أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أسعد الخفاجي - مصفوفة المعارضة العراقية















المزيد.....

مصفوفة المعارضة العراقية


أسعد الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 389 - 2003 / 2 / 6 - 03:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

لم تشهد حركة سياسية معارضة في التأريخ المعاصر فوضى وعشوائية وقصر نظر مثلما شهدته معارضتنا الوطنية العراقية خلال سني كفاحها ضد النظام العراقي الدكتاتوري القائم. فالمعروف في ألفباء العمل السياسي الجاد أن كل معارضة وطنية ضد نظام مرفوض من قبل أوسع الجماهير لابد أن تتفق على عدد أدنى محدد من الأهداف الآنية التي تخدم مسعاها وتحقق ما تصبو اليه من المآرب مثل أسقاط النظام وأستبداله بآخر تتقبله تلك الجماهير التي يفترض أن تكون المعارضة ممثلاً شرعياً لطموحاتها. وبصرف النظر عن هوية المعارضة السياسية والنظام الذي تستهدفه وتسعى الى أسقاطه فلا بد من تهيئة قائمة أولويات عمل مراحلية تتخذها الفصائل المختلفة المتفقة كأجندة واضحة لكي لا تتبدد الجهود وتنبت الخلافات وتفشل المعارضة في تحقيق ما تصبو اليه من أغراض خطيرة بالنسبة الى مجموع الناس الذين انبثقت عنهم المعارضة.

وقد تكون المعارضة ذات أهداف جيدة أو سيئة. أنسانية أو غير أنسانية. تقدمية أو رجعية تبقى مفاتيح نجاحها متأصلة في أولوياتها المراحلية وأهدافها الآنية. ومن الواضح أن سر نجاح أية معارضة هو مدى ألتزامها بهذا الميكانزم. ومن أهم الأمثلة القريبة على ذلك نجاح المعارضة اليوغسلافية ضد نظام سلوفدان ميلوسفيتش والزخم الهائل الذي تتمتع به المقاومة الشعبية في فنزويلا ضد الرئيس شافيز. ومن الماضي القريب المعارضة التي أسقطت نظام عبدالكريم قاسم أو المعارضات التي أستطاعت الأطاحة بعشرات الأنظمة الدكتاتورية في المعسكر الأشتراكي أثناء حركة البرسترويكا المعارضة.

لم يكتب النجاح لتلك المعارضات السياسية كونها أكثر وطنية أو رجعية من غيرها من المعارضات السياسية العالمية وأنما بسبب ألتزامها بأجندة محددة ووضعها لقائمة أولويات حديدية لم يكن من المسموح التلاعب بها! وتضييق الأهداف النهائية التي كانت تسعى اليها الى أبعد الحدود الممكنة. فمعارضة فنزويلا اليوم لم تطرح سوى هدف واحد ومحدد ألا وهو أستقالة الرئيس الحالي وأجراء أنتخابات مجددة. وفي صبيحة الثامن من شباط الأسود عام 1963 لم تكن المعارضة للزعيم غير أسقاط النظام والقضاء على القوى الديمقراطية (الفوضوية) المساندة للزعيم قاسم. وفي بلدان أوربا الشرقية كانت الأجندة الأساسية أقامة الديمقراطية. ولم تمانع المعارضة البرستروكية على مشاركة عناصر من الأنظمة المطاحة في الأنتخابات. وقد شهد العديد من تلك البلدان عوداً الى الأنظمة (الشيوعية) في قوالب مختلفة وستايل آخر! وأخيراً معارضة النظام السعيدي التي كتب لها النجاح في صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958 كانت متفقة على هدف واحد ومركز أسقاط الملكية و السعيدية وأقامة النظام الجمهوري.

أن القاسم المشترك الأعظم بين هذه الحركات السياسية المعارضة الناجحة المختلفة في الجوهر كثيراً هو صياغة الحد الأدنى من الأهداف الآنية الواضحة والبسيطة والأتفاق على الأولويات المراحلية الأستراتيجية دون الخوض في التفاصيل الكثيرة. أقل عدد ممكن من الأهداف السياسية ذات المغزى العميق مثل عزل دكتاتور أو تحويل نظام حكم من أسلوب مرفوض شعبياً الى أسلوب آخر مقبول أو أعادة أجراء أنتخابات برلمانية. ولم تحشر فصائل المعارضات السياسية التي كتب لمساعيها النجاح نفسها في التفاصيل المتشعبة لدى وضعها قائمة الأولويات والأهداف.

