|
المجتمع المدني في سورية بين المفهوم الإحيائي والمفهوم السياسي
فارس إيغو
الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:40
المحور:
المجتمع المدني
_ I _ لقد تضافرت عدة عوامل أساسية وترابطت مع بعضها ، لتكتب شهادة ميلاد المجتمع المدني في سورية ، بين أوساط ثلة لامعة من المثقفين السوريين ومن الفاعلين السياسيين الناشطين في الهم العام .و من هذه العوامل : اً _ الإخفاق المجتمعي : نتكلم هنا عن إخفاق إجتماعي،ونعني به،أن المسؤولية متوزعة_ وإن كانت ليست بالتساوي_ بين السلطة و المجتمع :المجتمع الذي لم يستطيع أن يطور،إلا فكراً معارضاًعلى النمط السلطوي، مما أدىإلى إستطالة الأزمة لعقود طويلة.لكن الجزء الكبير من المسؤولية،طبعاً،يقع على عاتق السلطة.تجلى هذا الإخفاق في المجالين الداخلي و الخارجي : ففي المجال الداخلي فشل مشروع التنمية،وهو الهدف الرئيسي الذي جاء بكثير من الحكومات الثورية إلى السلطة،وكذلك إنتشار الفساد بصورة معممة ، وإنعدام الإصلاحات السياسية في بنية النظام السوري و كذلك تراجع دخل المواطن السوري ، وتجلى ذلك بتقلص حجم الطبقة الوسطى إلى 15_ 20 %، وظهور مابات يدعى بالمصطلح السياسي _الاجتماعي،الطبقات المسحوقة. أما على المستوى الخارجي،فإن بعض السياسات أدت إلى عزلة سورية دولياً وحتى إقليمياً،وكذلك عدم القدرة على إسترداد الأراضي المحتلة(الجولان)، رغم النية الجادة والالتزام الاستراتيجي من قبل السلطة في عملية السلام،ويفسر ذلك بالاختلال الكبيرفي الموازين الاستراتيجية.[1] 2ً_ إنتشار الفكرة السلمية التنافسية عن السياسة،مقابل اضمحلال فكرة التلازم بين السياسة و الثورة، 3ً_ خيبة أمل،وحتى إحباط عام ،من العمل الحزبي في أوساط المثقفين الذي خدموا في الأحزاب السورية السابقة...والقناعة أن هذه الأحزاب،كماهي عليه الآن ، لم تعد قنوات أساسية للوصول إلى التجديد السياسي والفكري،حيث أصابتها،معظم أمراض السلطة،من تسلط وبيروقراطية و إستبداد بالرأي الآخر و الشكلانية،والجشع وراء المناصب.[2] 4ً_ إعادةَ تمثُّل التراث الفكري الليبرالي للغرب،والتراث النقدي الماركسي _ خاصة ماركس في مرحلة الشباب ، المرحلة المسماة بالديمقراطية الراديكالية_ والأفكار التي قدمها الفيلسوف الإيطالي غرامشي عن المجتمع المدني كساحة للصراعات الأيديولوجية. 5ً_ التأثر ببعض الفلسفات الحديثة وفلسفات ما بعد الحداثة مثل: هابرماس و نقاشه حول الحيز العام،والعقل التواصلي،وفلاسفة ما بعد الحداثة (فوكو،دولوز،دريدا) الذين ساهموا في كشف ألاعيب السطة في النظم الديمقراطية... لاشك،أن هناك منعطفاً حقيقياً في الوعي العربي،خاصة في التسعينات، لما جرى في الفترة السياسية السابقة،والُمسماة بالمرحلة الثورية.