أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الاحترام قبل الحرية















المزيد.....

الاحترام قبل الحرية


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 5286 - 2016 / 9 / 15 - 14:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



المجتمع الذي يضع الحرية قبل الاحترام
لن يحقق أي منهما. المجتمع الذي يضع
الاحترام قبل الحرية يحقق كلاهما. كما ان
العدل أساس الحكم، كذلك الاحترام أساس
الحرية.


الشعوب المتحضرة، تعتبر الاحترام قيمة عليا ومدخلا رئيسيا للتعامل الإنساني بين البشر. في مجتمع لا يحترم فيه مواطنوه بمساواة تامة كاملة غير منقوصة، تؤكدها الثقة المتبادلة بينهم وتحميها قبل ان يحميها الدستور، يكون من المستحيل والصعب المطالبة والسعي لتحقيق الحرية فيه. الاحترام يسبق الحرية في التطبيق والمعاملة. الاحترام بوابة العبور والطريق للحرية من دونه تكون الحرية مجرد وهم وسراب، وقبض ريح.

الحرية هي التخلص من عبودية كل ما يقلقنا، ويقيدنا اجتماعيا، سياسيا، وطنيا، روحيا وفكريا. والانعتاق من سيطرة، وتدخل وتنظيم كل من يقيد أسلوب معيشتنا بفرض نمط حياة وفكر معينين علينا. الحرية اما ان تكون او لا تكون. فليس هناك انصاف واشباه للحرية، وليس هناك فرق بين حرية بشر وبشر مهما كان الاختلاف بينهم في اللون، والجنس، والعرق، والدين الا في منطق المنافقين، والعنصريين، والظلاميين.

منذ فجر التاريخ يناضل الانسان من اجل حريته، ليحقق هدفه السامي للانعتاق من العبودية، استعمل وسائل عدة منها المسلحة ومنها السلمية ليسترد حقه الطبيعي الخالد ليتحرر من قيوده، ليتمكن من استخدام حريته بمسؤولية. الحرية ليست عطية من البشر ولا منّة منهم يتكرمون بها على أحد، وان ظهرت العبودية قديما او حديثا فهي انتهاك لحق الانسان في العيش بكرامة ككائن بشري له عقل وروح وجسد. عبودية الانسان عبودية الجنس البشري في يأسه من تحقيق حريته الذاتية ليتجه وبغير حق انساني الى عبودية غيره.
خلال مسيرة حياتنا نركض، نلهث ونقاتل من اجل استرجاع حريتنا المفقودة. شوقنا وحماسنا للحرية وللتغير قويين، الا انهما في سبات من صنعنا من ترددنا، من خوفنا على كل ما يحيطنا من احبة وارزاق، والخروج عن طاعة قياداتنا، مما أثر على دوافعنا وشكلها. فبالرغم عن عزمنا وعزيمتنا لاستردادها، فإننا فقدنا معناها وكيفية التعامل معها فيما بيننا لأننا اضعنا الاحترام خلال صراعاتنا الداخلية. لهذا بالتحديد نحن لا نستطيع ان ندقق ونحدد ونعرف لون الحرية، ونوعها التي نسعى اليها، وكيف نطبقها، ولا حتى نعرف طبيعتها وغرضنا منها، وحاجتنا اليها للعيش باستقلالية. المهم ان نكون احرار؟ لا ندري هل لهدف لذاتنا ام لهدف من يستغلنا، مع اننا لم نحدد بعد من ماذا نتحرر، نطالب بالحرية؟ لأننا نفترض اننا ضحايا ظلم، بالحقيقة نحن كذلك. الحرية التي نطالب بها لا ندرك عمقها، لا ندري الى اين توصلنا مع هذا نستمر بالمناداة بها. ننادي بها عسى ان يقطف الجميع ثمارها وليس البعض منا، لأنها بذلك لن تدعى حرية. هي ليست لغز، هي حياة وامل ومستقبل وتطور لحل معظم قضايانا العالقة التي عمقت الاختلافات بيننا فظهر الفقر والبطالة، وعدم المساواة، والتمييز، والطائفية الخ... علينا ان نحققها بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهنا فلنبدأ اولا باحترام التنوع والاختلاف فيما بيننا.

كيف نحقق الحرية في غياب احترام العدالة الاجتماعية؛ نهين، نحبط ونزدري أصحاب العقول والكفاءات وكل صاحب معرفة قادر على احداث الإصلاح والتغير الضروريين للخروج من أزمتنا الحضارية وهويتنا الثقافية العائمة فوق مستنقع الجهل والتخلف والخرافات. لن يتحقق ذلك كله ما لم نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتقيئنا مفهوم القبلية والمحسوبية والعائلية والفوقية والطائفية والحزبية الخ...