وأذا ألقينا نظرة على معارضتنا الوطنية العراقية خلال العقود الماضية من عملها السياسي فسوف يذهلنا العدد الهائل من الفصائل (حولي 170 فصيلاً) والعدد اللانهائي من الأهداف السياسية والأجتماعية والأثنية والمعتقداتية وصياغة الأستراتيجيات المختلفة في أطار مراحلي يغطي المستقبل القريب والمستقبل البعيد جداً الى حد مرعب! ولا يغيب عن البال أن هذه الحالة ضارة جداً. وقد تكون السبب الأوحد في فشل الوصول الى الأهداف التي يطمح اليها جميع العراقيين والعراقيات!

وفي بلدان كبيرة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمانيا وفرنسا أو الهند لا نجد نصف هذا العدد من الأحزاب السياسية ولا ربعه!! ففي تلك البلدان يقتصر العمل السياسي عموماً على أحزاب تنتمي الى ثلاثة أجنحة: اليمين المحافظ واليسار اللبرالي والوسط المعتدل. وقد نجد وسط ذلك بضعة أحزاب لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة كحزب البيئة أو يسار الوسط أو يمسن الوسط لا أكثر ولا أقل!! لم أسمع في تلك البلدان أو غيرها عن عدد أحزاب يتجاوز العشرة في أي حال من الأحوال!! فلماذا في بلدنا الصغير العراق نسمع عن عشرات الأحزاب الدينية؟ ألا يكفي متدينينا العراقيين حزب متدين واحد ما دام الدين واحداً! أوفليكن هناك حزب واحد لكل دين! أو حزبان لكل دين لتمثيل الطوائف أيضاً! حينذاك سوف لا يتجاوز عدد الأحزاب الدينية العراقية الثلاثة أو الأربعة على أبعد تقدير. ومثل هذا العدد للأثنيات! ولابأس أن يكون هناك الثالوث التقليدي من الأحزاب: اليميني واليساري والوسط! وفي أفضل الأحوال سوف لا يتجاوز عدد الأحزاب العراقية الرقم 10!

وأذا وضعنا عدد الأحزاب العراقية (العاملة) على الساحة السياسية مع أهدافها الكثيرة في مصفوفة حسابية عملاقة يصبح من المتعذر على أكبر الكومبيوترات سعة ومهما أستخدمت من برامج متطورة أن تجد (الحل) الرياضي لتلك المصفوفة! فكيف ياترى تستطيع عقول الناس العاديين في المعارضة العراقية أن تجد ذلك الحل لمصفوفة المعارضة العراقية والأهداف التي تسعى اليها!

وأذا كان هدف المعارضة في المرحلة الحالية هو أستبدال النظام الدكتاتوري القائم بنظام ديمقراطي تمثيلي فما الحاجة الى 170 حزباً متزاحماً متنافساً بعضها مع البعض! وما ضرورة (كتابة) 170 قائمة (مشتريات) مختلفة أذا كان الجميع متفقاً على هذا الهدف البسيط الواضح؟! فهل يوجد شك في كون النظام الحالي دكتاتورياً فردياً متعسفاً؟ وهل يوجد أنواع متعددة من (الأجتهادات) في مفهوم الديمقراطية والأنتخاب؟! حتى بنكلادش قد مارست هذا النشاط السياسي ومنذ زمن طويل! فلماذا وضع المعلقات والمجلدات من الأهداف الآنية والمراحلية والأصرار على جعل الآخرين يقرون بها الآن وهي تعد من ضرورات العقود القادمة لا بل القرون القادمة؟! ففي هذه المرحلة يوجد لدى المخلصين وذوي النوايا الطيبة هدف واحد لاغير: أسقاط النظام الفاسد وأستبداله بنظام وطني يقوم على الدستور! ولماذا يريد كل حزب من الأحزاب الأخرى أن تتحول الى نسخة منه أهدافاً وايديولوجية وأستراتيجاً؟! أن تعيد تكوينها وتنصهر فيه لأنه هو وحده الحق وسائر الأحزاب دونه الباطل!