لكن لايجب الوقوع في التفاؤل الساذج والقول أن هناك ثورة حقيقية في التفكير،فالكثير من المشتغلين في المضمار السياسي و الثقافي لم تعْدُّ عملية التغيير عندهم،عملية إستبدال، إستبدال في الأساليب والمضامين. ففي مضمار السياسة،نستعيض عن الرهان على الحزب الثوري و الجماهير و الانقلابات العسكرية،بالمجتمع المدني والديمقراطية والاقتراع الانتخابي، ولكن الهدف يبقى هو نفسه، الوصول إلى السلطة السياسية بأي ثمن . لقد إنطلقت ظاهرة المجتمع المدني في سورية،من فكرة أساسية هي إعادة الروح إلى المجتمع السوري،بعد عقود من الإنكفاء عن ممارسة دوره الإجتماعي والسياسي،نتيجة الممارسات القمعية السابقة وكانت المهمة الأساسية تتجلى في دفع الأفراد إلى الإهتمام بالهم العام،والنقاش وإقتراح الحلول للمسائل التي تهمهم في الحياة اليومية،وفي جميع المجالات،إقتصادية وإجتماعية وثقافية وسياسية وإنسانية،والإبتعاد من ظاهرة الإتكالية و الخوف . وقد واجهت الفكرة اعتراضات كثيرة، من جانب العديد من المثقفين وخاصة الذين مازالوا في حاجة إلى العمل و التفكير من داخل الأيدلوجيات السابقة،وكان أقسى نقد وُجه لهذه الفكرة،من جانب القوميين،وإتهم التيار القومي[3] المروجون لأفكار المجتمع المدني بأنهم يقومون بإضعاف دور الدولة والنيل من سلطتها وهيبتهاوتفتيت الوحدة الوطنية [4] من المهام الرئيسية للمجتمع المدني ، خلق الوعي العميق للتغيير الديمقراطي و الوعي بالمساواة والعدل و التسامح،و ضرورة التنظيم العقلاني للمجتمع و السياسة،والتداول السلمي للسلطة، ودفع الناس نحو تحمل المسؤوليات العامة. بالإضافةإلى محاولة فك التشابكات والتناقضات في المسائل الفكرية،والتي تراكمت عن عقود طويلة من التسلط و الإستبداد و الفكر المُنظر لهما،بإختصار،محاولة خلق قوى إجتماعية ضاغطة نحو تطبيق قيم الديمقراطية السياسية و الثقافية،تزيل العوائق أمام بناء الدولة الوطنية الديمقراطية،دولة المواطنة. وهناك أربع مقومات أساسية تميز النشاط والممارسة داخل ساحة المجتمع المدني: 1ً_ الفعل الإرادي والتطوعي ، 2ً_ الوجود الجماعي في شكل منظمات، لجان،ُتجمعات، 3ً_ قبول التنوع والإختلاف بين الذات والآخرين، 4ً_عدم السعي للوصول إلى السلطة، وبما أن المجتمع المدني ليس هو المجتمع الشامل، [5] وإنما هو يشكل جزء من هذا الأخير، فلا بد له من الخضوع لبعض المعايير والتحديدات.وبالرغم من أن المجتمع المدني فضاء حر لكل المواطنين الأحرار،فإن أي فضاء مهما بلغت حدود الحرية داخله.لابد له من الخضوع لبعض المعايير .ومن الممكن في هذا الصدد _ بالاستعارة من مصطلحات المعجم الطبي _الكلام عن معايير كبرى major criteria ومعايير صغرى Minor criteria . فيما يخص المجتمع المدني،لايوجد الإ معيار كبير واحد،لرفض عضوية أي فرد أو مجموعة في هذا الفضاء.هذا المعيار الكبير،هو رفض أي فرد أو جماعة تتوسل في أهدافها العنف كوسيلة لتحقيق مآرب سياسية،وهذا ينطبق أيضاً على خطاب العنف،الخطاب المحرض والداعي للعنف والقتل.إن هذا،هو المحظور الرئيسي الممنوع تداوله في ساحة وفضاء المجتمع المدني.أما بالنسبة للمحظورات الكبيرة،الأخرى،والتي غالباً ما أخضعت للكثير من النقاش والسجال،فهي لا تصمد أمام المنطق والعقل السليم،من مثل عدم قبول الأفكار والتي تطرح وتُروج لفكر إستبدادي،وقدطرُحت في هذا الصدد،الكثير من الدعاوى والأقوال،من مثل)):لاديمقراطيةلغير الديمقراطيين))و(( الديمقراطية لاتحترم إلا الديمقراطيين )). لكن قد يطرح أحدهم،أنه من الجائز منع الأفراد والجماعات الذين يروجون لفكر استبدادي أو فاشي،من نشر دعاويهم ومقالاتهم في فضاءات المجتمع المدني . وعلى الرغم من صدق نوايا هذه الأقوال،فإننا من طرفنا نتساءل،هل هذه الأقوال يمكنها أن تصمد أمام الإعتبارات المنطقية،والقيم الديمقراطية الحقة ؟