|
لم يكن صدام حسين يوماً رئيساً شرعياً للعراق
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 10:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العشرات من الكتاب والمثقفين والسياسين ادلوا بدلوهم حول محاكمة صدام حسن والسبعة الآخرين الذين يحاكمون بخصوص قضية مدينة الدجيل المنكوبة تناولوا فيها العديد من الاستنتاجات والآراء والتحليلات وتطرقوا لقضايا اخرى مرتبطة بسير المحاكمة والتصرفات الرعناء التي دلت على شخصيات كانت تحكم العراق بهذه الطريقة وهذا الاسلوب، او البعض الذي حاول الاطراء والمدح المنحاز.. لكن ارجع واقول ان اكثرية هؤلاء الاخوة لم يتطرقوا الى مبدأ الشرعية التي ادعى بها صدام حسين ومع شديد الاسف بقى الحديث يدور حول ضعف المحكمة ورئيسها السيد رزكار واسودية صدام حسين واخية برزان، لا بل ان رئيس تحرير جريدة القدس التي تصدر في لندن وبمباركة الانتجلس سرفيس البريطاني كتب مقالاً بشكل ساذج وركيك في الوقت نفسه " نجح الرئيس صدام حسين ورفاقه ( وهنا يسقط في لوثة شرعية الرئاسة الملوثة بدماء عشرات الالاف من المواطنين العراقيين ) في تحويل محاكمة صدام الى محاكمة الاحتلال الامريكي ورموزه، وجاءت وقائع الجلسات الاخيرة لتثبت ان عهده كان افضل كثيراً من الصورة التي رسمها له معارضوه " فقط تصوروا هذه الشاهدة الزور وعلى حد قول المثل المعروف " من هلمال حمل اجمال " خالجني شعور غريب في المقارنة بين عهدين متناقضين في الاداء وانا استمع لما قاله صدام حسين لرئيس المحكمة بصفته كرئيس " شرعي " للعراق وقوله " يا سيدي القاضي انا رئيس دولتك " وحينما اراد الاساءة بعد كلمات سيدي القاضي ظهر على حقيقته وطبعه السادي قال " اذهبوا الى الجحيم " اما برزان فهذا حديث آخر ليس بالغريب عندما ينطق الرجل واخية الفاقد توازنه كلمات سيئة غير متوازنة تدل على القاعدة الاساسية التي ينطلقان منها، قاعدة الارهاب على شكل مؤسسة رسمية او على شكل حزب سري فقد السلطة الى الابد.. وكثيراً ما يحضرني تاريخ الاغتيالات السياسية التي انتهجها حزب البعث العراقي وراح ضحيتها مئات المستقلين والوطنين والدمقراطين وحتى حلفائهم من الجبهة القومية المنقرضة لمجرد مخالفتهم الرأي مع سياسة ونهج هذاالحزب.. اليوم اعود ليس لاحصاء الاسماء او تلك الاساليب الاجرامية الارهابية لكن لتأكيد حقيقة غائبة عن البعض فاقول كان يجب ان يقولها رئيس المحكمة السيد رزكار او الادعاء العام حينما قال صدام حسين انه رئيس شرعي للعراق واتهم الحكومة بما فيها رئيس الجمهورية بالعمالة الى الولايات المتحدة الامريكية وهي غير شرعية ـــ انك لم تكن رئيساً شرعياً لأنكم وحزبكم لم تأتوا عن طريق الانتخابات الديمقراطية الحرة النزيهة بل عن طريق انقلابين عسكريين وبطريقة مافيوية مدعومين من امريكا نفسها، وانت تعرف ان انقلاب 17 تموز 1968 جلبكم ووضعكم على رأس السلطة بدون اي تفويض من الشعب. مرة اخرى لن اعود الى انقلاب 8 شباط الدموي عام 1963 وشرعيتهم المافيوية التي هي افضع من شريعة الغاب لكنني أُذكّر الذين نسوا او تناسوا لعلني اضع هذه الحقيقة المعروفة امام انظار الاجيال القادمة او الاجيال التي حاول النظام الشمولي تخريب ذاكرتها من خلال تشويه وقائع التاريخ.. هذه الحقيقة هو المشهد التلفزيوني لاعدام الشهيد المرحوم عبد الكريم قاسم وبصاق ذلك العرّة عليه وهو ميت (حتى الميت ليس لديه حرمة عندهم ) وكذلك رفاقه البواسل بدون اي تحقيق حتى لو كان بدائي وهو الذ ي عفى عن الذين حاولوا اغتياله وادينوا بشكل قانوني بعد تحقيقات قضائية معروفة للجميع.. واعدام واغتيال الشهيد حسين الرضي " سلام عادل" والحيدري والعبلي وعوينة وابو العيس ونافع يونس وعبد جبار وهبي وعشرات آخرين بدون اي سند قانوني او تحقيق بدائي ايضاً. اقول ان الشرعية التي ادعى بها صدام حسين هي باطلة فهو لم يكن يوماً رئيساً شرعياً لا هو ولا احمد حسن البكر ولا عبد السلام عارف ولا اخيه عبد الرحمن عارف، حتى المرحوم عبد الكريم قاسم لم ينتخب من قبل الشعب بواسطة انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة مع العلم ان ذلك الرجل اصبح رمزاً وطنياً على نزاهته ومواقفه من قضايا الوطن على الرغم من الكثير من الاخطاء