نطالب بحرية العبادة فلا نجدها.... أتساءل اين حرية العبادة في مجتمع لا تحترم وتزدرى فيه عقيدة كل من هو اخر مختلف عن غيره من الأديان، ونصنفه في طبقة ثانية دونية في وطنه التاريخي، والجديد المهاجر اليه لاجئا يبحث عن امل وحياة. نوسم ايمانه بما يعتقد كفر، وعبادته طقس شيطاني ويحرم عليه اشهار رموزه الدينية، وقد تتعرض للتحطيم ايضا، وتحرق بيوت عبادته وتفجر، ويمنع من بناء دار للعبادة، وتحرم عليه المناصب الحكومية والإدارية، ويلغى دوره التاريخي من مناهج التعليم الدراسية، ويتعرض لإهانات ومضايقات، ويعتدى على املاكه وارزاقه، وحلاله ورعاياه ويتحرش بنسائه واطفاله ويختطفون، وتمنع كتبه المقدسة من التداول ويعاقب ان خرج عن هذه القوانين. اين الاحترام؟ - اليس هذا ازدراء للأديان؟ - ... وعن أي لون من الحرية نتحدث ؟!عندما نصمت عن كل من اثار الساذج والجاهل والمعوز وحركهم خلافا لإرادتهم لتنفيذ مآربه ومقاصده الخبيثة المدمرة للمجتمع عن طريق العقيدة او الفكر. فهل من العدل والاحترام ان يصان حق الأكثرية وحق الأقلية لا يصان، الا يدعى ذلك ازدراء بالأقليات؟

نطالب بحرية الراي والتعبير، والاعلام الحر، فلا نجد صدى لمطالبنا ... أتساءل اين حرية الراي والتعبير في مجتمع لا يحترم فيه الادباء والشعراء والكتاب والنقاد والصحفيين والإعلاميين؟ اين احترام الكلمة عندما نضع الضوابط والمرابط ونحدد المساحة التي يحق فيها الكتابة. اين احترام القلم الذي قد يقتل صاحبه لسبب تافه، لأنه وبكل بساطه لم يتقيد بسياسة الحاكم ورجل الدين. معظم أدباءنا يعيشون في عوز، يطاردون، يحاسبون على ما سطر قلمهم وما جاءوا به من أفكار تنهض بحضارة الوطن. هناك من تاجر منهم بقلمه، فباع نفسه للشيطان، عوضا ان يكون ضمير الشعب أصبح ضميرا لكل من يملي عليه، ويشتريه بالمال، اين الأمانة المهنية؟ اليس هذا خيانة للدين والوطن. اين الاحترام في مجتمع كل من خالفنا فيه الراي نلصق به تهمة، نشوه سمعته، ننعته بالمدسوس، بالعميل، ومزدرى الأديان. لماذا لا نقارع الحجة بالحجة، والرأي بالرأي، والكلمة بالكلمة، والمعرفة بالمعرفة، والمرجع بالمرجع، والحقيقة بالحقيقة، والمنطق بالمنطق، وما يخدع الحواس نخضعه للبحث، وما لا يقنع العقل نرفضه في مجتمع جامد يعسر ولا ييسر، ولا يساهم في انقاذ حضارته من الاضمحلال.

اين الحرية في مجتمع يقيد المرأة ولا يحترمها، يستخف ويقلل من قدراتها وطاقاتها. يحدد اخلاقها بمقدار عريها، وعقلها بحجم أنوثتها ومشيتها، وحسناتها بمقدار طاعتها، وكرامتها بمقدار صمتها على غلبها، وبركتها بمقدار كتيبة تلدها، وسكوتها دليل على رضاها، وتحميلها مسؤولية نظرتنا وشهوتنا الجنسية، واتهامها بهبوطنا وتخلفنا وسقوطنا وكل بلوانا جاءت لسبب منها. اليس هذا ازدراء للأم، والاخت، والزوجة، والابنة أيضا.

الفن والفنون المختلفة، تعابير مشرقة عن الواقع الإنساني ورقيه وارثه السامي التاريخي والمعاصر، من خلال رموزه وحركاته وأعماله وكلماته، والوانه، ومنحوتاته، وألحانه، وافلامه، ومسرحياته. فلماذا ننتقص من احترام الفنون والفنانين ونزدريهم، ويشطح البعض عمدا الى الغائهم، محاسبتهم واتهامهم بما يندى له الجبين. لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟ أسئلة كثيرة يطرحها المنفتحون يا سادة. الحقيقة وبكل بساطة هو متابعتهم لجمالها، لفلسفتها التي تحمل الأمل وترفع الألم عن معانتنا بأسلوب يعزز شعورنا بلغة عالمية إنسانية مشوقة تعانق اجسامنا وعقولنا وأرواحنا. هم من يحرك كل فئات الشعب، هم من يوقظ احاسيسنا ويدفعها للعمل الإنساني الراقي. دائما الفنانون أقرب الناس الى المستمع والمشاهد لأعمالهم. بهم يقتدي الصغير والمراهق الخ... بكلماته وإيماءاته، وحركاته، والفاظه التي تعبر عن مشاعر واحاسيس الناس. هم القادة الأقرب الى القلوب، لذلك يعمد المغرضون الى اتهامهم بتقويض اخلاق وسلوك المجتمع، فلهم كل لاحترام والتقدير.