لاأظن ذلك،إن التيارات الديمقراطية و الليبرالية لايمكن أن تكون منسجمة مع نفسها في مثل هذا الرأي الرافض . فعندما تطلب هذه التيارات برفع سيف التخوين من الحياة السياسيةفي سورية، وخاصة أن هذا التخوين،موجه و بشكل رئيسي،ضدها،فإن عليها في المُقابل،أن ترفض رفض الرأي الآخر،مهما كان هذا الرأي،شرط أن يُروج لطروحاته،بالطرق الشرعية،واللاعنفية،كما ذكرنا سابقاً. لكن،بالمقابل،هل نقف مكتوفي الأيدي أمام أي رأي استبدادي! بالطبع لا،علينا ان نحاوره و نناقشه ونفنذ أطروحاته،ونفكك منظوماته،ونكشف ألاعيبة الفكرية والنظرية،وذلك في سبيل عزل هذا الفكر على الساحة الفكرية والنظرية،أولاً،مقُدماً لعزله إجتماعياً،ثانياً،وبحيث يبقى في الحدودالدنيا المسموح بها كي لا يختل التوازن الديمقراطي... ومن الممكن أن نقسم النشاطات والمهمات داخل مجال المجتمع المدني،إلى قسمين : 1ً_ النشاط الثقافي التنويري،ويتأطر بالمفهوم الإحيائي،أو مفهوم الإحياء،ويتوجه بشكل أساسي للفرد بذاته. 2ً_ النشاط السياسي(أوالبنائي المؤسساتي)،وهو يتجسد بالممارسات العملية والتي تتطلب عمليات التنظيم والآليات والنشاطات الميدانية. _ I I _ يقول فيلسوف الكوجتيو،رينيه ديكارت، [6] إن العقل هو أعدل الأشياء توزيعاً بين الناس،ولم يؤتَ إنسان من العقل حظاً أوفر من إنسان آخر،فهو واحد عند الناس كلهم،وهو متحقق في تمامه في كل واحد منهم،ولكن العقل _ بمفهوم ديكارت للعدل_ليس إلا موجوداً وجوداً بالقوة كما يقول الفيلسوف أرسطو، ولكي يتحول هذا الوجود بالقوة إلى حالة من الوجود الفعلي،عليه أن يتزود بالمعارف اللازمة،والمناهج الضرورية،وخاصة منهج الشك الديكارتي،والمنهج النقدي،والمنهج العقلاني المنفتح،كي يستطيع مقاربة الحقيقة.ومن بين هذه المناهج،فإن المنهج النقدي [7] هو المنهج بإمتياز،الذي يتيح للعقل من تجاوز نفسه بإستمرار،ومن العودة على ذاته لكي ينقد ذاته،فيعيد ترتيب أفكاره، بحيث تتلائم مع تغيرات الواقع وتبدلاته، والفيلسوف لالاند يتكلم في معجمه الفلسفي المعروف،عن العقل المكوَّن،والعقل المكوَن.إن عودة العقل المكوَّن بإستمرارلكي يراجع أطروحات العقل المكوًّن،هي في أساس المنهج العقلاني النقدي. إن الإحياء يتوجه إلى الفرد الذي أصبح في حالة العجز والشلل واللافعالية،إن الإحياء يدعونا إلى إعمال العقل وتدبر الأحوال،لكي لاندع للآخرين أن يفكروا ويتدبروا مكاننا،إن الإحياء،يريد دفع الناس وتحفيزهم إلى التأمل والتفكير في مشاكلهم،بمنطق النظر والتدبر.الإحياء هو بث الروح فيمن فقد الروح،أو بمعنى آخر إستعادة الروح المفقودة،كما عبَّر عن ذلك الكاتب الكبير توفيق الحكيم في كتاب ((عودة الوعي)). إن المواطن العربي إذاصحَّ تسميتنا له بالمواطن،وهو الفاقد لكل حقوق المواطنة،كاد أن يصبح كائناً بيولوجياً، يتعيش يوماً بيوم،متدبراً حاجات عضويته،والمستلزمات المادية الأساسية لمعيشته.