المطلوب في هذه المرحلة الخطيرة من العمل السياسي المعارض مع توفر الفرصة التأريخية الذهبية وملائمة العوامل الخارجية للتطور الأيجابي أن تتوحد جميع الفصائل والتيارات والأحزاب في بوتقة المعارضة الوطنية العراقية الموحدة وتتفق على الهدف المقدس الأول والأخير ألا وهو عملية التغيير الديمقراطي في بلاد الرافدين. ولتترك مجلدات المطاليب الأثنية والدينية والفكرية والمناطقية وكيفية تصريف الأمور التفصيلية في هذه القرية أو تلك ومن الذي يسمح له بأجراء تلك الأمور فهذا جزء من الأولويات المراحلية بعيدة المدى التي يكون الخوض فيها في الوقت الحاضر ضاراً ومعرقلاً للجهود العامة لتحقيق الهدف الأكبر وهو تغيير النظام دون أراقة مزيد من الدماء العراقية!

فلماذا لا تبادر هذه الأحزاب ال 170 (أو أكثر) الى تناسي خلافاتها (التأريخية) التي هي في واقع الأمر خلافات ثانوية وذات طبيعة كمالية وأن تشد بعضها أزر بعض وتعطي الأجيال القادمة المثل الجيد في الأيثار والتواضع والوطنية الحقة؟! لماذا نتعالى بعضنا على بعض؟ ونسفه بعضنا البعض؟ ونسقط ونكفر بعضنا البعض وبين ظهرانينا (الأتعس) والأظلم والأشد كفراً ونفاقاً ألا وهو النظام الحالي! وهل يعقل أن تقبل المعارضة العراقية بديمومة هذا النظام لقاء بعض (المكاسب) و (الأرباح) الحزبية الأنانية والضيقة؟! لماذا يتقاتل البعض على عدد أكبر في المؤتمرات واللجان دون أن يضاعف جهوده في البحث عن أشخاص معارضين جرى أستبعادهم وتناسيهم قسراً ونسيان حالة (التكتلات) والأصطفافات (التحزبية) المقيتة؟! لم لا يشعر الجميع في هذه المرحلة الحرجة من كفاح المعارضة العراقية العريقة بالتضامن الأجتماعي بدلاً من الشعور بالفرقة والأستقطاب والتعصب؟ وأخيراً هل نستفيد من تجارب المعارضة الناجحة التي كرست في جميع أولوياتها الهدف الوحيد القريب والممكن؟!

وبدلاً من (مجموعة الستة) ومجموعة الأربعة ومجموعة الثلاثة زائداً اثنين الى آخره من هذه التشكيلات التي نتجت عن مصفوفة الفشل السياسي لمعارضتنا الوطنية لماذا لا نشكل مجموعة واحدة ولا يهم الأسم ولتكن مجموعة التغيير! دون تخريب الجهود الخيرة بوضع الجدران الآيديولوجية والأثنية وغيرها بين أفراد عائلة المعارضة الموحدة في التعرض الى الظلم والأضطهاد؟! فما دام التعرض الى الأضطهاد واحداً والنظام التعسفي واحداً وهدف ملايين العراقيين على أختلاف شرائحهم الأجتماعية والأثنية والعقائدية واحداً وهو أسقاط النظام لماذا هذه المصفوفة الأخطبوطية من المجموعات المعارضة التي كلما زاد عددها أزدادت صعوبة لم الشمل فيما بينها ووضعها تحت سقف واحد! أليس لمستقبل البلاد حق على تلك التفرعات والتشعبات في جسم العائلة العراقية الواحدة يدفعها صوب التوحد بدلاً من الفرقة والألتئام بدلاً من التشرذم؟ أن أرواح ملايين الضحايا تحوم حول صالونات مجاميعكم البيروقراطية وملايين المعانين من الحصار والدكتاتورية تناشدكم بالأبتعاد عن الأنانية وحب الذات والتقاتل من أجل الكراسي والجلوس حول طاولة متواضعة واحدة طاولة مستديرة يتساوى عليها (الأرستقراطي) و(عامة الناس) ممن يتشابهون في شيئين على الأقل: الأول أن جميعهم أبناء آدم وحواء والثاني أن عدوهم ومضطهدهم واحد!
مجد العراقيين في وحدتهم

كاتب وأكاديمي عراقي مقيم في الولايات المتحدة

خاص بأصداء

 



#أسعد_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قل الحق ولو على نفسك
- تنوعه الأيديولوجي هو سر قوته
- المواقف المتناقضة من تغيير النظام العراقي
- سطحية اليسار العربي ...مرضه الطفولي!!
- 103 من أحرار الكويت يتميزون على كافة الأشقاء العرب!
- اليسار العراقي في قفص الاتهام!


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أسعد الخفاجي - مصفوفة المعارضة العراقية