الغريب في الامر، هو ملاحظة معظمنا لغياب الاحترام، وتصاعد الازدراء، والتغاضي المقصود بشكل لا يحتمل على كل التجاوزات التي تواجه ابناء المجتمع. فلا نجد سخط او غضب في الأوساط المسؤولة او حتى عتب على ما يجري من تعدي على حرية الانسان بين أبناء الوطن الواحد ... أتساءل كيف كبشر نحتمل السكوت على ما هو غير محتمل؟ لن ننعم بالحرية ولن نحققها ما لم يحترم الدستور والسلطة القضائية والتنفيذية وأجهزتها المواطنين جميعا بنفس المقدار. وسنبقي نردد ان الفساد يغزوا الوطن، ويطارد الشعب من بين الشقوق والجدران، وليس هناك امرؤ يدان. فدون احترام اختلافاتنا، ورضانا وقبولنا لها وبها، من اعلى القمة حتى قاعدة الهرم لن يكون لنا وطن ننعم فيه بالحرية والشفافية والامان.

متى سيتولد لدينا شعور لمقاومة كل من يظلم، ويزدري، ولا يحترم الانسان، ويسيء للحريات ويقف مانعا من تحقيقها وضدها. دائما نردد، نؤكد ونعترف بأنهم يخطئون في تصرفهم ودوافعهم اللاإنسانية. اذن لماذا التستر عليهم ولمصلحة من؟؟؟ متى سندرك ان الاحترام حق وواجب، وانه النافذة لتقوية أواصر الالفة بين أبناء الوطن وتكاتفهم؟ متى سندرك ان قيمة الاحترام هي مفتاح الحل لكل ما يعيق نمو وتطور مجتمعاتنا في كل مجالات الحياة.

معظمنا يرى الأخطاء يتناسى ولا يتساءل، اما لمصلحة ذاتية، او خوفا من ان يخسر موقعه، او من تهمة تنتظره، لماذا نترك امورنا المهمة دون حل؟ هل لأن هناك من له أجندة خاصة يعمل من خلالها للتسلط على الاخرين وقمعهم وعدم احترامهم؟ ... السكوت سيجعل من التسلط قانونا تسقط عنده كل العلاقات الإنسانية والقيم بين الشعب. وطن لا يحمي قيمة الاحترام بين مواطنيه لا يمكن ان يدعى مجتمعا يعيش بكرامة وبحرية، وبديمقراطية.

الاحترام قيمة جوهرية مقدسة تضم بين جناحيها كل مكونات المجتمع، يستحيل ان نبني اوطان قائمة على أعمدة الحرية، ما دمنا عاجزون عن تربية أبنائنا وصهرهم في بوتقة فلسفية تربوية سليمة على قيمة الاحترام. كما لن ننعم ونتذوق طعم الحرية في وطن ننتمي لترابه ما لم نشعر بان لكل مواطن فيه " له قيمة الاحترام". في غياب الاحترام ينعدم تطبيق الحرية، فيزدريها كل طاغية ومن سار في ركبه، ويزدري معها الفكر الحضاري الإنساني الثقافي المحلي والعالمي وينبت البغض والكراهية والانتقام.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمييز العنصري يحط من انسانيتنا
- الحرية ممنوعة حتى إشعار اخر
- لعبة الاسياد والعبيد
- حرر عقلك
- أعراف المجتمع تقيد المرأة
- الفساد لا يبني وطن
- كافر انت!؟
- استقلال العقل ضرورة حضارية
- دين وأخلاق
- العلمانية حل للإنسانية المفقودة
- حوار المواطنة أهم من حوار الأديان
- خطاب ديني وطني وَحْدَويّ
- أخي العربي.. مثلك أنا
- الإنسان صناعة الإنسان
- الله والعقل واستمرار والوجود
- النقد بابٌ للحريات وللتقدم
- متدين، أم مؤمن؟!
- الإعلام المرئي يحرض على الإرهاب
- ماذا بعد ضرب داعش؟
- داعش والأبجدية


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الاحترام قبل الحرية