هذا ما إنتهى إليه المواطن العربي بعد عقود طويلةمن القهر والإستبداد والاستقالة. ويمكن مقارنة الإحياء، بمفهوم التنوير الكانطي في القرن الثامن عشر،والشعار المعروف الذي أطلقه فيلسوف التعالي،إيمانويل كانط [8] ((قم وإنهض)) يا أيها الإنسان...إن الإحياء هو صيغة عربية أو معربة، لمفهوم التنوير الأوربي في القرن الثامن عشر. والفكر الإحيائي العربي، يدعو المواطن إلى إقالة الإستقالة،وإلى أن ينهض من كبوته التاريخية ويمارس دوره الفاعل في مجتمعه، كمشارك وكشريك كامل في النشاطات السياسية و الإجتماعية بما يتناسب مع طاقاته و إستعداداته البدنية والعقلية. ويتجسد الإحياء كنشاط ثقافي،في داخل المجتمع المدني، بعدة أشكال : محاضرات،ندوات،حواريات،تبادل آراء،تداول مقالات وكتب،وتشجيع المواطنين على العودة إلى القراءة والمطالعة في أوقات فراغهم،وكذلك تشجيعهم على إقتناء الكتب وزيارت المكتبات ومعارض الكتب،والمعارض الفنية و التشكيلية و المتاحف ....بإختصار،خلق نوع من الإثارة الفكرية عند المواطن ليشارك في إبداء الرأي بطريقة نقدية،والتحول من القراءة السلبية والتلقي السلبي،إلى الإستقبال الإيجابي الفعال مع النص المكتوب والمقروء . أما الجانب السياسي من المجتمع المدني في سورية،فهويتجلى في عملية خلق الأُطر التنظيمية والمجالات والفضاءات المناسبة،وآليات العمل، والمشاركات الميدانية للتعبير والمطالبة،وبما يتيح للأفراد من المشاركة في إبداء الرأي فيما يخص جميع قضايا الشأن العام،ومحاولة الوصول بالعمل إلى مراحل متقدمة،تتيح الإتصال بشرائح مختلفة من المجتمع. وتأتي النشاطات التي يقوم بها الأفراد الناشطين، في هذا الجانب،ضمن خانة المصلحة العامة،ولاتقع تحت خانة المصلحة الخاصة إلامن حيث الحماية والحفاظ على الحرية الفردية،أو من جهة إندغام جزء من المصلحة الخاصة في المصلحة العامة،فالمصلحة العامة موجودة في جميع مستويات الوجود الإجتماعي تحت الدولة (أي في المجتمع)وفوق الدولة (أي في المجتمع الدولي [9]) ومفهوم المصلحة العامة،لم يعد قاصراً على ممارسات الحكومة كسلطة،فليست هي بالضرورة صاحبة الحق في التفكير في المصلحة العامة،كما كان يعتقد سابقاً.كذلك،قد تكون سياسات الحكومة لتحقيق المصلحة العامة،ليست بالضرورة هي السياسات الأصوب،أو أنها سياسات صائبة أصلاً،وقد يشوب هذه السياسات الفساد،أي الخلط مابين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للقائمين على شأن السلطة. وكان لطفي السيد،الكاتب التنويري،يُطلق لفظ (( المجاميع الحُرة )) على مثل هذه النشاطات الإجتماعية،بدون أن يكون قد تعرّف على مفهوم المجتمع المدني . إن المجتمع المدني كظاهرة جديدة في مجتمعنا.تعطي للأفراد الفرصة لتنظيم وتفعيل مشاركتهم في تقرير مصائرهم،وكذلك نشر ثقافة المبادرة الذاتية وثقافة بناء المؤسسات،وثقافة الإعلاء من شأن المواطن الحر،والتأكيد على إرادته في الفعل التاريخي،وجذب الأفراد إلى ساحة الفعل التاريخي الُمشخص.