|
الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة العربية
يوسف محسن
الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تشكل الثقافة العربية حالة أستثنائية في تاريخية الأنظمة الثقافية العالمية وبالذات في مسألة تدوين وأعادة انتاج الخطابات الأيروسية والتي تكون مدونة ضخمة في التراثيات حيث هيمنة النسق التابوي في التصنيفات الثقافية العربية والتي تم تصميمها وفق الفصل الوجودي بين النظام الأنثوي والنظام الذكري ، أن هذا الفصل يعود الى تمركزات الخطاب البطرياركي في حقل السلطة العربية ويتم في هذا الحقل المحرم (الجسد الأنثوي) وعبر آليات معقدة من التأسيسات السياسية والفكرية بلورة التركيبات الثقافية وتخطيط الهوية لهذه المجتمعات. فالثقافة العربية الحديثة متمركزة حول النظام الذكري كفاعل تاريخي ويتم من خلال هذا النظام إزاحة الخطاب الأنثوي الى منطقة خفية. غامضة حيث تستخدم المنظومة اللاهوتية كوسيلة للهيمنة وشرعنةالأنتهاكات في الدولة الوطنية العربية والتي تستخدم الخطاب الأنثوي كأستعارات غير متعينة وشبكة من الرموز والقيم الأجتماعية لمخاطبة الوعي الأجتماعي البدائي للجماعات السياسية- ألماقبل الدولة. السؤال الأشكالي. لماذا تم وضع الخطاب الجنساني داخل الثقافة العربية في منطقة التابو؟ أن انتاج الخطاب في أي مجتمع هو في نفس الوقت إنتاج مراقب ومنتقى ومنظم ومعاد توزيعه من خلال عدد من الأجراءات لأجل ضبط سلطته (فوكو: نظام الخطاب) أو لكون الخطاب الأنثوي مرتبط بالجسد فقد تم مصادرته وأبعاده من قبل السلطة الذكورية المعرفية والتي جاءت مع هزيمة المجتمعات الأمومية الثانية ومع ظهور الأديان الكبرى في التاريخ البشري والتي أسست لدونية الجسد الأنثوي ومراكمة كم من الأساطير حول رجس ودنس هذا الجسد والخطيئة الأزلية وبعد قيام حضارات المدن الكبرى وأكتشاف المعادن وتطور الفنون العسكرية وأبتكار الكتابة تم تهميش الجسد الأنثوي من حقل الخطابات الثقافية. فالرؤيا الثقافية الدينية في المجتمعات العربية والأسلامية هي المنظومة الأيديولوجية التي تنظم الخطايات الجنسانية تنطلق أساساً من سلسلة من المفاهيم والمقولات حول الجسد تحت وطأة التقاليد الأجتماعية والسلطة الذكورية فهي تعتمد ستراتيجية الفصل والتحكم بجنسانية المرأة والتي تعتبرها مصد الشر والفوضى والغواية. فأذا انفلتت الجنسانية الأنثوية وتعذر ضبطها يمكن ان تؤدي الى الفتنة الأجتماعية. تنطلق هذه الرؤيا الثقافية الأسلامية من توظيفات أيديولوجية ورمزية تعود أساساً الى قراءة ملتبسة للدين من قبل فقهاء السلطة الثقافية فقد تم تأسس شبكة من المحرمات وتقنين النصوص والأنتاجات الأبداعية ولكون الحاجة الأيروسية حاجات تاريخية فأن الثقافة العربية حولت الجسد الأنثوي الى (سلعة صنمية) وتم تجريد الجسد الأجتماعي من وظائفه الأيروسية بصناعة سلسلة من المتع الذكرية (الجواري. الأماء. الغلمان. القيان. الرقيق...) رغم ممارسة هذه الأنماط في حقل التاريخ ولكن الثقافة العربية تفتقد الى جدولة مفصة ونموذج خطابي للمدونة التراثية الجنسانية والتي تتكون من النصوص الشعرية والحكايات والأساطير والقصص والكتابات الممنوعة في حقل التداول الثقافي في العالم العربي كنزهة الألباب فيما لايوجد في كتاب لـ(شهاب الدين أحمد التيفاني). وتحفة العروس ومتعة النفوس لـ(محمد بن أحمد التيجاني) والروض العاطر في نزهة الخاطر لـ(أبي عبد الله بن علي النفزاوي). بالأضافة الى النصوص المتداولة ثقافياً كطوق الحمامة لـ(أبن حزم الأندلسي). ومشارف أنوار القلوب ومفاتيح أسرار الغيوب لـ(الأنصاري) والقيان لـ(الجاحظ) وأشعار النساء لـ(المرزباني) ونزهة الجلساء في أشعار النساء لـ(السيوطي). هذه النصوص تشكل أنطولوجيا الخطاب الجنساني في الحقل الثقافي للمجتمعات العربية والأسلامية ولمعرفة حقل الجسد الأنثوي المقموع والممنوع في الرؤيا العربية الأسلامية حيث يصبح فيه تأكيد الوجود الموضوعي للجسد الأنثوي نوعاً من العمل السياسي حيث تمارس السلطة السياسية البيطرياركية تاثيرها على مؤسسة الجسد عبر مجموعة من العلامات الثقافية: 1) الفصل بين الجنسين رجولة/أنوثة كموضوعات جسدية وهو فصل أنطولوجي. 2) أنحلال حسب تاريخية الطبقات الأجتماعية حيث تقوم الدولة الوطنية العربية في عملية أخضاع الجسد الفردي عبر هيمنة الجسد الأجتماعي. 3) الجسد الأنثوي حرام. مقيد. مقدس. محظور. 4) أختزال العلاقة الى محض علاقة جنسوية حاذفاً. الأشتراطات التاريخية وموضوعة الجسد الأنثوي كموضوع وليس كذات. بهذا المعنى لاينفصل الخطاب الجنساني عن النسق السياسي السلطوي في الثقافة العربية المعاصرة حيث يتحول الجسد الأنثوي الى شارح لفوضى السلطة السياسية العربية الفاشية.
#يوسف_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
-
قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
-
نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
-
تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|