملاء الأمر الذي تسبب في صعود معدلات التضخم في دول الخليج.
إقبال عشوائي
وفي مصر على أدى تراجع أسعار الفائدة في البنوك إلى إقبال العديد من صغار المودعين على سحب مدخراتهم والدفع بها إلى المضاربة على الأسهم أملا في الحصول على ضربة الحظ هذه. ولعل أبرز الأمثلة على هذا الإقبال العشوائي ما حدث مؤخرا عند طرح أسهم الشركة المصرية للاتصالات، من تسابق محموم على الشراء من فئات من الأفراد لم يسبق لها دخول أسواق المال، من ربات بيوت وباعة جائلين وطلاب، أسرع كل منهم إلى جمع مدخراته القليلة سواء من "تحت البلاطة" أو من دفاتر التوفير أملا في ضربة الحظ التي يمكن أن تنتقل بهم من خانة الفقراء إلى الأثرياء في لمحة عين. حتى زاد الطلب على الاكتتاب إلى عشرة أمثال المعروض. وكشفت هذه التجربة عن نوع من الإقبال العشوائي غير المدروس، وعن عدم إلمام الكثيرين ممن أقبلوا على شراء السهم بأبسط قواعد التداول في السوق. كما كشفت عن قصور في الأداء المصرفي ، حيث ذكر لي أحد خبراء البورصة المصرية أن أغلب الراغبين في الاكتتاب عانوا كثيرا عند الحصول علي ما يلزمهم من سيولة أو فك ودائعهم التي يحتفظون بها في البنوك‏,‏ مع سيطرة التعامل بالأوراق النقدية رغم أنه كان من الممكن بسهولة مع وعي مصرفي أفضل إتمام العمليات المطلوبة للجمهور في زمن وبمعاناة أقل عن إصدار شيكات مصرفية لحساب شركات السمسرة‏.‏ بل إن المعاناة امتدت عند التعامل مع شركات السمسرة‏,‏ حيث تعطلت حركة العمل بشركات السمسرة بسبب عمليات العد اليدوي للأموال التي تصل إلي عدة ملايين من الجنيهات جلبها أصحابها في أجولة وكراتين ورقية ‏,‏ بينما كان يمكن تحاشي نواحي القصور هذه باستخدام ماكينات عد النقود التي لا تكلف كثيرا‏.
عواقب وخيمة
ولا شك أن هذا النوع من الإقبال المحموم غير المدروس على التعامل في البورصات ينذر بعواقب وخيمة على مختلف المجتمعات العربية: ففضلا عن إحلال ثقافة الربح السريع محل الثقافة الإنتاجية التي تحتاجها مجتمعاتنا؛ يؤدي هذا الإقبال المحموم غير المدروس إلى تفريغ أحد الأهداف المعلنة لعمليات الخصخصة من مضمونة؛ ففكرة أن بيع أسهم الشركات لقطاع واسع من الجمهور تهدف إلى توسيع قاعدة الملكية، ينفيها أن معظم صغار المتعاملين الذين يقبلون على شراء أسهم قليلة في الطرح الأولي غالبا ما يسارعون لبيع ما يملكون عند أول تداول ومع ارتفاع السعر، وغالبا ما يقبل كبار المتعاملين أو "حيتان السوق" على جمع الأسهم من أيدي صغار المتعاملين وهكذا تتركز الملكية مرة أخرى في أيدي قلة محدودة من المستثمرين؛ الأمر الذي يفاقم من أجواء السخط والتوترات الاجتماعية، مع تزايد حالات الإحباط لدى صغار الحالمين بالثراء السريع.
فضلا عن أن هذا النمط من التوسع العشوائي في النشاط يجلب الكثير من مخاطر التلاعب التي لا يدفع ثمنها عادة غير صغار المتعاملين، ومن أمثلتها التعاملات التي تتم وفقا للحصول على معلومات سرية أو ما يسمى Insider Trading ومن أمثلة ذلك ما اكتشف مؤخرا من تورط مسئولين في بنك دبي الإسلامي في إجراء صفقات على الورق بلغت قيمتها نحو ملياري دولار، وهي القضية التي أثارت ضجة في أسواق الخليج وحكم على المتورطين فيها بأحكام جنائية مشددة.
ولا شك أن مخاطر تحول هذا التوسع المحموم لأسواق المال إلى فقاعة أسهم ـ ينذر انفجارها بمخاطر وخيمة ـ يتطلب إمعان النظر في ثقافة المضاربة العشوائية التي باتت تستشري في مجتمعاتنا العربية، ويدعو إلى الاهتمام بتوعية هذه المجتمعات بأصول التعامل السليم، فضلا عن الالتزام بإعمال الشفافية اللازمة ووضع القواعد واللوائح المنظمة والكفيلة بضبط حركة السوق والحد من عمليات التلاعب فضلا عن تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية و تعزيز الوعي الاستثماري العام من أجل احتواء سلبيات الوضع الجديد خاصة مع بزوغ أشكال من التلاعب التي تتكشف من حين لآخر وتكشف عن ثغرات في اللوائح التنظيمية القائمة تحتاج لمعالجتها تشريعيا. كما يتعين بشكل خاص، بحث السبل التي تكفل الحيلولة دون طغيان هذه الثقافة على ثقافة الإنتاج التي تحتاجها مجتمعاتنا بصورة أكثر إلحاحا.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخططات الخام.. اتعظوا يا أولي الألباب
- يافقراء العالم اتحدوا ..أو موتوا
- العولمة المتوحشة ومأزق الدولة القومية
- من بوليفيا .. إلى أبوظبي.. درس من العيار الثقيل
- أيتها الحرية.. كم من الجرائم ترتكب باسمك!!
- نبوءة -شافيز- وصدمة النفط الجديدة
- غول التمييز العنصري في زمن العولمة 2-2
- غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي3-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي 2-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي.. الفاعل والمستفيد 1-3
- إحياء روح مصر القديمة
- المرأة التي حيرتهم وحيروها معهم
- قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل
- الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
- ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
- الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
- نعم..هي مؤامرة
- لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها


المزيد.....




- ماسك: الولايات المتحدة تتحرك بسرعة نحو الإفلاس
- دروس من نساء رائدات في قطاع البنوك والخدمات المالية
- ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
- الركود يهدد القطاع الخاص البريطاني بسبب زيادة الضرائب
- المغرب والصين يسعيان لعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة
- سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
- أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه ...
- صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر ...
- ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
- عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إكرام يوسف - صرعة المضاربة في البورصات العربية.. مخاطر وتداعيات