أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - كُفوا عن عار الخطاب الطائفي














المزيد.....

كُفوا عن عار الخطاب الطائفي


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5285 - 2016 / 9 / 14 - 09:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ما لبث لهيب القتال الوحشي آخذاً مداه غير المسبوق في سوريا، ملغماً باستراتيجية فاشية طائفية تحلم بإعادة بناء هذا الوطن، وفق مصالح ورثة الاتفاقية الاستعمارية سايكس بيكو الفرنسية، أي بمقتضى أولئك الحالمين بنمط من ذلك الوطن الزائف «سوريا المفيدة»، ألا نلاحظ أن ما يختفي وراء هذه الأخيرة، إنما هو ما يُفضي إلى أوهام لفّقها فوكوياما الأميركي، حين تحدث عن عصر القطار الأميركي الجديد. إنه قطار العولمة، و«منظومة المابعديات»، كما نقول ما بعد القومية والوطن والوطنية والحداثة والتقدم التاريخي والديمقراطية إلخ، ومن شأن ذلك، كما نلاحظ، أن يضع يدنا على حقيقة كبرى لم يكتشف الإخوة من السوريين، الذين أخذوا بخطاب طائفي يستند إلى إعادة بناء سوريا العربية الواحدة الموحدة طائفياً، وهم في هذا يسلمون أمرهم إلى من يقدم خطاباً دينياً طائفياً باتجاه وطن مزعوم، وليس باتجاه الوطن العربي بعينه، وهم في ذلك يسعون إلى تحقيق ما يرغبون فيه حيث يتجهون باتجاه بقعة جغرافية طائفية أو أخرى تلخص كل ما عداها عبر إزالته، فكأنما نحن هنا أمام خارطة عولمية بوجه آخر، أما هذا الآخر فيتلخص في مصطلح يوازي مصطلح العولمة وظيفياً، وهو ما يمكن أن ندعوه بـ«سوريا المفيدة».

وإذا كان الأمر كذلك، فعلى شعوب الأقطار العربية المجتمعين تحت راية العروبة، أن يستبدلوا بهوياتهم البديل الجديد «الشيعي» أو بديلاً آخر موازياً لهذا الأخير، مثل «السني» و«العلوي» إلخ، ولا ندري إن كان الإخوة من كل الطوائف في العالم العربي، يعرفون إلى أين يُفضي ذلك، ونحن نشك في ذلك، إنها هبّة قد تكون الأخطر في عصرنا.



إن الخطاب الطائفي هذا يمثل امتداداً لمشروع الاستعمار الفرنسي والأميركي والروسي إلخ: أن يُصبح التعامل مع فئات طائفية (أو إثنية أو غيرها) بحيث يفقد ذلك انتماءاته التاريخية الوطنية والقومية، وهنا نكون قد دخلنا عالم ما بعد (أو ما قبل) الوطنية والقومية، كما هو الحال في حقل النظام العولمي، الذي عرفه المفكرون الغربيون، وهو مؤلف كتاب «أميركا التوتاليتارية»، حيث أعلن أن العولمة هي «السوق المطلقة» فهذا السوق قادر، بكل تأكيد، على ابتلاع ما بعد الوطنية وما بعد القومية، وتحويلهما إلى سلع وإلى مال أو إلى مشتقاتهما (وهي كثيرة جداً في عالم السوق، مثل المخدرات وبيع الأفكار بعد إعادة بنائها وظيفياً، أي وفق مقتضيات الموقف المطلوب).

وعلى هذا النحو نتبين خطورة ما يجري الآن على الأرض العربية، ومن ضمنها السورية، فقد نلاحظ ظاهرة نادراً ما تحدث، وهي ترحيل مجموعات بشرية من أوطانهم باتجاه بقع جغرافية لم تُولد فيها ولم تعش تحت ظلالها ولم تبنِ مستقبلاتها فيها، إنها حالة مضادة لشرف البشر، كما هي جُرم مؤلم للجميع، ومُسعد للبعض، وبتعبير نظري راهن، إن تلك الحالة تماثل قتل بشر لأنهم وُلدوا في وطن هو وطن (مهم).

والعملية أكثر تعقيداً حين نراها مجسدة باللعب على الأيديولوجيات الطائفية، بحيث يقود الأمر إلى إشعال نار لا تنطفئ، ويحدث ذلك باسم طوائف دينية هي كلها تنتمي إلى دين الإسلام، أي لدين يقود إلى مبادئ الكرامة الإنسانية المتمثلة خصوصاً في خياراتها عبر عقولها المفتوحة وفقاً للحديث الديني المحمدي الحصيف والقابل للتعددية في الفهم والعقل: أنتم أعلم بشؤون دنياكم.

فكيف يحدث أن يقوم طرف بشري بانتزاع حق طرف آخر في الوطن والمواطنة والعيش المشترك؟ إن هذا الذي يحدث، يجب أن لا يحدث، خصوصاً أن المطلب في إحداثه مدجج بوسائل من القتل والتدمير في وطن يُراد له أن يُستباح.

إن سوريا وطن لكل من يعيش فيها بكرامة، وما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا نمط من التدخل لا يمكن السكوت عنه، وخطاب الطائفية الراهن إنما هو طريق إلى تفكيك الوطن العربي.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوائف والأعراق.. والآخرون!
- المؤامرة الكبرى على سوريا
- الجرح السوري والنظام العالمي
- النظام العولمي وسيادة القوة
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟
- طريق الاستباحة الشاملة!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - كُفوا عن عار الخطاب الطائفي