والنواقص التي حدثت اثناء توليه منصب رئيس الوزراء. اما صدام حسين الذي انقلب على الاب القائد ونحاه وصفاه حسب الروايات بالطريقة نفسها التي جاءوا الى السلطة، وبواسطة انقلاب عسكري ثم نصبوا انفسهم على العراق وشعبه. اي بالقلم العريض لم يأتوا عن طريق انتخابات حرة ونزيهة حتى يدعي ويسميّ نفسه برئيس البلاد الشرعي، اما الانتخابات التي جرت بعدها فهو اول من يعرف كيف كانت تجري وبأوامر منه مباشرة والا كيف يصدق المرء المحايد انه فاز بــ 99% و9 بالاعشار " وما ادري بعد اشكثر" على طول الخط حتى نهايته عندما حصل 100% من الاصوات والعاقل يقارن الآن هل 100% حقيقة ام التزوير والارهاب والاساليب واللاعيب كانت سيدة الموقف. ومع كل هذا فان سير المحاكمة التي تُتّهم من قبل البعض بشتى التهم اكثرها انفعالي ومتطرف وبعضها ساذج وبسيط، فقد كشفت بالصورة والصوت طبيعة هؤلاء الذين كانوا يحكمون الشعب العراقي وهو عمل قضائي فريد من نوعه لأنه استطاع ان يحرك الشارع العراقي وبخاصة الضحايا ويجعله يفور ويتذكر ولا ينسى، جعل اكثرية الشعب العراقي يقارن الحقائق ويوازن ما بين الكذب والتلفيق ويشخص كيف كانت اسوديتهم بواسطة اجهزتهم الارهابية المعروفة للجميع، ينتبه بان العدالة يجب ان تسود في العراق ولا مكان للذين يفكرون بالتجاوز عليها لأن مصيرهم سيكون تحت قبضة هذه العدالة حتى ولو تأخرت الى حين. وعليهم ان يعرفوا ان لا مكان لاشارة من اصبع الحاكم تعني الاعدام ورمشة من عينيه تعني القتل والاغتيال والسجن والتعذيب. ان هذه القاعدة القضائية الصحية تدل ايضاً على تعميق الوعي القضائي والانتقال من حالات المحاكم القرقوشية " المحاكم العرفية في العهد الملكي والمحكمة العرفية للجلاد شمسي ومحكمة وتوت وراغب وما يسمى محكمة الثورة في عهد البعثصدامي والمحاكم الصورية التي كانت عبارة عن مسالخ بشرية ليس فيها الحد الادنى من استقلالية القضاء بل تبعيته للاوامر القرقوشية" الى محكمة عادلة وواضحة وقضائية مستقلة لتقول بصراحة لا مكان لرئيس الدولة او رئيس الوزراء او الامن والمخابرات في التدخل في شؤون السلطة القضائية واصدار الاوامر بالاعتقال والاعدام الفوري وتبعية القضاة وحكام التحقيق لهم.. محكمة تبحث بشكل هادئ الادلة وتمنح الشهود والمتهمين في الوقت نفسه الحق في الدفاع عن النفس وعندما تصدر حكمها بعد ذلك سيعرف الجميع انها لم تكن محكمة قرقوشية وسيحترمها الجميع واتفق كل الاتفاق مع رأي رئيس المحمة السيد رزكار " المتهم بريء حتى تثبت ادانته " حتى لو كان الطاغية صدام حسين واركان نظامه الملطخة ايديهم بدماء الشعب العراقي وبالذات اهلنا ليس في الدجيل فحسب بل في جميع انحاء العراق..
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطائفية والدكتاتورية هما جوهر الفكر العدواني المعادي للآخر
-
ماذا سيكون موقف المفوضية العليا من الخروقات المستمرة حتى بعد
...
-
الثقافة الوطنية بالمواطنة وثقافة اقصاء الآخر
-
الحوار المتمدن كرمة فكرية وافرة وجميلة
-
اللعبة السياسية واستغلال اسم المرجعية الدينية في عملية الانت
...
-
منهج الحوار الحضاري العلمي في ادارة الصراع في العراق*
-
الثقافة الجديدة للراي والراي الآخر الاعتداء على فعالية الشيو
...
-
وصرنا.. لا قسمة ضيزى تفرقنا
-
مسلخ يضاهي مسلخ قصر النهاية وابو غريب
-
الارهاب الدموي لا حدود لهُ بسبب الفقر والقهر الاجتماعي والسي
...
-
التحالفات وفق البرامج الانتخابية ومصالح الطبقات والفئات الاج
...
-
أهمية الأجهزة الاعلامية في الدعاية الانتخابية أو غيرها
-
الجامعة العربية ما بين رؤيا الحوار الوطني والمصالحة الوطنية
...
-
المليشيات المسلحة والمؤسسات الأمنية ومشكلة الولاءات الحزبية
...
-
سوسة معاداة القوى الوطنية الديمقراطية وقوى اليسار العراقي
-
الدستور والعراق وطن للجميع.. يتنافى مع عقلية الهيمنة بأي شكل
...
-
البعثصدامي العراقي والنفخ في اوردته المنخوبة
-
حقوق المرأة والطبقات والعلاقة مع المادية التاريخية - التلقائ
...
-
القوى الوطنية الديمقراطية والاستفتاء الشعبي في القبول او رفض
...
-
مسؤولية القوى الوطنية الديمقراطية - اليسار العراقي - في الظر
...
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|