|
نوستالجيا السياسية.. السيسي أنموذج
الكاتب طارق سعيد أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 5295 - 2016 / 9 / 25 - 03:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الظروف والبيئة التي أنتجت "السيسي" حددت رؤيته ووجهتا صوب أسلافه من الرؤساء الذين سبقوه إلى كرسي الحكم والذين يتشابه عالمهم مع عالمه والذي شكلته بالضرورة التعاليم العسكرية المصرية الصارمة، لذلك يحن السيسي للماضي بشكل ملحوظ تصل لحذف الواقع السياسي الآني، وغالبا ما يلتئم المشهد السياسي المصري وبشكل متكرر بتفصيلة تأخذ شكل قرار أحيانا أو القانون له جذور في السياسات الناصرية أو الساداتية أو المباركية، وبالتالي تقف حقيقة أن السيسي مصاب بـ"نوستالجيا السياسة" شئ لا يمكن الهروب منه خصوصا أثناء تحليل سياسته دون أن تطاردك هذة الحقيقة. وباستدعاء قطعة سياسية "إن صح التعبير" من التاريخ "القريب أو البعيد، الداخلي أو العالمي" وتتهئأ الظروف لها بالكثير من الحيل لتثبيتها كرقعة على رداء الدولة وتجمل وتنسيق الألوان بين الرقع والثوب الأصيل وسائل إعلامية مؤيده لأي "كُحة" تخرج من فم "السيسي"!. سلوك لايمكن أن يمارس في دولة قام شعبها بثورة إنسانية عظيمة ضد الظلم والفساد والتوحش مر منها موجتان قضت على نظامان هم الأسوأ في تاريخ مصر الحديث!. ولكن تقييم ما يحدث وما تنتجه سياسة "النوستالجيا السيسياوية" لا يخرج عن هذا الإطار بدءا من روح القومية العربية التي عمل بها السيسي في العام الأول له من الحكم إلى التقمص الساداتي الذي قام به حين تحدث عن "العلاقات الدافئه بين مصر والكيان الصهيوني" وأخيرا وليس آخرا مرحلة "رد الجميل" إلى ماضي سياسي يحن إليه الرئيس والتي بدأت بالتوثيق التاريخي لهذة المرحلة بإطلاق اسم "ناصر" و"السادات" على حاملتان للطائرات المروحية العسكرية!.
السيسي كرأس لنظام سياسي صعد على عرش مصر ومنحته الظروف أكثر مما كان يتوقع كشفت من ناحية أخرى أنه يفتقد تقديم أي شيء لهذا الشعب الذي تعامل معه على أنه "مخلص" أسطورته بدأت في 30 يونيو!. لذلك كان الأقرب لديه أن يهرب إلى واقع تاريخي قريب تتشابه"من وجه نظره" المعطيات السياسية والملابسات ويمد الجسور بين واقعنا الذي لا مثيل له في الماضي وبين ماضي يحنو عليه من وقت إلى آخر منتظرا من هذة التركيبة أن تخرج مصر من أزماتها!. وكانت هذة اللحظة الحاسمة من عمر الوطن لا تليق به على المستوى السياسي، وإن تنحى عن هذا الدور "الرئيس" وساعد الثوار لتصعيد رئيس إلى كرسي الحكم ووقف بجانبه كأعلى رتبة في المؤسسة العسكرية لتشكيل حكومة مدنية، كان سيخلد لا محال مجتفظا بتاريخه العسكري والوطني. لكنه وبكل أسف لم يقرأ الواقع كما ينبغي واندفع بكل طاقته وسرعته لقصر الرئاسه ثم ما نحن عليه الآن!، المرحلة، التي أجمع عليها الكثير من الكتاب والساسه والمثقفين ورجال الاقتصاد وغيرهم أنها فاشلة قولا واحدا دون مواربة "وأنا منهم" وإن حاول أحد المقربين له "أي السيسي" أن يطرح عليه هذا السؤال.. هل لديك ما تندم عليه؟ سيكون الرد المتوقع هو "لست نادما على أي شيء" نعم سيكون هذا الرد المتوقع وذلك لأنه يرى بعين الماضي الذي يحنو عليه ويهديه لقراراته التي تم تجريبها في الماضي وأتت بنتاجئها!. و كلما تعمق داخله الحنين للماضي أكثر نقترب نحن بواقعنا لحدود المجهول!. عليك يا سيدي القارئ أن تحرم نفسك من الدهشة المحاطة بك لأن واقعنا الصلب الذي تحطمت عليه المفاهيم السياسية وكل ما يتعلق أيضا بالمنطق الثوري الذي افترضنا أن نصل به إلى دولة مصرية حديثة تعترف بمقومات الدولة المدنية وتسعى لتحقيقها في أقرب وقت ممكن وبسياسات ناجزة خير دليل على نوبات النوستالجيا التي تصيب السيسي من وقت إلى آخر.
وإن دققت النظر في أمر تلك الوسائل الإعلامية والإعلاميين والكتاب المواليين للنظام وغيرهم ستراه يبرز ويؤكد حقيقة "شبكة المصالح" التي تنمو على أوصال هذا النظام الماضوي الجاهل بواقعه، خصوصا أن دور الإعلام هو أن يبدأ بالشارع وينتهي عند النظام حتى ولو كان مؤيدا له على الأقل ليعمل على حشد مؤيدين جدد ويحافظ على شعبيته. ذلك كان ممكنا من اليوم الأول من لحظة تنصيب السيسي على عرش "مصر"، ولكن فشل النظام لأن هذا الأمر كان مرهونا بأن يشعر الشارع المصري بمصداقية ولو حتى بعيدة تلوح في الأفق وسط كل هذا التقمص والإستدعاء والتزييف. وفي نفس الوقت الذي يمر النظام الحالي خلاله من بوابة الدخول إلى بوابة الخروج تطورت الأزمات وصنع الواقع البائس شخصيات طفيلية انتشرت بشكل مروع داخل مفاصل مؤسسات الدولة التي لا يمكن تحديدها أو تصنيفها أو حتى وصفها ذلك لأن أشكال الأنظمة العاجزه والمشوهة تبدو كأنها مجموعة من المؤسسات تحمي وجودها من حيث الشكل الخارجي لها ولا أحد يعرف على وجه التحديد مدى تشابك جذورها مع بعضها البعض!.
هنا ومن خلال هذة الرؤية ألوم على الكتاب والمثقفين والمبدعين في شتى المجالات وكل من صمت في الوقت الذي يرتقب فيه الواقع والتاريخ لكل كلمة تكتب، وشعب خانته أحلامه مرتين وحاليا يتسول الأحلام ورغيف العيش والحرية والعدالة والكرامة.
#الكاتب_طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أن تسقط وحدك.. بهدوء
-
الزمن = الماضي + المستقبل
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|