أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية















المزيد.....

الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية
طلعت رضوان
لماذا تضافرتْ الحكومات الاستبدادية مع الأديان فى تكريس التمييزبين البشر؟ وهل هذا التمييز وليد العصر الحديث ، أم وُجد مع أول تجمع إنسانى ؟ ألم تكن الأرض فى البداية مشاعًا ؟ أى لا وجود لإنسان يتميّز على غيره بالملكية. الى أن جاء أول إنسان وقال : هذه الأرض ملكى. وكان هذا الإنسان بداية (منصب) رئيس القبيلة التى تطوّرت- بعد آلاف السنين- الى فكرة الدولة. ورئيس القبيلة- كى يحمى نفسه وأملاكه- عيّن أشخاصًا للحراسة ، ومن هنا جاءت ثنائية (يملك ولا يملك) وثنائية (سادة وعبيد). وكان هذا أول أشكال التمييز بين البشر.

وبينما تنص مواثيق حقوق الإنسان أن البشر متساوون فى الحقوق والواجبات، فإنّ المسكوت عنه هو إلى أى مدى يُترجم الأصوليون- فى كل دين- هذا المبدأ فى برامجهم ؟ ألا يصطدم هذا المبدأ مع العهد القديم الذى ذكرعلى لسان النبى موسى لربه ((فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض)) ويأتى الرد من الإله العبرى مؤيدًا ((فقال الرب لموسى هذا الأمر الذى تكلمت عنه أفعله)) (خروج 33 : 16،17) وجرثومة التمييز دخلتْ إلى الدين الواحد من خلال المذاهب. أليست كارثة أن يدّعى دعاة كل مذهب أنهم يملكون (الصواب المطلق) ؟
وهل يمكن فصل التمييز بين البشرعن التعصب سواء للدين أو للعرق ؟ لقد انقسم العرب بعد وفاة الرسول، وكانت الذروة بعد اغتيال عثمان وخدعة (التحكيم) بين على ومعاوية ، فنتج عنه ظاهرة (الخوارج) الذين رفعوا شعار(( لا حكم إلاّ لله)) وكان من بينهم عبدالرحمن بن ملجم الذى قتل على بن أبى طالب بعد أنْ أهدروا دمه. واستندوا إلى القرآن فى تبرير القتل، فقالوا إنه هو الذى أنزل الله فيه الآية 204 من سورة البقرة. أما قاتله فهو أيضًا مذكور فى القرآن وأنه هو الذى أنزل الله بشأنه الآية 207 من سورة البقرة (المستشارمحمد سعيد العشماوى- الخلافة الإسلامية- سينا للنشر 1990ص 117) استغلال الدين يؤكد العلاقة العضوية بين التمييز والتعصب لفهم نصوص الدين (وهو فهم يختلف فيه البشر) وما ذكره المستشارالعشماوى أكده أ. خالد محمد خالد فكتب (القرآن كما قال على حمّـال أوجه والسنة كذلك. وكان أصحاب على وهم يُحرّضون على دم معاوية وقتاله يُـقـدّمون بين أيديهم طليعة هائلة من الآيات والأحاديث التى كان يُحرّض بها أصحاب معاوية على دم على وقتاله. كذلك كان الحال فى الحرب التى دارتْ بين العباسيين والأمويين. ولطالما وقف يزيد الطاغية يخطب فى الناس ويُحرّضهم على قتل الحسين مسلحًا بآية وحديث) (من هنا نبدأ- ط 1950- دار النيل للطباعة- ص 135،136)
وإذا انتقلنا من التمييز المُـؤسس على مرجعية دينية ، إلى التمييز المؤسس على العرق ، نجد حديثًا منسوبًا إلى الرسول محمد (بغض النظرعن إنْ كان حديث آحاد أو منحولا إلخ تبقى الحقيقة المؤكدة أنّ قائله عربى قرشى إذْ ينص على ((لا تكون العرب كفؤًا لقريش والموالى لا يكونون كفؤًا للعرب كما قال صلى الله عليه وسلم)) (شمس الدين السرخسى- أحد أئمة الفقه الحنفى- فى المبسوط مجلد 3 ص 24 ط عام 1986- دارالمعرفة بيروت- نقلا عن أ. خليل عبد الكريم- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر1990 ص 16) وعن نفس المعنى قال الإمام أبوحنيفة ((ليس أحد من العرب كفؤًا لقريش. كما ليس أحد من غيرالعرب كفؤًا للعرب)) والتعصب للعرق وصل لدرجة أن يقول سفيان الثورى ((إذا نكح (= الزواج) المولى (= غير العربى) العربية يُفسخ النكاح)) وقد أيّده أحمد بن حنبل (عبدالمتعال الصعيدى- المجددون فى الإسلام- هيئة قصورالثقافة- 2007 ص96) هذا التمييزالمؤسس على العرق أخذ عرفــًـا أقوى من القانون من العرب الذين غزوا مصر. ففى حين كانوا يستحلون لأنفسهم (نكاح) المصريات سواء بالزواج أو بالتطبيق للنص القرآنى لآيات (ملك اليمين) فإنهم رفضوا أنْ يتزوج المصرى من سيدة عربية ، ولذلك قالوا فى أمثالهم ((يأكلها التمساح ولا يأخذها الفلاح)) وبعد حوالى مائتى عام من الغزو العربى دخل أهالى قرية مصرية (الحرس) الإسلام وأرادوا أنْ يتساووا بالعرب فى جميع الوضاع الاجتماعية ، فكتبوا لأنفسهم نسبًا يعود إلى (حوتك) إحدى القبائل العربية. فثار العرب ضد هذه القرية. ذهب المصريون إلى القاضى العمرى ودفعوا له مبلغـًـا ليـُـثبت لهم نسبًا عربيًا. وبعد أنْ أعطاهم شهادة بذلك ، طعن العرب عليها وذهبوا إلى قاضٍ آخر فأبطل شهادة سلفه ففرح العرب . وكتب شعراؤهم قصائد تهجو القاضى الذى قبل الرشوة منها ((تقضى نهارك بالهوى / وتبيتُ بين مغنياتك / فاشرب على صرف الزمان / بما ارتشيتَ من الحواتك / إنْ كنتَ قد ألحقتهم / عربًا فزوّجهم بناتك)) (د. محمد حسين كامل- أدب مصرالإسلامية- دارالفكرالعربى - ص 25 نقلا عن الراحلة سناء المصرى- هوامش الفتح العربى لمصر- ط 2004- الشعاع للنشرص 164 والشاعرأحمد عبد المعطى حجازى- عروبة مصر- دارالآداب بيروت- عام 1979 ص 60 ،61) ورغم مئات الأمثلة التى تدل على واقعية العرب ورفضهم انتساب المصريين لعرقهم وثقافتهم، فإنّ غالبية شعبنا- خاصة بعد يولو52 صدّقوا أكذوبة أننا نحن المصريين عرب. ولأنّ أ. أحمد أمين كان يحترم لغة العلم وابن المرحلة الليبرالية ، لذلك كتب عام 1933 إنّ أهالى مصر والشام والمغرب ليسوا عربًا (ضحى الإسلام- ج 1 ص 76)