وبالتالي المساهمة بفعالية لتحقيق التحولات الكبرى للمجتمعات العربية،حتى لاتُترك الساحة حكراً للسلطة والنخب الحاكمة،وكذلك لسطة المال ومجتمع السوق... إن الجانب السياسي من المجتمع المدني في سورية،عليه واجب المساهمة في تطوير الممارسات الديمقراطية و تقاليدها،بما تمثله من مشاركة متساوية ومساواة أمام القانون،وتقاليد الحوار والاحترام والتسامح،وكذلك ترقية الوعي المدني على حساب الوعي الطائفي،وتحفيز المواطنين على وعي معنى الحرية والمساواة و العدالة و المسؤولية العمومية . ومن الممكن مقاربة ركني المجتمع المدني،وهما الإحيائي و السياسي،عن طريق مقارنتهما بحقل وحضارة الحرية. إن حضارة الحرية تتألف من ثقافة الحرية ومن مؤسسات الحرية،وهذه وتلك تتطور على الدوام من جيل إلى جيل،ومن مجتمع إلى مجتمع آخر . في ثقافة الحرية، تكون الحرية : موضوع للتفكير،أما في مؤسسات الحرية،فتصبح الحرية موضوعاً للتطبيق،أي تتجسد الفكرة في مؤسسات ....أي أن حقل الحرية يتشكل من منظومتان أساسيتان: 1ً_ المنظومة الأولى: في هذه المنظومة تكون الحرية كفكرة، ثم تتطور إلى مبدأ [10] الحرية، ومن ثم إلى مذهب [11] الحرية،بتطور التفكير في مبدأ الحرية. 2ً_ المنظومة الثانية: هنا تنتقل الحرية كمضوع فكري إلى التجسد في السلوك والمؤسسات حيث تقوم المؤسسات الإقتصادية والسياسية والتربوية و الإعلامية وسواها إحتضان ماأوصلته اليها ثقافة الحرية ومسلكيتها.عندها يتحول المجتمع بأسره إلى مجتمع يحتضن الحرية ويرعاها [12] إن حضارة الحرية أرفع وأغنى من حقل الحرية إجتماعياً،لأنها تتكون من عطاءات مجموعة من المجتمعات الواثقة بالحرية و المتفاعلة بروحها،ومن هذه العطاءات تتجسد الحرية كقيمة على المستوى العالمي. إن عملية الإحياء يرتبط بالتفكير في الحرية و تحويلها إلى مبدأ عام للأفراد، أما المجتمع المدني كساحة و فضاء للممارسة السياسية فهو الذي تتجسد فيه قيمة الحرية عبر السلوكيات والممارسات ،أي تتمأسس الحرية، أوتبدأ بالتمأسس. ومن الطبيعي أن هاتين العمليتين ليستا متدرجتين، أو متمرحلتين،أي أن واحدة منهما تسبق الأخرى. إن العمليتين متداخلتين كل منهما بالأخرى،فالتفكير في الحرية و تجسيدها في سلوكات عملية، يسيران سوياًمع بعضهما،حيث تتداخل عملية التفكير بالحرية وتحويلها إلى مبدأ ومذهب مع عمليةتجسيدها في السلوك والمؤسسات... بالإضافة إلى ذلك،فإن عملية تعزيز الحرية في السلوكات،يدفع التفكير في الحرية إلى التقدم والتطور،والعكس بالعكس. إن تنظيمات المجتمع المدني،هي ظاهرة حديثةفي المجتمع السوري،إنبثقت عام 2000 ،عن مجموعة من المثقفين والسياسيين والحقوقيين السوريين،ومن المهتمين بالشأن العام،وهي بما تمثله من قدرات وإمكانيات طوعية،قامت خلال الأربع سنوات التي مضت،بخطوات ملموسة، ساهمت في دفع عملية التقدم والتطور في الميدان الفكري والسياسي في سورية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] وعندما نتكلم عن الموازين الإستراتيجية وإختلالها،لا نقصد فقط الموازين العسكرية،بل نعتبر هذه جزءاً من مجمل الإختلالات..حيث أن الإخفاق الإجتماعي يتجلى في إنخفاض دخل الفرد،وتراجع الخدمات الأساسية،والتأمين الصحي،وكذلك إزدياد في معدلات الهجرة،وخاصة في فئات الشباب... [2] نستثني من ذلك،بعض الأحزاب التي قامت بمراجعات [3] نستثني هنا كثير من الشخصيات المؤيدة للتيار القومي،من هذا الإتهام. [4] نجد الكثير من هذه الأقاويل على المستوى العربي،في إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت .راجع الكتاب عن ندوة ((نحو مشروع حضاري نهضوي عربي ))2002. [5] الشامل بمعنىtotalite،وليس بالمعنى الشموليtotalitaire.إن المجتمع بهذا المعنى الشامل،هو الوحيد الذي لا يستثني أحد،لأنه الجامع لجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات،وحتى المخالفين والمجرمين و الفاسدين،فإنه لا يستثنيهم وإنما يقوم بعزلهم في إحدى مؤسساته،وهي مؤسسة السجن.والسجن كمؤسسةهامةمن مؤسسات الدولة الإجتماعية، عليه أن يعيد هؤلاء الأشخاص إلى المجتمع_ بعد أن يكونوا قد أمضوا العقوبات التي هي عليهم للمجتمع _ بصورة مواطنين صالحين، متمتعين بكامل الأهلية المدنية، وذلك عن طريق تطبيق الأسليب التربوية والنفسية الحديثة، من أجل أن ينخرطوا من جديد في النشاط الاجتماعي،مؤدين ما عليهم من التزامات وواجبات تجاه المجتمع. [6] رينيه ديكارت (1596 _ 1650 ) فيلسوف فرنسي مشهور،تُعتبر كتاباته هي المؤهبة للحداثة الفلسفية. أهم مؤلفاته ((مقال في المنهج)) و(( التأملات الفلسفية)). [7] إن النقد ليس جديداً على الفكر العربي ، ولكن في غالب الأحيان،توجه نحو نقد الخارج،ولم يتوجه إلى نقد الذات بالخصوص، والنقد لا يفُهم بالوجه السلبي له،أي مجرد سجال ونقض،بل هو إمكانية أخرى لتفجير الطاقات وتوسيع القدرات من خلال الإشتغال على معطيات وجودنا،وواقع حياتنا الحاضرة. [8] إيمانويل كانط (1724 _1804 ) :فيلسوف ألماني عاش حياة هادئة مُكرساً نفسه للدراسة والتأمل و التدريس .لم يُغادر بلدته أبداً.أهم مؤلفاته هي: ((نقد العقل المحض ))(1781). إن عبقرية المنهج الكانطي النقدي، هو بإكتشاف أن الهدف من الفلسفة ليس في توسيع معارفنا عن العالم، بل بتعميق معارفنا عن الإنسان.وذلك عن طريق تحليل الإمكانيات الدفينة للروح،فإننا نعرف ماذا يمكن للروح الإنساني عمله وما يستطيع أن يأمله . [9] وهذا ما تقوم به المنظمات الدولية لحماية البيئة،والمنظمات التي تبحث عن عولمة حكيمة أو بديلة،للتخفيف من آثار العولمة الغير منضبطة على المجتمعات الضعيفة،وكذلك المنظمات ذات الأهداف الانسانية والتي تعمل على مستوى كوني. [10] يُعرف المبدأ PRINCIFE بأنه فكرة رئيسية والقاعدة الأساسية للسلوك. والمعنى هنا،في سياق حديثنا عن الحرية، أن الحرية تصبح فكرة رئيسيةللوجود الإنساني ،أي ضرورة. ومن الناحية المنطقية،فإن المبدأ هو المفهوم الرئيسي والأساسي لأي نظام والتعميم والامتداد لبعض القضايا إلى كل ظواهر المجال التي أستمدمنها المبدأ . [11] المذهب ، هو مجموعة منظمة من الأفكار . ونقصد هنا بمذهب الحرية ، المذهب الليبرالي . [12] ناصيف نصار : (( باب الحرية )) دار الطليعة بيروت _ لبنان 2003 .
#فارس_إيغو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية و التنمية
-
المجتمع المدني في سورية و جدلية الشكل والمضمون
المزيد.....
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
-
مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|