وهل يمكن فصل التمييزعن قتل الفلاسفة كما حدث فى أوروبا وفى الشرق فى العصور الوسطى ؟ ألم يُقتل السهروردى بأمرمن صلاح الدين الأيوبى ؟ وألم يُحرّم ابن الصلاح المنطق والفلسفة ؟ وألم يقل الأشرف بن موسى (من الأيوبيين) : من ذكرغيرالتفسير والحديث أو تعرّض لكلام الفلاسفة نفيته ؟ وألم يوضع رأس عبدالحميد الكاتب فى طست محمى راح يصعقه على مهل فى الخلافة العباسية ؟ ألم يتم تقطيع جسد ابن المقفع ورمى أعضائه فى النار وهو ينظرإليها ؟ إاذا قفزنا الى عصرنا الحاضر نجد أن تلاميذ معاهد الأزهر يتعلمون أنه ((لا يصح بيع كتب الكفر والتنجيم والشعوذة والفلسفة)) (الصف الثانى الثانوى الأدبى والعلمى- 2006/2007 ص 108 ، 390) وهكذا يتم تشويه الفلسفة بوضعها بجانب الشعوذة. والعداء للفلسفة يؤدى إلى الأحادية التى تغلق العقل ، فيتعلم التلاميذ أنّ البشر ينقسمون إلى سادة وعبيد ، إذْ يقول لهم أنّ ((للحرة ليلتان وللأمة (= عبدة) ليلة لحديث فيه مرسل)) وينص على إجبار الفتاة البكرعلى الزواج بغير موافقتها (المصدرالسابق ص 430 ، 462) .

وهل يمكن فصل التمييزعن العنف ؟ فمن بين المآسى التى تعرّض لها البشر ما حدث للعرب على يد العرب فى واقعة (الحرة) التى دمّر فيها يزيد بن معاوية المدينة وعبث بمسجد الرسول واتخذه مكانًا لخيوله ببولها وروثها وتغنى بالشعرالذى يجمع بين التعصب والعنف ((ليت أشياخى ببدرشهدوا / فزع الخزرج من وقع الأسل)) وذكرالطبرى وغيره أنّ عدد القتلى 1700 من الأنصار،1300 من المهاجرين ، 500 من الموالى وفض بكارة آلاف البنات. وألزم القائد المسلم من بقى من المسلمين أنْ يُبايعوا يزيدًا على أنهم عبيد له ومن رفض قـُـتل (الخلافة الإسلامية- مصدرسابق- أكثرمن صفحة) وفى عصرنا البائس قتل الإخوان المسلمون القاضى الخازندار والنقراشى إلخ ثم جاءتْ الجماعات الأكثرعنفًا وقتلت وزيرالأوقاف د. الذهبى وأنورالسادات وفرج فودة ومحاولة قتل نجيب محفوظ إلخ .
هل التمييز بين البشر قيدٌ أبدى؟
لهذا السؤال إجابتان : سيظل التمييز طالما ظلّ التعصب الذى هو إفراز للأحادية التى هى جرثومة (أنا الصواب المطلق) الإجابة الثانية عكس الأولى ، أى القضاء على التعصب والأحادية والصواب المطلق. وهنا يبرز سؤال جديد : كيف ؟ أعتقد أنّ علمنة مؤسسات الدولة. وتكريس فكرة أنّ تلك المؤسسات (شخصيات اعتبارية) ليس لها دين ولا تتعامل بالدين. وتعظيم دورالعقل فى التعليم والإعلام ، ربما تكون بداية لطريق طويل ، ولكن لا مفرمن الذهاب إليه لصناعة مستقبل أفضل ، كما فعلتْ الشعوب الأوروبية التى وقفتْ بجانب فلاسفتها وعلمائها ، فانقشع الظلام بانتصارالعقل . وهل العيب فى الحكومات التى كرّست التميز- ليس بين كل الشعوب فقط ، وإنما بين أبنائها كذلك ، أم فى الشعوب التى (آمنت) بالتمييز على مرجعية دينية ؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداية النهضة المصرية
- ما مغزى أن يكون رئيس الوزراء أحد اللواءات؟
- لماذا يتجاهل المستشرقون والإسلاميون (المعجزات) المصرية؟
- الصراع النفسى داخل الضابط (المثقف)
- أليس نظام الكفيل عبودية عصرية ؟
- هل دوافع المستشرقين المدافعين عن الإسلام بريئة؟
- الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء
- أردوغان يطالب باسترداد الأهرام
- تواصل حوار القرآن مع الواقع
- هل يمكن إنهاء زواج رجال الأعمال برجال السلطة؟
- هل الحضارة المصرية حضارة موت ؟
- ما سر الولادة المتعسرة لقانون بناء الكنائس ؟
- لماذا ارتدى بوكاى عمامة المسلمين ؟
- لماذا يسعى الأصوليون للتدخل فى كتب التراث ؟
- العلاقة المُضادة بين الميتافيزيقا والعقلانية
- هل مصر ينطبق عليها مصطلح (دولة فسادكو) ؟
- حوار الواقع والقرآن
- هل سرق الصبى الفجل ؟
- الشخصية الأفريقية والأدب الأفريقى
- القومية المصرية ومرحلة ما قبل يوليو1952


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية